< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

33/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: إيصال الغبار الغليظ الى الحلق
 انتهينا الى المفطر السادس الذي يذكره العلماء وهو ايصال الغبار الغليظ الى الحلق كما ذكره صاحب العروة والاشكال عليه هو التعبير بالمفطر بل لابد ان يقول يجب الامساك عن هذه الامور فالاشكال على هذه العبارة سيّال
 قال صاحب العروة
 السادس: إيصال الغبار الغليظ الى حلقه بل وغير الغليظ على الأحوط سواء كان من الحلال كغبار الدقيق أو الحرام كغبار التراب ونحوه
 هنا الأقوال مختلفة في مفطرية الغبار
 قال الحر العاملي صاحب الوسائل اذا وصل الغبار الى الحلق وهو الذرات المتناثرة في الهواء فانه مفطر ويوجب القضاء والكفارة إذا كان عن عمد
 وقال المشهور بالغبار الغليظ يجب القضاء دون الكفارة
 ومن قال بالمفطرية بين من قال بالافطار مطلقا سواء كان غليظا أو خفيفا وبين من يقيده بخصوص الغبار الغليظ
 وقول ثالث حيث ذهب الشيخ الصدوق والسيد المرتضى الى عدم المفطرية مطلقا
 ومحل البحث الآن هو ان الغبار تارة يصل الى مرحلة من الغلظة بحيث يصدق عليه أكل التراب أو أكل الطحين وهذا مفطر بلا كلام وهو خارج عن محل البحث لأنه أكل للتراب وأكل للطحين وهو مفطر بلا كلام لصدق الأكل عليه
 وتارة لايصل الى هذا الحد أي ليس بحيث يصدق عليه انه أكل الغبار أو أكل الطحين فان كان خفيفا جدا بحيث لايمكن التنفس المتعارف الاّ مع دخول بعض الذرات الخفيفة الى الجوف فمثل هذا ليس بمفطر أيضاً وهو كسابقه خارج عن محل الكلام
 إنما الكلام في مثل ما كان الغبار بغلظة معينة ليست شديدة كما في المثال الأول ولا خفيفة كما في المثال الثاني بل كالغبار المتطاير من المكنسة عندما تكنس المرأة بيتها مثلا فهل هذا مفطر أو هذا ليس بمفطر؟
 هنا استدل على المفطرية للغبار الغليظ الذي لم يصل الى حد الأكل استدل بقاعدة مفطرية كل مايصل الى الجوف
 والمناقشة هنا هو ان قاعدة المنع لكل مايصل الى الجوف مختصة بما له جرم بينما فيما نحن فيه ليس هناك جرم فهذا الدليل لانقبله
 واستدل بدليل آخر وهو رواية ذكرها الشيخ الطوسي باسناده عن الصفار عن محمد بن عيسى عن سليمان بن حفص المروزي في الباب 22 عما يمسك عنه الصائم الحديث قال سمعته يقول اذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو أستنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه أو حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح وهذه رواية صريحة
 ولكن لايمكن قبول هذه الرواية لعدة اشكالات نجيب على بعضها وبعضها لايمكن الجواب عنها
 فان هذه الرواية مضمرة
 هنا قال بعض ان هذا الاضمار غير قادح لأن الشيخ الطوسي ذكرها في كتابه وكذا محمد بن الحسن الصفار وكأنهما يشهدان ان هذه الرواية عن الامام (عليه السلام)
 ولكن هذه ليست شهادة بل هو فهم خاص باعتبارهما متأخرين عن المروزي والمروزي مجهول وفيه كلام وهو ليس بثقة فنقل الرواية المضمرة عن امثال المروزي لا يدل على انه سئل من نفس الامام (عليه السلام)
 ولو فرضنا ان الرواية غير مضمرة لكن طريق الشيخ الطوسي الى الصفار صحيح والصفار يرويها عن محمد بن عيسى بن عبيد الثقة ولكن يوجد نفس سليمان بن حفص المروزي الذي هو من اصحاب الامام الرضا (عليه السلام) وادرك الامام الهادي (عليه السلام) فلم يوثق في كتب الرجال
 هنا يقول السيد الخوئي انه ثقة باعتباره من رواة كامل الزيارات وقدرجع السيد الخوئي عن التوثيقات العامة في كامل الزيارات ونحن لم نقبل التوثيقات العامة بل قبلنا توثيق مشايخ كامل الزيارات لا كل من ورد في اسناد كامل الزيارات
 وصاحب المدارك قال ان هذه الرواية فيها مجاهيل
 لكننا نقول لامجاهيل فيها بل كلهم معتبرين الاّ المروزي لأن محمد بن عيسى بن عبيد هو المعروف الثقة فان ابن نوح وغير ابن نوح اشكلوا على الصدوق واشكلوا على ابن الوليد حيث استثنيا روايات محمد بن عيسى بن عبيد مع انه ثقة
 نعم المجهول في هذه الرواية فقط سليمان بن حفص حيث لم يوثق في كتب الرجال لكنه موجود في اسناد كامل الزيارات
 نحن نقول ان هذه الرواية فيها مشكلتان
 اما المشكلة الثانية في الرواية فيمكن تجاوزه حيث عمل بها المشهور وافتوا على ان الغبار الحاصل من الكنس مفطر وفيه الكفارة فانجبر بعمل الأصحاب وهذا أمر صحيح
 فان ملاكنا في حجية خبر الثقة هو كشف خبر الثقة عن الواقع بنسبة عالية وهذه الرواية بعمل الأصحاب تكون كاشفة بدرجة قوية وعالية
 لكن الاضمار موجود في هذه الرواية فالرواية مضمرة ولا رافع لهذا الاضمار
 واما هذه الرواية من حيث الدلالة فقد يقال ان دلالة الرواية مشكلة لان فيها امور لم يلتزم بها الفقهاء فان من استنشق فانه يفطر طبقا لهذه الرواية
 لكن قد يقال ان هذه الرواية لاتقول من استنشق فقد أفطر بل تقول من استنشق فسبقه الماء فهنا يوجب الإفطار فالمحذوف هو أمر ومعروف وواضح ومعلوم
 ولو ابينا عن ذلك فان الروايات الاخرى تقييد هذا الاطلاق فلا شيئ في هذه الرواية على خلاف القاعدة
 واشكال آخر وهو وجود المعارض لهذه الرواية وهو موثقة عمر بن سعيد في الباب 22 عما يمسك عنه الصائم الحديث 2 سألت الامام الرضا (عليه السلام) عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقة فقال جائز لا بأس به، قال وسألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال لابأس به فهذه معارضة لتلك الرواية
 هنا قال السيد الخوئي نجمع بين الروايتين بحيث لايكون تعارض فان رواية المروزي وآردة في العمد بقرينة الاستنشاق والمضمضة وكذا الشم والغبار عمديان وقرينة ثانية هو ان فرض الكلام في كنس الدار وهو أمر اختياري لتعمد إدخال الغبار الى الحلق بإثارته وقرينة ثالثة وهو إيجاب الكفارة وهو قرينة على العمد أما موثقة ابن سعيد فهي مطلقة
 السيد الحكيم وصاحب الوسائل جمعا بجمع آخر وهو ان الرواية الاولى تحمل على الغبار الغليظ والرواية الثانية تحمل على الغبار الخفيف
 وتعليقا على هذا الجمع قال السيد الخوئي هذا من الجمع التبرعي لأن كلمة الغبار الواردة في الروايتين لها ظهور واحد
 نحن نؤييد جمع السيد الحكيم وجمع صاحب الوسائل فان رواية المروزي ليست في مطلق الغبار بل رواية المروزي في الغبار الذي يحصل من كنس البيت وكنس البيت غالبا يكون الغبار غليظيا أما موثق ابن سعيد فهو مطلق ويحمل على غير الغليظ
 فرواية المروزي تقييد رواية ابن سعيد وتجعلها في غير الغليظ لأن الاولى ليست في مطلق الغبار بل في الغبار الذي يثيره الانسان فهي في الغبار الغليظ أما رواية ابن سعيد فهي مطلقة وتقيدها هذه الرواية
 فالجمع الذي نقوله هو الأولى ولكن يبقى الاشكال على الرواية بأنها مضمرة
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo