< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا ان الشرط الجزائي لا يمكن ان يكون صحيحاً في الدين وفي العقد القرضي فاذا اقترضت من شخص على ان اسدد له في اول شهر رمضان ليس له ان يشترط علىّ شرطا جزائيا، بان يقول اذا لم تسدد في اول شهر رمضان فعليك ان تدفع زيادة على المبلغ لانه يؤدي الى الربا، والروايات قالت (المسلمون عند شروطهم الاّ شرطاً أحل حراماً) وهذا الشرط يحلل الربا اذا الشرط الجزائي اذا كان محللا للربا فيكون باطلا.

هذا الكلام طبقناه على السلم وكل العلماء شيعة وسنة قالوا ان المبيع السلمي دين في ذمة البائع لأنه كلي والكلي في ذمة الانسان هو دين، فاتفق العلماء على ان السلم هو دين في ذمة البائع، والكلام في عقد التوريد والاستصناع، فهل عقد التوريد وعقدالاستصناع ايضا يكون البائع مدينا بمايورده من سلع، او ان عقد التوريد فيه التزام وليس بدين لأن عقد التوريد الثمن مؤجل والمثمن ايضاً مؤجل وهذا بخلاف السلم فان الثمن يقدم ومع تقديم الثمن فقد ملك المشتري شيئا في ذمة البائع فهو دين على البائع فاذا اشترط الزيادة في عقد السلم لو تأخر البائع فهذا شرط ربوي، لكن في عقود التوريد ليس الثمن مقدماً وانما اذا دفع البائع ربع البضاعة فيدفع له المشتري ربع الثمن ومتى دفع الربع الثاني فيدفع له الربع الآخر من الثمن وهكذا، فالمشتري صار يطلب المصّدر والمصّدر هل اصبح يطلب المشتري بالثمن او هنا لا يوجد دين والموجود هو التزام في مقابل التزام وليس كل التزام دين، ونحن ندعي انه لمّا تمّ عقد التوريد بين الطرفين اصبح على البائع التزام بدفع شيئ كلي في ذمتة وهذا الكلي في ذمته هو دين، اصبح على المدين التزام بدفع شيئ في ذمته وليس هو شيئ خارجي فهو دين لانه كلي فكل كلي غير معين في ذمة الآخرين هو دين، بالنسبة الى الاستصناع نقول اما انّ المستصنع الذي يريد صناعة شيئ قد دفع الثمن باكمله فاصبح البائع مديناً بشيئ كلي ولايوجد شي خارجي فاصبح البائع مديناً بتسليم البضاعة الكلية الموصوفة لان المشتري دفع المبلغ باكمله، واذا قلنا ان المشتري لم يدفع وانما يدفع حين تسلّم البضاعة فهنا أيضاً نقول ان البائع قد التزم بتسليم بضاعة كلية موصوفة باوصاف معينة فهو مدين لهذا، وايضا المشتري اصبح مديناً للبائع لانه يجب عليه دفع كذا مبلغ من النقود ليست شخصية ولا خارجية بل هي كلية في الذمة فهو مدين، فالاستصناع والسلم والتوريد كله لا يجوز فيه الشرط الجزائي لانه ربا، ونحن نعلم ان الشرط الجزائي اكثره في الاستصناع والمقاولات التي لاتكون على العمل فقط بل تكون على العمل والمواد، نعم اذا لم يعمل المستصنَع الذي وجب عليه الصنع لم يعمل بحذافير العقد اصلاً فهنا يجوز ان يكون الشرط الجزائي نافذا لانه لم يكن قد حصل على شيئ مع زيادة في مقابل الأجل فالشرط الجزائي على عدم التنفيذ، والشرط الجزائي على عدم التنفيذ اصلاً جائز، واما الشرط الجزائي على تأخير تسليم البضاعة او المسلم فيه او المستصنع على التأخير فهو ربا اما اذا لم يعمل بالعقد اصلاً فالشرط الجزائي صحيح وهذا الذي قلناه.

ولكن مجمع الفقه الاسلامي المنعقد بدورته السابعة بجدة، قال: الاستصناع يجوز فيه الشرط الجزائي اذا تخلف المستصنَع عن الصناعة لالضروف قاهرة وانما لتقصيره وخطأه، وقد قلنا سابقا ان هذه الفتوى بهذه الصورة المطلقة غير صحيحة لانه عندما يقول يجوز في عقد الاستصناع الشرط الجزائي فتارة يكون المتخلف هو المشتري الذي لم يدفع الثمن في وقته فهو مدين بالمبلغ لأن هذا الاستصناع يختلف عن عقد السلم ففي عقد السلم اشترط العلماء ان يكون الثمن المدفوع مقدما اما في عقد الاستصناع يجوز ان يكون الثمن نجوما واقساطا، وقلنا حتى في عقدالسلم لو فرضنا تقسيط الثمن فهذا لايصدق عليه عقد السلم لأن عقد السلم يشترط ان يكون الثمن متقدما وهنا لم يتقدم الثمن، ولكن هذا عقد في الخارج يشمله (اوفوا بالعقود) ولو لم يسمى سلماً. فالاستصناع يختلف عن السلم وان قلنا في السلم يمكن تصحيح عقد يكون الثمن فيه نجوما ويكون تسليم المثمن بعد مدّة ولكن لا يسمى سلماً، اذا هذه الفتوى في جواز الشرط الجزائي في عقد الاستصناع ولم تقل في تأخر المستصنَع اذاً قد يتأخر المستصنِع في دفع الثمن وكان الشرط جزائي فالفتوى تقول في الشرط الجزائي في تأخر المستصنِع عن دفع الثمن يكون ربا وهذا غير صحيح، فلابد ان تكون الفتوى واضحة الدلالة على شيئ معين ولا تكون شاملة على مالايقصدون، ثم اذا اخل الصانع بالتزامه فان كان اخلاله بتأخير تسليم المستصنَع فيقولون عليه شرط جزائي مع ان تسليم المستصنَع دين في دمته لانه كلي وغير مشخص فاذا تأخر في تسليمها على نفس المواصفات فهو الكلي الذي في ذمته فالشرط الجزائي يكون ربا لانه تاخير الدين واخذ شيئ في مقابل تاخير الدين هو الربا، نعم لو اخل الصانع بالتزامه بعدم تنفيذ العقد اصلا فالعقد الجزائي يكون صحيحاً فتكون الفتوى صحيحة في هذا الشق، فالكلام في عقد التوريد كالكلام في عقد الاستصناع لانه دين في ذمة المصدّر.

فالشرط الجزائي لا يجوز في عقد السلم ولا في عقد التوريد ولا في عقد الاستصناع، ولكن هناك من فصّل بين تخلف الصانع في تأخير تسليم المستصنَع وبين تخلف المدين في السداد في السلم فقد اجاز الشرط الجزائي في الاول وهو تخلف المستصنَع (الصانع) في التسليم فهنا يقول يصح الشرط الجزائي عليه بينما في السلم قال لا يصح.

البروفسور السوداني الضرير له كتب مهمة، فصّل بين تخلف الصانع في تأخير تسليم المستصنَع وبين تخلف المدين في بيع السلم فاجاز الشرط الجزائي في الاستصناع اذا تأخر المستصنَع دون الثاني، بحجة ان المبيع المستحق تسليمه في اجل معين هو ضرب من الالتزام واما كون هذا الالتزام مساوياً للدين فهو غير مسلّم أي هو ينفي التسليم ولا ينفي الاحتمال ام الالتزام اعم من الدين فكل دين هو التزام وليس كل التزام ديناً والالتزام في عقد المقاولة ليس ديناً وانما هو التزام باداء عمل، وهذا الكلام منه في غير مورد البحث لأن كلامنا في الاستصناع اي عمل ومادّة بينما هو ذهب الى المقاولات التي هي اعمال فقط وقلنا ان المقاولات صارت اجارة وفيها يصح الشرط الجزائي، فكلامه غلط لان الكلام في العمل والمادة وليس في العمل فقط كما قال،ثم يقول (والمقاول قد يكون دائنا لا مدينا في كثير من الحالات) باعتبار انه يسلم العمل ويستلم الثمن بعد مدّة، نعم هو دائن بالثمن ولكنه في نفس الوقت قبل تسليم البضاعة مدين بالبضاعة لانها موصوفة، قال (والفرق كبير جداً بين التزام المقاول والمورّد) فالمقاول قد التزم بعمل بينما المورّد قد التزم بمادّة والتزام المقترض والمشتري بثمن مؤجل فهو مدين ويريد ان يخرّج المقاول والمورّد من تحت الدين بخلاف المشتري نسيئة والبائع بسلم فمدين.

نحن نقول ما هو ميزان تحقق الدين فعندما اشتري منك دارا فهنا يجب عليك التسليم لكنه ليس بدين لانه عين خارجية، فيجب عليك تسليم البيت وانه يجب علىّ تسليم الثمن الخارجي فهما ليسا دين، اما اذا اشتريت شقة باوصاف معينة وبثمن كلي فهنا قبل الموعد المحدد انا أطلبك شقة وانت تطلب ذمتي فيجب عليك التسليم وانت مدين وانا ايضا يجب علىّ تسليم الثمن وايضا مدين، وفي السلم يجب عليك دفع مائة طن من السكر فانت مدين وقبل مجمع الفقه الاسلامي وقبل الضرير ان المثمن في السلم هو دين لانه كلي وليس خارجيا وفي الاستصناع ملك المستصنع في مقابل دفع المال شيئا كليا غاية الامر الفرق بين السلم والاستصناع ان السلم له مثل في الخارج والاستصناع ليس له مثل في الخارج فيكون السلم دين وله مثل في الخارج والمستصنَع يكون دين وليس له مثل في الخارج فهو دين قيمي، اذاً نحن الى الآن لم نجد فرقاً بين السلم وبين المستصنَع فكلاهما يستحقان التسليم في أجل محدد وكلاهما قد يكون الثمن مقدم ففي السلم قد يكون الثمن مقدم وفي الاستصناع المستصنِع يدفع الثمن مقدم واذا دفع الثمن مقدم فيملك في ذمة الآخر واذا لم يدفع فكل ملك في ذمة الآخر فهو عقد جديد شمله (اوفوا بالعقود) وان لم يكن عقد سلم، فالسلم والاستصناع كلاهما يستحقان التسليم في اجل محدد وكلاهما قد يكون الثمن مقدما.

على كل حال كل ملك في ذمة الاخر شيئا وهو معنى الدين، فالدين ما وجب دفعه وليس خارجيا مشخصا بل هو في الذمة، فالفتوى في جواز الشرط الجزائي في تأخير المستصنَع الى الأن غير صحيحة لانها عبارة عن (اتقضي ام تربي وهو ربا الجاهلية) فلابد من دفع البضاعة اول شهر رمضان فهل تدفع ما عليك من الدين او تعطي شيئ في مقابل التاخير وهذا هو الربا وهو ربا الجاهلية، اذا فالفرق الوحيد الموجود بين السلم والاستصناع ان بضاعة السلم دين ولها مثل في الخارج والمستصنع دين ولكنه ليس له مثل في الخارج.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo