< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ حكم الزائد على مقدار الحرام هل يسترد ام لا؟ / المال الحلال المختلط بالحرام / كتاب الخمس

مسألة34: لو علم – بعد اخراج الخمس – ان الحرام أزيد من الخمس أو أقل, لا يسترد الزائد على مقدار الحرام في الصورة الثانية. وهل يجب عليه التصدّق بما زاد على الخمس في الصورة الأُولى أولاً؟ وجهان أحوطهما الأوّل واقواهما الثاني (1).[1]

1)نقول: هنا ثلاثة اقوال:

القول الأوّل: يُسترجع الخمس ويتصدّق بتمام الحرام لأهل الصدقة.

ويرد عليه: ان هذا القول مخالف للدليل القائل بوجوب اخراج الخمس, وهي روايات كثيرة في الموارد.

وقيل: انّه اذا أعطى حقّ السادات وهو صدقة وكان اعطاءً صحيحاً, فاذا قلنا باسترجاعها فهو استرجاع

للصدقة, وما كان لله لا يُرجع[2] , فيبطل الاسترجاع.

وجوابه: ان الإسترجاع للصدقة الذي لا يجوز هو فرع ان يكون الأمر بالخمس حكماً واقعياً ليكون قسمٌ منه صدقة للهاشمي, امّا اذا قلنا انه حكم ظاهري فانه يُسترجع بانكشاف خلافه وهو انه لم يكن صدقة ولم يكن للإمام عليه السلام فيجوز إسترجاعه, كما في سائر الموارد التي دفعنا فيها حقّ الامام عليه السلام وحقّ السادة ثم تبيّن عدم وجوب الخمس, فان كان المال باقياً جاز استرجاعه, فلاحظ.

اقول: ان ظاهر هذا الحكم هو حكم واقعي ثانوي فاذا تصدّق به لا يجوز الرجوع به.

اذن ردّ هذا القول الاول هو انه مخالف للدليل القائل بوجوب اخراج الخمس في هذا المورد وهو الروايات وعدم جواز استرجاع الصدقة لو تصدّق بها, لأنّ ظاهر الحكم هنا حكم واقعي ثانوي.

القول الثاني: لا يجب التصدّق بالاكثر من الخمس اذا علم ان الحرام اكثر من الخمس بعد اخراجه الخمس.

اقول: هذا القول هو المختار لنا وذلك: أنّ ظاهر الروايات ان الحكم هنا باعطاء الخمس هو حكم واقعي ثانوي والروايات مطلقة, قالت ان في هذا الفرض (الحرام المختلط بالحلال ولا يعرف قدره ولا مالكه) يعطى الخمس وظاهر الروايات انه حكم واقعي نشأ من الجهل بالحال وهو يجزي عن الحكم الواقعي فحصلت مصالحة ومراضاة (أو قل مصالحة قهرية) في ما كان للغير بالخمس , وحينئذٍ قالت الروايات: ان سائر المال لك حلال[3] فان تمام المال الحرام الواقعي الذي لا نعلمه ولا نعلم صاحبه وقعت عليه هذه المصالحة وقد حُلّل الباقي للمكلّف حتى اذا علم بأنّ الحرام اكثر من الخمس بعد ذلك, ففي موثقة السكوني جاء هذا التعبير (ان الله قد رضي من الاشياء بالخمس[4] ) فهي تشير الى فريضة الخمس التي هي حكم واقعي, كما ان التعبير في بعض الروايات بأنّ: سائر المال لك حلال[5] , او التعبير في بعضها الآخر «ان من تاب تاب ماله معه[6] » فانّ هذه التعبيرات تدلّ على حصول الوفاء الواقعي لصاحب المال الحرام, وهي مطلقة لصورة العلم بعد ذلك بان الحرام اكثر من الخمس تفصيلاً أو اجمالاً فالدليل المطلق الذي يقول: إعطِ الخمس اذا لم تعلم مال الغير الحرام الذي اختلط مع مالك ولم تعرف صاحبه يقول بهذه المعارضة في صورة مطلقة اي حتى اذا ظهر ان المال الحرام اكثر من الخمس.

وهذا الدليل المطلق يقول: إمّا ان تبقى غير متمكن من التصرّف في جميع المال (الحرام المختلط بالحلال) أو تعطي الخمس للمصلحة التي حصلت قهراً, وقد حصل الأمر الثاني وهو يعني اجزاءه عن الحرام الواقعي في المال

الحرام, أو قل ان اعطاء المال الحرام عند الجهل به قد سقط بالتعذّر وقبل من صاحب المال بالخمس وهذا يعني عدم اعطاء الزائد اذا علم به.

كما ان الاصل العملي هو في صالح عدم اعطاء الزائد اذا علم به.

وكذا صحيح عمّار بن مروان القائلة: بأن تمام ما تعلّق بالمال (الحرام المختلط بالحلال) الذي لا يعلم صاحبه ولا يعلم مقداره, وهو الخمس لا اكثر وهذه مطلقة حتى لصورة ما اذا علم ان الحرام اكثر من ذلك بعد اعطاء الخمس.

على ان موضوع اخراج الخمس من المال احرام المختلط بالحلال هو فرد واحد خارجي فاذا اخرجنا خمسه في صورة عدم معرفة الحرام وعدم معرفة المالك, فقد حلّ لنا هذا المال الباقي وحينئذٍ اذا علمنا ان الحرام بعد ذلك اكثر من الخمس, فان المال الخارجي يبقى واحداً وقد اخرجنا خمسه وحلّ لنا.

فالموضوع واحد والحكم واحد ولم يتعدد الموضوع. نعم لقد كنا جاهلين بالمقدار الحرام وبعد اعطاء الخمس كما أُمر في الروايات علمنا بانّ الحرام اكثر, الاّ انّ هذا العلم لا يعدّد الموضوع حتى يكون هناك موضوع آخر فيه حرام معلوم فيجب اخراجه صدقة اذا علمناه أو نخرج خمسه اذا لم نعلمه أو نتصالح مع مالكه اذا علمنا المالك.

والخلاصة: اننا لا نتعقل حليّة المال الخارجي (وهو المال الحرام المختلط بالحلال الذي لا يعرف صاحبه ولا يعرف مقداره حين التخميس واقعاً ثم نفترض ان قسماً منه وهو ما اذا علم ان الحرام اكثر باقٍ في ضمن المال الذي خمّس فان هذا خلف واقعية تطهير المال وكونه حلالاً بعد اخراج الخمس.

واعتبر بالمصالحة التي تقع بين شخصين يُعلم ان لأحدهما حقاً عند الآخر الذي لا يعلم, فان هذه المصالحة الواقعية تقول بانها ثابتة حتى في صورة ما اذا علم بعد المصالحة ان للغير اكثر من مال المصالحة الذي دُفع, وذلك لاطلاق ادلّة المصالحة الناظرة حتى الى صورة ما اذا علم بعد المصالحة بان مال الغير اكثر من مال المصالحة.

وبهذا الكلام يبطل ما يقال: من ان روايات الخمس منصرفة الى صورة ما اذا بقي عدم معرفة الحرام الى الاخير. امّا اذا علم مقدار المال الحرام اكثر من الخمس المدفوع فهو موضوع آخر, والمشروط وهو اعطاء الخمس وكفايته الذي كان مشروطاً بعدم معرفة المال الحرام وانه اكثر من الخمس, عَدَمٌ عند عدم شرطه الذي هو هنا (معرفة الحرام وانه اكثر من الخمس).

وسبب بطلانه: هو عدم الموجب للانصراف بعد اطلاق الروايات وان الحكم هو واقعي ثانوي قد استفيد من الروايات المطلقة القائلة بوقوع مصالحة قهرية أو مراضاتية بين المال الحرام غير المعلوم وبين الخمس وان المال الباقي حلال لصاحب المال اي ان تمام الحرام الواقعي الذي كان في المال قد صولح عليه بالخمس حتى اذا علم بانه اكثر من الخمس بعد ذلك فلا مشكلة في حليّة التصرّف في الباقي وذلك فقد سلّم هذا في ما اذا علم ان الحرام أقل من الخمس اذ قالوا: «لا يستردّ الزائد» وما ذاك الاّ لان المصالحة الواقعية والحكم الواقعي قد حصل بإعطاء الخمس وحلّ

المال الباقي بأجمعه مطلقاً, فلاحظ.

 


[2] مستدرك الوسائل، للنوري، باب12 من ابواب مقدمة العبادات، ح14.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo