< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ ادلة كون التصرف باخراج الخمس بيد الحاكم الشرعي وبأذنه / المال الحلال المختلط بالحرام / كتاب الخمس

ولو إنعكس – بان علم المالك وجهل المقدار – تراضيا بالصلح ونحوه وان لم يرض المالك بالصلح ففي جواز الاكتفاء بالأقل أو وجوب اعطاء الاكثر وجهان الاحوط الثاني والاقوى الاول اذا كان المال في يده [1]

وفي اعتبار رواية موسى بن عمر قال السيد الخوئي قدس سره: الظاهر اعتبار الرواية لان موسى بن عمر المردّد بين ابن بزيع (الثقة) فقد وثّقه النجاشي [2] [3] وبين ابن يزيد الذي هو مذكور في اسناد كامل الزيارات بقرينة رواية سعد عنه في كامل الزيارات[4] .

كما ان الرواية ظاهرة الدلالة لان الامام عليه السلام قال له: (والله ماله صاحب غيري) ومراده من هذه العبارة ليس هو كونه مالكاً شخصياً له, بل له التصرّف بهذا المال بالولاية, لأنه لو كان ملكاً شخصيّاً له لأخذه لنفسه, ولو كان ملكاً شخصيّاً له وأمره بالتقسيم فلا حاجة الى خوف بعد ذلك ليقول له الامام عليه السلام: «ولك الأمن ممّا خفت منه»[5] إذن هذه الرواية دلّت على ان الولي هو الامام وله التصرّف فيه شرعاً لا حقيقة وملكاً.

أقول: اذا ثبت رجوع التصرّف في ذلك الى الامام عليه السلام ثبت وجوب الاستئذان من الحاكم الشرعي في عصر الغيبة «وهو المجتهد الجامع للشرائط» بأدلّة النيابة العامّة أو الحسبيّة وبذلك يصح ما ذكره السيد الحكيم قدس سره[6] والسيد الخوئي قدس سره[7] فالأقوى هو ان يكون التصدّق بإذن المجتهد, فلاحظ.

لكن يمكن ان يقال: ان المجتهد العام يمكنه ان يعطي اجازة عامّة للتصدّق بهذا المال لكلّ من وجدت له يد على هذا المال المعلوم إنه للغير ولم يعرف صاحبه فتنحل المشكلة, لصعوبة الوصول الى الحاكم الشرعي في هذه الجزيئات

وكثرة مشاغل الحاكم الشرعي الاّ ان ينصب الحاكم الشرعي لهذا الأُمور صناديق أو وكلاء ليقوموا بهذا الأمر.

1)هذه هي الصورة الثالثة من الصور الأربع وهي: ما اذا عُلم المالك وجهل المقدار ودار بين الأقل والاكثر, فهنا هل:

1ـ يجوز الاقتصار على الأقل؟

2ـ أو يجب دفع الاكثر؟

3ـ او يجب اعطاء الخمس؟ كما ذهب اليه العلاّمة[8] .

4ـ المصالحة مع صاحب المال

أقول: أمّا القول الثالث, فلم يظهر له وجه لأن الخمس ورد في المالك المجهول, وهنا المالك معلوم, فالتعدّي لا دليل عليه.

وأمّا اذا قلنا بالقول الرابع وهو ان يتصالح مَن بيده المال مع المالك المعلوم» على شيء وهذا الصلح يعني اذا كان على الأقل من المال فهو إبراء من صاحب المال الى الآخر, وان كانت المصالحة على الاكثر كان الزائد على المال الذي بيدي لصاحبه هدية.

وهذا جيّد لا اشكال اذ لا خمس هنا فانّ الخمس في صورة عدم معرفة المالك والمالك هنا معلوم, وقد ذهب اليه كاشف الغطاء رحمه الله[9] ولكن هل تجب المصالحة؟

نقول: في وجوب المصالحة إشكال لعدم الدليل عليه بالخصوص.

ثم ان لم يتصالحا فهنا صور متعددة:

الصورة الاولى: اذا كان المال تحت اليد وكان عشرة دنانير يعلم ان بعضها حرام تحت يد زيد وهي مختلطة ودار الامر بين الأقل والاكثر اي (بين اثنين وخمسة) فهنا لا تجري قاعدة اليد في كل دينار خارجي للمعارضة, اذ كل دينار يحتمل انه للمالك ويحتمل انه لزيد لوجود علم اجمالي بذلك فتسقط قاعدة اليد (امارة الملكية).

وعليه لا يجوز التصرّف في كل منها لا تصرّفاً خارجياً ولا اعتبارياُ, ولكن هل تجري قاعدة اليد في الفرد المشكوك من غير تمييز (وهو الكلّي الزائد عن المقدار المعلوم)؟ اي هل تجري قاعدة اليد في كلّي الثمانية الزائدة عن المقدار المعلوم الحرام وانه لزيد؟ أي اننا نشكُّ في الثمانية هل يوجد فيها حرام؟[10] .

والجواب: هنا تجري قاعدة اليد لأنها أمارة الملكية لغير المتيقن انه حرام فتثبت الملكية لها اذن لا موجب لدفع الأكثر, فهنا نقتصر على الأقل.

اذن تكون ثمانية من هذه الدنانير له, واثنان لغيره من غير تمييز فكيف نيعيّن الدينارين وكيف نعيّن الثمانية؟

اي هل حصلت الشركة هنا؟ نقول: لا موجب للشركة هنا لان الشركة إمّا ان تحصل من عقد الشركة وهو غير

موجود هنا, أو تحصل بالاختلاط الخارجي ولو بدون اختيارهما.

نعم لو قلنا بالشركة هنا كما قال المحقق الهمداني قدس سره[11] فانه اذا كان هنا شركة فإنْ تصالحا في مقام التقسيم فهو والاّ فيقسّم المال على نسبة كلّ من المالين, فالمال الذي هو عشرة دنانير يقسم عشرة اسهم, ثمانية لمن بيده المال واثنان للشخص الآخر, وهذه القسمة يجري عليها الطرف الآخر, حيث ان لكلًّ من الشريكين المطالبة بالقسمة.

وهذه الشركة في الصورة الثانية تختص بما اذا عدّ المالان عرفاً شيئاً واحداً قد زادت كميّته كإختلاط السمن بسمن آخر أو الماء بماء آخر أو السكر بسكر آخر ونحو ذلك ممّا لا يقبل التقسيم امّا اذا كانت الاجزاء ممتازة في الخارج بعضها عن بعض كما في مقامنا, فلا دليل على أن ّمجرّد الخلط وعدم التمييز يستوجب الشركة بحيث يكون للمالك اربعة أخماس ويكون لزيد خمس واحد ولكن مع ان الشركة غير موجودة هنا, الاّ ان كل واحد اذا أراد التصرّف في كل دينار فهو لا يجوز لأنه دائر بين الحلّ والحرمة فان كان له فهو حلال وان كان لغيره فهو حرام.

اذن هنا في مقام التعيين للدينارين اللذين اقتصرنا عليهما المتيقّن انهما لزيد لابدَّ من الرجوع الى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل فانّ كلّ واحد من الدنانير مردّد بين ان يكون للمالك أو لزيد فتجعل عشرة رقع يكتب في اثنين منها اسم زيد وفي ثمانية اسم المالك ويعيّن ديناراً خارجياً وتخرج رقعة فان خرج اسم زيد يأخذه وان خرج اسم المالك ياخذه (وهذا هو الذي ذهب اليه السيد الخوئي قدس سره).

ولكن اقول: ان هذا الذي تقدّم من القرعة يكون عرفياً وصحيحاً في مثل ما اذا كانت هناك شاتان محرّمتان اختلطتا في شياهي التي هي ثمانية فالقرعة ان لم يقبل صاحب الشاتين بالمصالحة.

أمّا في مثل الدنانير التي هي غير متفاوتة, فلا معنى لعدم المصالحة فيها, وان لم يقبلا المصالحة فنقول: نجعل الخيار للذي لم يقبل المصالحة في الاختيار وبهذا تنحلّ المشكلة.

ثم ان القرعة معقولة في المالين لو كانا من قبيل المتباينين كما لو كان شاة مع حمار قد عُلم ان احدهما لزيد والاخر لي, فهنا المرجع في تشخيص مال زيد هو القرعة.

الصورة الثانية: امّا اذا كان المال الذي هو حرام واعلم انه لزيد (من دون معرفة مقداره) ليس تحت يدي كما لو

كانت عشرة دنانير, قسم منها لي ولا اعلم المقدار الذي هو لزيد كدورانه بين اثنين وخمسة وهي ليست بيدي بل بيد شخص ثالث أو لا يد عليها, فهنا لا تجري قاعدة اليد.

وحينئذٍ ما علم انه لي آخذه وهو خمسة, وما علم انه لزيد يأخذه وهو إثنان,

امّا الثلاثة, فهل هي لي أو لزيد؟

هنا وجهان:

وجه: نقرع لتعيين ذلك, ولكن قالوا لا يعمل بالقرعة الاّ في موارد عمل بها المشهور كالشاة الموطوءة في قطيع غنم غير معروفة, وهنا لم يعمل المشهور بالقرعة فلا يرجع اليها.

ووجه: بالتوزيع لقاعدة العدل والانصاف, فانه مال مرّدد بين شخصين, وتنازعا فيه فيقسم بينهما[12] .

اقول: ان السيد الخوئي قدس سره: شكّك في قاعدة العدل والانصاف اذ قال: تجري في الصلح لا مطلقاً[13] .

اذن ما ذا يعمل السيد الخوئي في هذا المورد؟

 


[4] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي، ج25، ص138 و 139.
[7] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي، ج25، ص137.
[10] اقول: لو لم تجر قاعدة اليد فنقول: إن ذمتنا مشغولة امّا بدينارين الى زيد أو بخمسة، فهي مشغولة بدينارين يقيناً ونشك في شغلها بألاكثر، فتجري البراءة اي ينحلّ العلم الاجمالي الى يقين بشغل الذمّة بدينارين وشك في الزائد.
[12] اقول: قلنا في الاصول: اذا درار الامر بين المحذورين (الواجب والحرام) كما في موردنا هذا (اذا كانت الدنانير في يد ثالث) فانّ الثلاثة دنانير ان كانت في يد ثالث ولا يعلم بها انها لي أو للغير وهو زيد، بل يعلم الثالث أنها لي أو لغيري وهو زيد فان كانت لي فيجب ان يعطيها لي ويحرم اعطاؤها لغيري وان كانت لغيري فيحرم اعطاؤها لي ويجب اعطاؤها للغير فدار الامر بين الواجب والحرام، والقاعدة التي اخترناها هناك هي التخيير العقلي القهري فلماذا لم نطبّق هذه القاعدة هنا؟والجواب: ان هذه الثلاثة دنانير التي لا يدَلي عليها لزيد ولا يد لزيد علمها انها لأخذنا قد حصلت فيها منازعة فخرجت عن التخيير العقلي القهري ودخلت في المنازعة والحكم فيها التقسيم، فلاحظ.اما اذا دار الامر بين الواجب والحرام من دون منازعة فهنا يكون المكلّف مخيّراً بينهما عقلاً وقهراً.
[13] المستند في شرح العروة الوثقي، الخوئي، ج25، ص147.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo