< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/11/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مرض الايدز

السؤال العاشر: هل يعتبر مرض الايدز مرض الموت

 فهل يمنع ويحجر المصاب بهذا المرض كالمريض بموت المرض الاّ في الثلث فانه يمنع من التصرفات التبرعية والمحاباتية أو لايعتبر كذالك

 فان المريض بمرض الموت ممنوع من التصرفات التبرعية والتصرفات التي تضر بالدائنين وتضر بالورثة وتصرفاته تنفذ في الثلث فقط لانه حق له اما الثلثين فهي للورثة وحق الدائنين قبل تقسيم التركة

 فهل مرض الموت يشمل مرض الايدز ايضا وهل تطبق هذه القاعدة عليه أو لا؟

والجواب: ان مرض الايدز عند دخوله للانسان فهو يكمن ويختفي ويقول الاختصاصيون ان هذه الفترة قد تطول عشرة سنوات أو اكثر ومعه فلا يقال له انه مريض بمرض الموت لان تصرفاته اعتيادية وطبيعية

 نعم في المراحل المتقدمة من العدوى تزول عنه المناعة فيتغير سلوكه ويصبح خرفا وتتصل هذه التغييرات من الاورام والخرف بالموت، ففي هذ الحالة تكون تصرفاته باطلة حتى غير التبرعية لأن العقل الذي هو شرط صحة المعاملة قد زال

 ومع حصول الخرف في هذا المريض فان تصرفاته جميعا بلا رشد ولاقصد فتكون معاملاته باطلة لانه سيكون سفيها ومعاملات السفيه باطلة

 الآن نرجع الى مدرسة العامة ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لمعرفة كون المصاب بالايدز مريض بمرض الموت أو ليس كذالك

مدرسة العامة

اولاً: الشافعي فسر مرض الايدز بالمرض المخوف الذي يتصل بالموت ولو لم يكن الموت سببه

والمناقشة فيه: اذا لم يكن المرض هو سبب الموت فكيف نعرف انه مرض موت

 مع انه ماهو الدليل على ان مرض الموت هو المرض المخوف فلارواية تدل على ذالك ولا شيئ آخر فان عبارة المرض المخوف غير موجودة في الروايات

ثانياً: عرف الدكتور نزيه حماد مرض الموت بانه لابد ان تكون فيه صفتان

 الاولى: ان يكون المرض مخوفا وفسر المخوف بانه يغلب الهلاك منه عادة

 ثم قال بان علمائهم قالوا لابد من المرض المخوف في حصول الموت، وقال ذكر النووي بان المرض المخوف هو الذي يخاف منه الموت لكثرة من يموت به، وقال ابن تيمية ان المراد من المرض المخوف هو ان يكون المرض سببا صالحا للموت فيضاف الموت اليه واقرب مايقال مايكثر حصول الموت منه فلا عبرة بما يندر وجود الموت منه

 الثانية: ان يتصل المرض بالموت سواء وقع الموت بسببه ام بسبب اخر خارجي عن المرض كقتل او غرق اوحرق او تصادم اوغير ذالك

والمناقشة لهذا التعريف: ان هذا القول لادليل عليه من الادلة التي ذكرت مرض الموت

 مع انه هناك تناقض بهذا الكلام فانه يقول وان حصل القتل بالحرق او الغرق وهذا معناه اننا لم نعلم انه مرض الموت

 ثم قال هذا الدكتور ما السبب في اشتراط الفقهاء اجتماع الامرين واعتبروهما مناط التعليل

 فقال لان قيام هاتين العلامتين يدل على ان المريض في حالة نفسية يستشعر فيها دنو اجله واقتراب منيته وانه مشرف على الموت مما يبعثه على ابرام تصرفات قد تضر بحقوق الدائنين وحقوق الورثة وذالك هو السبب في تقييد الشارع لتصرفاته التي تمس حقوق الدائنين والورثة وجعل احكاما خاصة لها بحسب نوع التصرف وما ينتج من اثار

 ثم قال وقد ادخل الفقهاء في حكم مرض الموت التحام القتال وكذا الاسير المحبوس اذا كانت العادة ان يقتل وكذا ركوب البحر مع هيجان البحر والامواج والريح العاصف وكذا المرأة الحامل عند الطلق في الازمنة السابقة فكل هذه الموارد جعلها مرض الموت

 ولكن هذا التوسع بلا دليل فان مرض الموت هو الذي يوجب التحجير، اما التحام القتال وطلق المرأة وهياج البحر في السفينة فكل هذه الموارد ليست مرض موت بل ليس بمرض اصلا

 فلايوجد دليل على التعريف الذي ينسبه الى الفقهاء بوصفيه وهو ان يكون المرض مخوفا وان يتصل بالموت فلادليل على هاذين

المدرسة الامامية

 هناك ثلاثة اقول في مرض الموت

الاول: ماقاله في القواعد ان مرض الموت هو مطلق المرض الذي يتفق الموت معه سواء كان مخوفا او لا

ويرد عليه: ان الادلة ذكرت الموت وهذا التعريف لاتساعد عليه تلك الادلة خصوصا مايظهر من اطلاق هذا الكلام من اتفاق الموت مع المرض ولو بغيره

الثاني: حكي عن الشيخ الطوسي بان المدار في مرض الموت هو المرض المخوف واختاره جامع المقاصد

 ثم من قال بهذه المقالة احتاج الى معرفة المرض المخوف فقالوا لابد من شهادت عدلين من الاطباء الذين هم من اهل الخبرة

 ثم حكى عن التذكرة الجزم بعدم قبول رجل وامرأتين او شاهد ويمين واحتمال قبول النساء اذا كان المتبرع امرأة ولم يطلع عليها غير النساء

 فكل هذه التفريعات على القائل بان مرض الموت هو المرض المخوف

والتعليق عليه: انه لايوجد في النصوص كلمة المخوف حتى يتجه هذا البحث بل من الواضح ظهور النصوص في دوران الحكم على حال لايحتاج تحققها عرفا الى امثال ذالك

الثالث: وقد ذهب اليه صاحب الجواهر وهو ان مرض الموت الذي يصدق عليه عرفا انه قد حضره الموت وان بقي اياما بل واكثر من الايام فهذا ليس له حد جامع لافراده لكن العرف وافي بتنقيح الكثير من مصاديقه كغيره من الامور التي يرجع فيها الى العرف

 واذا شككنا انه مرض موت اوليس بمرض موت فلايصح الحكم عليه بانه مرض الموت فتخرج التصرفات التبرعية من الاصل لان موضوع التحجير غير ثابت هنا

الروايات في المقام

 صحيح الحلبي قال سئل الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل يكون لامرأته عليه الصداق او بعض الصداق فتبرئه منه في مرضها قال لا فلا يكون نافذا من الاصل كالمرأة الصحيحة

 صحيح الحلبي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال ان لصاحب المال ان يعمل بماله ماشاء مادام حياً ان شاء وهبه وان شاء تصدق به وان شاء تركه الى ان ياتيه الموت فان اوصى به فليس له الاّ الثلث الاّ ان الفضل ان لايضيع من يعوله ولايضر بورثته

 صحيحة محمد بن مسلم عن الامام الصادق (عليه السلام) قال سالته عن رجل حضره الموت فاعتق غلامه واوصى بوصيه فكان اكثر من الثلث قال يمضي عتق الغلام ويكون النقصان فيما بقي

 صحيح علي بن يقطين سالت ابا الحسن الرضا (عليه السلام) ماللرجل من ماله عند موته قال الثلث والثلث كثير

 فمرض الموت هو امر عرفي ويمكن تنقيح الكثير من مصاديقه ولانقول هو مرض مخوف

 فمرض الايدز في اول مراحله ليس هو مرض الموت نعم في المراحل الاخيره لو صار خرفا فنقول ان كل معاملاته باطله لانه ليس برشيد

 وهذا الكلام يخالفه الفقه الظاهري الذي يقول ان تصرفات الانسان صحيحة ونافذة سواء كان مريضا بمرض الموت او ليس بمريض

 انتهى الكلام في مرض الايدز

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo