< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: وجوب زكاة الفطرة على الزوجة

 

ويرد على الاستدلال بالروايتين:

1ـ ان يكون الولد أيضاً بعنوانه موضوعاً لوجوب اخراج زكاة الفطرة, وقد عرفت أنّه ليس كذلك اذا لم يكن عيالاً وكان غنياً.

2ـ ولازم ذلك ان يكون الوجوب على الوالد والولد, ان يخرج كلٌ منهما عن نفسه وعن الأخر, وذلك لذكرهما معاً, أي يخرج الولد الفطرة عن نفسه وعن أبيه, والأب يخرج الفطرة عن نفسه وعن ابنه, مع ان الفطرة هي واحدة.

اذن الموثقة ليست الاّ بصدد بيان مصاديق من يعوله الانسان من غير موضوعية لشيء من هذه العناوين, أو بشرط وجوب الانفاق على هذا العنوان.

فالحديث الاول والثاني: ناظران الى فرض العيلولة الخارجية الفعلية, كما هو ظاهر غيرهما من الروايات من كون المعيار هو العيلولة والانفاق والمسؤولية من دون تكليف للإنفاق من قبل الغير، ولو فرض إطلاق هذين الحديثين لفرض العيلولة وعدمها, فان الروايات الاخرى القائلة بأنّ الفطرة على المعيل, (وإنّ من ضممت الى عيالك تجب عليك فطرته) يكون مقيّداً لإطلاق الروايتين أو مفسرة للروايتين.

ثم ان الروايتين المتقدمتين قد تقدّم أنّه امّا أنْ تُقيّدا بالزوجة والمملوك الواجبي النفقة, أو تقيّدا بالزوجة والمملوك الذين يُعالان بالفعل. والاستدلال بوجوب الفطرة على واجبي النفقة يتم على التقييد الأوّل الذي لم يتعيّن, بل المتعّين هو التقييد الثاني لان الرواية الاولى ذكرت المصاديق بعد ان ذكرت ان الزكاة على العيال.

 

مسألة4: لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة عنه وعنهما(1). [1]

مسألة5: يجوز التوكيل في دفع الزكاة الى الفقير من مال الموكّل ويتولّى الوكيل النّية, والأحوط نيّة الموكّل أيضاً على حسب مامرّ في زكاة المال ويجوز توكيله في الإيصال ويكون المتولّي حينئذٍ هو نفسه, ويجوز الإذن في الدفع عنه أيضاً لا بعنوان الوكالة, وحكمه حكمها بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله بقصد الرجوع اليه بالمثل أو القيمة, كما يجوز التبرُّع به من ماله بإذنه أولا بإذنه وانْ كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا وسابقه(2).[2]

1)كما لو كان للصغير والمجنون مال يكون به غنيّاً كما إذا ورث من أمّه فصار غنيّاً بذلك والأب يصرف عليه من ماله فهنا لا زكاة على الصغير والمجنون وذلك لأنّ الولي لم يكن معيلاً بهما لأنّ العيلولة, متقوّمة بالإنفاق عليهما من مال الأب, وهنا ليس الأمر كذلك فلا عيلولة, كما انه لا فطرة عليهما لفقد شرط البلوغ والعقل الذي كان دليله روايات رفع القلم التي دلّت على رفع قلم التشريع عنهما كما تقدّم.

وحتى اذا قلنا ان المرفوع بحديث رفع القلم هو رفع قلم التكليف, فانّ الفطرة هي تكليف محض قد ارتفعت بهذا الحديث وليست الفطرة دالّة على شركة الفقراء في مال الأغنياء كما في زكاة المال فلاحظ.

2)تقدّمت هذه المسألة في زكاة المال بالتفصيل وذكر هناك: ان التوكيل في الدفع صحيح, وحينئذٍ تكفي نيّة القربة من الموكّل ولو بنفس التوكل بالأداء, ويكفي نية الوكيل اذا كانت بقصد ما في نيّة الموكّل. ولكن هنا ذكر جواز ان يتبّرع فرد عن اخر في دفع الزكاة لا بإذن منه. وقد استشكل السيد الخوئي قدس سره على هذا الحكم فقال: ان الفطرة عبادة لا بدّ فيها من قصد القربة عمّن وجبت عليه, وإنْ كان صدورها منه بنحو التسبيب بإذن وتوكيل. أمّا اخراج الفطرة من دون إطلاع مَنْ وجبت عليه فهو لا يحصّل التقرّب ممن وجبت عليه, ولا ينفع تقرّب غير مَن وجبت عليه.

نعم في الدين اذا دفع زيد دين عمرو من دون علمه, فقد فرغت ذمّة عمرو وإنْ لم يعلم عمرو بذلك وذلك: لأنّ اداء الدين لا يعتبر فيه نصوص خاصة وتدعمه السيرة العقلائية, بخلاف أداء زكاة الفطرة عن الغير مع عدم اطّلاعه.

أقول: نضيف الى اشكال السيد الخوئي قدس سره اشكالاً اخر وهو: أنّ الأمر المتوجّه الى المكلّف بإعطاء الفطرة ظاهرهُ أنه متوجّه الى المكلّف نفسه بالمباشرة وهذا لا يتحقق في التبرّع بلا أمر ولا إذن من قبل مَنْ تجب عليه. وهذا الاشكال هو غير إشكال قصد القربة ممن وجبت عليه الذي لا يحصل لو حصل من المتبرّع بلا اذن من المكلّف بها ولا تسبيب.

ولكن هناك مجال لردّ كلا الإشكالين:

أمّا الإشكال الثاني الذي سجّلناه: فان الفطرة –كما تقدّم- هي حكم تكليفي محض[3] ، وظاهر التكاليف المالية المحضة هو قبول التبرّع بها من قبل الأخرين, ففرق واسع بين وجوب الصلاة والصوم على المكلّف بالمباشرة وبين وجوب الفطرة على زيد مباشرة, فالأول: لا ينفع فيها حتى الوكالة والنيابة, فضلاً عن التبرّع. وأمّا الثاني فالظاهر من كونه واجباً مالياً تجوز فيه الوكالة والنيابة وحتّى التبرّع، فان هذا الواجب المالي ليس بأِشد من الديون والضمانات, فالدين والضمانات يكفي فيها التبرّع بلا حاجة الى اذن المدين كذلك هذا الواجب المالي.

امّا الاشكال الاول: فان شرطية القربة كان دليلها هو الإجماع أو الرواية القائلة " لا صدقة إلاّ ما أريد به وجهُ الله وثوابه.[4] وكلا الدليلين لا يقتضيان الّا شرطية اعطائها لوجه الله تعالى ولو حصل هذا من المتبرّع يعطيها عمّن وجبت عليه لوجه الله تعالى.

ولا نقول بالعبادية هنا باشتراط قصد الأمر حتى يقال ان الأمر متوجّه الى زيد فكيف يقصده المتبرّع الذي لا أمر له اصلاً, فلاحظ.

اذن الحق مع صاحب العروة في جواز التبرّع عن زكاة الفطرة عمّن وجبت عليه. وعلى ما تقدّم فانّ التكليف بالفدية ان تخرج بالمباشرة ممّن وجبت عليه بل يصح أنْ يتبرع بها متبرّع عمّن وجبت عليه, لأنّها تكليف مالي محض, وهو قابل للتبرّع من قبل الاخرين. كما انّ قصد القربة لو قلنا انها عبادات يمكن تحصيله من قبل المتبرّع بها عمّن وجبت عليه, لأنّ القربة هنا ليست الاّ الإعطاء لوجه الله تعالى, وهذا يمكن حصوله من المتبرّع غير المأذون فلاحظ.

وأمّا اذا قلنا ان الفدية والكفارة واجبات محضة وليست عبادة فتصح من المتبرّع بها أيضاً بلا كلام كما هو واضح, لأنها لا تكون أشدّ من الديون والضمانات.


[3] اعتبر بهذا المثال: لو ان الدولة قالت يجب على كلّ من يملك أرضاً مبنية، فعليه أنْ يدفع الف دينار والمالك لم يكن موجوداً في العراق وجيران صاحب الارض ذهب ودفع الضريبة ألا يكون هذا الدفع مجزياً؟ والجواب: أنّه مجزءُ عرفاً وعقلائياً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo