< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

37/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تقسيمات الواجب - مقدمة الواجب.

ذكرت عدة تقسيمات للواجب المهم منها ثلاثة:-

التقسيم الأوّل:- الواجب المطلق والمشروط.

التقسيم الثاني:- الواجب المعلق والمنجّز .

التقسيم الثالث:- الواجب النفسي والغيري.

كما يوجد تقسيم أصلي وتبعي ولكن هذا ليس بالمهم فلا حاجة إليه.

التقسيم الأوّل:- الواجب المطلق والمشروط.

المعروف في تفسير ذلك هو أنه تارةً يكون نفس الوجوب مشروطاً بشرطٍ كوجوب صلاة الظهر المشروط بتحقق الزوال أو البلوغ أو العقل ، في مقابل ما لم يكن الوجوب مشروطاً بشيء فهو حينئذٍ يكون واجباً مطلقاً ، وواضح أنه لا يوجد عندنا واجبٌ مطلق بتمام معنى الكلمة إذ ما من واجب إلا وجوبه مشروط بالشروط العامة ولا يتصوّر هذا الشيء ، نعم قد تختلف الواجبات بلحاظ الشروط فبلحاظ هذا الشرط يكون مشروطاً بينما بلحاظ الشرط الآخر يكون مطلقاً ، فوجوب الصلاة مثلاً هو بلحاظ العقل ودخول الوقت يكون مشروطاً ، أما بلحاظ أن يكون الشخص ذكراً أو أنثى فلا يكون مشروطاً بل هو مطلق من هذه الناحية.

إذن الواجب المشروط والمطلق هما من الواجبات الاضافية يعني بالإضافة إلى بعض الشروط قد يكون الواجب مطلقاً وبالقياس إلى البعض الآخر يكون مشروطاً ، ولا يوجد واجبٌ مطلق من دون أن يلحظ بالقياس إلى شرط معيّن ، وإنما يتصوّر كونه مطلق أو مشروط بالقياس إلى بعض الشروط المعيّنة ، فقد يكون بالقياس إلى بعضها مطلقاً وبالقياس إلى بعضها الآخر مشروطاً.

وبهذا اتضح أيضاً أنّ المناسب أن نعبّر بالوجوب المشروط لا بالواجب المشروط فإنّ الذي يكون مشروطاً هو نفس الوجوب دون الواجب ، فإذن هذه مسامحة ، وقد قيل قديماً لا مشاحّة في الاصطلاح.

ثم إنّ الشيخ الأعظم(قده) له رأي في هذا المجال حيث قال:- إنه لا يوجد وجوب مشروط ، بل كلّ وجوب هو مطلق وليس مشروطاً ، وإنما الذي يكون مطلقاً أو مشروطاً هو الواجب ، فالوجوب مطلق دائماً ، بل لا يقبل التقييد.

وبناء عليه سوف يصير رأي الشيخ الأعظم(قده) متّحداً مع رأي الشيخ صاحب الفصول(قده) - يعني الواجب المعلّق - ، فإن صاحب الفصول حينما يقول بالواجب المعلّق فمعناه أنّ الوجوب فعليّ والواجب معلّق ، والشيخ الأنصاري(قده) يقول هكذا أيضاً ، فالقيود كلّها ترجع إلى الواجب دون الوجوب ، فعلى رأي الشيخ الأعظم صلاة الظهر هي واجبة منذ الصباح ، فالوجوب هو من الآن ، أي تجب الصلاة المقيدة بدخول الزول ، فالزوال يأخذه قيد للواجب دون الوجوب.

وبناءً على هذا سوف تنحلّ مشكلة المقدمات المفوّتة كوجوب الغسل قبل الفجر في شهر رمضان لأنّ الوجوب عنده موجودٌ من الآن ، فوجوب رمضان مثلاً هو فعليّ من الآن وإنما الواجب مقيد بمجيء شهر رمضان ، هذا ما نسب إليه في تقريراته - مطارح الأنظار - على ما نقله الشيخ الخراساني(قده)[1] .

أما لماذا نُقل عنه وجهان في هذا المجال ؟

الوجه الأوّل:- الذي ذكره(قده) هو أنه قال إنّ الوجوب هو مفاد الهيئة والهيئة دائماً مفادها جزئي لأنه حرفيّ فهو مفاد النسبة والنسبة معنىً حرفي والمعنى الحرفي دائماً هو جزئي والجزئي لا يقبل التقييد وإنما الذي يقل التقييد هو الكلّي دون الجزئي فالقيود دائماً لابد من رجاعها إلى الواجب دون الوجوب - ؟.

الوجه الثاني:- لو رجعنا إلى الواقع - يعني إلى الوجدان - لرأينا أنه قاضٍ بأنّ القيود أجمع ترجع لبّاً ووجداناً إلى المادّة دون مفاد الهيئة ، فأنت حينما تتوجّه إلى شيءٍ كالحج مثلاً فإرادتك دائماً هي إما أن تكون موجودة أو لم تكن موجودة ، فإذا لم تكن موجودة فهي لم تكن موجودة ، وأما إذا كانت موجودة فحينئذٍ هذه الارادة إما أن تتعلّق بالحج المطلق أو بالمقيد بقيدٍ من القيود - يعني الحج المقيّد بأن يكون مع استطاعة أو مع الرفقاء أو غير ذلك - ، فإذن الارادة إمّا أن تكون موجودة أو لا تكون موجودة ، فإن لم تكن موجودة فهذا خارج عن محلّ الكلام ، وإذا كانت موجودة فحينئذٍ المراد إما أن يكون هو الشيء في كلّ الحالات أو الشيء في بعض الحالات ، فالحال والحالات يكون قيداً للشيء الذي هو المراد أمّا نفس الارادة فهي إذن مطلقة.

إذن استدل(قده) بدليلين الأوّل برهاني - وهو أنه يستحيل رجوع القيد إلى مفاد الهيئة لأنه جزئي والجزئي لا يقبل التقييد - ، والثاني أنه لاحظ الواقع وقال إنه واقعاً لو رجعت إلى قرارة نفسك تجد أن القيد راجع إلى المادّة دون الارادة ، والارادة مطلقة دائماً ، وإنما المراد قد يكون هو الشيء في كلّ حالاته أو الشي في بعض حالاته.

أما كلامه الأوّل – من كون مفاد الهيئة جزئي - فيرد عليه:- أنا قرأنا أن الجزئي ليس بمعنى أنه لا يصدق على كثيرين ، بل الجزئية هي بمعنى أنه متقوّم بالطرفين ، وربما يكون الطرفان كلّيين فيصير المعنى متقوّماً بكليّين فيقبل التقييد ، فليس المقصود من الجزئي هو الجزئي بالمعنى المنطقي - وهو الذي لا يصدق على كثيرين - ، بل بهذا المعنى - وهو التقوّم بالطرفين - وإذا كانا كلّيين فلا مانع من تقييده.

وأمّا ما أفاده في الوجه الثاني - من التمسك بالوجدان – فنقول:-إنه كما يمكن أن تكون الارادة هي مطلقة والمراد يكون مقيداً ببعض الحالات - يعني بحالة الاستطاعة أو بحالة وجود الرفقة - فالإرادة أيضاً يمكن أن تكون هي المقيّدة ، فالمولى يريد الحج من المكلّف بقيد أن يكون مستطيعاً أو أن يكون هناك رفقة يمكن أن يذهب معهم ، إنّ كلا النحوين ممكن ثبوتاً ووجداناً ، فإرادتي يمكن أن تكون مطلقة والمراد يكون مقيداً كما يمكن العكس - بأن تكون نفس الارادة مقيّدة بذلك القيد - ، فكلا النحوين ثبوتاً شيءٌ ممكن وجداناً ، فما أفاده واضح التأمّل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo