< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم ما لو ادعى الكنز صاحب اليد السابقة أوتنازعوا عليه / خمس الكنز / كتاب الخمس

وإنْ ادّعاه المالك السابق فالسابق اعطاه بلا بيّنة (1) وانْ تنازع الملاك فيه يجري عليه حكم التداعي(2)[1]

ولو ادّعاه المالك السابق إرثاً وكان له شركاء نفوه دفعت اليه حصّته وملك الواحد الباقي واعطى خمسه(3).

ويشترط في وجوب الخمس فيه النصاب وهو عشرون ديناراً (4).

1)الحكم صحيح لأنّ مقتضى ما تقدّم من كفاية اليد التبعيّة مع دعوى الملك في الأماريّة على كونه له فلا يطالبه بالبيّنة على ذلك.

وأيضاً انّ اطلاق الروايتين المتقدمتين يقتضي باعطاء المال له من دون بيّنة.

ولكن نقول: ان الاعطاء له لا يكفي فيه ادّعاء كون المال (الكنز) له, بل لابدّ ان يعطي صفات المال أو يثبت بأنّ المال لأبيه قد دفنه واوصاه بذلك, بحيث يحصل الاطمئنان لنا بانّ المال له, فيفصِّل ما هو موجود ومدفون في الأرض ولا يكفي ادّعاء ان المال له, ولا يكفي مخالفة ما قاله لما هو موجود وللحقيقة وهذا هو المرتكز عند العرف حيث ان المرتكز هو عدم تسليم المال لمدّعيه الاّ ان يعطي صفاته الخارجية ولو اجمالاً انْ لم يكن له معارض.

2)ذكر صاحب العروة قدس سره في فرض التنازع من قبل ملّاك البيت جريان حكم التداعي على المال المدفون, وهنا التنازع قد يكون بين الملاّك الطوليين المترتّبين, وقد يكون بين الملاّك العرضيّين المشتركين في الانتفاع بالدار كما اذا ادّعاه كلّ واحد من الاخوين مستقلاً.

قد يقال: ان ّهذا الحكم من قبل صاحب العروة قدس سره محلّ اشكال وذلك لانه في الملاّك الطوليين قد تكون اليد الثانية مانعة من حجيّة اليد السابقة.

كما نحتمل ان اليد الثانية قد علمت باوصاف المدفون من السابقة الذي جاء اليه وسأله عن المال المدفون في الارض، هذه صفاته, فعرف الصفات وبيّنها للمعرِّف.

وامّا في الملاّك العرضيين فتوجد خصومتان كل واحدة فيها مدّع ٍومنكر لشيء واحد, ولكن بما انّ المال كان تحت يديهما لان يديهما كانت موجودة على الارض والمال هو في الارض فيكون لكل واحد منهما نصف المال ولكن يدّعي ان النصف الآخر له أيضاً وهو من التداعي.

ولكن اقول: بالنسبة للأيادي الطوليّة: اذا ادّعاه كلّ منهما وأعطى أوصاف المال ولو اجمالاً فهذا يكون قرينة

على أنه لليد السابقة لا اللاحقة, وذلك لأنه لو كان لليد اللاحقة, فكيف يعطي اوصافه لصاحب اليد السابقة؟ فانه بعيد جدّاً, ولا داعي لكشف سرّ اليد اللاحقة لليد السابقة في هذا الأمر الذي يكون سرّاً بطبيعته.

امّا اذا كان لليد السابقة فيحتمل ان اليد السابقة قد بحثت عن المال المدفون فلم تعثر عليه فجاءت بعد البيع وقالت لليد اللاحقة اذا وجدت مالاً في البيت هذه صفاته فهو لي, فيطّلع صاحب اليد اللاحقة على المال المدفون الذي هو لليد السابقة, فاذا ادّعى صاحب اليد السابقة هذه الدعوى فتكون قرينة على المال لليد السابقة والاّ فكيف يعرف من كان له يد سابقة صفات المال التي اودعتها اليد اللاحقة؟!

ولكن هذه القرينة تسقط باحتمال ان وجد المال عندما عرّفه لليد الثانية, فادّعاه وأعطى اوصاف للواجد, انتشر الخبر في الوسط, فعرفه صاحب اليد الأولى وجاء وادّعاه وذكر الاوصاف التي ذكرها السابق أيضاً فحصل التنازع.

اذن الظاهر: صحّة ما ذكره صاحب العروة من اجراء التنازع والتداعي مطلقاً «في المالكين المترتبين والمشتركين» اذ في هذه الصورة نعلم ان المال لاحدهما إجمالاً فتدخل المسألة في التداعي والتنازع.

3)ذكر صاحب العروة قدس سره: انّ المالك السابق اذا عُرِّف له المال ثمّ ادّعى ان هذا المال إرث ابيه للورثة وملك لأبيه الذي مات إرث وهو يدّعي ان حصّة معيّنة من المال له «حسب قانون الارث» ولكن البقيّة من الورثة ينفون ان يكون لأبيهم هذا المال, فيقولون ليس لنا الحقّ في هذا المال فقد حكم باعطاء المدّعي حصّته من المال بعد التعريف, ويتملّك الواجد الباقي ويعطي الخمس.

أقول: اننا اذا قلنا ان الروايات هنا قالت بتعريف المال لمن سكن في الدار قبل الواجد لوجود يد له على المال تبعاً فحينئذٍ اذا حصل وثوق شخصّي للواجد بأن المال لمورّثهم, اذن يجب على الواجد ان يدفعه كلّه لهم ولا يجوز له تملّك اي جزء منه, وامّا اذا لم يحصل وثوق من كلام السابق على الواجد الذي له يد تبعاً للأرض فلا يدفعه له ويتملّكه بأجمعه ويدفع خمسه, وحينئذٍ تكون فتوى صاحب العروة قدس سره غير سليمة.

4)أقول: استدلّ على ان النصاب في المعدن عشرون ديناراً أو قيمتها من مائتي درهم بصحيح البزنطي الذي يظهر منه إرادة المماثلة من حيث مقدار المالية في باب الزكاة من النقدين, فالمركوز والمشهور في الذهن عرفاً ان نصاب الذهب هو عشرون ديناراً المعادل لمأتي درهم في تلك الازمنة غالباً.

واليك صحيح البزنطي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام: قال سألته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز؟ فقال: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس[2] .

وحتى اذا قلنا ان المراد من السؤال هو المماثلة في الجنس والماهية «لا المماثلة في المالية والمقدار» فاجاب بما يجب فيه الزكاة في مثله ففيه الخمس وما يجب فيه الزكاة في مثله وهو الذهب والفضة.

الاّ اننا نقول: ان اطلاق المماثلة:

1ـ إختصاص الخمس في الكنوز بالنقدين.

2ـ وتستدعي ايضاً اعتبار النصاب.

لان ظاهر المماثلة هو ان تكون من جميع الجهات وهي:

1ـ الجنس والماهية

2ـ النصاب والمقدار

وحينئذٍ يعتبر في تخميس الكنز بلوغه عشرين ديناراً كالزكاة أو بلوغ مائتي درهم التي كانت مساوية لعشرين ديناراً في ذلك الزمان غالباً.

كما انه توجد قرائن عديدة على ان السؤال هو عن الكميّة في الكنز.

منها: صحيح البزنطي[3] الأُولى الصريحة في المقدار الذي يخمّس ولكنها في المعدن في تفسير المماثلة بالمقدار.

ومنها: صحيح زرارة القائل[4] : بأن الخمس في المعدن هو من باب أنه ركاز, فاذا ثبت ان الخمس في المعدن عشرون ديناراً, اذن سيكون مقدار نصاب الكنز لأنّ الكنز ركاز أيضاً فهو ثابت ومركوز في الأرض.

ومنها: من المستبعد ان يسأل البزنطي في المعدن عن النصاب وفي الكنز عن الماهية في الكنز الذي يخمّس!

ومنها: وجود مرسلة مؤيدة لكون السؤال عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس وهي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام انه سُئِل عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس؟ فقال عليه السلام: ما تجب فيه الزكاة من ذلك ففيه الخمس ومالم يبلغ حدّ ما يجب فيه الزكاة فلا خمس فيه[5] .

هذا وقد استدلّ السيد الحكيم قدس سره: بأن النصاب في الكنز عشرون ديناراً بالاجماع وذلك لأنه قال: كما قال السيد الخوئي قدس سره: ان صحيح البزنطي انما كان السؤال فيه عن الماهية التي يدفع فيها الخمس من الكنوز, فالجواب: انه يدفع خمس كنز الذهب والفضة المسكوكين ولم يقبل ان المماثلة هي من ناحية المقدار معاً كما قرّبناه فيما سبق خلافاً للسيد الخوئي قدس سره الذي عاد استدلاله الى امرين كل منهما لم يثبت كما تقدم كما ان السيد الحكيم قدس سره ذكر قولاً آخر عن الصدوق في أماليه فيقول: بان النصاب هنا دينار واحد ناسباً اياه الى دين الإمامية.

وقد ناقشه بـ:

اولاً: عدم الدليل على ذلك إلّا ما ذكر من الرواية التي تقدّمت ان ما يخرج من الغوص والمعدن ففيه الخمس اذا بلغ ديناراً. وقد قلنا سابقاً – نحن – ان هذه الرواية نقطع بوجود سقط فيها وهو كلمة (عشرون).

ثانياً: وناقش في النسبة فانها غير صحيحة لعدم الموافق له.

اذن السيد الحكيم قدس سره لم يقبل ان نصاب الكنز عشرون ديناراً الاّ اذا تمّ الاجماع.

اذن ما ذهب اليه صاحب العروة قدس سره هو الصحيح وهو المشهور بين الأصحاب ايضاً خلافاً لما ذهب اليه من اعتبار نصاب الذهب في الذهب واعتبار نصاب الفضّة الذي هو مائتا درهم, يراد منه الدرهم الذي كان يساوي عُشْر دينار تقريباً لا قيمة الدرهم في هذا الزمان.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo