< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/01/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حكم الطفل المسبي

انتهينا من البحث في حكم الطفل المسبي منفرداً عن والديه من انه محكوم بالكفر تبعاً لوالديه او محكوم بالاسلام تبعاً لسابيه، وقلنا انه ينبغي الإحتياط في شأنه، ولكن أبدينا تفصيلاً جديداً وهو انه على كلا التقديرين اذا وصل الطفل الى حد التميز فإن نطق بالشهادتين وعاش ثقافة المسلمين فهو محكوم بالاسلام و إن لم ينطق بالشهادتين ولم يعترف بالاسلام فهو محسوب على غير المسلمين، ولكن مادام لم يبلغ الحلُم لا يؤاخَذ على كفره، لأنّه رفع عنه قلم المؤاخذة بتفصيل بيناه في اليوم الماضي.

بقي علينا أن نُكمل بحثنا في هذا المجال لما تعرّض له المحقق وهو حكم الطفل المسبي اذا اسلم والديه او أحدهما قال رضوان الله عليه: (و حكم الطفل المسبي حكم أبويه فإن أسلما أو أسلم أحدهما تبعه الولد). قال في الجواهر: (فالطفل المسبي حكمه حكم أبويه المسبيين معه فإن أسلما أو أسلم أحدهما تبعه الولد بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به بعضهم كحالهم قبل السبي).

أظن أن تضمين كلام المحقق بقوله: (المسبيين معه) لا وجه له لأن المصنف ما قيّد الحكم بكون الأبوين ايضاً مسبيين، بل كلامه يشمل ما اذا لم يكن الأبوين مسبيين واسلما او اسلم أحدهما او كان أحدهما مسبياً دون الآخر، و في جميع الحالات اذا أسلما او أسلم أحدهما يتبعه الطفل المسبي، ولذالك قلنا سابقاً أن ظاهر كلام المصنف أن الطفل يتبع والديه في الاسلام والكفر سواء كان مسبياً مع والديه او سبي لوحده، وانما اشارالمصنف بقول الآخر بعنوان قيل في شأن المسبي وحده فقال: (و إن سبي منفرداً قيل يتبع السابي في الاسلام) وهذا التضمين من الجواهر صار سببا لنسبة التوقف الى المصنف في حكم المسبي منفرداً وهذا الإشتباه تسرّب من الشهيد في المسالك الى الجواهر، فتأمل جيداً تجد صحة هذه المناقشة وعلى كل حال استدل لتبعية الطفل المسبي لاشرف والديه بما يلي:

أوّلاً: بخبر حفص : مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ- إِذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ- بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ إِسْلَامُهُ إِسْلَامٌ لِنَفْسِهِ- وَ لِوُلْدِهِ- الصِّغَارِ وَ هُمْ أَحْرَارٌ-.... الحديث).

أمّا السند ففيه علي بن محمد القاساني ضعّفه الكشي فقال: (ضعيف إصفهاني) وذكره النجاشي فقال: (علي بن محمد شيره القاساني أبو الحسين كان فقيهاً مُكثراً من الحديث فاضلاً غمز عليه أحمد بن محمد بن عيسى و ذكر انه سمع منه مذاهب منكرة وليس في كتبه ما يدل على ذالك) هذا الكلام ليس فيه قدح صريح و لكن لا يدلّ على التوثيق أيضاً فلم يوثقه النجاشي وانما يبقى تضعيف الكشي له. و كذا في السند قاسم بن محمد و هو الاصفهاني كاسوله او كاسولا او كاسام قال الغضائري في شأنه: (ابو محمد حديثه يُعرف تارة و ينكر أخرى و يجوز أن يُخرّج شاهداً) و قال النجاشي : (لم يكن بالمرضيّ) و فيه أيضاً سليمان بن داوود المنقري وهو الإصفهاني قال الغضائري فيه: (ضعيف جداً لا يلتفت اليه يوضِع كثيراً على المهمات) وقال النجاشي: (ابو ايّوب الشاذكوني بصري ليس بالمتحقق بنا غير انه روى عن جماعة من أصحابنا من أصحاب جعفر بن محمد عليهما السلام و كان ثقة). الظاهر أن المراد من قوله -ليس متحقّقا بنا- اي ليس من أهل المعرفة، و لكنّه ثقة، و توثيق النجاشي مقدّم على تضعيف الغضائري. ولكن السند ساقط لمن سبق ذكره.

اما من حيث الدلالة فقوله عليه السلام ( إسلامه إسلام له ولولده الصغار) صريح في المطلوب.

ثانياً: حديث «أن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» وهذا الحديث و لو كان عامي السند ولم يرد من طرقنا و لكن تلقّوه أصحابنا بالقبول حتى سُمّي قاعدة: -الإسلام يعلو و لا يُعلى عليه-. ولكن الدلالة كذالك عليلة لا تشمل جميع الحالات. فتدبّر.‌

ثالثاً: مفهوم الأولويّة للحكم بلحوق الولد بأشرف أبوين في الحريّة، الذي هو من المسلمات فلحوقه بأشرفهما في الإسلام أولى. وعلى كل حال هذه المسئلة من المسلمات. فان صدق عليه الاجماع فهو والّا كان فيه مجال للمناقشة فان في صحيحة عبد الله ابن سنان ورد قوله: - يَدْخُلُونَ مَدَاخِلَ آبَائِهِمْ- كما ورد في خبر وهب بن وهب - أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ مَعَ آبَائِهِمْ فِي النَّارِ وَ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ آبَائِهِمْ فِي الْجَنَّةِ- وكذالك في مرسلة صدوق ورد -أَمَّا أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ يُلْحَقُونَ بِآبَائِهِمْ وَ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ يُلْحَقُونَ بِآبَائِهِمْ- ففي هذه النصوص لم يرد ذكر من الأمّهات او الوالدين هذا، اولاً، وثانياً: من جعل التبعيّة بالمعنى التكوينيّة الخارجية فاذا كان الطفل مع أحدهما الذي استمرّ في كفره، لابدّ أن يلتزم بكفر الولد ولو أسلم الآخر البعيد من الولد. فما قاله صاحب الجواهر: (و حينئذ فهو مسلم و إن سبي مع الكافر منهما مع فرض إسلام الآخر من أبويه و لو في دار الحرب) لا يتم الا على قول المصنف ومن وافقه على أن المراد من التبعية التبعية التشريعية الاعتبارية التي وضعها الشارع المقدس.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo