< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

38/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه السادس ( العبادة المستحبة والمكروهة ) – اجتماع الأمر.

ثانياً:- إنه لو أدخلنا الشق الثالث - الفرد الثالث - في الحساب وهو الصوم بلا قربة فلا يتغير الموقف ويبقى النقيضان على ما هوا عليه ، يعني هو لا يجعل أفراد النقيض ثلاثة بل يبقى أفرد النقيض اثنين والآن يبقيان كذلك ، والوجه فيه هو أنَّ المطلوب في الكراهة هو ترك الصوم القربي يعني أن الحكم هكذا ( اترك الصوم القربي ) فالمطلوب هو ترك الصوم القربي لأنَّ الصوم القربي فيه تشبه ببني أمية ، فالمطلوب هو ترك الصوم القربي ، ونقيض ترك الصوم القربي هو الصوم القربي ، فعلى هذا الأساس إذا كان الملاكان متساويين كما هو في الذيل فحينئذٍ لا معنى للتخيير بين ترك الصوم القربي وفعل الصوم القربي فإنهما نقيضان والتخيير بين النفيضين تكويني فلا حاجة إلى التخيير الشرعي ، نعم ما ذكره السيد الخوئي(قده) ينفع لا في تصيير أفراد النقيض ثلاثة وإنما ينفع في أن ترك الصوم القربي سوف يتحقق بفردين ، فأولاً كنا نتصوّر أن ترك الصوم القربي يتحقق بفردٍ واحد وهو بترك الصوم رأساً والسيد الخوئي(قده) حينما أبرز هذا فحينئذٍ فهمنا أن ترك الصوم القربي وتحقيق ترك الصوم القربي يمكن أن يحصل بفردٍ آخر وهو بالاتيان بالصوم بلا قربة .

إذن فائدة اقتراح السيد الخوئي(قده) والشق الثالث الذي ذكره وثمرته ونفعه هو هنا وهو أنَّ ترك الصوم القربي كنّا نتصوّر أن الترك يتحقق وامتثال الترك بتحقق بترك الصوم رأساً ولكن اتضح أنَّ له فرداً ثانٍ وهو أن يصوم بلا قصد القربة فإنه يصدق عليه ترك الصوم القربي ، فهو وسّع بالفرد الذي أضافه في الشق الثالث من دائرة مصداق الترك فمصداق ترك الصوم القربي وامتثاله صار أوسع ولا ينحصر امتثال ترك الصوم القربي بترك الصوم القربي فقط بل يتحقق بما إذا أتى بالصوم بلا قصد القربة لا أنه أوجد نقيضاً جديداً ، بل يبقى النقيضان على ما هما عليه فهما يبقيان اثنين ولا يصيران ثلاثة ، فترك الصوم القربي أحد النقيضين والنقيض الأخر هو الصوم القربي فلا يتعدّد النقيض ، فإذن بقي على ما هو عليه ، فحينئذٍ لا يمكن للمولى أن يخيّر بينهما بعني بين ترك الصوم القربي وبين الصوم القربي لا بنحو العرضية لأنَّ التخيير تكويني ، ولا بنحو الطولية يعني بأن يقول اترك الصوم القربي فإن عصيت فحقّق الصوم القربي هذا لا يمكن لأنَّ ترك الصوم القربي يكون إذا فرضنا أنه يريد أن يعصي الصوم القربي فإن عصيت فعصيانه لا يكون إلا بالصوم القربي وليس بالصوم بلا قربة فإنَّ ذاك ليس عصياناً وإنما هو امتثال ، فالأمر بترك الصوم القربي عصيانه يكون بفعل الصوم القربي ، فالأمر بالصوم القربي يكون طلباً لتحصيل الحاصل ، فما أفاده الشيخ النائيني(قده) يكون شيئاً وجيهاً.

هذا كله بما يرتبط بما أفاده السيد الخوئي(قده) بما يرتبط بأستاذه.

ولكنا نعود للشيخ النائيني(قده) بعد أن دفعنا عنه اشكال السيد الخوئي(قده) ونقول له:- أنت أشكلت على استاذك الخراساني بأن المورد ليس من تزاحم الحكمين لأنَّ إذا كان ملاك الكراهة أقوى فالموجود هو الكراهة فقط وإذا كان ملاك الاستحباب هو الأقوى فالاستحباب فقط هو الموجود فتزاحم بين الحكمين الفعل والترك ليس موجوداً ، ونحن نقول:- بإمكان الخراساني أن يجيب ويقول إني لا أقصد من التزاحم هو التزاحم بين الحكمين بل بين الملاكين ، يعني أريد أن أقول حيث إنَّ ملاك الكراهة أقوى فقط وفقط يوجد كراهة ولا يوجد استحباب للفعل وبالتالي لا يوجد تزاحم بين الحكمين بل أوجد كراهة فقط ناشئة عن ملاك قوي وفي جانب الفعل يوجد ملاك فقط بلا حكم استحبابي ، فالتزاحم ليس تزاحماً بين حكمين حتى تقول إنه لا يمكن فإنَّ الحكم ينشأ على طبق الملاك الأقوى ، بل أريد أن أقول يوجد ملاكان ملاك في الفعل وملاك في الترك وملاك الترك أقوى والحكم ينشأ على طبق الملاك الأقوى فتثبت كراهة فقط من دون حكم بالاستحباب ولكن لو صام المكلّف يقع صومه صحيحاً لأجل وجود الملاك ، والمفروض أنه لا توجد مبغوضية في الفعل بل فقط وفقط يوجد ملاكان يعني مصلحة في الترك ومصلحة في الفعل ومصلحة الترك أقوى إذن يقع الفعل صحيحاً لأجل الملاك وليس تزاحماً بين حكمين حتى يأتي ما أفدته من أنه لابد أن يكون الحكم واحداً وهو الناشئ من الملاك الأقوى ، فإذا بيّنا المطلب بهذا الشكل فحينئذٍ لا يرد إشكال الشيخ النائيني(قده) على استاذه صاحب الكفاية(قده) ، فإن صاحب الكفاية أجاب بهذا الجواب وعليه فسوف يندفع ما أفاده الشيخ النائيني ، فهو يريد أن يقول إني أقول بالتزاحم بين الملاكين لا بين الحكمين ، وحينئذٍ سوف لا يأتي الاشكال فيصير تزاحم بين الملاكين ولكنه يوجد حكم واحد وهو كراهة صوم يوم عاشوراء والفعل يقع صحيحاً لأجل ملاك المصلحة والمفروض أنه لم ينشأ من مبغوضية ومفسدة فإنها ليست موجودة في البين ، فحينئذٍ الاشكال عن الشيخ الخراساني يندفع بهذا الكلام واشكال الشيخ النائيني يكون قابلاً للدفع بهذا البيان الذي ذكرناه.

ولكن من حق مشكلٍ أن يشكل ويقول:- هذا وأن كان شيئاً وجيهاً ودفعنا الاشكال من زاوية عن الشيخ الخراساني(قده) حيث حذفنا كلمة حكمين من الحساب وجعلنا التزاحم تزاحماً بين الملاكين والحكم واحد ولكن كيف يقع الصوم صحيحاً مع فرض أن تركه أرجح ، إنَّ القربة كيف تتأتى من المكلف ، كيف يمكن التقرب بالفعل مع فرض أنّ الترك أرجح ، فنفس التقرب حصوله غير ممكن ، فنسلّم أنّ الفعل يوجد فيه ملاك لكن الملاك والمصلحة وحده لا يكفي في صحة الصوم إلا أن يكون هناك قصد القربة ، ومع أرجحية الترك كيف يمكن قصد القربة والتقرّب ؟! فأنت تتقرّب بشيء تركه أرجح من فعله أفترض أنه فيه مصلحة لكن تركه أحسن ، فالتقرّب لا يمكن حصوله ، فلذلك من هذه الناحية يبقى الشيخ الخراساني في مشكلة فإنه جعل التزاحم بين الملاكين - بعد التعديل الذي أدخلناه - وملاك الكراهة أقوى ويبقى الحكم بالكراهة موجود بلا حكم بالاستحباب لكن ملاك الحكم بالاستحباب موجودٌ فنقول هذا المقدار لا يكفي فهو لا ينفعك لأنَّ المكلّف لا يتمكن أن يتقرّب ، فإذن جواب الشيخ الخراساني(قده) يواجه هذه المشكلة ، فلنفكر في جوابٍ جديد.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo