< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

32/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

والمقصود من نظرية التعويض:- هو تعويض بعض أسناد الحديث الضعيفة ببعض الأسناد الأخرى الصحيحة ، ولهذه النظرية مصاديق متعددة وأحدها ما سوف نذكره في المقام ، وهو أن يقال نحن عندما نراجع سند روايتنا - أي الرواية الثانية - ونضع إصبعنا على شخصٍ هو صاحب أصلٍ ويكون للشيخ الطوسي طريق صحيح إليه في الفهرست فيعوض به عن الطريق السقيم الثابت في موردنا ، فلو كان في السند الأول - يعني من الشيخ الطوسي إلى شخص في السند - سقم كما إذا كان الوارد فيه أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري الذي هو لم يوثق فلأجل التغلب على ضعفه نذهب إلى راوٍ في وسط السند ويكون له أصل كالحسن بن محبوب مثلاً ، فإذا كان للشيخ الطوسي طريق صحيح إلى الحسن بن محبوب في الفهرست فنعوض بذلك الطريق عن هذه القطعة السقيمة التي ورد فيها أحمد بن محمد بن يحيى.

والوجه في صحة هذا التعويض وخلفيته العلمية:- هو أن الشيخ الطوسي قال في كتاب الفهرست إن جميع كتب روايات الحسن بن محبوب - والذي قد اخترناه مثالاً في مقامنا - أرويها بهذا الطريق الجديد ، وحيث أن روايتنا السقيمة هي من جملة مصاديق روايات الحسن بن محبوب فيشملها كلام الشيخ الطوسي فيعوض عن ذلك الطريق السقيم بهذا الطريق الصحيح المذكور في الفهرست ، وقد طبق جماعة هذه الطريقة في بعض الموارد ومن بينهم شيخ الشريعة الأصفهاني[1] فانه توجد رواية تنقل قاعدة لا ضرر ولكن في سندها السعد آبادي وهو لم يوثق فحاول أن يطبق هذه الطريقة فاختار البرقي الذي هو وارد في سند هذه الرواية وقال إن للشيخ طريقاً صحيحاً إليه في الفهرست فيصدق أن هذه من روايات البرقي فنستعين بذلك الطريق الصحيح ، ومن جملة من أخذ بها السيد الخوئي (قده)[2] .

 وإذا قبلنا بهذه الكبرى نطبقها في المقام فنقول: نأخذ في المقام إسحاق بن عمار فان للشيخ طريقاً صحيحاً إليه في الفهرست وحيث أن هذه من رواياته فيشملها ما قاله الشيخ في الفهرست ( بأن جميع روايات إسحاق بن عمار أرويها بالطريق التالي ) فان هذه من روايات إسحاق بن عمار فيشملها الطريق الصحيح المذكور في الفهرست ، هذه محاولة لتصحيح السند.

وفيه:- إن الشيخ الطوسي وان قال في الفهرست ( إن جميع روايات إسحاق ارويها بالطريق التالي ) ولكن الظاهر من كلامه وعلى الأقل يحتمل أن مقصوده هو فيما إذا ابتدأ السند بإسحاق ، يعني بأن قال في التهذيب هكذا ( روى إسحاق بن عمار ) أو ( بإسنادي عن إسحاق بن عمار ) أو ( إسحاق بن عمار قال سألت .... ) وهكذا ، انه لو ابتدأ السند بإسحاق فطريقه هو هذا ، أما إذا لم يبتدئ السند به بل ابتدأه بغيره كما هو الحال في مقامنا فان السند قد ابتدأه بموسى بن القاسم حيث قال ( موسى بن القاسم عن محمد البزاز عن زكريا المؤمن عن إسحاق الصيرفي ) انه هنا لا يجزم بشمول الطريق الذي ذكره لمثل هذه الحالة التي لم يقع فيها إسحاق في بداية سنده ، وكلامه إن لم يكن ظاهراً في إرادته حالة ما إذا ابتدأ السند باسم الشخص فلا أقل إن كلامه مجمل ومردد وذو احتمالين من هذه الناحية فلا يمكن التمسك به آنذاك.

والخلاصة:- إن إثبات هذا الحكم أعني ثبوت الكفارة على المفتي لا يمكن إثباته بدليل لما أشرنا إليه من أن الرواية الأولى ضعيفة الدلالة والثانية ضعيفة السند ، ولكن رغم هذا ينبغي المصير إلى الاحتياط ، فان صاحب الجواهر نقل عدم الخلاف في المسألة .

 وقد وقع كلام بين الفقهاء في بعض الفروع في هذه المسالة من قبيل:-

أولاً:- هل يلزم في المفتي أن يكون مجتهداً حتى تثبت عليه الكفارة أو لا ؟

وثانياً:- هل يلزم في المفتي أن يكون مُحرِماً أو حتى لو كان محلاً ؟

وثالثاً:- إذا تعدد المفتي فهل تثبت شاة واحدة على كليهما أو تثبت على كل واحد شاة مستقلة ؟

ورابعاً:- هل يشترط في ثبوت الكفارة على المفتي الإدماء ، يعني أن المحرم بعد أن قص أظافره حصل الإدماء حيث أنه ورد ذلك في الرواية الثانية أو لا يلزم ذلك ؟

وخامساً:- إذا اعتبرنا الإدماء فما هي وسيلة إثباته ، فهل يكفي قول المحرم الذي قلم أظافره وبذلك تثبت الكفارة على المفتي أو يلزم أن يأتي ببينة ؟

 إن هذه الفروع وأمثالها وقعت محلاً للكلام بينهم . وصاحب المدارك قال ( انه بعد ضعف المستند يكون البحث عن هذه الفروع قليل الجدوى )[3] وصاحب الحدائق حمل عليه وقال ( إن ضعف المستند يختص بنظره )[4] ومقصوده الإشارة إلى أن مبنى صاحب المدارك هو تقسيم الروايات إلى صحيح و ضعيف و و .... ، وأن الحجة خصوص الصحيح وما بحكمه دون الضعيف وهو تقسيم أصولي ما أنزل الله به من سلطان فان جميع روايات الكتب الأربعة في نظر صاحب الحدائق كلها حجة وان التزم بالمصطلحات فيعبر إن هذه صحيحة وهذه وهذه موثقة .... وهكذا ، ولكن بحسب النتيجة هو يعمل بكل الروايات.هذا ما أفيد في المقام

ونحن نقول:- بقطع النظر عما ذكره صاحب المدارك من ضعف السند نقول إن المسألة لا ابتلاء فيها فلا حاجة إلى بحثها من هذه الزاوية أيضا ، بل إن ذكرها في مناسكٍ لعمل العوام قد لا يكون محبذاً.

المحظور رقم ( 24 ):- قلع الضرس.

مسألة 276:- ذهب جمع من الفقهاء إلى حرمة قلع الضرس على المحرم وان لم يخرج به الدم وأوجبوا له كفارة شاة ولكن في دليله تأملاً بل لا يبعد جوازه.

 ..........................................................................................................

 ذكر في الجواهر[5] أن الحكم المذكور مذكور في الكافي للحلبي والمهذب البارع لابن فهد والنهاية والمبسوط .

 إذن المسالة ليست اتفاقية وإنما ذكرها جمع من الفقهاء.

 وقبل أن ندخل فيها نلفت النظر إلى انه قد تقدم أن من جملة محظورات الإحرام إخراج الدم ، وعليه فما معنى ذكر قلع الضرس وعدّه محظوراً إلى جنب إخراج الدم ، فانه عادةً متى ما قلع المحرم ضرسه خرج الدم ولا يوجد شخص عادةً يقلع فيها الضرس من دون إخراج الدم ، وما دام إخراج الدم ملازماً لقلع الضرس فلا معنى لعدِّ قلع الضرس محرَّماً في مقابل إخراج الدم بل كان من المناسب ذكره عند ذكر إخراج الدم فيقال هكذا ( إخراج الدم حرام على المحرم سواءً كان بالحك أم بقلع الضرس ) .

[1] في رسالته لا ضرر 12

[2] في بعض موارد التنقيح 1 464 ط قديمة.

[3] المدارك 8 436 .

[4] الحدائق 15 546.

[5] الجواهر 20 429.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo