< قائمة الدروس

بحث الفقه - الاستاذ حسن الجواهري

العقود

31/11/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: عقد الأذعان

قلنا ان عقد الاذعان توجد نظریتان متعاکستان فی تقومیه :

فنظریة تقول: هذا قانون لابد ان يفسر كما تفسر القوانين في ضوء المصلحة العامة ولمصلحة الضعيف ويتدخل القاضي بتفسيره (هذا قانون). نظرية ثانية تقول: ليس كذلك بل ان عقود الاذعان عقود حقيقية تولدت من اضافة المتعاقدين فتفسر حسب الظاهر من العقل ولا تفسر تفسيراً قانونيا ، ماهو الصحيح من هاتين النظريتين؟

قلنا لابد ان نعود الى تعريف العقد:

الفقه الغربي، قال: ان العقد هو عبارة عن توافق ارادتين على انشاء التزام بنقل شيئ او بايجاد شيئ او بانهاء شيئ ، حينما قالوا توافق ارادتين على انشاء التزام ، قلنا عبر العقل ايضا توافق ارادتين على انشاء التزام بتقديم خدمة او بنقل شيئ ، تقديم خدمة كما في الاجارات ونقل شيئ كما في البيع، اذا عقود الاذعان حسب تعريف الفقه الغربي هي عقود وليست قوانين رغم اشكالنا على تعريفهم ان تعريف الفقه الغربي بالعقل فيه ثلاث اشكالات فهو فيه تخلف موروث من القانون الروماني المتخلف ، طبعا هذه القوانين الغربيه واضح فيها التخلف مثلا قالوا (سابقا) علاقه الدائن بالمديون هو ان للدائن سيطرة على جسم المديون ثم قالوا ان الدائن له سيطرة على اموال المديون لا جسمه ثم بعد ذلك قالوا ان الدائن له علاقه بذمة المديون فقط (لا على جسمه ولا على امواله) كما قاله الفقه الاسلامي ان الدائن له علاقة بذمه المديون وليس له علاقه بجسمه ولا علاقه له بماله الخارجي انما له علاقه بذمة المدين، فالفقه الروماني بما انه غير مستندا الى شريعة سماوية تراه يتطور شيئا فشيئا مع تطور العقل البشري بينما الفقه الاسلامي المستمد من القران والسنة هو فقه ليس فيه تخلف.

الفقه السني، أما التعريف العقلي للفقه عند اهل السنه قلنا ان الزرقاء ذكر تعريفا للفقه الحنفي ذكره في مجلة الاحكام الشرعية: قال العقد هو ارتباط ايجاد بقبول على وجه مشروع (يعني فسر العقد بالعقد الصحيح) على وجه مشروع يثبت اثره في محله.

وتعريف ثاني ذكره السمهوري عن مرشد الحيران يقول: العقد عبارة عن ارتباط ايجاد الصادر من احد المتعاقدين بقبول الاخرعلى وجه يظهر اثره في المعقود عليه (ففسروا العقد بالعقد الصحيح) وهو ايجاب وقبول صحيح يثبت اثره بالمستقبل.

هنا نقول: على هذين التعريفين عقود الاذعان عقود او قوانين ؟

نحن نقول: اذا جعلنا العقد كما قال الفقه السني مختصا بالعقد الصحيح كما في التعريفين المتقدمين، فما دامت عقود الاذعان مختلفا في كونها عقدا او قانونا، او مادامت عقود الاذعان مختلف في صحتها و بطلانها فلا يمكن التمسك باطلاق «اوفوا بالعقود» للحكم بانها عقود،لان الشك آل الى وجود المقوم، فالعقد اذا كان باطلا فهو ليس بعقد واذا كان العقد صحيحا فهو عقد، فالصحة شرط مقوم لمعنى العقد وعقود الاذعان لا نعلم انها عقود أو قوانين اولا ولا نعلم انها صحيحة او باطله ثانيا، فلا يمكن التمسك باطلاق اوفوا بالعقود للحكم بعقدية عقود الاذعان لانه تمسك بالاطلاق في الشبهة الموضوعية وهو باطل.

اذاً على تفسير الفقه السني للعقد لايمكن ان نحكم بان عقود الاذعان عقد لانهم فسروا العقد بالعقد الصحيح.

هنا لدينا مناقشة على هذا التعريف السني الذي ذكره الزرقاء وذكره السمهوري

اولاً: فسروا العقد بالعقد الصحيح

ثانياً: جعلوا التفسير الحنفي للعقد جعلوه مرجحا على التعريف المنقول عن الفقه القانوني(فقالوا هذا التعريف الحنفي ارجح من ذاك التعريف) وهو توافق ارادتين على انشاء التزام بايجاد شيئ او نقله او انهائه ، فقالوا هذا التعريف للحنفيه ارجح من تعريف الفقه الوضعي والقانوني

نحن نقول التعريف ليس بصحيح وليس ارجح من الفقه القانوني، وذلك لانه ما المانع من تعريف العقد بالنحو الذي يشمل الباطل بان نجعل العقد مقسما وهو ايجاب وقبول على امر من الامور وهذا الايجاب والقبول قد يحكم الشارع بصحته وقد يحكم ببطلانه فاننا الآن نفسر مفهوما من المفاهيم لا مفهوما شرعيا بل مفهوما عالميا وهو تفسيرالعقد عند العقلاء والعقد عند الناس.

فأي بأس بان نعرف العقد بالنحو الذي يشمل الباطل فتارة نفتش عن حقيقة العقد التي هي قائمة بنفس المتعاقدين واخرى نفتش عن ما يحدثه الاعتبار الشرعي اي عن ما يصححه الشارع من العقود ونحن الان لسنا في مرحلة ما صححه الشارع من العقود فلسنا في الاعتبار الشرعي،

فالاعتبار الشرعي من اين ياتي؟ نحن نقول من القران والسنه وغيرنا يقول الاعتبار الشرعي ياتي من العقلاء.

وقد يقال الاعتبار الشرعي ياتي من الكتاب والسنة والاجماع والعقل وقول الصحابة وكذا فنحن الان لسنا في صدد مايحدثه الشارع من العقود الصحيحة او مايرضى به الشارع من العقود الصحيحة.

نحن الان في مرحلة تفتيشنا عن حقيقة العقد القائمة بنفس المتعاقدين ولا تلازم بين الامرين فتارة نقول ماهي حقيقة العقد الموجودة عند المتعاقدين؟ وتارة نقول ماهي العقود الصحيحة التي صححها الشارع؟ ولا تلازم بينهما

فمرة نتكلم عن حقيقة العقد فنقول العقد مايشمل الباطل والعقد عبارة عن ايجاب وقبول على شيئ (تمليك او تملك او نقل منفعة) وهذا الايجاب والقبول نجعله مقسم فتارة صحيح وتارة باطل فنحن نفتش عن حقيقة العقد ولا نفتش عن الاعتبار الشرعي للعقود اي ماهي العقود الشرعية الصحيحة فانشاء نقل الملك في اعتبار المتعاقدين مغاير لحصول الملك في اعتبار القانون او في اعتبار الشرع، فمتى يحصل الملك عند الشارع يغاير حقيقة انشاء نقل الملك فلا ينبغي الخلط بينهما فبالامكان ان ننظر في تعريف العقد الى ما يقوم به المتعاقدان بقطع النظر عن مدى امضاء الشارع له او عدم امضائه.

فتعريفكم ليس تعريفا لحقيقة العقد بل هو يشير الى العقود الشرعية لا تعريف حقيقة العقد ويتفرع عليه ان عقود الاذعان لايمكن ان نحكم بعقديتها لانها مختلف بصحتها وبطلانها ومختلف في كونهاعقد او قانون وانتم فسرتم العقد بالعقد الشرعي ولانعلم هل هذا شرعي ام لا فالتمسك بـ «اوفوا بالعقود» في كون هذا شرعيا يكون تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية او التمسك بالمطلق في الشبهة الموضوعية وهو لايجوز.

اذاً تعريفكم نظر الى الاعتبار الشرعي ونحن نقول لايمكن ان يعرف العقد بما ان حقيقة العقد عند المتعاقدين فيشمل الباطل والصحيح هذا بالنسبة لتعريف الفقه السني للعقد

الفقه الامامي: الآن ناتي الى تعريف العقد عند الامامية في الفقه الشيعي

هنا تعبير المحقق الاصفهاني تعبير دقيق (العقد قرار مرتبط بقرار آخر) سواء كان هذا العقد بيع اجارة مزارعة مضاربة شركة، والعهد (العهد هو قرار وجعل).

اذاً العقد والعهد يتصادقان في مورد القرار القرار المرتبط بقرار يسمى عقد والقرار لوحده هو العهد، اقول لله علي ان افعل كذا اذا شفي ولدي هذا عهد فالعقد عند الشيخ الاصفهاني هو قرار مرتبط بقرار آخر اما العهد فهو عبارة عن القرار والجعل فالعقد والعهد متصادقان في القرار المرتبط بالاخر لان حيثية القرار موجودة والقرار هو عهد فحيثيه القرار في القرارالمرتبط بالاخرحيثية عهدية و حيثية الارتباط قرار مرتبط بقرار آخر، فاذا كان قرار فقط فهو عهد واذا قرار مرتبط بقرار فهو عقد فيتصادقان في القرارالعهد قرار والعقد قرار ايضا ولكن العقد مرتبط بقرار آخر.

وهذا العقد الذي تكلمنا فيه هو اصطلاحي فالعقد اخص من العهد لان العقد الاصطلاحي قرار مرتبط بقرار اما العهد مطلق القرار من دون تقيده بالارتباط بقرار اخر فالعهد اوسع من العقد، والعهد قد يكون منصبا من المناصب كالامامة والخلافة «اني جاعلك للناس اماما» فهذا عهد وقرار وقد يكون العهد في التكاليف «وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين ...» فهذا تكليف.

اذاً العهد قد يكون منصب وقد يكون في التكاليف وقد لايكون العهد في المنصب ولا في التكاليف اذاً اعم من العقد الاصطلاحي الذي هو قرار مرتبط بقرار آخر.

فالعقد الاصطلاحي اخص من العهد لان العهد ياتي في المناصب وياتي في التكاليف بينما العقد الاصطلاحي لاياتي في المناصب بل ياتي فقط في التكاليف التي هي احكاما وضعيه فالعهد اعم هذا في الاصطلاح.

لكن من الناحيه اللغويه يكون العقد اعم من العهد الذي هو القرار لان العقد ربط شيئ بشيئ اما العهد يرتبط لكن يرتبط بما تعلق به فالعقد لغة يشمل عقد الحبل هذا الجانب بهذا الجانب بينما العهد يرتبط بما تعلق به ولا يشمل ربط الحبل فالعقد من الناحية اللغوية اعم من العهد واعم من القرار لان العقد هو ربط شيئ بشيئ فيكون ربط الحبل بينما العهد مرتبط بما تعلق به.

اذاً كل عهد وقرار فهو عقد لانه مرتبط بما تعلق به فالعهد هوعقد لكن ليس كل عقد عقدا وقرارا مثل غقد الحبل فعقد الحبل ليس عهدا او قرارا.

اذا الان نحن نقول العقد كما فسره المحقق الاصفهاني قرار مرتبط بقرار اخر اذا تنطر الي العقد من الناحيه الاصطلاحية يكون اخص من العقد لان العهد يكون في المناصب والتكاليف والوضعيات اما في العقد الاصطلاحي فهو اخص لانه قرار مرتبط بقرار.

اما من الناحية اللغوية فهو اعم لانه يشمل ربط الحبل بحبل اخر لان العقد هو ربط شيئ بشيئ وعلى هذا التعريف الذي هو تعريف المدرسه الامامية فهل عقود الاذعان عقود او ليست عقود؟

نقول على هذا تكون عقود الاذعان عقودا حقيقية لان قرار المتعاقد (صاحب الشركة) ارتبط بقرار المذعن سواء كانت هذه العقود صحيحة ام باطله المهم انطباق عنوان العقد عليها عند الاماميه ونقول هنا نعم ينطبق عنوان العقد عليها عند الامامية لان العقد عند الاماميه هو قرار مرتبط بقرار وهنا المتعاقد صاحب الشركة الذي يبيع او يقدم خدمة (آخذ العين واقدم له ثمن) فقراره مرتبط بقراري، سواء كان القرارهذا صحيحا او باطلا لاننا الان بصدد بيان انها عقود وليست قوانين ففقه الوضعي قال انها عقود حسب تعريفه للعقد (توافق ارادتين على انشاء التزام) فتوافق الارادتين هنا موجود (ارادة الشركة وارادة المذعن).

اما في الفقه السني فقد توقفنا حسب تعريفهم فهو تعريف باطل.

اما في الفقه الامامي فان تعريف الفقه الامامي للعقد يقول العقود الموجودة في الخارج المسماة بعقود الاذعان او الانظمام هي عقود لان قرارالمذعن مرتبط بقراري(سواء كان قرار المذعن صحيحا اوباطلا).

هذا التعريف الامامي لا يشمل الوعد الذي كان الفقه الوضعي يشمل الوعد وهو توافق ارادتين على انشاء التزام فهذا قد يكون وعدا اما هنا قرار مرتبط بقرار ولا يوجد وعد فالتعريف الامامي لا يشمل الوعد الذي كان مشمولا بتعريف الفقه الغربي.

ثم ان تعريفنا للعقد مستبطن للايجاب والقبول الذي نحتاجه في البيع والاجارة والمزارعة والمضاربة وفي الشركة وفي كل حقل نحتاج الى الايجاب والقبول تعريف المدرسة الامامية مستبطن للايجاب والقبول اوسع من بعت وقبلت اوبعت واشتريت بل ايجاب وقبول (آجرت قال الاخر قبلت وهكذا).

فتعريفنا مستبطن للايجاب والقبول بمعنى اوسع من مثل بعت وقبلت او بعت واشتريت لانه يشمل مطلق القرار المرتبط بقرار سواء كان بيع او اجارة او مزارعة اوشركة.

اذاً فهذا التعريف لايشمل الوعد فهو تعريف للعقود والوعد الخارج عن العقد لايشمل التعريف ويستبطن الايجاب والقبول لانه يشمل مطلق القرارين المرتبط احدهما بالاخر وايضا يشمل القرارين اللفظين والفعلين اي يشمل المعاطاة لا يقتصر على العقود اللفظية.

فالخلاصة ذكرنا تعريف الفقه الغربي للعقد وتعريف للسنة وتعريف الامامية اما تعريف الفقه الغربي وتعريف الاماميه يقول ان هذه العقود الموجودة في الخارج هي عقود فقط تعريف الفقه السني لايمكنه ان يقول ان هذه الموجودة في الخارج هي عقود لانه فسر العقد بالعقد الصحيح ونحن الى الان لم نثبت ان هذا عقد صحيح لم نثبت انه عقد او قانون.

اذاً تعريفان تعريف غربي وتعريف اسلامي على الطريقة الامامية تقول ان عقود الاذعان عقود ليست صيغة قانونية اخذت شركات الاحتكار الناس باتباعها اذاً هي عقود، ثم يمكننا ايضا ان لانرجع الى تعريف العقد ونقول انه توجد ملاحظات بعقد الاذعان نراه لايختلف عن بقية العقود فنحكم بانه عقد لوجود سماة في عقود الاذعان لا تختلف عن سماة العقود الاخرى فما دامت سماة العقود موجودة في عقود الاذعان اذاً هو عقد ولا نحتاج الرجوع الى التعريف ونرى التعريف هل يدخل فيه عقود الاذعان او لا يدخل فيه.

علامات: فهناك علامات للعقود موجودة في عقود الاذعان فان اكثر العقود فيها اذعان فمثلاً اذاكان البايع قويا ووضع على هذه السلعة ثمنها ولا يقبل المناقشة وذكر اني متبرأ من عيوبها (كالبسكويت) اي سلعة غير ضرورية، فنقول هذا عقد صحيح فعقود الاذعان اذا كانت ذات قوانين فلنقل ان لبيع البسكويت قانون ، كلا لا احد يقول ان هذا قانون ولا احد يعترض عليه ومع ذلك لا يقال له عقد اذعان اذاً الاذعان موجود في بقية العقود هذا اولاً .

وثانيا ان عقود الاذعان ضررها اقل من العقود الاخرى التي يضطر اليها احد الاطراف لان عقود الاذعان الايجاب واحد من كل الناس فلايستطيع خداعك او التدليس عليك ولا يستطيع غبنك اما اذا احتجت الى اجراءعملية جراحية لزوجتك وعندك فرش قيمته مليون دينار وانت مضطر وقد علم المشتري بذلك ولم يدفع لك اكثرمن اربعمائة دينارفي حين ان عقود الاذعان لايوجد فيها هذا التحكم والاستغلال فعقود الاذعان اقل خطراً من العقود التي نضطر اليها ونحكم بانها صحيحة، ثم عقود الاذعان لايكون فيها صاحب الشركة محتكرا بل ان الامر تابع للظروف الاقتصادية المحيطة به فهي التي تملي الشروط لا هو كي نقول له محتكر فالظروف الاقتصادية تملي عليه الشروط وليس هو الذي يملي شروط العقدعلى الطرف الاخر.

رابعا المحتكر قد يكون في عقود الاذعان اضعف من المستهلكين اذا تجمعوا فاذا تجمع المستهلكين وعددهم مثلا مائة وخمسون شخصا ويقولون له اما ان ترفع الشروط او ان نقاطعك فهنا المستهلك اقوى ويرفع المحتكر يده عن شروطه فهذه السماة الموجودة في بقية العقود موجودة في عقود الاذعان فنحكم ان عقد الاذعان هو عقد وليس قانون

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo