< قائمة الدروس

الموضوع: حرمة حلق اللحية - مسألة ( 43 ) - المكاسب المحرّمة.

وأما من حيث السند:- فهذه الرواية قد رويت بطرق ثلاث ، الأوّل عن جامع البزنطي حسب نقل المستطرفات ، والثاني عن قرب الأسناد للحميري عن عبد الله بن الحسن الذي هو حفيد علي بن جعفر عن جده علي بن جعفر ، وقرب الأسناد عادة يكون السند فيه هكذا: ( عبد الله الحميري عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر ) ، والثالث صاحب الوسائل وقد قلنا إنه توجد عنده نسخة من كتاب علي بن جعفر وهو ينقل عنها بالمباشرة ــــ وأحيانا ينقل لا بالمباشرة وإنما بوسائط أخرى ـــــ يقول عن علي بن جعفر في كتابه يعني الذي عندي.

أما الطريق الأول:- فقد ذكرنا غير مرة أنَّ صاحب السرائر يظهر أنه قد عثر على مجموعة من الأصول الأربعمائة وتصفّحها واستطرف بعض الأحاديث واختارها فلذا سميت بالمستطرفات بهذا الاعتبار ، ولكنه لم يذكر الطريق إليها فعادة بحكم المراسيل ، وقطع صاحب السرائر بصحة النسخة أو الرواية أو الأصل حجة عليه لا علينا ، فإن قطع كل مجتهد حجة على نفسه إلا إذا حصل القطع لديك فحينئذٍ يكون هذا من باب العمل بقطعك لا بقطع صاحب السرائر ، وبناءً على هذا يكون كل ما نقل عنه صاحب السرائر ليس معتبراً إلا كتابٍ واحد وهو كتاب محمد بن علي بن محبوب الأشعري فإنه في آخر السرائر يقول ( وقد كان عندي بخط الشيخ الطوسي ) ، والمفروض أنَّ شيخ الطائفة له طريق معتبر الى محمد بن علي بن محبوب الأشعري ، فبناء على هذا يثبت اعتبار جميع الروايات التي ينقلها صاحب السرائر عن محمد بن علي بن محبوب الأشعري لهذه النكتة ، لكن يبقى الباقي ليس بمعتبر ومنه ما رواه عن جامع البزنطي.

نعم هناك محاولة لتصحيح جميع روايات المستطرفات وحاصلها:- إنه إذا راجعنا مجلّد الاجازات من البحار أو طرق صاحب الوسائل ووجدنا طريقاً من صاحب الوسائل يمرّ بابن إدريس ومن ابن إدريس إلى الشيخ الطوسي فحينئذٍ نستفيد من هذا الطريق لإثبات حجية روايات المستطرفات ، باعتبار أنَّ هذا الطريق كلّه طريق علمائنا الذين هم من زمان الشيخ الطوسي وكلهم ثقاة أجلّاء لا كلام فيهم وهذا واضح ، وحينئذٍ نقول إذا ثبتت صحة الطريق إلى ابن ادريس والمفروض ان كل ما يرويه ابن ادريس ينهيه الى الشيخ الطوسي والطريق صحيح من بن إدريس إلى الشيخ الطوسي يثبت صحة جميع روايات المستطرفات لأننا حصلنا طريقٍ معتبر بهذا الشكل من صاحب الوسائل الى ابن إدريس والمفروض أنه طريق معتبر ومن ابن إدريس إلى الشيخ الطوسي معتبر ، ونضم إليه ضميمة وهي أن المفروض أنَّ الشيخ الطوسي في الفهرست له طرق معتبرة الى جميع روايات البزنطي فتثب بهذا حجية الطريق إلى جامع البزنطي ، وإذا أردت كتاباً آخر فلابد أن نلاحظ طريق الشيخ إلى ذلك الكتاب الآخر ، والمهم أن ننظر إلى أصل الطريق وليس المهم أنَّ الصغرى ثابتة بشكلٍ معتبر أو لا فإنَّ الأهمية الكبرى هي لأصل الفكرة.

ولكن بشرط أن نفترض أنَّ هذه الطرق هي طرق ليس إلى صاحب الكتاب - أي إلى المؤلف - ولا إلى أصل الكتاب بل طريق إلى النسخة ، وإحراز هذا شيء صعب ، فإنَّ طرقنا المتأخرة من صاحب الوسائل وإلى الشيخ الطوسي عادةً هي ليست طرقاً إلى نسخة معينة وإنما هي طرق تبركّية حتى يتّصل السند بالأمام عليه السلام ، وكان لدينا الشيخ آغا بزورك الطهراني والسيد المرعشي النجفي يمنحون إجازات تبركية ويوصلها إلى الشيخ الطوسي أو قبل الشيخ الطوسي فتشملها حينئذٍ طرق الاجازة الباقية ، بل إنَّ صاحب الوسائل في بداية الفائدة الخامسة من الفوائد المذكورة في آخر الوسائل يقول ( إني أذكر هذه الطرق تبركاً وتيمّناً وإلا فهي مقطوعة للقرائن ).

إذن هذه الطرق إن لم نجزم بكونها تبركية وليست طرقاً إلى النسخة فلا أقل لا توجد مؤشرات على كونها طرقاً الى نسخةٍ معينة ، فيشكل الأخذ بهذه الطريقة.

نعم كبراها جيّدة لو تمت كونها طرقاً على النسخة المعيّنة ، ولكن لم يثبت كونها طرقاً الى النسخة.

فإذن الطريق الأوّل محل اشكال.

وأما الطريق الثاني:- وهو طريق قرب الأسناد فلا يمكن الاعتماد عليه لأن فيه عبد الله بن الحسن وهو لم يذكر بتوثيق في كتب الرجال ، وجمع روايات قرب الأسناد تعاني من هذه المشكلة لأنه عادةً يوجد في سندها عبد الله ابن الحسن.

وأما الطريق الثالث:- هو رواية صاحب الوسائل وهي من نفس كتاب عليّ بن جعفر ، فيبقى الاشكال وهو أنه كيف نثبت أنَّ هذا الكتاب الذي عند صاحب الوسائل هو النسخة الصحيحة لكتاب علي بن.

وقد كان السيد الخوئي(قده) والسيد الشهيد(قده) يسلكان هذه الطريقة لتصحيح طريق صاحب الوسائل إلى كتاب علي بن جعفر وحاصلها:- إنَّ صاحب الوسائل له طرق معتبرة إلى الشيخ الطوسي - وإذا أردت ملاحظتها فراجع الفائدة الخامسة من الوسائل الجزء 30 حيث يذكر طرقاً تنتهي إلى الشيخ الطوسي - ، ثم يضيفون لها مقدّمة أخرى وهي أنه حيث إنَّ الشيخ الطوسي له طريق معتبر إلى علي بن جعفر مذكورة في الفهرست فبالتلفيق بين هذين الطريقين نحصل على طريقٍ معتبر ، وكانا يبنيان على ذلك.

ولكن قد اتضح التأمل في ذلك من خلال ما أشرنا إليه:- فإنَّ طرق صاحب الوسائل إلى الشيخ الطوسي ليست طرقاً إلى نسخة معينة فإننا لا نحرز ذلك ، ويكفينا الشك في ذلك ، بل نفسه صاحب الوسائل صرّح بأنَّ طرقه تبركية وأنه لا يحتاج إلى طرقٍ وأن كلّ هذه الروايات والكتب مقطوعة عنده.

 

إن قلت:- إنه إذا فتحنا باب الاشكال فسوف يأتي نفس هذا الاشكال على الشيخ الطوسي فإنَّ الطرق التي يذكرها إلى أصحاب الكتب يمكن أن نقول لعلّها طرق تبركية وعلى هذا الأساس سوف لا تنفع.

قلت:- قد بينا سابقاً بعض المؤشرات والقرائن لإثبات أنها طرق إلى النسخة وذكرنا من جملتها أنه ذكر في المقدّمة للمشيخة وقال: ( أذكر هذه الطرق لتخرج من الارسال الى الاسناد ) ، ولم يقل ( إنها مقطوعة ) بل قال إنه خوفاً من أن تكون مراسيلاً ذكرت طرقها وهذا يدل على أنه ملتفت ، بل إذا كانت هذه طرق إلى أصحاب الكتب وليست إلى نسخة معيّنة فما فائدة ذكرها وتسجيلها فانه اتلاف للوقت ، على أنَّ نفس الشيخ يقول في ترجمة العلاء بن رزين ( له كتاب له أربع نسخ كلّ نسخة أرويها بطريق ) ، وهناك قرائن أخرى قد ذكرتها سابقاً.

إذن اتضح أنَّ جميع هذه الطرق الثلاث محل اشكال.

نعم لو فرض أنَّ هذه الطرق باجتماعها ولّدت الاطمئنان للفقيه بأَّن هذه الرواية صادرة فحينئذٍ تثبت الحجية من باب حجية الاطمئنان ، وهذه نكتة مهمة ينبغي الالتفات إليها ، ولكن مع ذلك الرواية ضعيفة من ناحية الدلالة أيضاً.

الوجه السادس:- أن يقال: إنَّ حلق اللحية يشتمل على تشبّه بأعداء الإسلام والتشبه بأعداء الاسلام حرام ، والتشبه بأعداء الاسلام حرام لهذه الرواية التي رواها الشيخ الطوسي عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال:- ( أوحي الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لقومك لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تشاكلوا بما شاكل اعدائي فتكونوا أعدائي كما هم اعدائي).

ونفسها قد رواها الشيخ الصدوق بإسناده عن اسماعيل بن مسلم - أي السكوني - ، رواها في الفقيه وفي العلل وفي العيون غايته في العيون رواها ليس عن اسماعيل بن مسلم وإنما عن عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عن آبائه عيهم السلام.

وتقريب الدلالة صار واضحاً ، فيبقى ما هو المقصود من الأعداء ؟ إنَّ القدر المتيقن هم الكفار ، فإذن سوف تكون المشاكلة لهم حراماً ، فحلق اللحية يكون حرام.

لا يقال:- إني لا أقصد التشبّه بهم ، لأننا قلنا إنَّ تحقق عنوان التشبّه لا يتوقف على قصد التشبّه بل مادام هم يفعلون ذلك وأنت تفعل كما يفعلوا فيصدق حينئذٍ التشبه بهم بشكلٍ قهري.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo