< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حكم الغنائم

قد أطلنا إطلالة على أدلّة قول المشهور في أنّ من اغتنم شيئاً من الغنائم فهو يملكه بمقدار حصته ولكن يمكن المناقشة فيها: اما الاستدلال بالروايات التي تدل على أنّ خمس الغنائم للامام بأنّها تدلّ على أنّ الباقي للمجاهدين فنقول نعم يدل على انّ بقية الغنيمة للجعائل و لِما فيه مصلحة الحرب و للتقسيم بين المقاتلين و هذا لا يعني حصول الملكية لهم مشاعاً او مفروزاً فمثلها مثل الزكاة التي هي للموارد الثمانية المذكورة في الآية ولكن أمرها الى الامام او على المؤدي. فالزكاة للعناوين الثمانية والغنيمة لعنوان المجاهدين و تعيين المصداق والمخصَّص لكل فرد بيد الامام وهذا يستفاد من الروايات منها ما ورد في صحيحة ربعي بن عبدالله واليك نصه: عَنْ محمد بن حسن عن سعد بن عبدالله- عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَتَاهُ الْمَغْنَمُ- أَخَذَ صَفْوَهُ وَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ- ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ- وَ يَأْخُذُ خُمُسَهُ ثُمَّ يَقْسِمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بَيْنَ النَّاسِ- الَّذِينَ قَاتَلُوا عَلَيْهِ-الحديث "(وسائل ج9 ص511) سنده صحيح فان الربعي وثقه الكشي والنجاشي. ورسول الله هو الذي كان يقسم كما ورد في التاريخ انه صلوات الله عليه خصّص غنيمة أحد الغزوات ولعلّه حنين للمهاجرين دون الانصار وفي بعض الغزوات ارسل قسم من الغنائم الى ابي سفيان ليقسمها بين مشركي مكة، فالغنيمة لعنوان المقاتلين و التطبيق على المعنونين بذالك العنوان بيد الامام. فبهذا البيان يكتشف ايضاً زيف الدليل الثاني من الاستدلال بمفهوم ما ورد في اختصاص الامام بكل الغنيمة اذا كانت الحرب من دون اذنه بل المفهوم انه لو كان الحرب بإذن الامام فاربعة اخماس منها للمجاهدين بعناوينهم وانما يملك الافراد لحصته بعد التقسيم ومما يشهد لذالك ما ورد في الغزوات من قول رسول الله صلى الله عليه واله : "من قتل قتيلا فله سلبه" فانه سلام الله عليه اذن في تملّك السلَب، فلو كان يحصل الملكية بمجرد الاستيلاء فلا وجه لتخصيص السلب للقاتل. قال العلامة في المنتهى : (مسألة 122: يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول إجماعاً،لأنّ النبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال يوم حنين «من قتل قتيلا فله سلبه» فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين فأخذ سلبهم، رواه العامّة. و من طريق الخاصّة: رواية عبد اللّٰه بن ميمون، قال: أتي علي عليه السّلام بأسير يوم صفّين فبايعه، فقال علي عليه السّلام: «لا أقتلك إنّي أخاف اللّٰه ربّ العالمين» فخلّى سبيله، و أعطى سلبه الذي جاء به. و إذا أخذ الآتي السّلب فالقاتل أولى).

وعلى كل حال يرى صاحب الجواهر و الشهيد وجُلّ الفقهاء عدم صحة البيع والهبة للغنائم قبل القسمة وهذا الحكم على ما اخترناه من عدم الملكية فواضح، لانه لا بيع الا في ملك ولا هبة كذالك الا في ملك. واما من قال بالملكية فبما انّ هذا الملك متزلزل و مراعى و لا يعرف مقداره و لا يعرف عينه لانه انما يملك بمقدار حصته كما ان الملك مراعي و الامام له ان يخصِّص لكل مجاهد ما يراه من الغنائم. فلا يصح بيعه وهبته واما قياسها بالمباحات فهو مع الفارق لان المباحات لا مالك لها لا تعييناً ولا عنواناً بخلاف الغنيمة. وكذالك الاستدلال على لزوم وجود المالك لكل ملكٍ فقد عرفنا أنّ للغنائم مالك وهو الامام والمقاتلين بعنوانهم . و ملكيّة العنوان لها مصاديق كثيرة في الشرع والعرف كالكفارات و الزكوات والاخماس و منافع الموقوفات العامة و غيرها.

قال الشهيد في المسالك : (هذا الاحتمال-اي صحة البيع والهبة- مبنيّ على أن الغانم يملك حصّته من الغنيمة بالاستيلاء، لا‌ بالقسمة. و يضعّف- على تقديره- بأن حصّته مجهولة، فلا يصح بيعها. و أيضا فلا يعلم تعلّق حقّه بعين المبيع، لجواز أن يخرج لغيره من الغانمين، أو يجعل في الخمس، أو الجعائل، فالملك على تقديره ضعيف لا يفيد جواز نقله.و قول المصنف: «و يكون الثاني أحق باليد» معطوف على قوله: «لم يصحّ» لا على الاحتمال، و المعنى أنّ البيع و نحوه و إن لم يصحّ، لكن يكون المدفوع إليه أحق بما وصل إليه من الدافع، لو كان ممّا يجوز الانتفاع به للغانم، كالطعام و العلف، فلا يجوز للدافع أخذه منه، بناء على فساد البيع، لأنّهما في الأصل متساويان فيه. و قد يرجّح القابض باليد، كما يرجّح الأول- حيث كان في يده- بها. و هذا القول قويّ، حتى لو كان المبيع طعاما بطعام، كان كل واحد منها أولى من الآخر بما وصل إليه، و إن كان ربويّا. و مثلهما في ذلك كالضيفين يتبادلان لقمة بلقمة عند عدم قرينة التخصيص، فانّ ذلك يفيد إباحة التصرف فيما وصل إلى كل منهما، و لا يفيد ملكا حقيقيا، فلا يصرفانه في غير ما اذن لهما فيه شرعا). وفي هذا الفرع مجال للاسهاب، نعرض عنه حرصاً على الاختصار، فمن اراد التوسع في البحث يرجع الى مواردها منها الجواهر في ذيل هذا الفرع

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo