< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ تخير المالك بين الدفع من جنس العين او من غير ذلك/ خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

ويتخير المالك بين دفع جنس العين او دفع قيمته من مال اخر نقداً او جنساً (1).1)لا يجب الاخراج من نفس العين، بل يجوز من مال آخر، والدليل على ذلك هو:

1ـ ما تقدّم في باب الزكاة بدعوى شموله للمقام وهي صحيحة البرقي قال: كتبتُ الى ابي جعفر الثاني (الامام الجواد) عليه السلام: هل يجوز ان اخرج عما يجب في الحرث من الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم قيمة ما يسوى ام لا يجوز الاّ ان اخرج عن كل شيء ما فيه؟ فأجاب عليه السلام: «ايّما تيسّر يُخرج»[1] .

قال السيد الخوئي قدس سره: ان ما يجب في الحرث بعد التقييد بالحنطة والشعير وان كان ظاهراً في الزكاة، لكن ما يجب على الذهب مطلق يشمل الخمس كما لو كان الذهب هبة أو أجرة أو ثمناً فهو ربح، وحينئذٍ نتمسك بإطلاقها (اطلاق ما وجب على الذهب) للزكاة والخمس، وقد حكم الامام عليه السلام بكفاية الاخراج بكلّ ما تيسّر وان كان من خارج العين[2] .

2ـ ثم ان نظر السائل لا يفرّق بين الزكاة والخمس اللذين هما ضريبتان على الاجناس المعيّنة او الزائدة عن مؤنة السنة ولو كان هناك فرق بين الزكاة والخمس، فانّ هذا ليس في جواب الامام عليه السلام، بل هو في سؤال السائل والعبرة انما تكون بجواب الامام عليه السلام وهو مطلق.وحينئذٍ اذا كان في الزكاة يجوز ان يعطي جنساً من غير ما تعلّق به الزكاة من نفس الجنس، ويجوز الاعطاء نقداً بدلاً عن الجنس الزكوي، فهنا ايضاً كذلك يجوز الاعطاء جنساً من غير ما تعلّق به الخمس من نفس الجنس ويجوز الاعطاء نقداً بدلاً عن الجنس الخاضع للخمس.وقد تقدّم عن السيد الخوئي قدس سره بأن الزكاة هي في العين على نحو الشركة في المالية، وقد رفع اليد عن ظهورها في الشركة على نحو الاشاعة، لأدلّة هناك، فاذا كانت الزكاة مثل الخمس ضريبة مالية، فهنا كذلك.نعم هناك اشكال في التعدّي من جنس الخمس الى جنس آخر غير متمحّض في الماليّة والقيمة وان كان بقيمة الخمس من النقد أو من جنس الخمس، كما لو كان الخمس ديناراً فاراد المكلّف ان يدفع كتاب جواهر الكلام الذي قيمته دينارُ ايضاً كقيمة للخمس، او كان المورد الخاضع للخمس هو كتاب الوسائل وأراد المكلّف ان يدفع كتاب جواهر الكلام عوضاً عن الوسائل وكان بقيمة الوسائل.وهذا مورد الاشكال قد أجازه صاحب العروة قدس سره، ولكن الاشكال لا يزول اذ يقال لو كان المدفوع خمساً من نفس الجنس الخاضع للخمس، فالمكلّف غير مأمور الاّ به، ولكن اذا كان عليه خمس كتاب الوسائل فأيّ دليل دلّ على جواز اعطاء قيمته من كتاب الجواهر؟ولا يجوز له التصرف في العين قبل اداء الخمس، وان ضمنه في ذمته (1). وماذا يصنع الفقير بكتاب الجواهر الذي هو بقيمة الخمس اذا لم يكن من أهل العلم، فكيف نقول بالإجزاء مع عدم الدليل عليه؟ ولا اجماع في البين يدلّ على الإجزاء؟!

نعم نتعدّى من النقد الى النقد ومن الكتاب والثياب وامثالها الى النقد للقطع بعدم الفرق في التعدّي من النقد الى النقد، وللفائدة لكل أحد في التعدّي من الجنس الى النقد وللرواية الواردة في الزكاة القائلة بجواز ان يدفع بدل الحرث في الحنطة والشعير دراهماً قيمة ما يسوى[3] ، بخلاف التعدّي من الثياب الى الكتاب أو من النقد الى الكتاب والثياب، فلاحظ.

1)تقدّم جواز التصرّف في العين الخاضعة للخمس بالبيع في اثناء الحول، فينتقل الخمس الى الثمن (المالية)، ولكن الكلام هنا هو في صورة التصرّف في العين الخاضعة للخمس بأجمعها بعد استقرار الخمس فيها من دون دفع قيمة الخمس من غيرها.امّا التصرّف ببعض العين الخاضعة للخمس بعد السنة فسيأتي.فاذا تصرّف في العين الخاضعة للخمس بعد استقرار الخمس بمضي الحول كأن لبس الثوب الذي فيه الخمس فهنا بالاضافة الى عدم الجواز يكون المكلّف ضامناً للخمس بتصرفه في العين الخاضعة للخمس، واما اذا تصرّف في العين الخاضعة للخمس بعد استقرار الخمس بالبيع، فان هذا التصرف يكون فضولياً يحتاج الى اجازة الشريك وهو الامام وقبيله، فاذا سلّم العين الى المشتري يكون قد تصرّف في مال الامام وقبيله وهو لا يجوز تكليفاً من دون اذن.

والوجه في عدم الجواز هو: ان العين اصبحت مشتركة بين المالك وبين ارباب الخمس «ولو بنحو الشركة في الماليّة» وحينئذٍ لا يجوز التصرّف من دون اذن الشريك أو من دون اذن وليه وهو الحاكم الشرعي.

ولكن نتساءل: هل للمكلّف ان ينقل الخمس الى ذمته بأن يضمن ويبني على الاداء من مال آخر؟

والجواب: لا دليل على ولايته على ذلك، بل الدليل على عدم ولايته، فقد صرّحت رواية ابي بصير عن ابي جعفر

عليه السلام بذلك فقالت: «لا يحلّ لأحد ان يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا حقّنا»[4] ورواية اسحاق قال: سمعت الامام الصادق عليه السلام يقول: لا يعذر الله تعالى عبداً اشترى من الخمس شيئاً ان يقول: يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له اهل الخمس[5] .

وطبعاً عدم معذرة المشتري أو عدم حليّة الشراء تساوي عدم معذرة البائع لأن المعاملة تقوم بالطرفين. اذن قبل اعطاء الخمس لا يحلّ له التصرّف الاّ بإذن من الحاكم الشرعي.

اقول: ان هاتين الروايتين قد يستفاد منهما: ان الخمس متعلّق بالعين على نحو الشركة الحقيقية لأنها تنهى عن

ولو اتلفه بعد استقرار الخمس ضمنه (1).لو تعبر اليه قبل اخراج الخمس كانت المعاملة فضولية بالنسبة الى مقدار الخمس، فان امضاه الحاكم الشرعي اخذ العوض والاّ رجع بالعين بمقدار الخمس ان كانت موجودة، وبقيمته ان كانت تالفة. ويتخير في اخذ القيمة بين الرجوع على المالك، او على الطرف المقابل الذي اخذها واتلفها. هذا اذا كانت المعاملة بعين الربح واما اذا كانت في الذمّة ودفعها عوضاً فهي صحيحة ولكن لم تبرء ذمته بمقدار الخمس. ويرجع الحاكم به ان كانت العين موجودة، وبقيمته ان كانت تالفة. مخيراً حين اذن بين الرجوع على المالك او الآخذ ايضاً. (2).شراء شيء من الخمس.

والجواب: ان الروايتين ليستا بصدد بيان تعلّق الخمس في العين على نحو الشركة الحقيقية (الاشاعة) بل هما بصدد بيان شيء آخر وتوضيح ذلك:

1ـ ان هذا نهي عن هذا العمل اذا لم يتخلّص المكلّف عن تبعة الخمس بدفع قيمته، فهو نهي متوجّه للعصاة الذين يبيعون ما يتعلّق به الخمس من دون تبعة لدفع عين الخمس ولا ثمنه. 2ـ ان في الرواية الاولى تقييد بعدم حصول حق اصحاب الخمس، وهذا يمكن تحصيله بإعطاء خمس الثمن، فهو حقّهم، وهو ينسجم مع كون الخمس متعلّقاً بالعين بنحو الشركة في المالية.

واما الرواية الثانية فهي تقول: (حتى يأذن له اهل الخمس)، امّا ما هو حقّ أهل الخمس في العين، هل هو جزء مشاع أو مالية في العين؟ فهي ساكته عن ذلك.

على ان الرواية الأولى ضعيفة بعلي بن ابي حمزة البطائي على قول1)المراد بالاتلاف ليس هو الاسراف، فان هذه الحالة يكون الضمان فيها موجوداً حتى قبل استقرار الخمس (اي في اثناء السنة) لانّ الخمس متعلّق حين ظهور الربح بشرط عدم الصرف في المؤنة، فلو أتلفه سرفاً في غير المؤنة ضمن من دون فرق بين أثناء الحول أو بعده.اذن المراد من الاتلاف هو الصرف، ولذا عبّر عنه بالاستقرار لأنه أتلف ما ليس له.والدليل على ذلك هو قاعدة الاتلاف.2)نعم اذا مضت السنة ولم يخرج الخمس أو اتّجر بالمبلغ الخاضع للخمس فالمعاملة تكون فضولية بالنسبة لمقدار

الخمس بناءً على ان المستحق هو الخمس من نفس العين ولو في مالية العين. ولكن هنا تفصيل ذكره صاحب العروة قدس سره وقَبِلَهُ السيد الخوئي قدس سره وهو: ان الاتجّار بالمال بعد استقرار الخمس وقبل اخراجه يكون على صورتين:

الصورة الأولى: قد يفرض الاتجّار بثمن أو مثمن في الذمّة ولكنه في مقام الوفاء يؤدّي من العين التي استقرّ فيها الخمس عصياناً أو نسياناً، فهنا تصح المعاملة.

كما لو اشترى سيارة بالذمّة ثم طبّق ما في ذمّته على المال الذي فيه الخمس، أو باع سيارة في الذمّة ثم دفع وطبق المبيع على الجنس الذي فيه الخمس، فهنا المعاملة صحيحة لأنها على ثمن أو مثمن في الذمّة وهو كلّي، ولكن عند تطبيق هذا الكلي، فقد طبّقه على المال الخاضع للخمس نسياناً أو عصياناً وهذا على صحّة المعاملة.

وفي هذه الصورة التي صحّت فيها المعاملة، حالتان:

الحالة الاولى: اذا كانت المعاملة الصحيحة مع إماميّ وجاءت ادلّة التحليل، فينتقل الخمس من العين الى الذمّة (ذمّة البائع أو ذمّة المشتري).

الحالة الثانية: اذا كانت المعاملة الصحيحة مع غير الامامي، ولم تأتِ أدلّة التحليل هنا، فهنا يبقى الخمس في العين مع بقائها فيسترجعه الحاكم الشرعي، لأن الدفع باطل فيرجع الحاكم الشرعي بالعين او القيمة.

اما مع تلف العين: فيقع على كل من انتقلت اليه ومن انتقلت عنه لتعاقب الأيدي، فللحاكم مراجعة واحد منهم، غاية الأمر اذا رجع على الأخير رجع من قبله ولا عكس.

الصورة الثانية: قد يفرض الاتجار بعين الربح، فهنا أيضاً حالتان:

الحالة الاولى: وهي حالة ما اذا باعها للإمامي الملتزم، فهنا لا اشكال بالنسبة لمن انتقلت اليه العين، لأن ولي الأمر قد امضى هذه المعاملة.

واما ما انتقلت عنه العين، فبما انه قد أتلف الخمس فيكون ضامناً، ويرجع الحاكم الشرعي عليه في قيمة الخمس فقط.

الحالة الثانية: وهي حالة ما اذا باعها لغير الامامي ولم تأت ادلّة التحليل، فحينئذٍ تكون المعاملة موقوفة في حصّة الخمس، لأنه باع مالاً لا يملك خمسه فيتوقّف على اجازة الحاكم الشرعي، فانْ اجاز رجع الى خمس الثمن والاّ فمع بقاء العين يسترجعها، ومع تلف العين يرجع الى كل منهما لتعاقب الايدي.

وهناك حالة اخرى وهي: ما اذا فرض ان المعاملة بعين الربح كلّه ثم دفع المالك قيمة الخمس، فتصح المعاملة بناءً

على صحة الكبرى التي تقول من باع شيئاً ثم ملكه يصحح المعاملة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo