< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة كون الكنز الموجود في دار الاسلام لقطة / خمس الكنز / كتاب الخمس

والجواب: هنا قولان:

القول الاول: هو لقطة وقد ذهب اليه صاحب الشرائع والعلاّمة وجماعة والدَليل على ذلك:

الاول: اصالة عدم جواز تملّكه من دون تعريفه وهذا يعني ان الموجود في هذا الموطن لقطة فيجب تعريفه.

ويرد عليه: ان الاصل عدم وضع المسلم يده على هذا المال, لأنّ هذه الارض فيها المسلم وفيها الملحد وفيها الكافر والمسيحي واليهودي واليزيدي والصابئي وهكذا. اذن الأصل عدم احترام هذا المال فيجوز تملّكه بعد عدم احراز انه للمسلم أو لمحترم المال.

وقد يقال: ان الاصل عدم جواز التصرّف في أي مال مالم يثبت جوازه بدليل من الشرع كمال الكافر الحربي لان التصرّف بغير دليل على جواز التصرّف هو ظلم قبيح عقلاً, فاذا شككنا انه لمسلم أو لحربيّ كان الأصل عدم جواز التصرّف فيه.

فيقال: ان الأصل هنا على الاباحة للشك في انه مال محترم, فكلّ شيء لك مباح (حلال) حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه, فالتصرّف في المال حرام اذا ثبت انه لمحترم المال بنهي شرعي خاص أو عام, وما دام الشك موجوداً في انه لمحترم المال والشك موجود في وجود نهي عام أو خاص, فهو في هذه الحال على الإباحة والحليّة أي تجرى الاصول والمؤمّنة من حرمة التصرّف.

نعم ان القبيح عقلاً هو عدم جواز أخذ المال من الغير بمجرد احتمال كونه غير محقون المال من دون فحص ففي هذا المورد لا يجري استصحاب جواز التصرّف بل يجري استصحاب عدم التصرّف بل يجري هنا وجوب الاحتياط في الاموال التي ثبت انها للغير عند الشك في جواز التصرّف فيها, الاّ اننا نتكلم في مالٍ نشك انه لمحترم المال من الاول, فهنا لا يجري الاحتياط ولا يكون الاصل المؤمِّن الجاري فيه قبيحاً عقلاً لان الترخيص جارٍ هنا وهو مؤمِّن من العقاب.

الثاني: ان المال الموجود في دار الاسلام, وعليه علامة الاسلام فهو أمارة على كونه لمحترم المال من مسلم أو ذمّي أو معاهد.

ويرد عليه: ان هذا الدليل يوجب الظنّ في ان هذا المال لمحترم المال والظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً.

لان دار الاسلام فيها من هو محارب يريد القضاء على الاسلام كالشيوعي الذي يريد محق الدين كما ان فيها من هو مرتدّ يرفع شعار لا نريد الشريعة وامثالهما.

نعم الغالب في دار الاسلام هو من يكون مسلماً أو معاهداً أو مصالحاً لا يريد القضاء على الدين وهذه الغلبة معتبرة شرعاً في غير هذا المورد, فهي معتبرة في سوق المسلمين وان وُجدِ فيها غير المسلم أو اذا وجد في دار الاسلام ميّت فيجب تغسيله ودفنه بعد الصلاة عليه مع احتمال انه من الملحدين أو المرتدين أو الكفّار الحربيين.

ولكن لا نستفيد من تلك الادلّة قاعدة كليّة تؤدي الى حجيّة الغلبة في تمام الموارد, فكون الغالب من المسلمين لا يعني ان يحكم بكون الكنز لهم.

الثالث: موثّقة محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قضى علي عليه السلام في رجل وجد ورقاً في خربة: ان يعرّفها فان وَجَد مَنْ يعرفها والاّ تمتّع بها[1] .

فقد دلت هذه الموثّقة على عدم جواز استملاك الورق قبل التعريف. وهذا الاستدلال مبنيٌّ على ان المنسبق من قوله (وجد في خربة ورقاً) هو الكنز, فتدلّ الموثقة على أنّ حكمه حكم اللقطة التي لابدّ فيها من الفحص عن صاحبها.

ويرد عليه: ان الموثقة لا تدلّ على ان الورق وجده الرجل مكنوزاً, بل وجد ورقاً في الأرض الخربة على سطحها مثلاً, كما انها ظاهرة في كون الخربة قد اعرض عنها وزالت اليد التي كانت عليها, فما يجده الواجد يحكم عليه بأنّه مال ضائع (لقطة) وليس فيه دلالة على زوال المالك, ولذلك امر بالتعريف اولاً فان لم يجد من يعرفه قال: (تمتّع به) ولم يقل يملكه, والتمتّع به يكون على وجه الضمان. اذن الموثقة اجنبية عن المقام ومحلّ الكلام.

الرابع: ما ذهب اليه المحقق في الشرائع[2] من التفصيل بين ما يكون عليه اثر الاسلام كالسكّة الاسلاميّة وغيره من الكنوز, فيحكم في الاوّل بأنه لمالك محترم دون الثاني.

ويرد عليه: ان المسلم يملك المال الذي ليس عليه اثر الاسلام كما هو واضح في زماننا من ملكيّة الدولار والباون فكذا المسلم الصائغ يملك الذهب المسكوك بسكّة غير اسلاميّة, كما ان الكافر يملك المال الذي عليه اثر الاسلام كملكية الكفّار للنقد الورقي الاسلامي أو النقد الذهبي الاسلامي كما هو واضح لا غبار عليه.

اذن بعد كلّ هذا لم يتم دليل على ان هذا الكنز الذي وجد في دار الاسلام كالاماكن العامّة أو ملك الامام أو المسلمين هو لقطة.


[2] شرائع الاسلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo