< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ الصرف الفعلي هو المناط في المؤنة / خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

مسألة (65): المناط في المؤنة ما يصرف فعلاً لا مقدارها فلو قتّر على نفسه لم يحسب له. كما أنه لو تبرع بها متبرع لا يستثنى له مقدارها على الاحوط, بل لا يخلو عن قوة. (1).

1)هل استثناء المؤنة من الربح الذي دلّ عليه الدليل هو استثناء مقدارها أو ما يصرف في المؤنة فعلاً؟.

فعلى الأوّل: يُستثنى المقدار المعادل لمؤنة السنة من الربح حتى اذا قتّر على نفسه فلم يصرفه في مؤنته أو تبرّع له أجنبي بالطعام والشراب وامثال ذلك مما يحتاج اليه.

وعلى الثاني: فلا يستثنى الاّ مقدار ما صرف فعلاً في مؤنته, فاذا قتّرَ في ذلك أو تبرّع له أجنبي فيجب تخميس الربح الباقي بأكمله.

والصحيح الظاهر من دليل استثناء المؤنة من الربح هو استثناء ما يصرف في مؤنته الفعليّة, فاذا قتّر أو تبرّع له متبرّع فيصدق على ما يبقى عنده انه ربح غير مصروف في المؤنة فيجب فيه الخمس.

وتوضيح ذلك: اننا اذا قلنا ان استثناء المؤنة من الربح هو استثناء من الحكم التكليفي أي وجوب دفع الخمس من الأرباح, بمعنى ان كل ربح فيه الخمس ولكن أُجيز صرفه في المؤنة إرفاقاً, فحينئذٍ ما صرف خارجاً وفعلاً يكون خارجاً عن الخمس والباقي يبقى خاضعاً لوجوب الخمس, لأنّ الارفاق إنما يكون في الصرف الفعلي في المؤنة.

واذا قلنا ان استثناء المؤنة من الربح هو استثناء من الحكم الوضعي بمعنى ان الخمس تعلّق بالمال بنحو الشرط المتأخر وهو الصرف في المؤنة الذي يأتي بعد الربح, فهذا الدليل يكون ظاهراً في استثناء نفس المؤنة المصروفة لا في قدرها.

أقول: هذا الذي تقدم هو احد الاقوال في المسألة, وهناك قول آخر وهو: ان المؤنة تصدق على ما كان من شأنه صرفه فلا خمس فيه , ولو قتّر حسب له فلا خمس فيه, اي اذا ضيّق على نفسه وصرف أقل من شأنه فلا خمس على المقدار الزائد.

وهذا قول ذهب اليه جماعة وحجّتهم ان المستثنى من خمس الارباح هو المؤنة المصوفة, فالخمس يتعلّق بما عداها, وحينئذٍ من ربح الفاً وكانت مؤنته اللائقة بشأنه خمسمائة, فحينئذٍ لا يتعلّق الخمس الاّ بنصف الألف سواء صرف ذلك النصف الذي هو لائق بشأنه أو لا أو زاد في الصرف عليه.

ثم ان القول بانّ المؤنة هي التقديرية «لا الصرف الخارجي» لها لازم باطل وهو: لو كان يجب عليه الديّة أو مظالم العباد أو الكفارات وقلنا ان من شأنه اداءها فحينئذٍ اذا كان قد ربح ربحاً كثيراً فهو يعني انه لا يجب عليه الخمس في ربحه هذا, فلو كان في كل سنة عليه مظالم العباد أو كفارات أو ثمن جنايات فهذا يعني انه لا يجب عليه الخمس لو ربح في تجاراته لأنه من شأنه اداؤها فهي مستثناة من الربح, وبهذا سيكون الظالمون والفسّاق الذين بذمّتهم اموال يجب اداؤها الاّ انه لم يصح فسيكون هذا مستثنى من الربح فلا يكون عليه الخمس واجباً.

وهذا كما ترى لا يمكن الالتزام به. وليس استثناء هولاء من وجوب الخمس هو بدليل خاص حتى يكون نقضاً على من قال بأنّ المؤنة هي الصرف الفعلي لا الشأني.

ملحوظة: ان التقتير مرّة يكون إكراهيّاً كمن اكره على عدم الاستفادة من ماله في الصرف على معيشته.

وقد يكون التقتير اضطرارياً كما اذا مرض أو سجن فلم يتمكن من الأكل أو السفر أو الزواج.

وقد يكون التقتير اختيارياً كمن زهد في الأكل والصرف على نفسه.

وقد يكون التقتير واجباً كمن أقسم ان لا يأكل الاّ الخبز واللبن أو أقسم ان لا يسافر ولا يتزوج ولا يشتري سيّارة مثلاً فيجب عليه ان يفي بنفسه فحصل التقتير.

كما يمكن ان يكون التقتير حراماً كمن لم يصرف على اولاده الواجبي النفقة أو لم يصرف على زوجته أو لم يدفع الدية الواجبة عليه.

ففي كل هذه الموارد اذا حصل التقتير ولم يصرف فلا يُعدّ مؤنة فيكون الخمس واجباً فيما حصل من التقتير.

ذكر صاحب العروة قدس سره: (ان المؤنة لو تبرع بها متبرع فلا يستثنى مقدارها من الخمس في الربح على الاحوط) ثم قال: (بل لا يخلو من قوّة).

نقول: لماذا احتاط اولاً, ثم بدّل الاحتياط بفتوى ضعيفة, مع انه لا يوجد فرق بين هذا المورد وغيره من موارد التقتير, اذ في كليهما لم يحصل صرف فعلي في المؤنة.

ولهذا قد نقول: ان الاقوى وجوب الخمس في المؤنة الشأنية التي لم تصرف في صورة تبرّع متبرّع بالمؤنة أو بقي جائعاً فلم يصرف على نفسه, فلم تصدق المؤنة الفعلية فيجب الخمس في كل الربح الباقي بعد التقتير أو عند التبرّع بالمؤنة.

اقول: يوجد اشكال على صاحب العروة قدس سره في تعبيره بتبرّع المتبرّع, اذ ان تبرّع المتبرّع الى المكلّف بالأكل والشرب والسكن واللباس (بالمؤنة) هو عبارة عن تمليكه مجّاناً وهو داخل في الربح وحينئذٍ ستكون المؤنة من هذا الربح فعليّة عند صرفها.

نعم لو عبّر بالإباحة له فهو ليس تمليكاً ولم يصرف من ارباحه, فيكون كلامه صحيحاً.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo