< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا في ما تقدم ان النظرية الاسلامية في الشروط عامة لكل شرط في العقد، سواء كان هذا الشرط لتعويض الضرر الحاصل المضمون على فاعل الضرر او كان هذا الشرط غير مرتبط بضرر قد حصل من احد الطرفين، ما قلناه من ان النظرية الاسلامية تعترف بكل الشروط وتقول بوجوب العمل بكل شرط سواء كان هذا الشرط لتعويض الضرر او لم يكن هناك ضرر اصلا ولكن شرط في العقد انه اذا تاخر صاحب البيت الذي باعه من تسليمه يدفع شيئ من المال فاذا تاخر ولم اتضرر انا فيجب عليه ان يدفع ما اشترطنا عليه، وهذا مشروط بان يكون الشرط في العقد صحيحا كأن يكون مقدورا ومعقولا وان لا يكون ضرريا وغيرها، وان هذه الشروط في العقد لاتكشف عن سفه احد المتعاقدين والا فان الشروط اذا كشفت عن سفه احد المتعاقدين فيبطل الشرط فالنظرية الاسلامية تعترف بكل الشروط في العقود سواء لتعويض الضرر او ليست لتعويض الضرر ولكن بشرطين، الاول: ان تكون شروط صحة الشرط موجودة، ثانيا: ان لايكون الشرط كاشفا عن سفاهة احد المتعاقدين فالعقد باطل للسفاهة فيبطل الشرط.

قلنا ان الفقه الغربي قال بامكان ان يزاد الشرط في حالتين الاولى تقدمت وهي اذا اثبت الدائن ان المدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما فعندها يطالب بالضرر لان الذي قدر كشرط جزائي على الخطأ هو عادي ومتعارف.

الصورة الثانية: قد زاد الفقه الغربي شيئ في الشرط الجزائي، وهي ان ابيعك شيئ واشترط عليك شرطا جزائيا، فلو اخرت تسليمك الدار فادفع لك عن كل يوم ربع دينار عراقي وهذا في الحقيقة يريد ان يعفي البائع عن المسؤلية لانه اتفق على شرط جزائي لا قيمة له فالقاضي له الحق في التدخل حسب الضرر الذي لحق المشتري، وهذه الزيادة في الشرط الجزائي جائت في الفقرة 217 من القانون المدني المصري تقول هذه المادة: يقع باطلا كل شرط يقضي بالاعفاء من المسؤلية المترتبة على العمل غير المشروع، اذاً اتفاق الطرفين على اعفاء المدين من مسؤليته التقصيرية هذا الأتفاق يكون باطلا لو تم، وذلك لمعارضته للنظام العام، وقال السمهوري وكما لا يستطيع الطرفان ان يبرما هذا الأتفاق بطريق مباشر كذلك لا يستطيعان ابرامه بطريق غير مباشر بان يتفقا على شرط جزائي يكون من السفاهة بحيث يكون المقصود به ان يصل الى اشتراط اعفائه من مسؤليته التقصيرية ففي هذه الحالة يجوز للقاضي ان يحكم بتعويض ازيد بكثير من التقدير التافه الذي ورد في الشرط الجزائي لاجل تطبيق القواعد العامة للتقدير القضائي للتعويض،فربع دينار هو تقدير جزائي تافه فيتدخل القاضي لاجل زيادة الشرط الجزائي.

هنا بالنسبة للاعفاء من المسؤلية التقصيرية، يقول النص: يقع باطلا كل شرط يقضي بالاعفاء من المسؤلية المترتبة على العمل غير المشروع، والمسؤلية التقصيرية هي الفعل الضار بان تفعل فعلا ضاراً بي وانقصت ماليتي فانت مسؤول، فاذا اتفقنا ان اعفيك من المسؤلية التقصيرية فهذا باطل ولايجوز، وهذا الاعفاء قد يكون مباشرا وقد يكون غير مباشر وذلك بان نتفق اذا ضررتني في بيتي فتعطيني دينار عراقي فهذا الاتفاق باطل لانه خلاف النظام العام، فاذاً الاعفاء من المسؤلية التقصيرية وهي الفعل الضار فالاعفاء من المسؤلية التقصيرية يقول القانون ببطلانه فقد يكون مباشرتا وبنص صريح وقد يكون بشرط تافه وهنا للقاضي التدخل.

نحن نقول ان هذا الكلام ليس صحيحا على اطلاقه وليس باطلا على اطلاقه.

المسؤلية التقصيرية

اولاً: قد تتحقق المسؤلية التقصيرية في الخارج من احد الطرفين والثاني يقول له عفوتك من المسؤلية، فبعد حصول المسؤلية التقصيرية، فهل يجوز للمتضرر اعفائه عن الضمان او تخفيض المسؤلية التقصيرية؟ نعم يجوز الاعفاء عن المسؤلية التقصيرية فانه صار ضامنا واقول له ابرأتك لان هذا احسان امّا بكل المبلغ او بنصفه او يكون بصلح، فاذا صدر من شخص خطأ فسبّب ضرر على الاخر فللمضرور اعفاء المسؤل من الضمان فيكون قد تنازل المضرور عن حقة كما للمضرور ان يتفق على تعويض اقل فيكون قد أعفاه عن بعض الضرر، وقد وردت روايات وآيات قرانية تدل على جوازه (وان تعفوا اقرب للتقوى) فهذا عفو وهو احسان، فلماذا يكون الاعفاء عن المسؤلية التقصيرية باطل، فان المسؤلية التقصيرية اذا حصلت فللمضرور الاعفاء او تخفيف الضمان.

ثانياً: الاعفاء من المسؤلية التقصيرية او تخفيضها قبل تحقق المسؤلية التقصيرية، وهذ يمكن اذا عرفنا المضرر من الاول، كما اذا كان سباق للسيارات وعرفنا ان هذا من المحتمل ان يضرر الآخر في السباق فالمسؤلية التقصيرية ستحصل في المستقبل، فهنا يتفقون فيما بينهم انه اذا فعلت فعلا ضارا عليك فاعفني والآخر كذلك يقول للاول، ومثال آخر: من المحتمل ان تؤثر حديقة هذا الجار على الاخر فيتفقان على الاعفاء عن المسؤلية او تخفيضها، وكذا في العقود اذا اشترط احد الطرفين على اعفائه من المسؤلية التقصيرية او تخفيضها، لكن هنا جاء القانون المدني المصري وجرى عليه القضاء المصري والفرنسي وقال انه لا يجوز التنازل عن المسؤلية التقصيرية التي تحصل في المستقبل، في العقود قالوا نعم في العقود ان مخالفة بنود العقد وعدم تنفيذ المدين لالتزاماته الناشئة من العقد بعمد او بدون عمد، فهنا قالوا يمكن ان يتفقا على الاعفاء لكن في المسؤلية العقدية قالوا يمكن ان يتفقا على الاعفاء لكن في المسؤولية التقصيرية لا يمكن الاعفاء للمستقبل.

نحن نقول ان المسؤلية التقصيرية تارة تكون المسؤلية على الجسم عمدا فهنا لايجوز الاعفاء عنها قبل حصولها وهذا نقول به ايضا، نعم بعد ثبوتها يجوز الاعفاء، لكن الكلام قبل حصول المسؤلية التقصيرية فالاعفاء لايجوز لانه يخالف النظام العام باعتبار ان النظام العام لايجوز الاعتداء على الاخرين فالاعفاء قبل الفعل كأنه تشجيع على العمل غير المشروع، كذلك اذا كانت المسؤلية التقصيرية مترتبة على عمل غير مشروع كما يقول له اذا غششتني في البناء فاعفوك عن المسؤلية التقصيرية فهذا باطل ولا يجوز الاعفاء عنه لانه يخالف النظام العام الذي يحرّم الغش ويعاقب عليه وهو تشجيع على الجريمة، لكن اذا كانت المسؤلية التقصيرية تلحق المال لا الجسم ولم تكن عمدية ولا تقصيرية فهنا يجوز الاتفاق عليها واعفائها او تقليلها فهذا لا مانع من اعفائه ولايضر بالنظام العام ولا يساعد على الغش، بل هناك دليل على جوازه كما في اجراء العمليات الجراحية فيأخذ الطبيب البرائة من الضمان اذا تحقق خطأ غير عمدي فامضي بانه بريئ من الضمان، فالاعفاء باطل فيما اذا حصلت مسؤلية تقصيرية وانا اعفيك فهذا صحيح واحسان، ثانيا اذا كان الاعفاء قبل حدوثها في المال ودون تعمد فهذا ايضا جائز ،وباطل فيما اذا كان الاعتداء في المستقبل على الجسم او غش في المستقبل او كان العمل غير مشروع في المستقبل ومع ذلك اعفيك فهذا غير جائز لانه يشجع على الجريمة والاعتداء، فالفقرة التي تقول ان الاعفاء عن المسؤلية التقصيرية ليس صحيحا على اطلاقه وليس باطلا على اطلاقه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo