< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/01/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عدم سقوط الوجوب مع تبرع الغير

 

مسألة6: من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه إخراج ذلك الغير عن نفسه سواء كان غنيّاً أو فقيراً وتكلّف بالإخراج بل لا تكون حينئذٍ فطرة, حيث إنّه غير مكلّف بها, نعم لو قصد التبرّع بها عنه أجزأه على الأقوى وإنْ كان الأحوط العدم(1).[1]

1)في هذه المسألة صور:

الصورة الأولى: اذا قصد المعال التبرّع بالمال عن المعيل ودفع زكاة الفطرة بنيّة القربة أجزأت وسقط الوجوب عن المعيل كما تقدّم ذلك من السيد الماتن قدس سره وتقدّم تأييدنا له. وهنا قال السيد الخوئي قدس سره بعدم الإِجزاء وان كان عمل المتبرّع صحيحاً ومستحبّاً وذلك للزوم قصد التقرّب ممن وجبت عليه.

أقول: نحن قلنا ان قصد التقرّب يمكن أنْ يصدر من المتبرّع كما تقدّم. الصورة الثانية: اذا قصد المعال(الدافع للفطرة) الدفع عن نفسه لا عمّن وجبت عليه, فإنْ قلنا ان الواجب عينيّ فالظاهر ان التكليف متوجّه الى فعل المكلّف بالمباشرة وليس متوجهاً الى فعل غيره, فيجب على المكلّف الأداء بالمباشرة ولا يصح التبرّع, حيث يكون الدافع قد دفع عن نفسه, وهذا لا يوجب تفريغ ذمة من وجبت عليه.

أمّا اذا قلنا ان الواجب هو واجب كفائي, بمعنى ان الواجب على المعيل تفريغ ذمّة المعال, فاذا كان المعال واجداً للشرائط فحينئذٍ يكون دفعه لفطرة نفسه مجزياً ورافعاً لموضوع الوجوب على المعيل الواجب عليه فطرة عياله, فعلى هذا يصح للمعال اذا كان موسراً مع كون المعيل موسراً ان يدفع الفطرة عن نفسه, لزوال الوجوب الكفائي بالامتثال.

أقول: هذه الصورة قد يقال بصحتها لأنّ الفطرة هي واحدة عن كل رأس, وقد أدّاها المعال عن نفسه، ولكن يقال: ان الوجوب على المعيل عينيّ لا كفائي.

وقد اِختار السيد الحكيم قدس سره: الاجزاء حيث رأى ان الجمع بين دليل وجوب الفطرة على المعيل ودليل وجوب الفطرة على العيال الجامع للشرائط مع ضميمة: أنّ لكلّ إنسان فطرة واحدة وأنّ الوجوب على المعيل و المعال هو وجوب كفائي فالواجب واحد, مع أنّ الواجب عليه متعدد, واشتغال ذمم متعددة بواجب واحد, وعليه يتوقف السقوط عن العيال بأداء المعيل, والعكس صحيح.

ولكن هذا الدليل من السيّد الحكيم قدس سره يكون صحيحاً كما تقدّم اذا لم نقل ان وجوب الفطرة على المعيل هو عيني, أمّا إذا قلنا انها تجب بالوجوب العيني فلا يصح هذا الجواب حيث يكون المعال الغني تجب فطرته على المعيل وتجب فطرته على نفسه, وحينئذٍ نقيّد وجوب الفطرة على كل أحد بوجوبها على المعيل, فلا تصح من المعال ولا تجزي اذا أخرجها عن نفسه في اسقاط الواجب على المعيل.

 

مسألة7: تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي كما في زكاة المال وتحلّ فطرة الهاشمي على الصنفين والمدار على المعيل لا العيال فلو كان العيال هاشميّاً دون المعيل لم يجز دفع فطرته الى الهاشمي, وفي العكس يجوز(1).

1)قال السيد الخوئي قدس سره: لا يُوجد نصٌّ خاصٌ هنا ولكنَّ هناك طائفتين من الروايات منعتا من إعطاء زكاة غير الهاشمي للهاشمي وكلا الطائفتين في زكاة المال.

الأولى: طائفة تقول: أنّ موضوع المنع هو زكاة المال[2] .

الثانية: طائفة تقول: ان موضوع المنع هو الزكاة المفروضة أو الصدقة الواجبة.

أقول: اذا كانت الطائفة الثانية تقول ان المنع هو للزكاة المفروضة, اذن وُجد النصّ في عدم جواز فطرة غير الهاشمي الى الهاشمي لهذا النصّ, فإنّه وإنْ لم يكن نصّاً خاصاً الاّ أنّه نص عام يشمل مانحن فيه, فلاحظ.

نعم ذكر صاحب الجواهر قدس سره. في موسوعته نصّاً يستفاد منه أنّ المنع من الإعطاء للهاشمي مختص بزكاة المال وهي رواية زيد الشحّام التي حرّمت فطرة غير الهاشمي على الهاشمي وقالت بانّها "الزكاة المفروضة المطهّرة للمال[3] ."وحينئذٍ لا يشمل المنع زكاة الفطرة التي (زكاة البدن والخلْقة).

أقول: ان هذا التعبير في رواية زيد الشحّام غير موجود الاّ في الجواهر وأمّا الموجود في الوسائل في رواية زيد الشحّام هو هكذا: عن زيد الشحّام عن ابي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن الصدقة التي حرّمت عليهم فقال هي الزكاة المفروضة ولم يحرّم علينا صدقة بعضنا على بعض[4] .

ثم ان هذه الرواية "رواية زيد الشحّام " ضعيفة بالمفضّل بن صالح الذي هو ابو جميلة. ثم نقول: ان تحريم الصدقة الواجبة على بني هاشم ليس على إطلاقه حيث دلّت الأدلّة على حليّة صدقة الهاشمي على مثله, وهو ظاهر الروايات الكثيرة المانعة من إعطاء صدقة غير الهاشمي للهاشمي حيث يوجد في ذيلها: "عدم حرمة صدقة الهاشمّيين على الهاشميين.

ونقول: انّ الفطرة المستحّبة التي يتكلّفها غير الهاشمي الفقير المعيل لعياله, تكون جائزة للهاشمي لان المحرّم هو الزكاة الواجبة (المفروضة) وظاهر ذلك أنّها تجب فعلاً, لا الزكاة المفروضة بأصلها وان لم يجب دفعها على شخص معّين للفقر فيكون دفعها مستحباً. نعم اذا ثبت ان الزكاة المحرّمة على الهاشمي من قبل غير الهاشمي هو الزكاة المفروضة بالأصل وان لم يجب دفعها لعدم تمامية شروط الوجوب مثلاً ودُفعت على نحو الاستحباب, فهنا تكون الفطرة المستحبة من غير الهاشمي محرّمة على الهاشمي, فلاحظ. واعلم ان اكثر هذا الكلام قد تقدّم في زكاة المال.

وأمّا الجديد في هذه المسألة هنا في زكاة الفطرة فهو أنّ المدار في زكاة غير الهاشمي المحرّمة على الهاشمي هو ان ننظر الى المعيل وانْ كان المعال هاشمياً؟ أو ننظر الى المعيل والمعال, فإنْ كانوا غير هاشميين فتحرم على الهاشمي أمّا اذا كانت الزوجة هاشمية وكذا الضيف وكذا ام الزوجة والمملوك كان هاشمياً فيجوز إعطاء فطرة هؤلاء الهاشميين للهاشمي وانْ كان لا يجوز إعطاء فطرة المعيل الهاشمي للهاشمي؟

وقد اختار صاحب الحدائق[5] . : ان المدار على العيال فان كانوا غير هاشميين فلا يجوز إعطاء فطرته للهاشمي وان كان العيال هاشمياً فيجوز إعطاء فطرته للهاشمي. وقد اختار السيد الماتن وصاحب المستند قدس سرهما. وجملة من الاعلام: ان المدار على المعيل ولا ننظر الى العيال, فإنْ كان المعيل غير هاشمي فتحرم فطرته وفطرة من يعول بهم ولو كانوا هاشميين على الهاشمي.

والصحيح هو ما ذهب اليه صاحب العروة قدس سره وذلك: لأننا لا ننظر الى موضوع الزكاة, بل لا بدّ أنْ ننظر الى مَنْ هو المكلّف بالزكاة لنراه هاشمياً أو غير هاشمي, فظاهر الروايات المحرّمة لزكاة غير الهاشمي على الهاشمي هو إضافة الزكاة الى المالك المكلّف الذي تجب عليه الزكاة ويكون العطاء من قبله لانّ هذا هو المناسب في باب الأموال والضرائب عندما تضاف الى الاشخاص, فانّ المراد هو صاحب المال, فعندما يقال إنّ زكاة غير الهاشمي محرّمة على الهاشمي يراد الزكاة التي صاحبها ودافعها ومن تجب عليه غير هاشمي.

وعندما يقال زكاة الهاشمي تصح وتجوز للهاشمي يراد أنّ زكاة من وجبت عليه والذي يجب ان يدفعها اذا كان هاشميا فتجوز لمثله.

وبعبارة أخرى: ان روايات تحريم زكاة غير الهاشمي ناظرة الى الزكاة الواجبة, فيكون الاضافة بلحاظ المكلّف بالإخراج والدفع ومن تجب عليه وهو المعيل ولا ننظر الى المعال[6] (2).

وأمّا دليل صاحب الحدائق القائل: ان العبرة بالعيال فقد قال: انها زكاة العيال, فانْ كانت العيال هاشمية يجوز إعطاء زكاتها للهاشمي وان كان المعيل غير هاشمي.

ويرد عليه: ان جملة " هذه زكاة العيال" جملة صحيحة الاّ أنها ليست نصّاً حتى نلتزم بها لانّ المقام خالٍ من النصّ, بل استفيد الحكم هنا مما ورد في زكاة المال أو الزكاة المفروضة فالعيال هنا يُخرج عنهم مثل ما يُخرج في زكاة المال فنقول " هذه زكاة حنطة, هذه زكاة الإ بل" فهذه اضافة الزكاة لمن تجب فيه الزكاة فلا عبرة بهذه الإضافة وإنما العبرة بمن تعلّق به الخطاب والوجوب ومن يخُرج من كيسه المال, والعيال لا يُخرج من كيسه المال ولا تتعلّق الفطرة به ولا يتعلق الوجوب به, وان كان العيال هو علّة التشريع وسبب الايجاب, فالصدقة صدقة المعيل وانْ كانت عن غيره فالعبرة به وهو المثاب وهو المعاقب إنْ لم يمتثل.


[2] وسائل باب32 من ابواب المستحقين للزكاة أحاديث الباب.
[6] أقول: يمكن احداث صورة جديدة وهي اذا كان الدافع للفطرة لا المعيل ولا المعال وانما المتبرع بلا وكالة ولا نيابة ودفعها عنهم وكان الدافع هاشمياً اي المتبرّع وكان المعيل والمعال غير هاشميين فهل يحرم ما دفعه المتبرّع على الهاشمي لملاحظة المعيل أو المعال أو لا يحرم لانّ الملحوظ هو الدافع مع أنّه غير مكلّف؟ واجاب الشيخ الاستاذ حفظه الله بانّ دفع المتبرّع يُنسَب الى المعيل فهو دفع المعيل فلا عبرة. بالمتبرّع ويعود دفعه الى كونه دفعاً من قبل المعيل فيلاحظ نَسَب المعيل فهو المدار في هذه الصورة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo