< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : اسرى المشركين

قد تحدثنا عن سبي الإناث والذراري اي الاطفال دون البلوغ وكان قول المشهور جواز ذالك والحرب قائمة، و نحن ناقشنا أدلتهم و قلنا أنّ اطلاقات منع الاسر تشمل النساء والذراري ايضاً فتفيد عدم جواز سبيهن ايضاً، ومع ذالك لا يجوز قتلهن الا اذا قُمن بالقتال فيجوز ذالك دفاعاً عن النفس اذا لم يكن لردعهنّ طريق الا القتل. للادلة التي تدل على عدم جواز قتل النساء والذراري.

وهنا يتحدّث المحقق معنا عن التعامل مع الرجال اثناء الحرب فيقول: (والذكور البالغون يتعين عليهم القتل و قد كانت الحرب قائمة) [1] .

يمكن أن يحمل هذا الكلام على عدم جواز الاسر بمعنى وجوب متابعة القتال حتى يُقتل العدو بيد المسلمين ولا يجوز سبيهم، ولكن صاحب الجواهر صرح بتعين قتلهم و إن أسروا والحرب قائمة، ولو كنّا نحن وآيات القتال، لقلنا بحرمة الأسر تكليفاً و وجوب متابعة القتال بضرب الرقاب، ولكن اذا خالف بعض المسلمين وأسر من الاعداء اسيراً في أثناء الحرب فحكمه حكم الأسير لا يجوز قتله؟، ولكن هناك نصوص ظاهرة في وجوب قتلهم ولو أسروا في اثناء الحرب منها خبر طلحة بن زيد واليك نصه:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ أَبِي يَقُولُ‌إِنَّ لِلْحَرْبِ حُكْمَيْنِ إِذَا كَانَتِ الْحَرْبُ قَائِمَةً- وَ لَمْ تَضَعْ أَوْزَارَهَا وَ لَمْ يُثْخَنْ أَهْلُهَا- فَكُلُّ أَسِيرٍ أُخِذَ فِي تِلْكَ الْحَالِ- فَإِنَّ الْإِمَامَ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ ضَرَبَ عُنُقَهُ- وَ إِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ بِغَيْرِ حَسْمٍ- وَ تَرَكَهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ- وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ- وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا- أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ- أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ الْآيَةَ- أَ لَا تَرَى أَنَّ الْمُخَيَّرَ الَّذِي خَيَّرَ اللَّهُ الْإِمَامَ عَلَى شَيْ‌ءٍ وَاحِدٍ- وَ هُوَ الْكُفْرُ وَ لَيْسَ هُوَ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ- فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‌ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ؟- قَالَ ذَلِكَ الطَّلَبُ أَنْ تَطْلُبَهُ الْخَيْلُ حَتَّى يَهْرُبَ- فَإِنْ أَخَذَتْهُ الْخَيْلُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ الَّتِي وَصَفْتُ لَكَ- وَ الْحُكْمُ الْآخَرُ إِذَا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا- وَ أُثْخِنَ أَهْلُهَا فَكُلُّ أَسِيرٍ أُخِذَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ- فَكَانَ فِي أَيْدِيهِمْ فَالْإِمَامُ فِيهِ بِالْخِيَارِ- إِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ فَأَرْسَلَهُمْ وَ إِنْ شَاءَ فَادَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ- وَ إِنْ شَاءَ اسْتَعْبَدَهُمْ فَصَارُوا عَبِيداً".[2]

اما سنده فالذي فرواه الوسائل عن الكليني عن محمد بن يحيى ابو جعفر العطار القمي شيخ الكليني يقول فيه النجاشي: (شيخ اصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث)[3] وهو من المؤلفين في الحديث و هو اشهر أن يكون محتاجا الى التوثيق، وأحمد بن محمد هو ابن عيسى وهو الذي قال في شأنه الشيخ في الفهرست: (ابو جعفر هذا رحمه الله شيخ القميين و وجههم و فقيههم غير مدافَع – اي لا يدفعه أحد من الرجاليون- وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان و لقى الرضا عليه السلام و له كتب ولقى أبا جعفرالثاني و ابا الحسن العسكري عليهما السلام ) ثم ذكر كتبه. وقريب من هذه التعابير ورد في الفهرست للشيخ رضوان الله عليه. و هو يروي عن محمدبن يحيى وهو ابن سليمان الخثعمي قال فيه النجاشي أخو المغلس كوفي ثقة وهو يروي عن طلحة بن زيد

إن صاحب الجواهر يعبر عن هذا الحديث بخبر طلحة بن زيد و يعقبه بقوله المنجبربما عرفت

وظاهر كلامه الاقرار بضعف السند وانجباره بالشهرة الفتوائية حيث قال في هذه المسئلة ( بلا خلاف اجده فيه و ان حكي عن الاسكافي أنه أطلق التخيير بين الاسترقاق والفداء بهم والمن عليهم ومقتضاه عدم القتل، لكنه معلوم البطلان نصا و فتوىً)[4]

وعند ما نراجع الرجاليين نرى: أنه قال النجاشي فيه: (طلحة بن زيد أبو الخزرج النهدي الشامي و يقال الخزري عامي روى عن جعفر بن محمد ع ذكره أصحاب الرجال له كتاب يرويه جماعة يختلف برواياتهم)[5] فلم يوثقه ثم يذكر سنده الى كتابه وفيه ضعاف ومجاهيل.

و قال الشيخ في الفهرست: (طلحة بن زيد له كتاب و هو عامي المذهب إلا أن كتابه معتمد أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عنه و أخبرنا جماعة عن أبي المفضل عن حميد عن أبي محمد القاسم بن إسماعيل القرشي عن طلحة بن زيد).[6] ولا نري ما وجه كون كتابه معتمد وسند الشيخ الى كتابه فيه محمد بن سنان الغالى الغير المعتمد وعلى فرض السند الصحيح الى كتابه فليس بمعنى توثيق الراوي. نعم هو مذكور في اسناد كامل الزيارات فمن يعتمد بهذا التوثيق بعد ما نرى أن الرجاليون الثلاثة ذكروه من غير توثيق فليتم عنه صحة الحديث والا فلا.

اما الدلالة: ففيه نقاط من الابهام منها قوله عليه السلام: (أَ لَا تَرَى أَنَّ الْمُخَيَّرَ الَّذِي خَيَّرَ اللَّهُ الْإِمَامَ عَلَى شَيْ‌ءٍ وَاحِدٍ- وَ هُوَ الْكُفْرُ وَ لَيْسَ هُوَ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ-) ما معنى الكفر هنا؟؟ وهذا على حسب رواية الكافي والوسائل روى منه، وجاء في رواية التهذيب في موردين – الكل – بدلا من الكفر وكذالك لا يعرف له معنى محصل نعم؟! نعم إن صاحب الجواهر يقول: و في بعض النسخ " القتل " و إن كان الصادر من الامام هذا اللفظ لكان له معنى محصلا ويفيد حصر الخيار في القتل.

والابهام الثاني في اجابة الامام للطلحة حيث يشير الى قول الله او ينفوا من الارض فقال عليه السلام: " ذَلِكَ الطَّلَبُ أَنْ تَطْلُبَهُ الْخَيْلُ حَتَّى يَهْرُبَ- فَإِنْ أَخَذَتْهُ الْخَيْلُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ الَّتِي وَصَفْتُ لَكَ-" ما معنى ذالك نعم يمكن كون أن بفتح الهمزة تصحيف من النساخ وكان في الأصل إن الشرطية بكسر الهمزة والمراد من الخيل خيل الاسلام يعني الآية ليست في بيان الخيار الثالث وهو عقاب المحارب بنفي البلد بل المراد هروب العدو من يد المسلمين أثاء تعقيبهم اياه. وهذا المعنى يلائم مصب الحديث ولكنه خلاف المسلّم به من خصال العقاب الوارد على المحاربين. الا أن نسكت عن ذيل الحديث ونترك فهمه الى أهله و نكتفي بالصدر من باب تبعيض في الحجية، و نقول:أنّ الامام لم يكن بصدد الاستشهاد بالآية وانما اراد التشبيه بين ما نحن فيه وحكم المحارب بالمفهوم الذي ذكر في باب جزاء المحاربين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo