< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/01/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ان قلنا ان جوب زكاة الفطرة كفائياً

 

هذا كلُّه إنْ قلنا بمقالة المشهور المعتمدة على الصحيحة القائلة بأنّ الوجوب على المعيل وهو واجب عيني. أمّا اذا قلنا كما قال السيد الحكيم قدس سره بأنّ الوجوب هنا كفائي للمعيل والمعال, حيث تشتغل ذمّة المعيل والمعال اذا كان واجداً لشرائط الوجوب وكان موضوعاً لمن تدفع عنه الفطرة بالإخراج, وحينئذً اذا بادرت الزوجة الهاشميّة بالإخراج يجوز لها ان تعطي للهاشمي وانْ بادر الزوج غير للهاشمي بالإخراج لا يجوز له انْ يعطي للهاشمي اذن لا تعارض ولا تساقط بل العبرة بالسابق منهما في الاعطاء.

أقول: ان هذا المبنى باطل لأنّ الأدلّة تقول بأنّ الوجوب على المعيل وجوباً عينيّاً, وعلى هذا فان الفطرة تجب على المعيل وجوباً عينياً, ولا تجب على الزوجة سواء كانت الزوجة معسرة أو موسرة لأنّ التكليف توجّه للمعيل كما في صحيحة ابن سنان المتقدّمة, فهي صدقة واجبة على المعيل ولكن موضوعها العيال المسلمون المخلوقون في رمضان, وبهذا المعنى لا تكون فطرة واجبة على العيال, ولذا يكون الاعطاء من المعيل ولا يجب على العيال إلاّ اذا عصى المعيل أو نسي أو غفل, فهنا تأتي الأدلّة القائلة ان الفطرة على كلّ رأس وُجدت فيه الشرائط وكان موضوعاً لدفع الفطرة عنه.

اذن الصدقة والفطرة الواجبة, على المعيل, وهو الذي يدفع الفطرة والصدقة, عن العيال تكون الفطرة منوطة به والعبرة به, فأنّ معنى الفطرة الذي هو الصدقة يعني إعطاء المال, فالذي يعطي المال هو المعيل والعبرة به.

 

مسألة8: لا فرق في العيال بين أنْ يكون حاضراً عنده وفي منزله أو منزل آخر أو غائباً عنه, فلو كان له مملوك في بلد أخر لكنّه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته, وكذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك كما أنّه اذا سافر عن عياله وترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم, نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه سواء كان الغير موسراً ومؤدياً اولا. وان كان الاحوط في الزوجة والمملوك إخراجه عنهما مع فقر العائل أو عدم أدائه وكذا لا تجب عليه اذا لم يكونوا في عياله ولا في عيال غيره ولكن الأحوط في المملوك والزوجة ما ذكرنا من الإخراج عنهما حينئذٍ أيضاً(1).[1]

مسألة9: الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز ان يخرج عنهم بل يجب الاّ اذا كان وكّلهم ان يخرجوا من ماله الذي تركه عندهم أو أذن لهم في التبرّع عنه(2). [2]

1)وذلك لإطلاق ان الفطرة على المعيل, فهو يشمل المعال الحاضر والمعال الغائب, مضافاً الى وجود نصٍ خاص في المقام وهو صحيح جميل بن دّراج عن ابي عبدالله عليه السلام قال: لا بأس بأنْ يعطي الرجل عن عياله وهم غُيَّب عنه, ويأمرهم فَيعطون عنه وهو غائب عنهم[3] .

2) يتّضح حكمها من المسألة السابقة (8).

 

مسألة10: المملوك المشترى بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة اذا كان في عيالهما معاً وكانا موسرين, ومع إعسار أحدهما تسقط وتبقى حصّة الأخر ومع إعسارهما تسقط عنهما, وإنْ كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره, وتسقط عنه وعن الأخر مع إعساره وإنْ كان الأخر موسراً لكن الأحوط إخراج حصته وإنْ لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضاً, لكن الأحوط الإخراج مع اليسار كما عرفت مراراً ولا فرق في كونها عليهما مع العيلولة لهما بين صورة الماهيات وغيرها وان كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما فأنّ المناط العيلولة المشتركة بينهما بالفرض ولا يعتبر اِّتفاق جنس المخرج من الشريكين فلأحدها إخراج نصف صاع من شعير والاخر من حنطة, لكن الأولى بل الأحوط الإتّفاق(1).

مسألة11: اذا كان شخص في عيال إِثنين بأن عالاه معاً فالحال كما مرّ في المملوك بين شريكين إلاّ في مسألة الاحتياط المذكور فيه نعم الاحتياط بالاتّفاق في جنس المخرج جاز هنا أيضاً وربّما يُقال بالسقوط عنهما وقد يقال بالوجوب عليهما كفاية والأظهر ما ذكرنا.(2)

1)و2)هاتان المسألتان حكمهما واحد عند صاحب العروة اذ قال (فالحال كما مرّ في المملوك...), لذا نقول: تسقط الفطرة عن المالكين, وهو مقتضى القاعدة, حيث ان الدليل القائل: " بأن ّالفطرة على كل من يعول" مطلق يشمل المعيل الواحد والمتعدد, فالمكلّف وهو المعيل إنْ كان واحداً فعليه الفطرة وإنْ كان متعدّداً فعليهما الفطرة لكن في المملوك يقسط بحسب الملكية فانْ كان شخص يملك ربعاً والاخر يملك ثلاثة أرباع فتُقسّط الفطرة أرباعاً يدفع الاول ربعاً والاخر ثلاثة أرباع الفطرة. هذا أولاً.

وثانياً: توجد مكاتبة معتبرة تدلّ على ذلك وهي مكاتبة محمد بن القاسم بن الفضيل البصري أنّه كتب الى ابي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى وفي يده مال لمولاه ويحضر الفطرة أيزكّي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ قال: نعم[4] .

ولكن هذه الرواية فيها إشكال دلالي, وهو ان المال اذا صار لليتامى ولنفرض انهم لا يوافقون على تصرف المملوك في المال فكيف يزكيّ عن نفسه؟!!

وأمّا في غير المملوك كما في المسألة(11) فيجب على كلًّ من المعيلين نصف فطرة وانْ كانت إعالة ليست بنصف إعالة وذلك لأنّ التقسيم هنا بنسبة الإعالة غير عرفي فيحمل التقسيط على التساوي بينما التقسيم في المملوك بنسبة المملوكية عرفي.

أقول: قد يقال بعدم وجوب الفطرة على كل واحد ولا يجب التقسيم عليهما, أمّا عدم وجوب الفطرة على كل واحد لأنّ كل واحد لا يصدق عليه انّه معيل له, والادلّة قالت الفطرة على المعيل.

وأمّا عدم وجوب التقسيم عليهما لعدم وجود نصًّ على ذلك, وهذا الفرض موجود بكثرة في العبيد فلو كان الحكم بالتقسيط على المالكين لذُكر في الروايات. كما انّ هذا هو مقتضى البراءة على كل ّواحد منهما مستقلاً أو تقسيطاً. ولكن:

1ـ أنّه خلاف الاحتياط في التقسيم عليهما.

2ـ هو حكم عرفي وعقلائي ولم يرد فيه نهي.

3ـ كما أنّه يمكن ان يكون مشمولاً لروايات العيلولة فأنها تصدق عليهما معاً فيكون هذا الأمر منصوصاً, فلاحظ.

 

مسألة12: لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على ابيه إنْ كان هو المنفق على مرضعته سواء كانت أمّاً له أو أجنبية, وإنْ كان المنفق غيره فعليه وإنْ كانت النفقة من ماله فلا تجب على أحد, وأمّا الجنين فلا فطرة له إلاّ اذا تولّد قبل الغروب, نعم يستحبُّ إخراجها عنه اذا تولّد بعده الى ما قبل الزوال كما مرّ(1).

1)أقول: نعم لا فرق في الرضيع وغيره في وجوب الفطرة على المعيل للذي يعول به وذلك:

1ـ لأنّ الروايات لا تفرّق بين المعال الصغير والكبير والذكر والأنثى.

2ـ وخصوص مكاتبة الهمداني حيث ورد فيها قوله " فطيماً أو رضيعاً "[5] . وقد استدل بعض بالنص الوارد في مولود يُولد ليلة الفطر, إذْ قالت الرواية: لا زكاة عليه[6] [7] . فقد ذكروا أنّه يدلّ على أنّه لو وُلدِ في الشهر وادرك الشهر وجب الإخراج عنه.

أقول: يرد على هذا الاستدلال انّ الرواية لا تدلّ على ان الولد اذا وُلد في شهر رمضان وجب إخراج الفطرة عنه وذلك لانّ هذه الجملة ليس لها مفهوم ولو بنحو شخص الحكم كما اذا قال شخص: ان الحوزوي لا يفعل الحرام فليس له مفهوم بانّ غير الحوزوي يفعل الحرام إذْ قد يكون الكاسب غير الحوزوي أيضاً لا يفعل الحرام.

إذن الدليل هو الروايات القائلة: الفطرة على كلّ أحد, صغيراً كان أو كبيراً وهي كثيرة بالإضافة الى رواية الهمداني. وفي تفصيل المسألة نقول: ان الرضيع له ثلاث حالات:

الأولى: أنْ لا يكون عيالاً لأحدٍ كما اذا كان له مال بإرث يُنفق منه الولي عليه, فهنا لا فطرة عليه, لا في ماله لعدم بلوغه ولا في مال الولي لأنه لم يعله. هذا بالإضافة الى حديث رفع قلم التشريع.

الثانية: اذا كان عيالاً للمعيل بأنْ يصرف عليه من كيسه حليباً جافاً, فهنا الفطرة على المعيل, اذ لا فرق بين معال ومعال في وجوب الإخراج على المعيل.

الثالثة: اذا كان عيالاً للمعيل يتغذى بالإرضاع ومرضعته يعول بها المعيل, فهنا فطرته على المعيل لأنه يصدق عليه انه عيال المعيل.

وقد استشكل السيد الحكيم قدس سره. في الصورة الثالثة لو ارضعته أُمّهُ أو غيرها مجّاناً, إذْ لا يكون عيالاً للأب الذي يعول بالأُم.

ثم قال السيد الحكيم (الأقرب كونه عيالاً سيمّا مع ملاحظة الأب في كون إرضاع الطفل سبباً للإعالة بالمرضعة) ثم انّه من نافلة القول: التنبيه على ان الجنين لا فطرة عليه ولا على المعيل بأُمّه لأنهّ ليس موضوعاً لإخراج الفطرة عنه لعدم ولادته في شهر رمضان فلا تشمله روايات العيلولة, وكذا من ولد بعد هلال شوّال لا فطرة عليه يتحملّها الأب لأنّه أيضاً لا يكون موضوعاً لوجوب الفطرة عنه لأنه لم يولد في شهر رمضان كما ذكرت ذلك الرواية المتقدمة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo