< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

34/12/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع:- تنبيهات / التنبيه الرابع ( الأصل المثبت ) / الاستصحـاب / الأصول العملية.
 ثم إن هناك أموراً ترتبط بالأصل المثبت:-
 الأمر الأول:- إنه في بعض الحالات يجوز إجراء الاستصحاب لإثبات اللوازم غير الشرعية على طبق القاعدة من دون أن يكون ذلك استثناءً من عدم حجيّة الأصل المثبت وذلك في حالتين:-
 الحالة الأولى:- إذا فرض أن الأثر غير الشرعي كان لدينا يقين به سابقاً فحينئذٍ نجري الاستصحاب فيه مباشرةً لا أن نجريه في غيره حتى يلزم محذور الأصل المثبت ، ومثال ذلك حياة الولد فإن استصحابها لإثبات نبات للحية مثبتٌ ولكن يمكن أن نجري الاستصحاب شكلٍ لا يلزم منه محذور الأصل المثبت وذلك بأن نجريه في نفس اللوازم إذا كانت متيقّنة سابقاً كالتنفس والأكل والشرب وما شاكل ذلك فإنها متيقنة سابقاً إذ مادام الشخص حيّاً سابقاً تترتب عليه هذه اللوازم فأنا لا أجري الاستصحاب في الحياة لكي أثبت اللوازم بل أجريه في هذه اللوازم ابتداءً لأنها متيقّنة سابقاً ، وهكذا لو فرض أني أردت استصحاب العلّة لإثبات وجود المعلول فإنه أصل مثبت ولكن يمكن الاستعانة بالبديل وذلك بأن نجري الاستصحاب في نفس المعلول فإنّا إذا تيقنّا بالعلّة سابقاً فقد تيقنّا أيضاً بالمعلول سابقاً فإذا شُكّ في البقاء فلا داعي لأن نستصحب العلّة حتى يلزم محذور الأصل المثبت بل نجريه ابتداءً في المعلول وهذا حجّة من دون لزوم الأصل المثبت ، وهكذا استصحاب وجود البياض لإثبات عدم السواد فإنه أصل مثبت إذ عدم السواد لازمٌ غير شرعيّ للبياض ولكن فراراً من الأصل المثبت يمكن أن نجري الاستصحاب في نفس عدم السواد فنقول مادمنا كنّا نتيقن بالبياض سابقاً فنتيقن إذن بعدم السواد فنجري الاستصحاب في عدم السواد وبذلك لا يلزم محذور الأصل المثبت ، وعلى هذا المنوال استصحاب الأبوَّة لإثبات البنوّة فإنه أصلٌ مثبت ولكن يمكن التعويض عنه بإجراء الاستصحاب في نفس البنوّة فنقول إنّا سابقاً حيث كنّا جازمين بتحقّق الأبوّة فإذن نحن جازمون بتحققّ البنوّة فنجري الاستصحاب في البنوّة - أي في بقائها - ولا يلزم من ذلك محذور الأصل المثبت.
 إذن اتضح أنه توجد موارد يكون إجراء الاستصحاب فيها بذاك الشكل يلزم منه محذور الأصل المثبت وأما إذا أجريناه بهذا الشك لا يلزم منه محذور الأصل المثبت ، وهذا إنما يتمّ إذا كان اللازم غير الشرعي متيقّناً سابقاً ، وهذا إنما أشرت إليه لا لأجل أنه استثناءٌ من عدم حجيّة الأصل المثبت وإنما الهدف كل الهدف هو إلفات النظر لا أكثر وأنه في بعض الموارد يمكن الاستعاضة بما أشرنا إليه وبالتالي تكون الفائدة التي نريد أن نشير إليها هي أن البحث عن حجيّة الأصل المثبت ينحصر فقط وفقط باللوازم التي ليست لها حالة سابقة متيقّنة أما التي لها حالة سابقة متقّنة الثبوت فيمكن أجراء الاستصحاب بلحاظها بلا لزوم محذور الأصل المثبت ، إذن محلّ الكلام في الأصل المثبت ينحصر بمثل نبات اللحية الذي هو ليس له حالة سابقة - أي الوجود - متيقّنة فلا يمكن استصحاب بقاء نبات اللحية إذ ليس له حالة سابقة متيقّنة فالحديث عن حجيّة الأصل المثبت ينحصر بهذا المورد أي باللوازم غير الشرعية التي ليس لها ثبوت سابقاً.
 الحالة الثانية:- إنه أحياناً نريد أن نجري الاستصحاب فلا نلتفت الى أنه مثبتٌ بينما هو مثبت ويلزم اختيار البديل الذي هو ليس بمثبتٍ ، ومثال ذلك ما إذا كان لدينا حوضٌ فيه ماء بمقدار كرّ ونشكّ هل نقص عن الكرّية أو لا فهنا إذا أردنا أن نجري الاستصحاب بهذا الشكل فهو مثبت وذلك بأن نقول ( كان في الحوض ماء كرّ والآن بعد الشك يوجد في الحوض ماء كرّ ) إنه قد نستصحب هكذا وهذا لا ينفع لأنه مثبت لأننا نريد أن نثبت أن هذا الماء كرّ والذي نريد أن نغسل يدنا فيه الآن وبالاستصحاب الذي أشرنا إليه لا يثبت أن هذا الماء الذي هو في الحوض هو كرّ وإنما يثبت وجود كرّ في الحوض واللازم العقلي لوجود الكرّ في الحوض هو أن يكون هذا الماء كرّ إنه لازم عقليّ فحينئذٍ لا يثبت والاستصحاب بهذا الشكل مثبتٌ ، هذه نكتة ظريفة.
 وإن شئت قلت:- إن هذا الاستصحاب يثبت مفاد كان التامّة بينما الأثر الشرعي مترتّب على مفاد كان الناقصة فإن هذا الاستصحاب يثبت أن في الحوض يوجد كرّ وهذا هو مفاد كان التامّة وأنا أريد أن أثبت أن الماء الموجود في الحوض متّصف بالكرّيّة حتى أغسل يدي به وهذا هو مفاد كان الناقصة وإجراء الاستصحاب في مفاد كان التامّة لإثبات مفاد كان الناقصة أصلٌ مثبت ، إذن هذا الاستصحاب لا يجوز فماذا اصنع ؟ إنه يوجد بديل وهو أن نقول هكذا:- وهو أن تشير الى الماء ولا تشير الى الحوض وتقول ( هذا الماء - الذي هو في الحوض - كان متصفاً بالكرّيّة والآن لو شككت هو متصف بالكرّيّة أيضاً ) فيثبت حينئذ أنه متّصف بالكريّة أي أنّي أجري الاستصحاب ابتداءً في مفاد كان الناقصة وليس في مفاد كان التامّة فالمناسب هو هذا وليس ذاك فقل إن هذا الماء كان متّصفاً بالكرّيّة والآن هو كذلك ولا تقل إن الحوض كان فيه ماء كرّ إذن هذا الماء متّصف بالكريّة فإن هذا مثبت وهو لا يجوز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo