< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر- سورة الإسراء

36/09/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تفسير سورة الإسراء

قال الله تعالى : {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }[١]

أشرنا إشارة عابرة إلى شرح مفردات قوله تعالى : {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً }[٢] في الدرس الماضي، كما وقفنا عند تفسيرها بشكل مختصر، حيث تطرقنا إلى أن الدعاء بمعنى العبادة، وبينا أن الآية أكدت على أن عبادة غير الله تعالى لا تفيد أي شيء، لا تنفع، لا في دفع المضرة، ولا في جلب المنفعة. كما أشرنا إلى أن الوهابيين يتهمون الشيعة بالشرك حينما يزورون العتبات المقدسة، ويقبلون الأضرحة المباركة لأئمة أهل البيت عليهم السلام، فقلنا أن هذا الاتهام لا وجه له. فانهم لا يعبدون غير الله وانما يكرمون الأولياء والأنبياء والأئمة.

وهنا أود أن أحكي عن تجربتي الشخصية معهم حين زيارتي لمكة المكرمة، فسمعت عامل من هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف عند قبر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يعاتب الزائر قائلا : لا تقترب من قبر النبي الأكرم ولا تقبله، هذا حرام وهذا شرك، فتوجهت إليه وقرأت الآية المباركة : {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}[٣] فقلت له لا تقل هذا حرام قل: ممنوع، حينما سمع هذه الآية المباركة و نهيي عن قوله حرام فسألني متعجباً ومستغرباً، ما الفرق بين الحرام والممنوع؟ قلت له: الحرام هو المنهى من الله تعالى، والممنوع هو المنهي من حكومتك ومن قبل أمثالك.

المهم أنهم يستدلون بالآيات المباركة التي وردت في النهي عن عبادة غير الله تعالى، لإثبات شرك من يزور قبور الأولياء، أو يتوسل بهم إلى الله سبحانه وتعالى، ويعظمهم، وينظر إليهم بنظرة الإكرام والإجلال، لأنهم أولياء الله تعالى وعباده المكرمين، بينما لا نجد أحداً من المسلمين يعتقد بجواز عبادة غير الله تعالى. فالمتحصل أن قوله تعالى : {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً} تفيد هذه الآية عدم جواز عبادة غير الله تعالى مما لا يملك دفع مضرة أو جلب منفعة، ولا تحويل المضرة عن حقيقتها الضارة إلى النافعة، ولا صرفها من جهة إلى جهة أخرى، نعم، لبعض تلك الأشياء قدرة على بعض أفعال، ولكنها غير مستقلة، بل كلها بإمداد من الله تعالى ومشيئته وإذنه.

أما قوله تعالى : {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ يَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } فقد اختلف المفسرون في المعنى المراد منه، وسر الاختلاف في إرجاع الضمير ومشار إليه لقوله تعالى : (أولئك)، فذهب البعض إلى أن المشار إليه هم المشركون، فالمعنى على ذلك : أن المشركين يدعون الآلهة المزعومة ويطلبون حوائجهم منها ابتغاء التقرب إلى الله بواسطتها، ومن هنا فالمشركون بعيدون من الله تعالى برتبتين، بعبارة أخرى، هم حينما يعبدون ألهتهم المزعومة بشتى أقسامها، لا يعبدونها بأنها الله، بل إنما يريدون من خلال عبادتها أن يتقربوا إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا ما ذكره القرآن الكريم حاكياً عن قصدهم في عبادة غير الله تعالى، فقال : {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }[٤] .

وقوله تعالى {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} أي يبحثون عن الأقرب كي يختارونه للعبادة فأنهم يعبدون غير الله تعالى وينون بذلك زلفى عند الله تعالى، والحال أن الله أقرب إليهم من آلهتهم المزعومة، بل أقرب إليهم من حبل الوريد، فكيف يرجون رحمة ذلك المعبود المزعوم، ويخافون من عقابه، ولا يرجون رحمة الله تبارك وتعالى التي وسعت كل شيء، وعقابه جل شأنه الذي لا تقوم لها السماوات والأرضون.ثم قال تعالى : {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}، أي : لا وجه لرجاء الثواب والجزاء أو الخوف من العقاب والعذاب لتلك المعبودات من دون الله تعالى، لأنهم لا يملكون شيئاً، ولا يقدرون لا على جلب المنفعة، ولا على دفع المضرة، بل العذاب الذي ينبغي الحذر منه، هو عذاب الله تعالى – نستجير بالله سبحانه وتعالى – فعليهم أن يخافوا من عذاب معبودهم الحقيقي الذي لا معبود سواه.

فالمحصل أنهم يتوسلون بآلهتهم المزعومة ليقربوا بهم إلى الله تعالى، بينما تلك المعبودات بأنفسها يبتغون الوسيلة إلى الله جل وعلا شأنه، والجدير بنا أن نتوقف قليلاً عند كلمة الوسيلة إلى الله تعالى، فالمراد منها ما يتوصل ويتقرب به إلى الله عز وجل، وكذا تستعمل هذه الكلمة في التوصل والتقرب نفسه، أي : أولئك يتقربون ويتوصلون إلى الله تعالى، وأما المراد من كلمة الابتغاء فهو طلب الشيء عن بحث وتنقيب، فالوسيلة إذن – كما أشرنا آنفاً – ما يتوصل ويتقرب به إلى الله تعالى، و كذلك ديننا الحنيف دعانا إلى ابتغاء الوسيلة إلى الله تعالى حيث جاء في القرآن الكريم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[٥] و لكن ينبغي الالتفات إلى أنه لابد أن لا تكون الوسيلة بدعة في الشرع، وكذلك لا ينبغي عبادة الوسيلة نفسها من دون الله، فالوسيلة هو كل ما يقرب العبد إلى ربه، وهنا أود أن أتبرك بمقالة أمير المؤمنين عليه السلام في المقام حيث أشار إلى الوسائل المتعددة التي يمكن أن يتوصل العبد إلى ربه تعالى، فقال عليه السلام :(إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ : الإيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَالْجِهادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الإسْلاَمِ، وَكَلِمَةُ الإخْلاَصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَإِقَامُ الْصَّلاَةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَإِيتَاهُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَاب، وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ[٦] ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ[٧] في الأجَلِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلاَنِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارعَ الْهَوَانِ).[٨]

فأشار مولى الموحدين علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى الوسائل المتعددة التي يمكن من خلالها أن يتقرب العبد إلى الله عز وجل. نعم إن کل واحد مما جاء فی هذا البیان المبارک یستحق الوقوف عنده فی محاضرة مستقلة، ولکن ضيق الوقت یحول دون أي تفصیل وإسهاب فی الکلام.

أولاً( إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه الإيمان به وبرسوله)، فالإيمان بالله تعالى وبالنبي الأكرم من أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها التقرب إلى الله جل وعلا شأنه، وكون الإيمان بالله تعالى وسيلة إليه هذا واضح، أما أن يكون الإيمان برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيلة إلى الله تعالى فقال سبحانه :{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}[٩] فجعل الله تعالى إطاعة رسول الله من إطاعته، ولا إطاعة إلا مع الإيمان به والتصديق بما جاء به.

ثانياً – (وَالْجِهادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الإسْلاَمِ،) فالجهاد في سبيل الله تعالى عُرف من أعظم ما يتوصل به إلى الله تعالى بعد الإيمان به وبرسوله، ثم أشار إلى منزلة الجهاد عند الله تعالى حيث جعله ذورة الإسلام، وكيف لا يكون كذلك، حيث به يُدافع عن الدين الله ویرد به شر الأعداء، وبه تصان حدود الدولة الإسلامية، وهو ضمان للحفاظ على شرف الإنسان وكرامته، قال في موضع آخر : (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ‌ مِنْ‌ أَبْوَابِ‌ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَ سَوَّغَهُمْ كَرَامَةً مِنْهُ لَهُمْ وَ نِعْمَةٌ ذَخَرَهَا وَ الْجِهَادُ هُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَ جُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ[١٠] فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَ شَمِلَهُ الْبَلَاءُ[١١] وَ فَارَقَ الرِّضَا وَ دُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَ الْقَمَاءَةِ وَ ضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْأَسْدَادِ[١٢] وَ أُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ[١٣] - وَ سِيمَ الْخَسْفَ وَ مُنِعَ النَّصَفَ. )[١٤]

ثالثاً(وَ كَلِمَةُ الإخْلاَصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ) وهي قول: -لا إله إلا الله- فهي أیضا مما يتوصل به إلى الله تعالى، ومعنى کون هذه الکلمة فطرة، أي أودع الله معرفة توحيده في فطرة الإنسان، من هنا أصبح الشرك من أعظم المعاصي، ولا يغتفر، لأنه لا عذر لمن ینکر التوحید، وكيف يكون مرتكبه معذوراً، وقد فطر الله البشر علی التوحید.

رابعاً(وَ إِقَامُ الْصَّلاَةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ،)، الملة هنا بمعنی الشریعة ولعل السر فس هذا التعبیر ان الصلاة رمز لکل ما جاء به الاسلام و أهمية الصلاة تظهر من تأکید القران و تکرار الوصیة بها فی موارد کثیرة من الآیات، وهي حسب ما ورد في الروايات معراج المؤمن وعمود الدين وإلى آخر ما هناك من المزايا التي تتمتع بها حقيقة الصلاة، كما أكدت عليه النصوص المتعددة، ولأنها إن قبلت قبل ما سواه، وإن رددت رد ما سواه كما ورد في الأثر.

خامساً – (وَإِيتَاهُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ،) والإنفاق في سبيل الله تعالى من الوسائل التي يبتغي العبد الوصول والتقرب إلى الله تعالى، ويكفي في فضلها أنه دائما قارن الله تعالى ذكر إيتاء الزكاة بذكر الصلاة.

سادساً (وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَاب،أشار الإمام هنا إلى الوسيلة السادسة حيث جعله عليه السلام جنة من العقاب، ومن أعظم فوائد شهر رمضان المبارک المعنوية أن الصوم جنة من عذاب الله تعالى، ومن وقاه الله تعالى من عذابه يوم القيامة فقد فاز فوزا عظيماً.

سابعاً وثامناً – (وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَالوسيلة السابعة والثامنة اللتان أشار إليهما الإمام عليه السلام هما حج البيت واعتماره، فإن أداء الحج والقيام باعتمار بيت الله الحرام وسيلة للنجاة من الفقر وضيق المعيشة، وسبب لغفران الذنوب.

تاسعاً – (وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ في الأجَلِ،لقد ورد التأكيد على صلة الرحم فی کثیر من النصوص فأن فی إحیاءها ، فوائد و ثمارات کثیرة دنيوية وأخروية، ومنها أن صلة الرحم وسيلة إلى البركة في الرزق والزيادة في المال، وسبب لطول العمر.

عاشراً (وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلاَنِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِأشار الإمام في هذا المقطع إلى الوسيلة الأخرى إلى الله سبحانه وهو صدقة، كما أشار إلى أهم ثمراتها على من يقوم بها، فجعل صدقة السر كفارة لخطايا، وصدقة العلانية دافعة لميتة السوء.

والحادي عشر – (وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارعَ الْهَوَانِوالظاهر أن المراد بصنائع المعروف الإحسان إلى الناس ورفع حوائجهم وربما یکون المراد منها مطلق الخیرات، سواء بالنسبة إلی الغیر من الناس أو الإتیان بالعبادات وعلى کل حال اعتبرها مما یقي فاعلها عن الموت فی مذلة وهوان

.المهم أن الإمام عليه السلام أشار إلى أهم الوسائل التي يمكن أن يتقرب العبد من خلالها إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا تأملنا فيما فرض الله تعالى علينا من العبادات، نصل إلى أن تلك العبادات أو الواجبات والفرائض هي في الحقيقة وسائل وروابط تربط العبد بالمعبود. وكما اتضح لنا من خلال وقوفنا عند هذا الكلام المبارك للإمام علي عليه السلام أن إظهار الحب تجاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت الأطهار عليهم السلام، ليس من الشرك كما زعم الوهابيون، بل من الوسائل التي يتقرب العبد إلى الله تعالى من خلالها.

من خلال زيارتي إلى مكة المكرمة سألني البعض منهم، لماذا تضربون صدوركم أو رؤوسكم في شهر المحرم، فهذا عبادة مبتدعة وبدعة محرمة، قلت له : أن البدعة هی انتساب ما لیس من الشرع إلیه أو إنکار ما هو من الشرع عنه، وأما ما نفعله في المحرم من ضرب الصدور بالأيدي، فهی نمط من إظهار الحب والمودة للحسین عليه السلام وأهل بیته عليهم السلام ومواسات لهم لمصیبتهم التی أصابوا بها عن طغاة بنی أمیة، ومودة أهل القربى واجبة حسب ما جاء في القرآن الكريم، حیث قال: "قل لا اسئلکم علیه اجرا الا المودة فی القربی" فمودتهم وإظهار حبهم ومواساتهم فریضة علی کل مسلم وهذا یتحقق باسالیب مختلفة، ما دام لم یشتمل علی محرم فیجوز للناس ان یتفننوا فی امتثال هذا الواجب وعلی حسب الاعراف والعادات . ومثاله أن إكرام الضيف واجب في الإسلام، لكن كيفية الإكرام وطريقته لم يتحدد لها بحد فی دين الله، بل ترک الامر الی العباد حسب ما یرونه اکراما فی عرفهم، فيمكن أن نقوم بهذا الواجب بطرق مختلفة ما دامت لم تكن فیه مخالفة لأحكام الله تعالى. ونتوقف مزيدا عند هذا العنوان إن شاء الله تعالى في الدرس القادم.


[٦] رَحَضَه ـ كمنعه ـ: غَسَلَه.
[٧] مَنْسَأة: مَطَالٌ فيه ومَزيد.
[١٠] استعار للجهاد لفظ اللباس و الدرع و الجنة لانه به يتقى العدو و عذاب الآخرة.( فى)
[١١] في بعض النسخ‌[٨]    - بالتاء- و هي كساء يتغطى به و لعلّ الفعل أظهر كما في النهج.( آت)
[١٢] « ديت»- على بناء المفعول من باب التفعيل- أى ذلل، و بعير مديّث اي مذلل بالرياضة.و الصغار- بالفتح-: الذل و الهوان و الصاغر: الراضى بالهوان و الذل. و القماءة في النهج بدون الهاء. و القماء- بالضم و الكسر-: الذل، قما- كجمع و كرم- ذل و صغر. و الأسداد: جمع سد و في القاموس: ضربت عليه الأرض بالاسداد أي سدت عليه الطرق و عميت عليه مذاهبه. و في بعض النسخ‌[٩]     يقال: اسهب الرجل- على البناء بالمفعول- اذا ذهب عقله من لدغ الحية و قيل: مطلقا و قيل: هو من الاسهاب بمعنى كثرة الكلام لانه عوقب بكثرة كلامه فيما لا يعنيه.
[١٣] الادالة: النصر و الغلبة و الدولة، أدال اللّه له أي نصره و غلبه على عدوه و أعطاه الدولة. و أدال منه و عليه أي جعله مغلوبا لخصمه. و سئم الخسف أي اوتى الذل و يقال: سأمه خسفا و يضم أي أولاه ذلا و كلفه المشقة و الذل. و النصف- بكسر النون و ضمها و بفتحتين-:الإنصاف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo