< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حكم الطفل المسبي

كان بحثنا في ادلة القول بتبعية الطفل المسبي لسابيه في الاسلام والكفر وقد ذكرنا لهم أربعة دليل:

الاول: قاعدة ملازمة دين الطفل لمتبوعه فاذا خرج الطفل من تبعية الوالدين و دخل في حوزة السابي فدينه دين متبوعه الجديد وهو السابي،

الثاني: اقتضاء حديث كل مولود يولد على الفطرة الحديث

الثالث: لزوم الحرج من الحكم بنجاسة الطفل المسبي فقاعدة الحرج تدل على عدم النجاسة وهو ملازم لعدم كفر المسبي. الرابع: أصالة الطهارة التي تفيد طهارة الطفل المسبي الملازم لعدم كفره.

وقد ناقشنا الدليل الاول بأن المراد من التبعية ان كان التبعية التكوينيه فهي ملازمة للمصاحبة والحضور ولكن ان كان المراد التبعية التشريعية فهي تابع لوضع الشارع فان كان الشارع جعل الولد تابع لوالديه في الكفر والاسلام فلا ينتقض التبعية بالانفصال المكاني ولا ينشئ التبعية بمجرد ملازمة مكانية لغير الوالدين.

كذالك ينتقض الاستدلال بالتبعية استلزام ذالك الحكم باسلام من سبي مع والديه ثم ماتا او حصل المفارقة بسبب آخر كبيع الولد او الوالدين لشخص آخر، فلابد من الالتزام بتجدد حكم الاسلام للطفل ولم يلتزموا بذالك الفقهاء، كذالك ينتقض بولد الذمي الحر اذا اودعوه عند مسلم فلابد من الحكم باسلامه، وكذالك العكس اذا اودع المسلم ولده عند ذمي فلابد من الالتزام بكفره ولم يقل به أحدٌ.

نعم تهريباً من هذا النقض قال بعض الفقهاء بأنّ العلّة مركّبة من المفارقة و ملك المسلم و دار الإسلام، فلا يرد عليها ما لا يجمع الأوصاف الثلاثة، فإن الملك في ولد الذمّيين غير متحقّق.

ولكن يستشف من هذا الجواب بوضوح أنه بصدد الفرار من النقض فإنّ القائل بالتبعية انما جعل التبعية ملاك لدين الطفل التابع من دون شرط آخر، ولذا حكموا بالتبعية ايضاً لو أقام به السّابي في دار الكفر، للتجارة و غيرها، ، و عنوان دار الإسلام ولو انه ورد في بعض النصوص، لكنه غير معتبر في نفسه قطعاً،. كما أن القائلين حكموا باسلام الطفل المسبي منفرداً قبل قسمة الغنيمة، فإنّ الملك لم يتحقق لأحد عند جماعة منهم، مع تحقّق الحكم.

اما الاستدلال بحديث كل مولود واليك نصه: (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَعْوَرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ- فَأَبَوَاهُ اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ- وَ إِنَّمَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ص الذِّمَّةَ- وَ قَبِلَ الْجِزْيَةَ عَنْ رُءُوسِ أُولَئِكَ بِأَعْيَانِهِمْ‌ عَلَى أَنْ لَا يُهَوِّدُوا أَوْلَادَهُمْ وَ لَا يُنَصِّرُوا- وَ أَمَّا أَوْلَادُ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْيَوْمَ فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ.

رواه الصدوق عن فضيل بن عثمان وسنده اليه صحيح قال في مشيخته: (فقد رويته عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد عن صفوان بن يحيى عن الفضيل بن عثمان الأعور المرادي الكوفي) والفضيل وثقه النجاشي بقوله ثقة ثقة. نعم جاء في النجاشي بعنوان فضل بن عثمان ولكن القرائن تفيد انه هو بعينه فراجع. فالسند صحيح.

اما الدلالة: فان كان المراد من قوله يولد على الفطرة يعني يولد مسلماً لأفادنا فيما نحن فيه ولكن صاحب الجواهر يقول( الخبر المزبور ظاهر في ارادة أن المولود لو خلي ونفسه لاختار الاسلام عند بلوغه ولكن ابواه يهودانه و ينصرانه بتلقينهما ذالك اياه على وجه يختارهما عند البلوغ) ثم يناقش بأنّه لو حُمل الفطرة على الاسلام لانحصر المرتد في الفطري. وهذا كلام صحيح لأن الطفل لا دين له لانه متفرع على العقل والتميز، وهو غير متحقق، بل المراد هو خلوه عن كل شيئ والانحراف يأتي من الوالدين.

ثم انه لو قلنا ان الكفر يتسرّب الى الطفل من الوالدين بالمعاشرة فيكفي في تحقق هذا الامر ايام التي مرّت معهما قبل السبي بدليل الاجماع على نجاسته في ذاك الوقت، فخروجه عن النجاسة يحتاج الى الدليل، الا أن يقال أن المعاشرة علة للنجاسة والكفر، حدوثاً وبقائاً فيصحح القول بتبعيته للسابي، ولكن ظاهر الحديث المنطبق على المحسوس أنه هو في مقام بيان أن الإضلال يأتي من قبل الوالدين لولدهما. و لا يبعد أن يكون المراد ما حمله المرتضى (رحمه اللّٰه) على أن المعنى: أنّ كلّ مولود يولد ليكون على الفطرة ، فلا دلالة للحديث حينئذ على مطلوبهم، لأن الكون إنما يتحقق بعد البلوغ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo