< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ كيفية اخراج خمس المال الحلال المختلط بالحرام/ المال الحلال المختلط بالحرام/ كتاب الخمس

مسألة32: الأمر في اخراج هذا الخمس الى المالك كما في سائر أقسام الخمس, فيجوز له الخراج والتعيين من غير توقّف على اذن الحاكم كما يجوز دفعه من مال آخر وان كان الحقّ في العين(1).[1]

1)نعم قلنا واستظهرنا تعلّق الخمس بالمال الحرام المختلط بالحلال وبالعكس كما في سائر موارد الخمس الاصطلاحي كخمس الغنيمة والكنز والمعدن والغوص وأرباح المكاسب ونحوها, فان فتوى صاحب العروة قدس سره واضحة وصحيحة, لأنّ المستظهر هو وحدة الجعل في تمام الاصناف, وحينئذٍ حيث ثبت ان استخراج الخمس لا يتوقّف على اذن الحاكم الشرعي ويجوز دفعه من مال آخر نقديّ فهنا كذلك.

امّا بناءً على كون الخمس في هذا المورد من باب الصدقة المطهّرة للمال عن الحرام المختلط به, فأيضاً نقول: ان ولاية صاحب المال الذي فيه الحرام على اخراج الخمس من دون توقّف على الحاكم مستفادة من اطلاق الأمر بالتصدّق بخمس المختلط كما ان جواز دفعة من مال آخر بالقيمة مستفاد من صحيحة يونس التي امرت ببيع مجهول المالك والتصدّق بقيمته فهنا ايضاً المالك للمال مجهول فاذا كان التصدّق به واجباً «بنحو الخمس» فيجوز التصدّق من مال آخر لان الصحيحة قالت: «بعه – مجهول المالك – وتصدّق بثمنه», وهذا يعني عدم الخصوصية للمال الخارجي الذي هو مخلوط من مال حرام مع حلال أو العكس.

أقول: هذا الذي تقدّم هو في اخراج الخمس صدقة أو اصطلاحاً من مال آخر, أمّا صرفة فهو امر آخر دلّ الدليل على أنه باذن الحاكم الشرعي كما تقدّم.

مسألة33: لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس فالأقوى ضمانه كما هو كذلك في التصدق عن المالك في مجهول المالك فعليه غرامته له, حتى في النصف الذي دفعه الى الحاكم بعنوان انه للإمام عليه السلام(1).[2]

1)هنا جهات للبحث:

الجهة الأُولى: لو تبيّن المالك للحرام المختلط بالحلال ولا يعرف مقدار الحرام قبل أداء الخمس فيجب إعطاؤه للمالك ولا يجوز اعطاؤه خمساً, ولو اعطى مالك الحلال الخمس فمع هذا يجب عليه إعطاء المال الحرام الى صاحبه, لأنّ الوظيفة انقلبت من اداء الخمس الى اداء المال الى صاحبه الذي عرف اي ان المشكلة التي واجهت التائب (وهي المال الحرام الذي اختلط بالحلال وبالعكس) هو عدم معرفة مالك المال الذي اخذه حراماً فحينئذٍ اذا ظهر المالك وعُرف فقد زالت المشكلة ويجب ارجاع ماله اليه, فان لم يعرف المقدار يقتصر على القدر المتيقن.

ويمكن القول: بأن أدلّة اعطاء الخمس غير مطلقة لصورة ما اذا عرف مالك المال الحرام.

وبعبارة اخرى: ان الحكم باخراج خمس المال انما كان لمصلحة صاحب المال الحرام الذي لا يعلم وليست تحميلاً عليه, فهي مخصوصة بصورة عدم معرفته, امّا مع معرفته فلا معنى لمنعه منه واعطاء الخمس رغماً عليه بحيث لا يستحق ماله الذي أُخذ منه حراماً.

الجهة الثانية: اذا ظهر المالك للحرام بعد اداء الخمس: فقد قال صاحب العروة قدس سره بالضمان هنا وفي مجهول المالك بل وفي الصدقة وفي اللقطة اذا تبيّن المالك بعد التصدّق.

امّا السيد الخوئي قدس سره فقال: لا ضمان وذلك: لأن القول بالضمان بأقل فانه لابدّ ان يكون لأحد دليلين:

اما لقاعدة اليد: وهي اذا كانت موجبة للضمان فلا يفرّق فيها بين ظهور المالك وعدم ظهوره, لأنّ مناط الضمان هو قاعدة اليد ولا تأثير للتبيّن وعدمه.

وعلى ان قاعدة اليد الشاملة لما اذا عُرِف المالك توجب على صاحب المال ان يوصي بالمقدار الحرام الذي هو دين عليه في ذمّته في صورة عدم ظهور المالك وهذه الوصيّة لم يلتزم بها أحد, اذ خلاصة الضمان في صورة ما اذا عرف المالك بعد التخميس هو ان صاحب المال:

اولاً: قد أعطى الخمس.

وثانياً: بما ان يده على المال فهو ضامن اذن يجب عليه ان يوصي بالمال كدين عليه في الذمّة حتى في صورة عدم ظهور المالك.

بالإضافة الى ان الضمان لقاعدة اليد خلاف ظاهر صحيحة عمّار بن مروان[3] وموثّقة السكوني[4] اللّتين نطقتا

بحليّة ما بقي من المال بعد اداء الخمس والحليّة لا تجتمع مع الضمان[5] [6] .

اذن لا ضمان على الدافع للخمس وبعد ذلك تبيّن المالك للحرام.

اقول: هذا الكلام من السيد الخوئي قدس سره صحيح اذا قلنا ان المراد من الضمان هنا هو الضمان الاصطلاحي, وهو نقل المال من ذمّة الى ذمّة كما يقول الإماميّة بحيث يكون صاحب اليد مديناً بما هو تحت يده الى صاحب المال.

امّا اذا كان المراد من الضمان هنا عبارة عن وجوب اعطاء صاحب المال الحرام ماله اذا ظهر وطالب به بعد أداء الخمس فهنا لا يصح كلام السيد الخوئي قدس سره, اذ يكون الدافع للخمس قد عمل بوظيفته التي قالتها الروايات, ولا تكون ذمّته مشغولة بشيء, فاذا اظهر المالك للحرام وطالب به, فيجب الآن (كحكم تكليفي) ان يدفع اليه ماله وهو المتيّقن ويكون ثواب اعطاء الخمس له, وهذا لا ربط بالضمان الذي استند فيه الى قاعدة اليد.

اذن الدليل الأوّل الذي استدل به السيد الخوئي لعدم الضمان باطل.

الدليل الثاني للضمان: وهو ان يكون الضمان قد إستند الى قاعدة الاتلاف التي تصدق باخراج الخمس عن (الحرام المختلط بالحلال) عن المال الحرام الذي لم يعرف صاحبه قال السيد الخوئي قدس سره: وهو أيضاً باطل, اذ يرد عليه:

اولاً: انّ اتّباع الشارع بالتصدّق عن صاحب المال هو نحو إيصال المال الى صاحبه بإيصال منفعته وهي الثواب, فلا يكون إتلافاً لمال الغير.

وثانياً: لو كان إتلافاً فينبغي ان يكون ضامناً مطلقاً لما إذا اظهر المالك أو لم يظهر, لأنّ مناط الضامن هو الاتلاف, وقد فرضنا وجوده, وعليه يجب عليه ان يوصي به ان لم يظهر المالك, مع انّ هذا لا قائل به.

وثالثاً: ولو كان هذا إتلافاً لأنه من المال الحرام أو من المال المخلوط, الاّ انّ الشارع قد أمر به لأجل ان يحلّ الباقي وحليّة الباقي لا تنسجم مع الضمان.

 


[5] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي، ج25، ص161.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo