< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع / ادلة كون الخمس يتعلّق حين ظهور الربح/ خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

ودليلنا على تعلّق الخمس هو وقت ظهور الربح بحيث يشترك المالك ومستحق الخمس فيه وحين ظهور الربح هو:

اولاً: الآية الكريمة ولو بضميمة الروايات الدالّة على ان المراد من الغنيمة هو مطلق الربح «والغنم» فهي ظاهرة في ان وقت تعلّق الخمس هو عند حصول الغنيمة وحصول الربح.

ثانياً: الروايات: ومنها موثقة سماعة القائلة: «ما افاد الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس»[1] .

وظاهرها هو تعلّق الخمس عند تحقق الفائدة والربح.

نعم وردت عدّة اخبار تقول: (ان الخمس بعد مؤنة الرجل ومؤنة عياله)[2] التي قلنا سابقاً ان المراد من البعدية هنا هو البعديّة الرتبية مثل الإرث بعد الوصية والدين. وحينئذٍ سيكون مقتضى الجمع بين الأدلّة هو أنّ الخمس ثابت عند ظهور الربح مشروطاً بعدم صرفه في المؤنة «بنحو الشرط المتأخر» فان البعدية الرتبية لا تنافي الثبوت من الأوّل، فكلما صرف في المؤونة لا يتعلّق به خمس من الاول، وكلّ ما بقي وفضل وجب خمسه.

اقول: ما هي الثمرة من هذا النزاع بين ما نسب الى ابن ادريس وما ذهبنا اليه؟

والجواب: الثمرة فيما اذا مات المكلّف في اثناء السنة، فلا يجب عليه الخمس على ما نُسب الى ابن ادريس لأن السنة لم تنته، فلا خمس عليه، ويجب الخمس على ما ذهبنا اليه في ربحه لان ربحه قد تعلّق به الخمس عند ظهوره مشروطاً بعدم صرفه في مؤنته ومؤنة عياله، فاذا مات في اثناء السنة، فالربح الباقي كلّه فيه الخمس، فلاحظ.

وكذا يجوز اتلاف الربح اثناء السنة أو الصرف في غير المؤنة من هبة لا تليق بشأنه ونحوها على رأي ابن ادريس لعدم لزوم حفظ القدرة قبل تعلّق التكليف وهذا يرجع الى سقوط الخمس بخلاف ما اذا قلنا ان تعلّق الخمس وقت ظهور الربح فلا يجوز اتلاف الربح أو الصرف في غير المؤنة من غير تخميس.

الأمر الثاني: ما هو الدليل على جواز تأخير دفع الخمس الى آخر السنة رغم فعليّة تعلّق الوجوب في الربح حين ظهوره؟ اي كيف جاز تأخير اداء حقّ الغير (وهو الخمس) الثابت بمجرّد ظهور الربح من اطلاق ما دلّ على عدم حلّ مال مسلم بغير اذنه، فانّ حبس الحقوق من الكبائر؟

واذا قلنا باستثناء المؤنة، فيستثنى القدر المتيقن من الصرف فيها ونخمّس الباقي عند ظهور الربح اذا كان الربح كثيراً.

والجواب: لقد صرّح جماعة بجواز تأخير دفع الخمس الى نهاية السنة، إرفاقاً واحتياطاً من جهة المؤنة.

وهذا الارفاق والاحتياط قد صدر من المشرِّع بدليل:

1ـ السيرة القطعية العملية من المتشرّعة على دفع الخمس في آخر السنة، ولو كان وجوب دفع الخمس في أوّل ظهور الربح لكان هذا الوجوب واضحاً ولا يخالف من قبل المتشرعة. وبعض استدل بالاجماع لأنهم ارسلوا جواز دفع الخمس في آخر السنة ارسال المسلّمات.

اقول: انه دليل لبّي، يقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما علم واحتمل صرفه في المؤنة.

ولهذا قد يقال: بعدم جواز تأخير دفع الخمس فيما يحرز عدم صرفه الى آخر السنة.

2ـ صحيحة علي بن مهزيار القائلة: (فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام)[3] بينما لو كان الواجب اداء الخمس أوّل ظهور الربح لكان واجبا عليهم في كل يوم فيه ربح أو كل شهر عند ظهور الربح فيه، بينما الرواية قالت الخمس واجب في كل عام ونتيجة هذا هو جواز تأخير خمس الأرباح الى نهاية السنة.

3ـ ان المؤنة شاملة للمصارف الضرورية وغيرها كالهبة والحج المندوب والزيارات والزواج الثاني والثالث وما يصرف في سبيل الله تعالى وامثال ذلك، فاذا قلنا يجوز الصرف، وهذا هو حكم، وليس هذا الحكم منوطاً بالصرف الخارجي، بل جواز الصرف حكم ثابت حتى مع من يقطع بعدم الصرف في السنة، الاّ ان هذا القطع قد لا يكون مطابقاً للواقع فيحدث له سبب يوجب صرفاً في المؤنة، فيبقى حكم جواز الصرف في المؤنة حتى مع القطع بعدم الصرف في المؤنة، وعليه يجوز التأخير الى آخر السنة في اخراج الخمس.4ـ حينما قلنا سابقاً في الامر الأوّل: ان الربح متعلّق عند ظهور الربح مشروطاً بكونه بعد المؤنة، فهو يعني:

اولاً: ان حقّ السادات وحق الامام عليه السلام مشروط بعدم صرف الربح في المؤنة وهذا حكم وضعي.

ثانياً: يجب اخراج الخمس من الربح اذا لم يصرف في المؤنة، وهذا حكم تكليفي.

وهذان الواجبان هما واجبان مشروطان. والواجب المشروط لا ينقلب الى واجب مطلق «حتى لو علم بعدم صرف الربح في المؤنة» وحينئذٍ لا يمكن القول بوجوب الاداء حين الربح فعلاً وذلك لجواز الصرف في المؤنة فاذا جاز الصرف في المؤنة حتى مع القطع بعدم الصرف في المؤنة، فهو يعني جواز إبقاء دفع الخمس الى نهاية السنة، لأن جواز الصرف وجواز الابقاء لا يجتمع مع وجوب الاداء فعلاً.5ـ ان الدليل الدال على ان الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله يدلّ دلالة عرفية على جواز تأخير دفع خمس الارباح الى آخر السنة وذلك لوضوح ان مؤن المكلفين تكون تدريجيّة متجدّدة وليست دفعيّة وليست معلومة من اول الأمر، فان دلّ الدليل على تقدّم حقّ المكلّف في مؤنته السنوية على الخمس كان مفاد ذلك عرفاً هو ان صاحب الخمس انما يكون حقّه في خلال العام.

اقول: ان الحصر في قول صاحب العروة قدس س سره: (وانما هو ارفاق بالمالك لإحتمال تجدد مؤنة اخرى زائداً على ما ظنّه» ليس صحيحاً، بل مقتضى عموم العام في صحيحة على بن مهزيار عن الامام الجواد عليه السلام وكذا السيرة من المتشرّعية يقولان بجواز التأخير الى آخر السنة في اعطاء الخمس حتى في صورة علمه بعدم صرف الربح في المؤنة.


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.. وفي بعض الروايات: (في كل عام مرّة) فانّه يدلّ على صحة الحساب المجموعي وعدم ملاحظة كل ربح ربح بل لكل عام ربح يخصّه. من الاستاذ حفظه الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo