< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/11/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : اسارى المشركين

قدعلّق صاحب الجواهر علي قول المحقق حيث قال فالإناث يملكن بالسبي، و لو كانت الحرب قائمة، و كذا الذراري، بقوله: (نعم يعتبر في التملك تحقق صدق السبي و القهر، لأصالة عدمه مع عدمهما، فلا يكفي مجرد النظر و لا وضع اليد و لا غير ذلك مما لا يتحقق معه صدقهما)[1] يلاحظ في التمسك باصالة عدم الملك وهو الاستصحاب للحالة السابقة: لأنه فرع الشك في تحقق الملكية و لكن اذا قلنا -يملكن بالسبي- فالباء للسببية فمع عدم تحقق السبب نتيقن بعدم الملكية لانّ وجود المسبب فرع لتحقق سببه.

ثم قال: (نعم لا يعتبر استمرار القهر، فيبقى على الملك لو هرب كالصيد الذي ما نحن فيه نحوه بعد أن أباح الشارع تملكهم بذلك) لان الملك لا يخرج عن عنوانه بمجرد خروجه عن يد مالكه او رفع سلطة المالك عنه.

ثم قال: (بل الظاهر عدم اعتبار نية التملك بعد الاستيلاء على الوجه المزبور كما قلناه في حيازة المباح)

ويلحظ في هذا الكلام أولاً: بأن في المقيس عليه ايضا نحتاج الى نية التملك فانها شرط في تحقق الملك في المباحات ايضاً و لا يكفي مجرد الانتشال لتحقق الملكية، نعم "من سبق الى من لم يسبق اليه أحد فهو أحق به"[2] ففي المباحات أيضاً من أخذ شيئاً مطروحاً على أرض مما لا مالك له وكان من نيته مجرد التفرّج، اذا سئل عنه هل تريده لنفسك؟ يقول لا، لا أريده ولايفيدني، انما أخذته لأتفرج فيه، وهذا هو المتعارف عند العرف، ولكنه اولى به، اذا شاء يتملّكه واذا شاء يعطيه بمن يحبّ، فليس لأحد مادام هذا الشيئ بيده ينوي تملّكه و يدّعيه وهذا هو مفاد قاعدة من سبق...،

ثانياً: إنّ هذا الكلام يتم إنْ قلنا كل مجاهد يحق له أن يتملّك الأسير والحق خلاف ذالك بل أمر الأسرى بيد الامام إن شاء يمنّ عليهم، و يطلق سراحهم وان شاء يستفدي بهم وان شاء يسترقهم و يوزعهم على المجاهدين بحسب ما يرى فيه مصلحة الاسلام والمسلمين. وهذا هو المستفاد من قول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَ إِمَّا فِدَاءً... ﴾ [3] فأمر المن او الفداء بيد الامام لا آحاد المجاهدين و كذا قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ... ﴾[4] فنسب الاسير الى النبي مضافا الى الروايات وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسيرة المسلمين بعده.

ثم جاء بفرع آخر فقال:(بل الظاهر عدم اختصاص التملك بهما بالمسلمين، فلو قهر بعضهم بعضا ملكه كما يملك الصيد باصطياده و قد دلت عليه جملة من النصوص المذكورة في كتاب البيع من الحيوان ‌بل عن بعض مشايخنا دعوى الإجماع بقسميه عليه، و إن كان لو لا ذلك لم يخل الحكم من نظر، فلاحظ و تأمل).

نعم كما قال رضوان الله عليه هناك روايات تدل على هذا المعنى وهي وردت في باب الاول والثاني والثالث من المجلد18 من وسائل الشيعة من ابواب بيع الحيوان واليك عناوينها: 1 "بَابُ جَوَازِ الشِّرَاءِ مِنْ رَقِيقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا أَقَرُّوا لَهُمْ بِالرِّقِّ‌"[5] و 2 "بَابُ جَوَازِ ابْتِيَاعِ مَا يَسْبِيهِ الظَّالِمُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَ مَا يُسْرَقُ مِنْهُمْ وَ لَوْ خَصِيّاً‌"[6] و 3 "بَابُ جَوَازِ الشِّرَاءِ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَ نِسَائِهِمْ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ‌" [7] ولعل وجه تشريع الشارع لهذا الحكم هو عدم الاهمال بتلك الاسرى وتركهم في يد الكفار والظالمين لانهم لو لم يشتروهم المسلمون لبقوا مهملين في يد النخّاسين او يأخذونهم الى بيوت الكفار والفساق، فشرائهم من قبل المسلمين كان فيه رعاية لمصلحتهم وتحسين حالهم.

وقد ورد في أكثر من رواية جواز شرائهم مشروطا بإقرارهم بالرق. وفي بعضها أشار الى أنّ ف هذا الشراء اخراجهم من الشرك الى دار الاسلام، كما أنّ هؤلاء من المشركين الذين كانوا يبيعون بناتهم او أزواجهم عمدوا الى البيع فلو لم يشترها المسلم لاشتراها غيره واشتراء المسلم أصلح لها من غيره و هذه الاجازه انما ورد في شراء بنات وازواج المشركين دون أهل الكتاب، واليك نمازج منها:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَقِيقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ- أَشْتَرِي مِنْهُمْ شَيْئاً فَقَالَ اشْتَرِ إِذَا أَقَرُّوا لَهُمْ بِالرِّقِّ.

قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع إِنَّ الرُّومَ- يَغْزُونَ عَلَى الصَّقَالِبَةِ وَ الرُّومِ فَيَسْرِقُونَ أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْجَوَارِي وَ الْغِلْمَانِ- فَيَعْمِدُونَ إِلَى الْغِلْمَانِ فَيَخْصُونَهُمْ‌ - ثُمَّ يَبْعَثُونَ بِهِمْ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى التُّجَّارِ- فَمَا تَرَى فِي شِرَائِهِمْ وَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ قَدْ سُرِقُوا- وَ إِنَّمَا أَغَارُوا عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ- فَقَالَ لَا بَأْسَ بِشِرَائِهِمْ- إِنَّمَا أَخْرَجُوهُمْ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ"[8] ولا يخفى أن جُلّ هذه الروايات ضعيفة السند ولكن نحن لسنا بسدد الفتوى لعدم الحاجة اليها ولذا ما دققنا في الاسناد والدلالات.

قال المحقق: (ولو اشتبه الطفل بالبالغ اعتبر بالإنبات فمن لم ينبت و جهل سنه ألحق بالذراري) [9] المهم تعيين البالغ من غيره والانبات أحد العلائم و بما هو اسهل الطرق وصولاً ذُكر و لكن لو ثبت الامر ايضاً من غير طريق الانبات لكفى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo