< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

38/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- استصحاب العدم الأزلي.

هذا من طرف العدم .

وأما من طرف الوجود فكيف ؟ يعني بتعبيرٍ آخر تارة يتقيّد موضوع العام بعدم القرشيّة فهذا تقييد بالعدم لأنَّ المخصص أخرج القرشية فموضوع العام سوف يتخصص بالعدم ولكن أيُّ عدم فهل هو العدم المحمولي أو النعتي ؟ وهذا هو محل الكلام بين الشيخ النائيني(قده) وبين غيره ، ولكن كيفما كان يتقيّد بالعدم يعني بعدم العَرَض - أي عدم القرشيّة - بقطع النظر عن كونه مقيّداً بعدم القرشيّة بنحو العدم النعتي أو بنحو العدم المحمولي ، فالآن عندنا هذا الكلام وهو أنه لو كان المخصص يستوجب تخصيص وتقييد العام بوجود العَرَض وليس بعدمه كما إذا فرض أنه قال ( تتحيّض المرأة القرشيّة إلى ستين ) فهنا الموضوع قد تقيد بوجود الوصف بالقرشيّة ، وهكذا مثل تقليد المجتهد فإنه ( يجب تقليد المجتهد العادل ) فهو مقيد بوجود الوصف ، وسؤالنا هو: إنَّ هذا الوصف هل يؤخذ بوجوده المحمولي قيداً أو يؤخذ بوجوده النعتي قيداً ؟

المناسب أن يكون مأخوذاً بوجوده النعتي قيداً ، يعيني يصير المعنى هكذا:- ( المرأة المتّصفة بأنها قرشيّة تتحيض إلى ستين ) ، وهذا مسلَّم ولكن كيف تخريجه الفنّي ؟

ربما يقال وربما يلوح من بعض عبائر الشيخ النائيني(قده):- أن النكتة هي أنَّ وجود العرض في نفسه عين وجوده بمحلّه وليس هذا الوجود مغايراً لذلك الوجود ، يعني وصف القرشيّة وجوده في نفسه عين وجوده للمرأة وإلا لا يمكن أن تتحقق القرشيّة من دون تحقق امرأة لأنَّ القرشيّة عَرَض والأعراض وجودها بنفسها عين وجودها لمحلّها - أي لموضوعها - كما قرأنا في المنطق لا أنَّ وجودها لنفسها في نفسه يغاير وجودها لمحلّها ، ففي الخارج لا يوجد وجودان وإنما وجود القرشيّة عين وجود المرأة ووجود العالم هو عين وجود المحل الذي هو الرجل ، فدائماً وجود الأعراض يكون مأخوذاً بنحو النعتية فلذلك لا يأتي احتمال الأخذ بنحو الوجود المحمولي بل حتماً سوف يكون مأخوذاً بنحو الوجود النعتي.

وفيه:- إنَّ هذا المطلب تام في عالم الخارج والتكوين ، ففي عالم الخارج يكون وجود العَرَض في نفسه عين وجود المحل وهذا أمر بديهي لا أنه يوجد وجودان ، ولكن في مقام الجعل والتشريع لا تسري على المولى ولا تحكمه قوانين عالم التكوين والخارج فبالإمكان أن يصبّ الحكم على الأمرين معاً فيقول ( إذا كان توجد امرأة وكانت توجد قرشيّة - كإمكان فإن هذا ممكن - فيجب التحيّض إلى الستين ) ، إنه في عالم التشريع يمكن للمولى أن يلاحظ وجود العَرَض مستقلاً عن وجود معروضه ، يعني يأخذ كلاً مهما بوجوده المحمولي فيقول ( إذا كانت هناك امرأة وكانت هناك قرشيّة فيكفي ذلك في التحيّض إلى ستين ) وهذا شيء ممكن ، فلا معنى إذن أن تخلط الفلسفة في كلّ المجالات ، وهنا المولى في عالم التشريع يمكن له أن يلحظ كلاً منهما بنحو الوجود المحمولي ، فإذن هذا الوجه ليس بتام.

والأوجه أن يقال في توجيه أنّه إذا أخذ وجود العرض جزءاً من الموضوع فهو يؤخذ بوجوده النعتي:- إنَّ لازم أخذ الوجود المحمولي للعَرَض في موضوع الحكم أنه متى ما كان هناك امرأة وكانت القرشيّة ثابتة في غيرها - وليس فيها - فذلك يكفي لتحيّض هذه المرأة إلى خمسين ، وهذا لا معنى له وهو مضحك للثكلى ، وهكذا بالنسبة إلى تقليد المجتهد فنقول متى ما كان هناك مجتهد وكانت هناك عدالة بنحو الوجود المحمولي يعني أنَّ العدالة ثابتة ولو للغير كفى ذلك في جواز تقليده ، فهذا مضحكٌ للثكلى ، لأنَّ أهداف المولى تنصبّ وهي كامنة عادةً في اتّصاف المحلّ بذلك الوصف لا وجود الموصوف بلا وصفٍ ويوجد وصف في جانبٍ آخر بلا أن يكون في الموصوف ، يعني يوجد هنا مجتهد والعدالة ليست فيه وإنما هي في جانبٍ آخر ، فعادةً الاغراض لا تنصبّ على مثل هذا بل تنصبّ إذا قام الوصف بالمحل الخاص لا بمحلٍّ آخر ، فلا يكفي وجود رجلٍ مجتهدٍ إلى جانبٍ ويوجد وصف العادل في جانبٍ آخر أو وجود امرأة إلى جانب ووصف القرشيّة إلى جانبٍ آخر فعادةً أغراض العاقل ليست كذلك ، فمادامت ليست كذلك فيكون الوجود النعتي معتبراً لهذه النكتة وليس من ناحية أنَّ وجود العرض في نفسه عين وجوده لمحلّه فإنَّ هذا لا ربط له فإنه سواء كان عين وجوده أو لا عين وجوده فإنه في عالم التشريع يمكن للمولى - كإمكان - أن يلحظ الوجود المحمولي للعرض ، ولكن إذا لاحظ المولى هكذا فهو ليس مولىً عاقلاً فإنَّ العاقل يريد الوصف قائماً بموصوفه - بمحلّه - وغرضه عادةً يترتب على قيام الوصف بمحلّه لا ثبوت المحل في جانبٍ والوصف في جانبٍ آخر.

إذن اتضح أنه في جانب وجود العرض لا إشكال في أنَّ موضوع الحكم يكون هو الوجود النعتي للعَرَض لا الوجود المحمولي وهنا لا يوجد خلاف ، والمناسب أن يعلل هكذا لا كما ربما يلوح من عبارات الشيخ النائيني(قده) ، ففي جانب وجود العرض يوجد عندنا اتفاق نعم يوجد عندنا اختلاف في كيفية بيان النكتة ، وأما في جانب عدم العَرَض - يعني عدم القرشيّة - فهنا هل يؤخذ عدم القرشيّة في موضوع العام بنحو العدم النعتي أو بنحو العدم المحمولي ؟ هنا اتضح وجود خلافٍ والشيخ النائيني(قده) أصرّ على أنَّ العدم النعتي لا يمكن بينما نحن قلنا يمكن أن يؤخذ بنحو النعتيّة ويمكن أن يؤخذ بنحو المحموليّة فالخلاف في جانب عدم العَرَض لا في جانب وجود العرض.

وبهذا ننهي كلامنا في جواب السؤال الثاني.

جواب السؤال الثالث:- إنه يمكن أن نجيب: بأنه يكفي الاحتمال ، ببيان: أنَّ تقيّد موضوع العام بالعدم النعتي يشتمل على مؤونة زائدة ثبوتاً بينما التقييد بالعدم المحمولي لا يشتمل على مؤونة زائدة ثبوتاً ، ووجه ذلك: إنَّ العدم النعتي أخذ فيه الاتّصاف بالعدم أي ( امرأة متّصفة عدم القرشيّة ) فهذه مؤونة ثبوتية فتحتاج إلى بيانٍ زائد اثباتاً ، بينما العدم المحمولي هو عبارة عن عدم الاتّصاف لا الاتّصاف بالعدم فلا يحتاج إلى بيانٍ فلا يلزم المولى أن يبيّن ، وعدم البيان الزائد من المولى يكشف عن عدم المؤونة ثبوتاً ، وبذلك يثبت أنَّ التقييد تقييد بالعدم المحمولي دون العدم النعتي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo