< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 362 ) / إحرام حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الوجه الثاني:- ما جاء في كلمات السيد الخوئي(قده) وحاصله:- إن الامام عليه السلام قد حكم بالإجزاء في الحالة الثانية - أعني حالة ما إذا التفت المكلف بعد تمام الأعمال - ومورد ذلك هو الجهل دون النسيان على كلا النقلين والإمام حكم بالإجزاء في حالة الجهل ، فإذا عرفنا هذا فنقول:- إذا ثبت الإجزاء في هذه الحالة فيكون الحكم كذلك إذا التفت في الأثناء أي في عرفات - بالأولوية ، ونصّ عبارته:- ( ويمكن أن يقال إنه إذا حكم بالصحة فيما إذا علم بالحكم بعد إتيان جميع الأعمال فالحكم بالصحة فيما إذا علم في الأثناء يثبت بالأولوية ) [1] .
 وفيه:- إن الأولوية محل تأمل ، فإن من فرغ من تمام الأعمال لو حكمنا عليه بلزوم الإعادة فسوف يتحمل جهدين الأول أنه قد أتمّ جميع الأعمال والثاني أنه يحكم عليه بلزوم الإعادة في العام المقبل ، بينما لو التفت في الأثناء وحكمنا عليه بعدم الإجزاء إلّا أن يرجع ويأتي بالإحرام فسوف لا يواجه جهدين بل يوجه جهداً واحداً ونصف - أي سوف يلزمه الإعادة في العام المقبل وهذا جهد ، والمفروض أنه أتى ببعض الأعمال دون البعض الآخر وهذا نصف جهد - إذن لا يلزم من الحكم بالإجزاء في حقه أن نحكم بالإجزاء في حق من لم يبذل جهداً كاملاً فالأولوية غير واضحة.
 وفي باب الصلاة نحن نعرف أن من كان جاهلاً بالنجاسة والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من الصلاة فلا شيء عليه وأما إذا التفت في الأثناء إلى أنها كانت موجودة - أي خرج دمٌ في الاثناء - فيحكم ببطلان صلاته ، فإذا قبلنا بمثل هذا الحكم في باب الصلاة فلنقبل بنظيره في باب الإحرام فيقال إنه في باب الصلاة لا يبعد أن يكون الشارع حكم بالإجزاء لو التفت المكلف بعد تمام العمل باعتبار أنه أتى بالعمل بالكامل فيقال له هو مجزٍ أما ذاك فلم يأت بكامل العمل بل أتى ببعضه.
 ثم ألفت النظر إلى شيء:- وهو أنه نقلنا فيما سبق كلاماً العلامة(قده) نقله صاحب المدارك(قده) وقد تمسك العلامة فيه بالأولوية ، ونريد أن نلفت النظر إلى أن تلك الأولوية التي تمسك بها تغاير هذه الأولوية التي تمسك بها السيد الخوئي(قده) فالعلامة كان ناظراً إلى من التفت وقد تجاوز عرفات - أي في المشعر حيث قال ( إذا حكم عليه بالاجزاء فيما إذا التفت إليه بعد تمام الأعمال فبالأولوية يحكم عليه بالإجزاء إذا التفت وهو في المشعر ) ، أما الأولوية التي تمسك بها السيد الخوئي(قده) فهي في حق من التفت وهو في عرفات والمفروض أنه ناسٍ بينما كلام العلامة يأتي في حق الجاهل ، والأولوية هنا وهناك من وادٍ واحد واعتراضنا عليهما واحد.
 الوجه الثالث:- أن يقال:- صحيح أن الوارد في الرواية هو السؤال عن الناسي إذا التفت وهو في عرفات ، ولكن نقول:- إن التنصيص على الناسي لم يجئ في كلام الإمام حتى يقال يحتمل أن فيه خصوصية وإنما جاء في كلام السائل ، وحينئذ نقول:- إن الناس عادة لا يرون فرقاً بين الناسي والجاهل من حيث الأحكام ، نعم قد يفرق الشرع بينهما من حيث الحكم كما في باب الصلاة فمن نسي النجاسة والتفت بعد الصلاة فصلاته باطلة أما من جهل بها فصلاته صحيحة وهكذا في موارد أخرى ، ولكن العرف لا يرى فرقاً بينهما أو على الأقل يظن بالوحدة من حيث الحكم بينهما ، ومما يؤكد ما ذكرناه وهو أن العرف لا يفرّق أن نفس علي بن جعفر سأل عن الناسي ولم يسأل عن الجاهل فلو كان يحتمل الفرق لكان من المناسب أن يسأل عن الجاهل أو يعمم من البداية فيقول ( رجل نسي أو جهل حتى التفت في عرفات ) والمفروض أن الرواية بنحو القضية الحقيقية أما إذا كانت بنحو القضية الخارجية فهذا الكلام لا يأتي فحينئذ نقول:- بما أن الجاهل والناسي واحدٌ في ذهن العرف من حيث الحكم - ولذلك لم يركز علي بن جعفر على الجاهل بل ركز على الناسي فقط بينما في السؤال الثاني ركز على الجاهل دون الناسي فيتبين أن الناسي والجاهل عنده واحد من حيث الحكم ولذلك لم يركز ولم يفرّق بينهما من هذه الناحية - فلو كان بينهما فرق لكان من المناسب للإمام أن ينبه ويقول ( هذا في الناسي وأما إذا كان جاهلاً فلا يجزيه عمله بل عليه الحج من قابل ) مثلاً ، فسكوت الإمام يدل على إمضاء ما ارتكز في ذهن السائل وأنه من حيث الحكم لا فرق بينهما ، وبهذا الوجه نخرج بتعميم الحكم للناسي وليس بالوجهين السابقين.
 هذا كله في حالة عدم إمكان العود.


[1] المعتمد 5 134 ط قديمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo