< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : احكام الاراضي المفتوحة عنوة

كان بحثنا في الأراضي المفتوحة عنوة وقلنا اذا فتحت الأراضي في جهاد بإذن الامام فهي للمسلمين قاطبة وإذا فتحت من دون إذن الإمام فهي كلّها للإمام بشأنه، وليس لغيره فيها نصيب، ولكن نري في كلمات الفقهاء والروايات عَدّوا من الأراضي المفتوحة للمسلمين ما تمّ فتحها في عصر الخلفاء ولم يكن بإذن الإمام عليه السلام فما هو الوجه في ذالك؟

فهناك أقوال في ذالك:

القول الاول: من يقول بأنّها من الأنفال ومن الأراضي التي للإمام، وما ورد في الروايات من انّها للمسلمين وردت كانت للتقية. وأجابوا عن ذالك بانّ هذا القول لم يكن معروفاً عند العامّة فانّ ابو حنيفة والشافعي والثوري وغيرهم لم يذهبوا الى انها للمسلمين، بل قالوا بتفاصيل سنذكرها انشاء الله، فلا وجه لحمل الروايات على التقية. وقد يرد على هذا الجواب بانّ التقية لم تكن في مخالفة أئمة المذاهب فانّهم لم تكن لهم قوة وشوكة يخاف منها ويُتّقى، بل كانت التقيّة عن الملوك والحكّام حيث كانوا يرون لأنفسهم حق التصرف في كل شيئ، وكان أئمة المذاهب يخافون منهم، ولعلّ كثيراً مما صدر من الفتاوى الباطلة من علماء العامة انما كانت تصدر رعاية ونزولاً على رغبة الخلفاء والسلاطين خوفاً او طمعاً، والوجه في التقية ليس ببعيد. نعم مادام نجد محملاً آخر لا مجال للحمل على التقية.

والقول الثاني: ان إشتراط كون الاراضي المفتوحة عنوة للمسلمين بحرب تكون باذن الامام، انما هو في ظروف بسط يد الإمام، وعند عدم بسط اليد كونها للمسلمين غير مشروط بان تكون الحرب بإذن الامام، بل يكفي قتال الكفار والمشركين و لو تحت إمرة جائر. والقول بمنع اعتبار إذن الإمام عليه السلام في خصوص الأراضي نسبوه إلى الشيخ في ظاهر المبسوط حيث يستدل على قوله: بإطلاق بعض الأصحاب أن الأرض المفتوحة عنوة للمسلمين، و عدُّهم أرض العراق و الشام منها مع أنها لم تكن بإذن الإمام كما نجد ايضاً إطلاقها في بعض النصوص. ولكنه رضوان الله عليه في نهاية كلامه يبيّن رأيه في الاراضي التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كلها للامام فيرى لزوم إذن الامام او نائبه لتصبح للمسلمين.

قال الشهيد في المسالك: (قوله: «و النظر فيها إلى الإمام». هذا مع ظهوره و بسط يده. أمّا مع غيبته كهذا الزمان، فكلّ أرض يدّعي أحد ملكها بشراء و إرث و نحوهما، و لا يعلم فساد دعواه، يقرّ في يده كذلك، لجواز صدقه، و حملا لتصرّفه على الصحّة، فإنّ الأرض المذكورة يمكن تملّكها بوجوه، منها إحياؤها ميتة، و منها بيعها تبعا لأثر المتصرّف فيها من بناء و غرس و نحوهما كما سيأتي. و ما لا يد عليه لأحد يملكه، فهو للمسلمين قاطبة كما مرّ، إلّا أنّ ما يتولّاه الجائر من مقاسمتها و خراجها يجوز لنا تناوله منه بالشراء و غيره من الأسباب المملّكة، بإذن أئمّتنا (عليهم السلام) لنا في ذلك . و قد ذكر الأصحاب أنّه لا يجوز لأحد جحدهما، و لا منعهما، و لا التصرّف فيهما إلّا بإذنه، بل ادّعى بعضهم الاتّفاق عليه. و هل يتوقف التصرف في هذا القسم منها على إذن الحاكم الشرعي إن كان متمكنا من صرفها في وجهها، بناء على كونه نائبا عن المستحق (عليه السلام) و مفوّضاً إليه ما هو أعظم من ذلك؟ الظاهر ذلك. و حينئذ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين كما سيأتي. و مع عدم التمكّن أمرها إلى الجائر.و أمّا جواز التصرّف فيها كيف اتّفق لكل أحد من المسلمين فبعيد جدّا، بل لم أقف على قائل به، لأنّ المسلمين بين قائل بأولوية الجائر، و توقف التصرف على إذنه، و بين مفوّض للأمر إلى الامام العادل (عليه السلام)، فمع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه، فالتصرف بدونهما لا دليل عليه، و ليس هذا من باب الأنفال التي أذنوا (عليهم السلام) لشيعتهم في التصرّف فيه حال الغيبة ، لأنّ ذلك حقّهم، فلهم الإذن فيه مطلقا، بخلاف الأرض المفتوحة عنوة، فإنّها للمسلمين قاطبة، و لم ينقل عنهم‌ (عليهم السلام) الإذن في هذا النوع. و كيف كان فظاهر الأصحاب أنّ الخراج و المقاسمة لازمة للجائر، حيث يطلبه، أو يتوقّف على إذنه.(مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج‌3، ص: 55)

القول الثالث: ان تلك الغزوات التي تمت في زمن الخلفاء أمضاها امير المؤمنين عليه السلام. إن العلامة في المنتهى بعد ما ذكر تفصيل ما جرى في عصر الخليفة الاول والثاني وحكمهم في الاراضي المفتوحة قال: ( لما أفضى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام أمضى ذلك، لأنه لم يمكنه المخالفة).

قال المحقق الكركي في قاطعة اللجاج: ( قد سمعنا أن عمر استشار أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك، و مما يدل عليه فعل عمار فإنه من خلفاء أمير المؤمنين عليه السلام و لو لا أمره لما ساغ له الدخول في أمرها، و في الكفاية الظاهر أن الفتوح التي وقعت في زمن عمر كانت بإذن أمير المؤمنين عليه السلام لأن عمر كان يشاور الصحابة خصوصا أمير المؤمنين عليه السلام في تدبير الحروب و غيرها، و كان لا يصدر إلا عن رأي علي عليه السلام، و كان النبي صلى اللّٰه عليه و آله قد أخبر بالفتوح و غلبة المسلمين على الفرس و الروم، و قبول سلمان تولية المدائن و عمار إمارة العساكر مع ما روي فيهما قرينة على ذلك) (قاطعة اللجاج في تحقيق امرالخراج ص34).

والقول الرابع: أن ما حصل من الفتوحات قد أحلّوها ائمتنا عليهم السلام لنا فهذه الأراضي للامام وليس للمسلمين ولكن احلوا لشيعتهم التصرف فيها لتطيب مواليدهم ، وتعليلهم عليهم السلام بهذه العلة في كلامهم يؤيد انها ليست للمسلمين بل هي لهم خاصة.حتى يأتي امام الحجة عليه السلام فيعيدها الى الانفال ويتعامل معها بعنوان الانفال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo