< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا يوجد مسلك من اهل السنة ذهب اليه ثلاثة من علمائهم وشيوخهم يدعون بان الشرط الجزائي في الديون المتأخرة جائز ونحن نعلم بان الشرط الجزائي في الديون هو الربا بعينه ولكن هؤلاء ذكروا ادلة متعددة على دعواهم، ذكرنا بعضها في الدرس السابق، والآن نذكر بقية الادلة، فنقول:

الرابع: روايات جمعت بين الدليل الاول والثاني وهي روايات مطل الغني ظلم ويحل عرض المماطل وعقوبة المماطل، يقول عبد الله بن منيع وهذا حديث صحيح، وعن عمر بن الشديد عن ابيه عن النبي انه قال ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته وقد رواه اكثر اهل الصحاح وقال احمد ابن حنبل اي ان شكايته صحيحة وقال القرطبي لومه، اذاً قال ابن منيع يستخلص من هذا الحديث ان لي الواجد يحل عرضه اي لومه وشكايته وعقوبته اي حبسه مع انه قال لماذا نفسر عقوبته بالحبس والتعزير فان الحبس والتعزير هما من مصاديق العقوبة بل لنفسر العقوبة بمصاديق اخرى كالشرط الجزائي والغرامة المالية هذا ماقاله ابن منيع فيقول ان اهل العلم فسروا العقوبة بالتعزير ونحن نقول لا داعي لتفسير العقوبة بالتعزير لان العقوية يراد منها الزجر والردع ودفع الظلم بما يقابل الضرر، فيقول ان حل العرض هو التشهير به في المجامع التجارية بانه سيئ المعاملة اما حل العقوبة فنفسره بتفسير اعم مما قاله الفقهاء من الحبس والتعزير وهو ان يشتكي الى ولي الامر والقاضي والحاكم الشرعي نتيجة مطله فالحاكم الشرعي يتوسل الى ارجاع الحق الى صاحبه بأي وسيلة فقد يكون الحبس وقد يكون التعزير وقد يكون الشرط الجزائي.

نحن نقول: انت فسرت العقوبة بتفسير خارج عن التفسير المتقدم للعقوبة وهو التعزير والحبس فلماذا لم تفسر حل العرض بالشتم والسب مع انك فسرت العقوبة المالية بشيئ آخر غير ما قاله الفقهاء فلماذا لم تفسر حل العرض بالشتم فانه قد يجيب ويقول ان السب والشتم حرام فنقول له ان الغرامة المالية هي حرام ايضا لانها ربا والربا حرام.

الخامس: ابن القيم وكذا ابن تيمية ذكروا ان التعزير بالعقوبات المالية في مواضع مخصوصة جائز في مذهب مالك واحمد وهو احد قولي الشافعي وحكاه الشوكاني مذهبا لاهل البيت ان التعزير بالعقوبات المالية في مواضع مخصوصة جائز كما يقول حتى عند اهل البيت وهو مروي عن ابي يوسف صاحب ابي حنيفة وهذا التعزير بالعقوبات المالية ذكره ابو زيد وهو من هيئة كبار العلماء عن ابن القيم من كتابه الطرق الحكمية ثم يقول ان النبي قضى اقضية متنوعة واصحاب النبي قالوا الذي عنده خمر يكسر اناء الخمر ويشق ضروفها ان لم تكن من الخزف بل كانت من الجلد، ومسجد الضرار امر النبي بهدمه ومن كان يبيع باسعار مرتفعة يحرق متاعه والذي يسرق شيئا ليس فيه حد قطع اليد اي كما لو سرق اقل من ربع دينار فلاتقطع يده بل يؤمر باعطاء ربع دينار اي تغريم السارق الذي سرق شيئا لا يوجب قطعا تغريمه ضعف ما سرق اي اضعاف الغرم على سارق مالاقطع فيه من الثمر واحراق المكان الذي يباع فيه الخمر فهذه غرامة وكذا امثال هذه الامور يقول انها ثابتة عن النبي، واقضية متنوعة باتلاف اناء الخمر واحراق المتاع لمن يبيع بسعر مرتفع والسارق يحكم عليه بضعف ما سرق لو لم تبلغ القطع فالعقوبات المالية هي من صنف التعزير فيقول ان العقوبات المالية نراها مختلفة، فالعقوبة المالية تارة اتلاف مال الغير وتارة العقوبة المالية تغيير مال الغير كما في الصنم والصليب وقد تكون العقوبة المالية تمليك كما فيمن سرق مالا قطع فيه،لذلك يقول التمليك مثل ماورد عن ابي داود وغيره من اهل السنن عن النبي فيما سرق من الثمر المعلق قبل ان يؤوية الجرين، والجرين هو موضع الثمر الذي يجفف فيه والجمع جرن فهنا قالوا ان عليه جلدات نكال وتغريمه مرتين وهذا موجود في فقههم والذي سرق من الماشية قبل ان تاوي الى المراح فهو عليه جلدات نكال وتغريمه مرتين، اذاً ذكروا امثلة كثيرة للغرامات المالية وهذا كله في جانب كون الغرامات المالية في مواضع مخصوصة، نعم قال به اهل البيت وقال به احمد وغيرهم ثم اقضية متنوعة في موارد خاصة ككسر اناء الخمر وشق ظروفها ومسجد الضرار وتحريق محل الخمر والذي سرق مالا قطع فيه يغرم مرتين هذا كله في جانب، ثم جاء الى موردنا وهو المماطل الغني الذي لا يعطي الدين فقال ان هذا مستحق للعقوبة لمطله حق غيره لانه ظالم وقد رتبوا عليه ان هذا المطل يستوجب ضمان ما فات من مطله من منفعة محققة او متوقعة او يقول قد ترتب على المطل نقص المال الممطول فيجوز ان نحكم عليه بغرامة مالية هكذا قال ابن منيع.

نقول: في الحقيقة ان الكلام الذي تكلمنا به عن احمد وغيره من انه توجد غرامات مالية في موارد مخصوصة فعليه لا يجوز تعديتها الى موارد اخرى كما في موردنا والذي هو عبارة عن الربا، لان اخذ الغرامة المالية من المدين حين مطله هو الربا وهو حرام فحينما جائت الغرامات المالية في موارد خاصة فلا يجوز تعديته الى غيره من الموارد، والأقضية المتعددة التي نسبت الى النبي والى الصحابة ايضا اقضية في موارد خاصة لا يمكن ان نعديها الى الموارد التي تكون فيها الغرامة المالية حرام وربا، فمن قال مثل ابن القيم وابن تيمية وما نسبوه لاهل البيت قد يكون صحيحا الا انه لا ربط له بموردنا فان موردنا المماطل لو اخذنا منه غرامة مالية يكون ربا جاهلي نتيجة التاخير (اتقضي ام تربي) فهذا الدليل الذي ذكره ابن منيع هو خلط بين احكام متعددة في موارد مخصوصة وسوقها الى مانحن فيه سوقا غير صحيح فنقول به في موارده ولا نتعدى فيها الى ماتكون الغرامة المالية فيه محرمة وربوية.

السادس: ان ابن منيع تعدى ذلك وقال ان الفقهاء يقولون ان الظالم لو شكلت عليه دعوى وكلفت الدعوى مبالغ على المظلوم فيقول ان هذه المبالغ تؤخذ من الغاصب الظالم، وهذا صحيح فان فتاوى الفقهاء تقول خسارة الظالم مايغرمة صاحب الشكوى فعندما يحكم له فسيحكم له بالبيت وعلى الظالم ما خسره المظلوم من الشكوى، فهنا ذكر كلمات الفقهاء، لو مطل غريمه اي مطل الدائن حتى احوجني الى الشكاية فما غرمه بسبب الشكاية يحكم عليه بالدين وما غرمته لاجل الشكاية، فما غرمه الدائن بسبب ذلك يلزم المماطل وهكذا قال ابن تيمية ولو غرم بسبب كذب عليه عند ولي الامر رجع به على الكاذب.

وفيه: ان هذه فتوى صحيحة ولكن لا ربط لها بما نحن فيه فان هذا ليس غرامة مالية وليس شرطا جزائيا لانه قد غرم شيئا فله ان يستوفيه وهذا لا ربط له بالشرط الجزائي وقد نقول به ايضا فما جاء به من دليل على مطلبه لا يتم.

السابع: وقال ابن منيع ومما تقدم يظهر لنا وجه القول بجواز الحكم على المماطل وهو قادر على الوفاء بضمان ما ينقص على الدائن بسبب مماطلته وليّه وان تضمن عقد الالتزام بالحق شرطا جزائيا لقاء المماطلة والّيّ بقدر فوات المنفعة فهو شرط صحيح.

ولكن: هذا هو يعني الربا فيقول اذا ماطل بحيث نقصت عليّ المنفعة او ماطل فنقص عليّ الدين بسبب مماطلته، بينما ما نحن فيه اذا ماطل فلا ينقص من الدين لانه كلي في الذمة والكلي في الذمة لا ينقص، فهو ياتي بأدلة وكلام لاينبغي أن يصدر من فقيه فقد جاء بادلة متعددة ويريد اثبات شيئ خارج عن هذه الأدلة.

اذاً ماقاله ابن منيع لا ينهض لتحليل الشرط الجزائي في الديون الذي هو عبارة عن قرض او بيع نسيئة او سلم فالشرط الجزائي فيها هو عين الربا ولا صحة لما ذهب اليه ابن منيع ومصطفى الزرقا والبرفسور السوداني الصديق الضرير.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo