< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/03/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مشاكل السوق الاسلامية.

 كنّا نتكلم في مشاكل السوق الاسلامية واول مشكلة عرضناها هي مماطلة الديّان في تسديد الديون، هذه مشكلة حقيقية في السوق الاسلامية وليست موجودة في السوق الربوية لان المماطل من سداد الديون يخشى من المماطلة لمضاعفة الدين الذي يؤخذ منه بحكم القضاء، اما في السوق الاسلامية بما ان الربا محرم حينئذ مماطلته في سداد الديون لاتزيده بما عليه في ذمته، فهو يماطل في سداد الديون وقد ذكرنا بعض العلاجات وقد قبلنا بعضها ولم نقبل بعضها.

المشكلة الاولى: هي ربط ارباح التجار والبنوك بسعر الفائدة فعندما يبيع السلعة يحسب الفائدة من قيمة السلعة فيبيعها بربح منسوب الى قيمة الفائدة وهذه مشكلة لان لها آثارا سلبية واول اثر سلبي لهذه المشكلة هو ان الناس والمجتمع يشكك في اسلامية هذه البيوعات المرتبط ربحها بسعر الفائدة لأن هناك شبهة تقول ان التاجر يعمل بالربا فياخذ نسبة الفائدة ويضيفها الى الثمن الذي اشترى به السلعة فكانه وضع ثمن السلعة في البنوك الربوية واخذ الفائدة عليها.

المشكلة الثانية: هو ان يضطر البنوك او التجار الى ان تباع السلعة مؤجلة بثمن بعضه معلوم مع فائدة الشهر الاول ان تاخر في الدفع شهرا، ومع فائدة شهرين ان تاخر في الدفع شهرين وهكذا، فيحتال بهذه الطريقة لاجل الحفاظ على سعر الفائدة التي يتوخاها وهي باطلة.

المشكلة الثالثة: ان الربح المعتاد في عالم التجارة بالنسبة للسيارت يختلف عن الربح المعتاد في الاسمدة والادوية ومواد البناء والمواد الغذائية، ولكن البنوك او التجار حينما يربطون الربح بالبيوع يربطونه بسعر الفائدة وارباح الفائدة لاتتغير بينما ارباح السلع تتغير فقد يكون ربح المواد الغذائية اربعين بالمائة وربح الاسمدة عشرين بالمائة وربح شئ آخر عشرة بالمائة فتختلف الارباح، ولكن البنوك عندما تبيع شيئا من الاشياء تربط البيوع بثمن الفائدة فهي ارباح لاتتغير وهذا اشارة الى ان التاجر او البنك حينما يبيع الشيئ فان قصده الاصلي هو اخذ الفائدة على ثمن السلعة وهو المراباة ولكنه تلبس بلباس البيع.

 ولكن لماذا يربط البنوك ربحهم للسلع بسعر الفائدة ؟

يوجد حل مقترح للتجار والمصارف لعدم ربط الفائدة بالمعاملات، وهو:

اولا: تقليص الصيغ التي تؤدي الى الديون فهناك تجار يمكنهم ايجاد صيغ للبيع هي ديون كان يبيع نسيئة او مرابحة الى اجل، وقد يؤجر او يبيع نقدا او يشارك او يضارب فهذه ليست ديون وفي هذه المعاملات التي لا تؤدي الى الدين فانه لايربط ربحه بسعر الفائدة، اما اذا تعامل معاملة دينية فانه يربط ربحة بسعر الفائدة، فالمقترح للتجار والبنوك هو الابتعاد عن الصيغ التي تؤدي الى الديون والتعامل في صيغ المشاركة والمضاربة والمزارعة والاجارة فهذه الصيغ لاتحتاج الى ربط السعر بالفائدة فالاقتراح هو الابتعاد عن الصيغ التي تؤدي الى الديون والاتجاه الى الصيغ التي لاتؤدي الى الديون، فيقوم البنك الذي يشتري الهوتيل ان يؤجره اجارة منتهية للتمليك فبعد المدة يكون الهوتيل ملك للمستاجر، فهنا لاحاجة لربط معاملته بالفائدة.

ثانيا: ان التاجر لايحق له ربط سعر السلعة بمستوى الفائدة، نعم لو تمكن من وضع المال في بنك ربوي فله ان يقول لو وضعت هذا المال في البنك الربوي لحصلت على هذه الفائدة بينما هذا غير متيسر للتاجر، فان لم يشتري السلعة فهو غير متيقن من انه سيضع المال في البنك الربوي حتى يربط سعر السلعة بسعر الفائدة، ومع هذا تبقى مشكلة البنوك الاسلامية والتجار المسلمين بحاجة الى ربط ربحهم بمؤشر ومعيار معين في البيوع الاجلة، بينما التاجر والبنك الربوي يربط ربحة بالفائدة والمصارف الاسلامية تحتاج الى ربط ربحها بمؤشر معين.

 ولكن ماهو المؤشر المعين

  نقول لايوجد في التشريع الاسلامي مؤشر معين للارباح بل عندنا كما ذكرنا سابقا عندنا مؤشر لقلّة الربح وقد ذكرنا روايات مفادها كراهة ان يربح الانسان ربحا كثيرا في ماله وتندب الروايات الى قلة الربح، لكن هل يمكن ايجاد مؤشر للربح بحيث يكون البيع الآجل على هذا المؤشر.

 نقول نعم يمكن ايجاد معيار ومؤشر للبنوك والتجار الاسلاميين، وهذا المؤشر يرتبط بنشاط السوق فان كان النشاط جيد فناخذ نصف الربح، يعني لو كان الربح في السوق عاليا أي بعض المعاملات ربحها ثلاثين بالمائة وبعضها عشرون وبعضها عشرة فنجمع الثلاثين والعشرين والعشرة فمجموعه ستون ونقسمة على ثلاثة فيكون مستوى الربح عشرون بالمائة هذا لوكانت السوق الاسلامية ربحها عالي، اما اذا كانت السوق الاسلامية ربحها منخفض كان يكون الربح في بعض المعاملات عشرة بالمائة وبعضها سبعة بالمائة وبعضها اربعة بالمائة فهنا نجمع العشرة والسبعة والربعة ونقسمه على الثلاثة فيكون الربح سبعة بالمائة وهذا يسمى متوسط الارباح، ويمكن ان نقول للمصارف عندما تبيعون بيعا آجلا اربطو ربحكم بمتوسط مستوى الارباح ولكن تبقى المشكلة هي هي ان لم يؤخذ بمستوى متوسط الارباح.

ثالثاً: عدم تقبل الناس لفكرة الخسارة في العمليات الاستثمارية، مثلاً نحن نريد ان نبتعد عن البيوع الاجلة فندخل في مضاربة او مشاركة مع العمّال وان قيمة المضاربة مبتنية على ان الاموال من اشخاص عشرة والعمل من اشخاص عشرة، هنا ان حصل ربح فهو حسب الاتفاق بين الاطراف وان حصلت خسارة فهي على رأس المال وقد خسر العمال عملهم وكذا الكلام في المشاركة، وعندما دخلت صيغة المضارية في البنوك الاسلامية دخلت كبديل للودائع المؤجلة.

 ولكن المشكلة هي ان صيغة المضاربة في البنوك تعتبر كالعائد الثابت المضمون ومعه فتنقلب عملية المضاربة الى القرض الربوي، ففي عملية المضاربة رأس المال غير مضمون والخسارة بالنسبة والاّ فهو اقراض للمال مع الضمان واعطاء الفائدة الثابتة ويتحول العقد من مضاربة الى قرض بفائدة وهو الربا، كما ان الربح في المضاربة غير معلوم فلو اشترط المضارب ضمان راس المال واشترط ربحا معينا فهو قرض بفائدة.

لو قيل: ان التقنية عالية بحيث يتمكن البنك ان يعين الربح من الاول بصورة دقيقة.

ولكن: هذا الظن لايصل الى مرحلة القطع واليقين ولايمكن تعينه الاّ في نهاية المدة، خصوصا في المضاربات التي لاتعتمد على البيوع الآجلة، كما لو اشترى بالمال سيارت نقدية ويبيعها مرابحة الى مدة والربح يكون اربعين فنصفه للعامل ونصفه لصاحب المال او ثلث وثلثين وغير ذلك فهنا يمكن معرفة الربح، ولكن هناك مضاربات لاتقتصر على البيوع الاجلة بل تكون في البيع والشراء والمشاركات الاخرى خصوصا على غير مذهب الامامية فان الامامية عندهم المضاربات في البيوع ولكن غيرهم لايرى المضاربات في البيوع فقط بل قسم منها اجارة ومنها مشاركة ومنها بيوع فيكون الربح غير يقيني، فمن يضع امواله في المضاربة يريد الحصول على الربح والمفروض ان الخسارة أيضا على المال، لكن التجارب الخارجية تدل على خلاف ذلك لان المضاربين الذين يضعون اموالهم في حوض السيولة عند المصارف لايقبلون ان يكون حساب الاستثمار لم يتحقق له ربح هذا العام، مع ان المضاربة قائمة على الربح وعدمه بل او خسارة ولهذه المشكلة آثار سلبية على السوق الاسلامية وخصوصا المصارف التي هي مصارف اسلامية، ففكرة الخسارة للاموال المضارب بها اذا علم بها او ظن بها فانه يبطل المضاربة ويسحب امواله فيضطر التاجر لاجل عدم سحب الاموال الاقتصار على مضاربات واستثمارات بالبيع الاجل ولايدخل في مضاربات تحتمل الخسارة والربح العالي بل يقتصر على البيع الاجل ومن مشاكل هذه العملية مماطلة المشتري في السداد وان هذه العملية ارباحها تكون قليلة.

 وهذه المشكلة لابد لها من حل والحل لهذه المشكلة ياتي الكلام عنه انشاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo