< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خمس الإرث فيما لو كان المورِّث لم يخمس/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

مسألة(50): اذا علم ان موّرثة لم يؤدِّ خمس ما تركه وجب اخراجه سواء كانت العين (التي تعلّق بها الخمس) موجودة او كان الموجود عوضها بل لو علم بإشتغال ذمّته بالخمس وجب إخراجه من تركته مثل سائر الديون(1). ويرد على ما قاله السيد الخوئي قدس سره والسيد السيستاني حفظه الله:

ان المبلغ الذي كان في مقابل نقص الدار، لماذا لم يحسبه من أرباح المكاسب السنة الثانية فيُخرج خُمسه؟

وبعبارة أخرى: في السنة الأُولى نقصت الدار بمقدار خمسين ديناراً، فهي ليست ربحاً من ارباح السنة الأُولى، وأمّا اذا بقيت الى السنة الثانية «ولم يصرفها في ترميم الدار» فلماذا لم تعدّ من ارباح السنة الثانية؟ ولهذا ذهب الشهيد الصدر قدس سره في تعليقته على منهاج الصالحين الى وجوب الخمس في مقابل النقص اذا بقي الى السنة الثانية إحتياطاً وجوبياً، اذ يعدّ من أرباحها.

ان كلام السيد الخوئي قدس سره هو في بعض فروض الاجارة، وهو اجارة ما يملكه من الاعيان وهذا أخصّ من المدّعى، لانّ كلامنا اعمّ من ذلك لأننا نتكلّم في كل اجارة للعين سواء كانت مملوكة للمؤجر أو غير مملوكة، كما لو كان قد أُوحي لزيد بمنفعة الدار عشر سنين، أو كانت الدار وقفاً ذُرّياً عليه وعلى مَن بعده من أولاده وهكذا ما تناسلوا وقد آجرها اكثر من سنة، فحينئذٍ لا تستوجب الاجارة لمدّة سنتين نقص قيمة دار يملكها بحيث تستثنى من الربح، لأنّ الدار ليست له أصلاً.

ثم لماذا لم يذكر هذا الكلام في إجارة السنة الواحدة فانّ الدار أيضاً تنقص قيمتها فاللازم نقصان الإجارة بقدرها أيضاً.

وقد يقال: في ردّ الاشكال الثالث: انه قد تعرّض لإجارة السنتين أو الأكثر فذكر ان نقصان قيمة العين لا يُعدّ ربحاً فلا يخمس ولم يتعرض لما اذا آجر داره سنة واحدة، ولو كان قد تعرّض لذكر أيضاً ان نقصان قيمة الدار في هذه السنة لا يُعدّ ربحاً أيضاً.

وعلى كل حال: فالظاهر أنّ نقصان قيمة العين عند الاجارة لا يرتبط بالاجارة التي فرض استلام مال الاجارة بأجمعه، اذ أنّ الدار تنقص قيمتها سواء آجرها ام لم يؤجرها، فلا يجبر النقصان من الاجارة، فلاحظ.

1)اقول: ان هذه الفتوى من قبل صاحب العروة قدس سره صحيحة وقد وافق عليها معظم الفقهاء من باب انه لا تركة الاّ بعد سداد الديون واذا كان المكلّف لم يؤدِّ حقّ الإمام وحقّ قبيله في العين أو في بدلها وكذا عند تلفها وانتقال الخمس الى الذمّة، فهو مدين لهم أو قل هم شركاء مع صاحب المال، فيجب إخراج حقّ الغير من التركة ثمّ تقسّم التركة على الوارث سواء كان المورّث معتقداً بوجوب الخمس في ارباح المكاسب أو غير معتقد كالكافر أو المخالف. الاّ ان السيد الخوئي قدس سره قد فصّل بين ما لو كان الميت ملتزماً بالخمس فمات أو كان متسامحاً في أدائه فمات، فقال بوجوب اخراج خمس التركة وبين ما لو يكن الميّت ملتزماً بالخمس فمات (أو لم يكن معتقداً به) فقال بعدم

 

وجوب الخمس في التركة وهذا سيأتي من السيد الخوئي قدس سره مفصّلاً في آخر كتاب الخمس[1] وسنذكر دليله هنا ولتوضيح ما قاله السيد الخوئي قدس سره في المسألة نقول بوجود فرضين:

الأول: ان الخمس اذا كان عيناً في تركته باقية كانت أو تبدلّت الى شيء آخر كما هو المتعارف خارجاً حيث يربح ويشتري بالربح شيئاً آخر ثم يبيعه فيربح ويشتري شيئاً آخر وهكذا «فالعين الثانية والثالثة بدل عمّا تعلّق به الخمس» فانْ كان الميّت ملتزماً بالخمس ولم يحل رأس السنة أو انه فمات اثناء السنة، أو كان متسامحاً وتساهل في أدائه بعد السنة فمات، فهنا لا ينبغي الإشكال في وجوب إخراج الخمس، لعدم الدليل على سقوط الخمس بالموت، وبما أنّ الخمس قد ثبت بظهور الربح والتأخير الى آخر السنة كان منّةً لأجل جبر الخسران من الربح أو إخراج المؤنة من الربح مثلاً، وحينئذٍ اذا لم يحصل خسران ولم تكن مؤنة بعد موته فلا يسقط ذلك الوجوب الذي جعل المال مشتركاً بينه وبين أصحاب الخمس، وتبيّن ان المال كلّه لا يكون للورثة بل خمسه.

الثاني: اذا لم يكن الميّت ملتزماً بالخمس كالعصاة من الإمامية، أو لم يكن معتقداً به «كأهل التسنن والكفّار» فهل تشمله ادلّة التحليل أو لا؟ وهذا قد تعرّض له السيد الخوئي قدس سره في المسألة الأخيرة في آخر كتاب الخمس.

اقول: اما من لم يكن ملتزماً من الشيعة (كالعصاة) فهو محل الخلاف[2] قال السيد الخوئي قدس سره: ان الصحيح هو التحليل للورثة فيجعل للورثة مال الميت الذي لم يدفع خمسه عصياناً، وهذا يختلف عن الزكاة التي لم تسقط عمّن انتقلت اليه اذا لم يؤدِّ الزكاة صاحبها الاوّل فمات.

ودليل السيد الخوئي قدس سره هو:

أولاً: النصوص التي جاءت في هذا المورد خلافاً للقاعدة التي تقول ان المال ليس كلّه ملكاً للمالك بل له اربعة اخماس فقط، اما الخمس الخامس فهو لغيره فيجب دفعه للغير ويرجع المشتري على البائع بثمنه.

فمن الروايات: ما رواه الشيخ والصدوق باسنادها عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند الصادق عليه السلام فدخل عليه رجل من القمّاطين فقال: جُعلت فداك تقع في ايدينا الاموال والارباح والتجارات، نعلم ان حقّك فيها ثابت وأنّا على ذلك مقصّرون فقال الامام عليه السلام: «ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم»[3]

وهذه الرواية معتبرة بطريق الصدوق لأن ّالحكم بن مسكين[4] ثقة ظاهراً.

ثانياً: ما رواه الشيخ باسناده عن ابي سلمة «سالم بن مكرم» وهو ابو خديجة عن ابي عبدالله عليه السلام قال:

قال رجل وانا حاضر: حلّل ليّ الفروج؟ ففزع الامام الصادق عليه السلام فقال له رجل: ليس يسألك ان يتعرّض الطريق، وانما يسألك خادماً يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثاً يصيبه أو تجارة أُ عطيه؟ فقال الامام عليه السلام: هذا لشيعتنا حلال. الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحيّ وما يولد منهم الى يوم القيامة فهو لهم حلال، أمّا والله ولا يحلّ الاّ لمن أحللنا له[5] .

وهذه الرواية ايضاً معتبرة وذلك لان أبا سلمة هو سالم بن مكرّم أو يقال له ابا خديجة وابو سلمة هي كناية له قد كنّاه بها الامام الصادق عليه السلام وقد قال عن سالم بن مكرم النجاشي: (انه ثقة ثقة)[6] .

نعم الشيخ الطوسي جعل ابا سلمة كنية لمكرم[7] وهو اشتباه منه، فصار الاسم سالم بن ابي سلمة وهذا سالم بن ابي سلمة ضعيف وهو الكندي السجستاني فقد قال عنه النجاشي: (حديثه ليس بالنقي)[8] .

والشيخ الطوسي تخيلهما شخصاً واحداً، فلم يتعرّض للثاني وهو سالم بن ابي سلمة الضعيف لا في الفهرست ولا في الرجال مع انه له كتاب.

[2] اقول: قد يكون الخلاف منّا في صورة كون الذي نقل الينا المال الذي فيه الخمس مخالفاً أو كافراً لأنه أدلّة التحليل معلّلة بعدم الخمس بعد الانصاف وفي ارثنا من الكافر أو المخالف لا يكون دفع الخمس خلاف الانصاف. فلاحظ . من الاستاذ حفظه الله.
[4] اقول: قد عرفت حاله من الحاشية السابقة فأنه مجهول ولم يرد فيه شيء من عبائر التوثيق فيما ذكره الرجاليون عنه. نعم ورد في كامل الزيارات كما عرفت. المقرر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo