< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:ذكر الدليل السابع على كون الخمس كله للإمام/ قسمة الخمس / كتاب الخمس

 

سابعاً: وردت روايات تدلّ على ان الخمس كلّه لجهة الإمامة:

منها: اخبار التحليل، فهي تدّل على انّ الخمس لهم فحللّوه للشيعة في بعض الاوقات[1] وبعض الموارد. وما قيل من انّهم حلّلوا حقّ السادة لولايتهم عليه، خلاف الظاهر من الروايات التي ظاهرها انّهم حلَّلوه لأنّه راجع اليهم كلُّه.

ومنها: صحيحة البزنطي عن الامام الرضا عليه السلام قال: سُئل عن قول الله عزّ وجل: «واعلموا ان ما غنمتم....» فقيل له: فما كان له فلمن هو؟ قال: لرسول الله، وما كان لرسول الله فهو للإمام عليه السلام، فقيل له:

أفرأيت ان كان صنف من الاصناف اكثر وصنف أقل ما يصنع به؟ قال عليه السلام ذاك الى الإمام، ارأيت رسول الله

كيف يصنع، أليس انما كان يعطي ما يرى؟ كذلك الإمام[2] .

وهذه الصحيحة صريحة في ان كلا النصفين راجع الى الامام يتصرف فيه كيف يشاء وبحسب ما يراه من المصلحة.ملحوظة:

بالإضافة الى وجاهة الأدلّة المتقدّمة الدّالّة على ان الخمس للمنصب، وما ورد من العناوين هي مصرف للخمس وليست مالكة[3] ، قد تواجهنا مشاكل من القول بانّ الخمس هو ملك للعناوين الثلاثة «اليتامى والمساكين وابناء السبيل» فمن جملة المشاكل هو ان الآية جعلت سهماً خاصاً لإبن السبيل في قبال سهم المساكين، وجعلت سهماً لليتامى في قبال سهم المساكين مع ان ابن السبيل قليل وكذا اليتامى من آل محمد (صلى الله عليه وآله) في ذلك الوقت فتأبى حكمة التشريع للخمس ان يكون لهذا المورد النادر حصّة في قبال حصّة المساكين خصوصاً اذا نظرنا الى ان تشريع الخمس ليس تعبدّياً بل هو لرفع حاجة الفقراء.

ثم انه على القول بملك العناوين الثلاثة، فلابدّ ان تحفظ حصّة ابن السبيل واليتامى الحين حصولهم، مع انه لم يقل بهذا أحد.

اذن هاتان المشكلتان تجعلاننا نرفع اليد عن ظهور الآية في التسهيم «ان كانت ظاهرة فيه» واذا لم تكن للتسهيم، فهي ليست ظاهرة في الملكيّة بحيث يكون لكلّ صنف سهم، وبهذا يتأكد كون الخمس كلّه للإمام وتكون الاصناف الثلاثة هي عنوان للفقير المحتاج الذي يكون مورداً للصرف لا الملك خصوصاً مع عدم وجود اللام في العناوين الثلاثة «اليتامى والمساكين وابن السبيل».

ملحوظة: اقول: ان الآية الكريمة ذكرت انّ سهم الله للرسول وسهم الرسول لذي لقربى والظاهر ان ذوي القربى هو كل قريب للنبي (صلى الله عليه وآله) فقد يقال ما هو الوجه الذي ذهب اليه المشهور من ان المراد من ذوي القربى هو الامام المعصوم عليه السلام؟

وقبل الاجابة على هذه الملحوظة نتقول: ان ابن الجنيد قد ادّعى ان ذوي القربى في الآية يراد منه عموم قرابة الرسول، وان المراد من اليتامى والمساكين وابن السبيل هو الفقراء حتى وان لم يكونوا هاشميين، وهذا ايضاً خلاف ما ذهب اليه المشهور من ان المراد من هذه العناوين هم الفقراء من بني هاشم.والجواب:

امّا اختصاص ذوي القربى بالإمام عليه السلام فقد صرّحت جملة من الروايات المتقدّمة بذلك، مثل صحيح

البزنطي[4] المتقدّمة ومعتبرة الرّيان[5] بن الصلت ومحمد بن مسلم القائلتين[6] : ان ذا القربى هو الامام القائم بالأمر

والحاكم على الناس، وهذه الصفة لا تنطبق على كل قريب للنبي (صلى الله عليه وآله). ولو كان المراد من ذوي القربى هو كل قرابة للنبي (صلى الله عليه وآله) لقيّد بالفقراء مع ان هذا السهام الثلاثة لم تقيّد بالفقراء[7] .

كما يمكن ان نقول: ان المراد من ذوي القربى في آية الخمس وكذا المراد من اهل البيت عليهم السلام في آية التطهير هو إرادة معنى خاص وهو المعصومون عليهم السلام الذين امرنا بمودتهم واطاعتهم ولهذا فقد اصبح عنوان ذوي القربى حقيقة شرعية للائمة المعصومين عليهم السلام.

وامّا اختصاص الاصناف الثلاثة بالهاشميين فلوجود روايات كثيرة تصرّح بذلك:

منها: مرسلة حمّاد عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام وفيها: «ونصف الخمس الباقي بين اهل بيته، فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسّم عليهم على الكفاف والسعة...» الى أنْ قال: وانما جعل الله هذا الخمس لهم خاصّة دون مساكين الناس وابناء سبيلهم عوضاً لهم من صدقات الناس، تنزيهاً من الله لهم لقرابتهم برسول الله(صلى الله عليه وآله) وكرامة من الله لهم عن اوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن ان يصيرهم في موضع الذل والمسكنة»[8] .

منها: مرسلة احمد بن محمد بن عيسى عن بعض اصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة اشياء (الى ان قال) فأمّا الخمس فيقسّم على ستّة اسهم، سهم الله وسهم للرسول (صلى الله عليه وآله) وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل. فالذي لله فلرسول الله، فرسول الله احقّ به، فهو له خاصة والذي للرسول هو لذي القربى والحجّة في زمانه، فالنصف له خاصة، والنصف لليتامى والمساكين وابناء السبيل من آل محمد عليهم السلام. والذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة، عوّضهم الله مكان ذلك بالخمس[9] .

وهناك روايات اخرى بهذا المضمون[10] وهذه الروايات وان كانت ضعيفة السند الاّ ان ذلك لا يضرّ اذا قلنا انهم مصرف للخمس الذي هو للإمام عليه السلام فمن شؤون الحكم والولاية ان يرفع احتياجات هولاء الفقراء من بني هاشم الذين حُرموا من الزكاة وهذا لا ينافي ان يتمكّن الامام ان يصرف على فقراء غير الهاشميين اذا كان ذلك من شؤون الحكم والولاية. وامّا اذا قلنا ان نصف الخمس لفقراء بني هاشم فقط (أيتاماً أو مساكين أو ابناء السبيل) فلا يساعد عليه الدليل لأن الروايات كلها ضعيفة السند.


[1] الاوقات التي كان الامام عليه السلام محاصراً او محبوساً لا يتمكّن من استلام الحق من المكلّف. من الاستاذ حفظه الله.
[3] اقول: ولو فرضنا وجود روايات تدل على ان الخمس ملك للسهام الثلاثة وليست مصرفاً فإنها تعارض ما ذكره الاستاذ من كون الثلاثة هي مصرف للخمس وعندئذ نعرضها على الكتاب فيكون ما ذكر من كون الثلاثة مصرفاً موافقاً للكتاب لعدم وجود اللام الثلاثة. المقرر.
[7] وقد قلنا سابقاً: ان (ذي القربى) الوارد في الآية لا يخرج عن احد معنيين: الاول: هو عنوان خاص للحاكم وهو الامام المعصوم الذي ينطبق في كل زمان على احد الأئمة الإثني عشر الذين هم موجودون الى قيام الساعة حسب الاخبار الواردة عند الطائفتين.الثاني: هو كل قرابة للنبي (صلى الله عليه وآله) . ولكن الثاني باطل لأن السهام الثلاثة قد ذكرت الرواية انهم الفقراء من بني هاشم الذي يكون قرابة النبي(صلى الله عليه وآله) منهم، اذن لم يبق الاّ المعنى الاول، فهو المتعّين. من الاستاذ حفظه الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo