< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ اختصاص استثناء مؤنة السنة بأرباح المكاسب/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

ملحوظة: ان استثناء مؤنة السنة التي يصرفها المكتسب على نفسه وعياله تختصّ بأرباح المكاسب وما يستفيده الانسان يوماً فيوماً وخمس الضيعة أو التجارة ونحو ذلك ولا يشمل خمس الغنيمة وخمس المعدن والغوص والكنز، فانّ الأدلّة الدالّة على وجوب الخمس في هذه العناوين ذكرت استثناء ما يصرف على تحصيلها فقط ولا دليل على وجوب الخمس بعد مؤنة المغنم ومؤنة عياله، فلاحظ.

امّا الروايات الدالّة على استثناء المؤنة مطلقاً «سواء كانت مؤنة التحصيل أو مؤنة العيال» فهي ناظرة الى الخمس المجعول على مطلق الفوائد وارباح التكسّبات حيث انّ الإبتلاء كان في ذلك الربح، وكان السؤال والجواب عنه وعن كيفيتهِ كما صرّح به بعض الروايات.كما ان ما يصرفه الانسان على قوته وقوت عياله هو من ارباح التكسبات المتعارفة، وليس من ارباح الغنائم او الغوص او المعدن او الكنز، اذن الروايات الناظرة الى هذه الامور لا يمكن استفادة الاطلاق منها لكل ما يجب فيه الخمس.أي مؤنة هي المستثناة؟:

الاّ ان الاشكال هو: اي مؤنة تُستثنى من ارباح المكاسب هل مؤنة السنة أو مؤنة الفصل أو مؤنة الشهر أو مؤنة الأُسبوع أو مؤنة يوم الربح أو مؤنة سنتين أو ثلاثة أو اكثر اذا كان المكلّف ليس له عمل بعد حصول هذا الربح؟.

وقد قال الفقهاء بانّ المراد هو مؤنة السنة وهو الصحيح دليلهم على ذلك:1ـ ان لفظة مؤنة تنصرف عند اطلاقها الى مؤنة السنة «بعد عدم الدليل على ارادة مؤنة الشهر أو الفصل أو الاسبوع أو اليوم» لان المتعارف خارجاً «سيّما في الازمنة السابقة وخاصة عند القرويين» هو تهيئة مؤنة سنتهم لكل فصل من الفصول المناسبة لما يحتاجون اليه من حنطة أو أرز أو تمر ونحوها ممّا يحتاجون اليه يدَّخر للصرف الى العام المقبل نعم سكنه المدن الكبرى في غنى عن ذلك لوفور الغذاء في اسواقها طول العام ولهذا يلاحظ الغني بما انه يملك قوت سنة، والفقير بما انه لا يملك قوت سنته.اذن هذا المعنى المنصرف من المؤنة حين صدور النصّ هو الحجّة حتى اذا وجد معنى آخر للمؤنة في الازمنة اللاحقة على صدور النصّ.2ـ هناك اتفاق على ان المؤنة يراد بها مؤنة السنة، ولعلّ منشأ هذا الاتفاق هو سيرة المتشرّعة المتّصلة بزمان المعصوم عليه السلام، فيجعلون يوماً من ايام السنة يدفعون فيه الخمس من ارباحهم بعد استثناء المؤنة لهم ولعيالهم في تلك السنة.

3ـ صحيحة علي بن مهزيار قال: كتب اليه ابو جعفر عليه السلام وقرأت انا كتابه اليه، في طريق مكّة قال: ان الذي اوجبت في سنتي هذه «وهذه سنة عشرين ومائتين» لمعنى من المعاني- اكره تفسير المعنى كلّه خوفاً من الانتشار- وسأفسّر لك بعضه ان شاء الله: ان مواليّ- اسأل الله اصلاحهم – أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فاحببت ان اطهرهم وازكّيهم بما فعلتُ في عامي هذا من أمر الخمس قال الله تعالى: (خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكّيهم بها وصلِّ عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم. وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون. وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) [1]

ولم اوجب ذلك عليهم في كل عام الاّ الزكاة التي فرضها الله عليهم، وانما اوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة الاّ ضيعة سأُفسر لك أمرها، تخفيفاً منّي عن مواليّ ومنّاً منّي عليهم لما يغتال السلطان من اموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم، فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى: (واعلمو انما غنمتم....)[2] والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر والميراث الذي لا يُحتسب من غير اب ولا ابن....)[3]

انظر الى هذه الصحيحة فانها قد كررت السنة ومعناها وهو العام والحول خمس مرّات، اذن هي صريحة في انّ الخمس في كل عام، وحينئذٍ سيكون جواز استثناء المؤنة في كل عام لا اكثر.

وهذه الرواية ان كان فيها ما لا يقال به وهو ان الذهب والفضة فيها الزكاة بهذا العنوان، فان التبعيض في الرواية امر يستعمله الفقهاء[4] فما الذي يوجب اسقاطها مع صحّة سندها؟ بل نحن نقول بان الذهب والفضة بهذا العنوان يكون خاضعاً للخمس لا للزكاة، بل الزكاة عنوان وجوبها الدرهم والدينار الذهبي والفضّي، فهذا ليس شيئاً لا يقول به الامامية، بل يقال به فلاحظ.

وعلى هذا لا يصح ما ذكره صاحب الحدائق رحمه الله اذ قال: اني لم أقف على خبر صريح يتضمن كون المراد،

مؤنة السنة، لكن الظاهر: انهُ المتبادر من اطلاق هذه الالفاظ[5] وذلك لكفاية الظهور، بل نقول ان رواية علي بن

مهزيار كالصريحة في ان المراد من المؤنة مؤنة السنة.4ـ وممّا يدل على اعتبار مؤنة السنة لا اكثر هو ان الروايات صرّحت بان الخمس يكون بدلاً عن الزكاة التي لا تحلّ لبني هاشم، فكما ان الزكاة سنوية في النقود والانعام كذلك الخمس يكون سنوياً فاستثناء المؤنة يكون بعد مؤنة السنة نعم الفرق بين الزكاة والخمس يكون في المقدار والمورد والمصرف.

5ـ صحيحة علي بن مهزيار الاخرى عن مكاتبة ابراهيم بن محمد الهمداني فكتب وقرأه علي بن مهزيار... (عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وبعد خراج السلطان)[6] .

ونحن نعلم ان استثناء خراج السلطان كان سنويّاً عادة، فيكون استثناء مؤنة القوت له ولعياله ايضاً سنة.

 


[4] اقول: ان تبعيض حجية الخبر بعد تمام شروط الحجية في ذلك البعض لا مانع منه ولذلك صور كثيرة منها ان الخبر له اكثر من مدلول وبعضه شاذ لم يعمل به او مخالف للكتاب او للسنة القطعية او انه وارد للتقية فيسقط عن الحجية دون ما كان متوفراً على شروط الحجية فهو حجة. المقرر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo