< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مبدأ السنة الخمسية/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

مسألة (60): مبدأ السنة حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسّب. وامّا من لم يكن مكتسباً وحصل له فائدة اتّفاقاً فمن حين حصول الفائدة (1).

والخلاصة: ان هذا الربح الذي هو بقدر مؤنة السنة اذا جُعِل رأس مال بالشرطين المتقدمين قد صُرف في مؤنة السنة بجعله رأس مال لنا والتعيّش من حاصله وربحه لأنّه كالأبقار والحيوانات التي نشتريها بمؤنة السنة ونتعيّش بواسطة الاستفادة من نتاجها، كما يمكن الاستفادة منها بأكلها في السنة فأنها محتاج اليها للتعيش لعدم وجود مال يتعيّش به وعدم وجود عمل أو وظيفة يتعيّش بها، فهو محتاج اليه للتعيّش، امّا اذا كان هناك مال مدّخر يمكن التعيش به فهو ربح ولم يصرف في المؤنة الفعلية، بل جعل رأس مال محفوظ ومدخّر. وكذا اذا كان هناك عمل أو وظيفة يتعيّش بها.

فالمؤنة: هو الصرف الفعلي للربح فيها مباشرة، أو جعلها رأس مال يتعيّش به وهذا التعيّش لصدق انه مؤنة اذا لم يكن هناك مال آخر أو عمل أو وظيفة يتعيّش بها والاّ فسيكون ادخاراً للربح مع عدم تخميسه.

اذن حصل فرق في صدق المؤنة بين صرف الربح فيها مباشرة فإنها تصدق وان كان له مال مخمّس أو عمل أو وظيفة، وهذا دلّ عليه الدليل اللفظي وحينئذٍ يخمّس نتاج عمله وحاصل وظيفته بينما اذا جعل الربح رأس مال له فأنه اذا كان له عمل أو وظيفة أو مال آخر مدّخر فلا يصدق عليه انه ربح يحتاج اليه في مؤنته بل هو ادّخار المال في بضاعة او عين أُخرى فعليه الخمس. اما اذا جعل الربح رأس مال له ولا عمل آخر له ولا وظيفة ولا مال مدّخر وكان بقدر المؤنة فتصدق عليه انه ربح محتاج اليه في مؤنته كشراء الفراش المحتاج اليه ويبقى سنين فلا خمس فيه، فلاحظ.اذن انتهى بنا الدليل الى مخالفة صاحب العروة قدس سره في وجوب الخمس احتياطاً في مسألتنا هذه «جعل الربح الذي بقدر المؤنة رأس مال له» بالشرطين الذين ذكرناهما اما اذا كان بقدر مؤنة السنة ولكن كان هناك مورد آخر له يتمكن ان يتعيّش به فيجب تخميس الربح، وكذا اذا كان يمكنه ان يتعيّش بهذا الربح المتقدّم الذي يريد جعله رأس مال له بعد إخراج خمسه بان يتنزل من التعيش المرفّه الى التعيّش الكفاف أو التقشّف، فيجب في الربح الخمس وان جعله رأس مال له. أو كان رأس المال لعمله أقل من مؤنة السنة.

ومخالفة القول الثاني: وهو الفتوى بوجوب اخراج الخمس كما خالفنا القول الرابع القائل بعدم وجوب خمسه مطلقاً، أي حتى وان كان له مال آخر يتعيّش به أو وظيفة حكومية، وحتى اذا كان يمكنه ان يتعيش به مع إخراج خمسه لأنه يكمل بتعيشه بعمله البدني، واخترنا القول الثالث: الذي هو بالتفصيل الذي أحدُ شقيّه هو ما اذا كان الربح ليس بأكثر من مؤنة السنة بالشرطين المتقدمين، فلاحظ.

1)هذه المسألة تتعرض الى مبدأ السنة الخمسيّة للمكلّفين، وهي مرتبطة بكيفية استثناء المؤنة ومتفرّعة على رأي صاحب العروة قدس سره الذي يقول: لابدّ ان يجعل المكلّف له رأس سنة لأرباحه يخرج مؤنته منها ويخمّس الباقي.

فصاحب العروة قدس سره ذكر قولاً بالتفصيل، وهو أحد الأقوال في المسألة، وهو القول الاول: حاصله هو: اذا كان المكلّف متكسباً فمبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مؤنتها هو حال الشروع في الإكتساب.

وأمّا المكلّف الذي لم يكن متكسّباً وحصل على فائدة اتفاقاً سنته الخمسية من حين حصول الفائدة.

وهذا التفصيل قد صرّح به الشيخ الانصاري في كتابه الخمس[1] .

القول الثاني: مبدأ السنة الخمسيّة عند ظهور الربح أو حصوله فلو اشترى ارضاً بمائة ثم ارتفع سعرها فظهر الربح وهو مبدأ سنته الخمسيّة وقد يُعبّر عن هذا بحصول الربح. وقد اختار صاحب الجواهر قدس سره القول الثاني، فقال: «لو قيل بإعتبار الحصول من حين ظهور شيء من الربح، ثم احتساب الأرباح الحاصلة بعد ذلك الى تمام الحول

واخراج الخمس من الفاضل عن مؤنة ذلك الحول كان حسناً والله اعلم[2] » وذكر ذلك أيضاً في نجاة العباد[3] ولم يعلّق صاحب العروة قدس سره على هذا القول، فلاحظ.

والقول الثاني: اختاره الشهيد الثاني رحمه الله[4] وصاحب المدارك ايضاً[5] وتابعهم جملة من متأخري المتأخرين.

والقول الثالث: ان مبدأ السنة الخمسية هو الشروع في الكسب، وهذا هو الذي صرّح به الشهيد الاول قدس سره في الدروس[6] وتبعه صاحب الحدائق قدس سره[7] ولذا قال صاحب الجواهر قدس سره: (ولعلّه لذا قال في الدروس والحدائق: ولا يعتبر الحول في كل تكسّب، بل يبتدأ الحول من حيث الشروع في التكسّب – بأنواعها – فاذا تم خُمّس ما فضل[8] ).

اقول: ان هذا القول ليس قولاً جديداً، بل هو راجع الى القول الاول وهو التفصيل لأنه اذا كان يرى ان أوّل السنة الخمّسية في التكسّبات هو من حين الشروع في الكسب، وحينئذٍ لابدّ ان يقول: اذا حصل ربح اتّفاقي فرأس سنته هو حصول الربح وظهوره لأنه لا يتمكن ان يقول بعدم وجود رأس سنة لهذا الربح وليس هو تكسّباً، اذن رأس سنته هو ظهور الربح. فهذا هو نفس القول الأوّل وهو التفصيل الذي ذكره الشيخ الانصاري[9] وتبعه عليه صاحب العروة قدس سرهما.

القول الرابع: وهو تفصيل في التكسّبات بين اليوميّة وغيرها، ففي التكسّبات اليوميّة يكون رأس سنته الخمسيّة من حين الإكتساب، وفي غيرها يكون من حين حصول الفائدة، فقد قال في حاشيته على العروة قدس سره «حال الشروع في الاكتساب»: «ممن يستفيد الفوائد تدريجياً يوماً فيوماً أو في يوم دون يوم مثلاً، أمّا في غيره: كالزارع، ومن كان عنده النخيل والاشجار أو الاغنام أو نحو ذلك فمن حين حصول الربح والفائدة».

اقول: هذا القول راجع الى القول الثاني «وهو ظهور الربح» فان المكتسب يوماً فيوماً يكون الربح قد حصل له فور كسبه وهو أوّل يوم بل أوّل ساعة مثلاً، ومن زرع شجراً أو نخلاً يكون الربح قد حصل له عند حصول الثمر اذا كان الزرع والنخل لأجل ثمره، فمبدأ السنة في الإكتساب من حين ظهور الربح، وطبعاً اذا جاءه ربح إتّفاقي من دون تكسّب فمبدأ سنته من حين ظهور الربح وحصوله، ولا يمكن ان نذكر هذا كقول رابع.

وقد قلنا ان القول الثالث هو عبارة عن القول الاول، اذن لم يبق عندنا الاّ قولان: التفصيل وقول الشهيد الثاني قدس سره الذي اختاره صاحب الجواهر قدس سره.

 


[5] مدارك الأحكام، الموسوي العاملي، السيد محمد، ج5، ص390.. وهذه عبارته: (واما الارباح فالمشهور عدم اعتباره فيها بمعنى وجوب الخمس فيما علم زيادته عن مؤنة السنة وجوباً موسعاً من حين حصول الربح الى تمام الحول احتياطاً للمكتسب)
[6] الدروس الشرعية، للشهيد الاول، ج9، ص176، وهذه عبارته: ( بل يُبتدأ الحول من حين الشروع في التكسّب بأنواعه). اقول: قد نسب السيد الخوئي الى الشهيد الاول القول بأن مبدأ السنة هو من حين ظهور الربح مطلقاً في كتاب الخمس 25: 250. وهذا ليس بصحيح وقد تبعه الشيخ البروجردي رحمه الله في تلك النسبة وكذا المحققون للموسوعة حيث ارجعوا الى الدروس وليس في الدروس الاّ قوله بأن مبدأ الحول من حين الشروع بالتكسب لا من حين ظهور الربح، نعم هذا هو راي الشهيد الثاني في المسالك كما نقلنا عبارته في الحاشية السابقة. المقرر.
[8] جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي 16: 407 طبع جماعة المدرسين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo