< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خمس المعدن / كتاب الخمس

(الثاني): المعادن من الذهب والفضّة والرصاص والصفر والحديد والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق والزيبق والكبريت والنفط والقير والسنج والزاج والزرنيخ والكحل والملح, بل الجصّ والنورة وطين الغسل وحجر الرحى والمغزة وهي الطين الأحمر على الاحوط(1). [1]

1)لا اشكال في ثبوت الخمس في المعدن بعنوانه لوجود روايات كثيرة قد تصل الى حدّ التواتر وفيها الكثير مما هو معتبر السند فمنها صحيحة ابن ابي عمير عن غير واحد ومعتبرة عمّار بن مروان المتقدمتين في بحث الغنيمة وصحيحة زرارة عن ابي جعفر الباقر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال كل ما كان ركازاً ففيه الخمس[2] .

وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص؟ فقال عليه السلام: عليها الخمس جميعاً[3] .

وصحيح الحلبي قال سألت ابا عبدالله عليه السلام: ... عن... المعادن كم فيها؟ قال عليه السلام: الخمس[4] .

وصحيح محمد بن مسلم الآخر قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الملاحة؟ قال عليه السلام: وما هذا المعدن فيه الخمس[5] .

وصحيح البزنطي عن محمد بن علي بن ابي عبدالله قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عمّا اخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟ فقال عليه السلام: ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً[6] .

وهناك روايات مرسلة وغير نقيّة السند تدلّ على انّ المعدن فيه الخمس بالإضافة الى شمول الآية الكريمة حيث قلنا انها شاملة لكلّ ما يصدق عليه غنيمة في مقابل الغرامة, وهو يعني ان معنى الغنيمة الفائدة المحضة التي تكون في قبال الغرامة وحينئذٍ لا يتوقّف في انّ ما يستفيده الانسان من الثروات المعدنية الجاهزة في الطبيعة هو فائدة عرفاً.

أضف الى كل ما تقدّم: ان الخمس في المعدن عليه الاجماع والضرورة الفقهية, وذهب الى ذلك الأحناف من اهل السنّة لكن الكلام يقع في تحديد معنى المعدن الذي هو موضوع للخمس, فما هو معنى المعدن لغةً واصطلاحاً؟

اما المعنى اللغوي: فقد قال صاحب القاموس: ان المعدن اسم لمنبت الجوهر[7] .

وقال صاحب لسان العرب: ان المعدن هو مكان كل شيء يكون فيه اصله ومبدؤه نحو معدن الذهب والفضة[8] [9] .

وقال في النهاية: المعادن: المواضع التي تستخرج منها جواهر الارض كالذهب والفضة والنحاس... والمعدن مركز كل شيء[10] .

وهذه التفسيرات اللغوية كلها متفّقة على ان المعدن هو اسم للمحلّ لا للحالّ.

وعلى هذا فان اسناد وحمل الخمس على المعدن ـ الذي هو الذهب والفضة وما شابه ذلك ـ يكون مجازاً لانّ المراد من المعدن هو ما يخرج من المعدن, فقد سمّي الحال باسم المحل لوضوح عدم تخميس نفس المنبت.

اما المعنى الاصطلاحي الشرعي: فان كلمات الفقهاء مختلفة, ففي التذكرة والمنتهى: أنّ المعدن: هو كل ما يخرج من الارض ممّا يخلق فيها من غيرها ممّا له قيمة.

وفي المسالك: عدم اعتبار كونه من غير الارض فقال: ان المعدن هو كل ما استخرج من الارض ممّا كان فيها

بحيث يشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها, ومنها الملح والجصّ وطين الغسل وحجارة الرحى.

اذن على هذا تكون خصوصية الاخراج وفصل الحال من محلّه ملحوظاً في خمس المعدن.

اذن ما قاله الاصحاب في المعدن: انه اسم للحال لا للمحلّ.

وأمّا المعنى العرفي: فلا اشكال في انّ ما يتكوّن في جوف الارض ويستخرج ويعظم الانتفاع به كالفلزات من ذهب وفضة ورصاص ونحاس ومنها الفيروز وان لم يذكر في النصوص صراحة ومنها النفط والكبريت التي هي من مصاديق المعدن عرفاً يصدق عليها المعدن عرفاً كما انه لا يختصّ بما كان مستوراً, بل يشمل الظاهر المتكوّن فوق الأرض كالملح وقد صُرّح بالملح في صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن الملاحة؟ فقال: وما الملاحة فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيه الماء فيصير ملحاً فقال هذا المعدن فيه الخمس فقلت: والكبريت والنفط يخرج من الارض قال: فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس[11] .

وكذا فان صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص, فقال: عليها الخمس جميعاً[12] .

وصحيحة الحلبي قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن الكنز كم فيه؟ قال: الخمس وعن المعادن كم فيها قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة. [13]

أمّا روايات اهل السنّة: فأيضاً ذكرت أنّ في المعدن الخمس وهو رأي ابي حنيفة, فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: وفي الركاز الخمس, قيل يا رسول الله وما الركاز؟ قال (صلى الله عليه وآله): الذهب والفضة المخلوقان في الارض يوم خلق الله السماوات والارض.

وعن ابي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الركاز هو الذهب الذي ينبت مع الارض.[14]

وفي حديث علي عليه السلام انه قال: وفي السيوب الخمس, قال والسيوب عروق الذهب والفضة تحت الارض.[15]

وروى ابو هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: في الركاز الخمس ( متفق عليه وقال ابن المنذر: لا نعلم احداً خالف هذا الحديث الاّ الحسن فانّه فرّق بين ما يوجد في ارض الحرب وارض العرب فقال: فيما يوجد في ارض الحرب الخمس وفيما يوجد في ارض العرب الزكاة[16] [17] .

ثم ذكر في المغني: ان الركاز الذي فيه الخمس هو كل ما كان مالاً على اختلاف انواعه من الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر والآنية وغير ذلك وهو قول اسحاق و ابي عبيد واصحاب الرأي والشافعي في قول, وأحدى الروايتين عن مالك.

ولكن ذكر بعض اهل السنة: ان في المعدن الزكاة فقط.

أقول: وضعت روايات في تقليص موارد الخمس الذي هو للقربى, وحتى الغنيمة التي فيها ذكر القربى قصروها على الحربية ثم منع منها القربى أيضاً, فلاحظ.

ملحوظة: قال السيد الخوئي قدس سره: فالملح مصداق شرعي للمعدن بمقتضى الصحيحة المتقدّمة عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام (سواء صدق عليه المعدن عرفاً ام لا).[18]

ولكن نقول: ان الامام عليه السلام عندما قال في الملح: هذا المعدن ففيه الخمس فلا يراد كونه معدناً شرعاً, بل المراد الدلالة على كونه معدناً عند العرف والعقلاء, ولكن الرواية بسند الصدوق فيها: «هذا مثل المعدن» فلا تدل على أنه معدن, بل تدل على انّه ليس معدناً.

فالظاهر: ان المعدن ما صدق عليه عرفاً أنّه معدن فقط, نعم الملح فيه الخمس من ناحية ورود النصّ الخاص فيه.

ثم قال السيد الخوئي قدس سره: ولا يعتبر في المعدن خروجه عن صدق مسمى الأرض, فانّ المعادن قسمان:

القسم الأول: ما يخرج عن صدق مسمّى الارض كالذهب والفضة والنفط وما الى ذلك, فإنها مباينة للأرض لو وجدت على سطح الأرض.

القسم الثاني: مالم يخرج عن صدق مسمّى الارض كالعقيق والفيروزج والياقوت والزبرجد ونحوها من الاحجار الكريمة, فلا فرق بينهما وبين بقية الأحجار في اتخاذ أُصولها من التراب, الاّ أنّها تغيّرت صورتها بسبب البرودة والحرارة وعلل أُخرى فأصبحت ملوّنة واتصفت بكونها ثمينة كريمة لعلّةٍ لا نعرفها لحدّ الآن, اذْ ربّ حجر يكون ابدع واجمل وأشد صفاءً ولا يعدُّ كريماً.

لذا ذكرنا جواز السجود عليها لصدق اسم الأرض على هذه الاحجار وان صدق اسم المعدن على هذه الأحجار لأنّ المعتبر في المسجد أن يكون أرضاً «لا أنْ لا يكون معدناً».

اذن الخلاصة: ان المعدن امّا ان يصدق عليه عرفاً انه معدن أو أن يعبّدنا الشارع به , فقد ورد في صحيح زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازاً ففيه الخمس[19] .

 

والركاز هو شامل لكل ما كان له ثبات وقرار ومرتكز في مكان حتى مثل الملح ونحوه.

 


[7] القاموس المحيط3: 173.
[8] لسان العرب7: 864.
[16] المغني لابن قدامة2: 580 – 585.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo