< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع / حكم الخمس في عصر الغيبة / قسمة الخمس / كتاب الخمس

السادسة: اما تحليل المتاجر «التي ذكرها صاحب العروة قدس سره» للشيعة كما ذكره ابن ادريس اضافة الى تحليل المناكح والمساكن [1] فله اربعة تفاسير:

الاول: ما يشترى من الغنائم الحربية في حال حضور الامام أو غنيمة.

الثاني: ما يشترى من الارض والاشجار المختصّة بالإمام (وهذا انفال).

الثالث: ما يشترى ممن لا يعتقد الخمس من الكفار واهل الخلاف.

الرابع: ما يشترى ممن لا يخمّس وان اعتقده.

وحكم هذه الامور هو تحليل ذلك للشيعة كما وردت بذلك الروايات مثل معتبرة القمّاط الذي رواه يونس بن يعقوب: تقع في ايدينا الاموال والارباح وتجارات نعلم ان حقّك فيها ثابت وانّا عن ذلك مقصّرون؟ فقال عليه السلام: (ما انصفناكم لو كلفناكم ذلك اليوم) [2] وهو يوم عدم بسط الحكومة الحقّة، والشيعة محتاجون الى معاشرة المخالفين بالمعاملة معهم.

امّا ما يتعلّق به الخمس، عند نفس الشيعي من الارباح وغيرها، فالسؤال منصرف عنها، وذلك: لأن السؤال عن تعلّق حقّ قبل وقوع المال في يد الشيعي.

اذن الخلاصة: ان النصوص والقرائن دلّت على تحليل الشيعة من الخمس الثابت عند غيرهم ممن لا يعتقد الخمس، اذا انتقل اليهم بالمعاملة سواء كان بعنوان المناكح أو المساكن (الارض) أو المتاجر أو غيرها، ونحن نعدّي هذا الى الشيعي الفاسق غير المؤدي للخمس، للعلّة وهي (ما انصفناكم) وكذا أُحل للشيعة الانفال التي تقع بأيديهم شراءًا من حكومة الوقت غير الشرعية.

ملحوظة: ما هو حكم الخمس في العين في يد من يعتقد به قبل إنتقاله الى المؤمن؟

والجواب:

قول: بأنه ليس ملكاً لهم، بل هو غصب ويجوز انتزاعه بأنواع الانتزاع، كما هو شأن الاموال المغصوبة، وهذا القول ذهب اليه صاحب الجواهر قدس سره[3] وغيره واستدل عليه بان عليه اصول المذهب وضرورته.

2ـ انه ملك لهم ولا يجوز اخذه منهم بغير رضاهم، والآخذ حينئذٍ غاصب هذا قول ذهب اليه الشهيد الاول والثاني[4] .

3ـ ليس ملكاً لهم واقعاً ولكن يعاملون معاملة المالك ظاهراً، وهذا قول لظاهر الشيخ الطوسي في الخمس حيث

استدل على هذا بان ظاهر الاخبار وهو عدم تملّكهم، الاّ انّ هناك بعض الاخبار قالت بوجوب المعاملة معهم على نحو ما يعتقدون في مثل الزوجية والملكية التي تكون بين الاثنين – لا في مثل الطهارة والنجاسة في الاعيان [5] .

4ـ تفصيل بين الذمّي الذي يلتزم بشرائط الذمّة فلا خمس عليه وبين غيره فعليه الخمس، وهذا قول ذهب اليه كاشف الغطاء والبروجردي في حاشيتهما على العروة.5ـ عدم الوجوب على الكافر بخلاف المخالف، لأنه يرى ان الكافر غير مكلّف بالفروع، بخلاف المخالف وكذا الشيعي العاصي.

السابعة: قد يقال في حقّ من لم يقبل الجمع العرفي: ان تحليل الخمس هو لرفع التبعات الشرعيّة لمدّة زمنيّة معيّنة حتى يتسنّى لصاحب الحقّ اخذه في وقت آخر، والمسؤولية هي عبارة عن متعلّق صاحب الحقّ في ذمم المستولين على الحقّ الذين لا يتمكّنون من ايصال الحقّ الى صاحبه وهم عامّة الشيعة وان كان بعضهم يتمكن من ايصال الحقّ الى صاحبه، فحينئذٍ يتورّط الناس بالوقع في الحرام، لاسيما ان بعض تلك الحقوق لصاحب الحقّ مرتبطة بالنكاح والنسب والمساكن، لذا فان صاحب الحقّ قد بادر الى حكم التحليل لفئة صالحة عند وجود تلك الانتهاكات في زمان الائمة عليهم السلام امير المؤمنين والحسن والحسين والباقر والصادق عليهم السلام ولهذا يمكن ان يقال ان هذا التحليل هو حكم حكومي مؤقت لحالات معيّنة خارجية، فاذا زالت تلك المدّة التي لا يتمكن ان يصل الحقّ الى صاحبه ارتفع موضوع التحليل للشيعة.

لذا فنقول: ان ادلّة التحليل للشيعة هي في صورة وجود معيق لإيصال الحقّ الى اهله لعامّة الشيعة، كما ان هناك إعاقة لتسلّم الحقّ الشرعي للإمام وقبيله، لأن هذه الحالة تؤدّي الى اتّهام الائمة بحركة ضدّ الحكم القائم آنذاك.

ولذا ورد في صحيحة الفضلاء عن ابي جعفر عليه السلام انه قال: قال امير المؤمنين عليه السلام هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدّوا الينا حقّنا، وانّ شيعتنا من ذلك وابائهم (وابنائهم) في حلّ [6] .

وفي صحيحة ضريس الكناسي قال: قال ابو عبدالله عليه السلام: أتدري من اين دخل على الناس الزنا؟ فقلت لا ادري. فقال عليه السلام: من قبل خمسنا اهل البيت، الاّ شيعتنا الأطيبين فإنّهم محلّل لهم ولميلادهم[7] .

ومما يؤكّد هذا النظر هو ان ادلّة التحليل كانت من زمان علي عليه السلام الى زمان الامام الصادق عليه السلام اما بعد ذلك حينما تمكّن الناس من ايصال الحقّ الى اهله وتمكّن اهله من استلامه فلا تجد اثراً لأدلّة التحليل، بل تجد ادلّة كالمتواترة تطالب به من قبل الائمة عليهم السلام مثل الامام موسى الكاظم والرضا عليهما السلام الى زمان الحجة عليه السلام وصدور التوقيعات في المطالبة به، وقد نصبوا لذلك الوكلاء، فلاحظ.

اذن نفهم منها: ان التحليل كان متعلّقا بما كان سائداً في تلك الفترة من الاستيلاء على الجواري بعد الحرب التي كانت قيادتها مما لم تتمَتّع بأهليّة شرعيّة وقد أزوت الخمس عن اهله.

كما ان الأموال كانت في تلك الفترة توَهب لشخصيات تسير في ركاب الخلفاء وهذا كان يستوجب وقوع الشيعة في معاملاتهم (مع ذلك الجو الفاسد) في الحرام وقد رصد الامام هذه الحالة ووضع الحل لمن يعتقد بوجوب الخمس لأنه قد يقع في التصرّف فيه نتيجة تعاملاته مع القوم، فلا يتمكن ان يشتري الجارية والمال ويدفع خمسها، فانه يكون عليه ثقيلاً لذا فقد أحلَّ الامام لهذا الانسان الملتزم ما يقع بأيديه من هذه الحقوق الخاصة بالإمام عليه السلام وقد منع الامام عليه السلام عنها، فهو اي القابض لها غير مسؤول عن خمسها، وبهذا يحلّ له وطأ الجارية التي اشتراها من الناس وقد وزعت على طريقة غير صحيحة.وهذا يعني ان صاحب الخمس غير متنازل من حقّه وانما أحلّ لشيعته ما يقعون فيه نتيجة تعاملهم مع الناس.هذه صورة واحدة من صور التحليل الاّ انها تشمل حتى خمس ارباح الملتزم اذا لم يتمكن من ايصاله الى الامام عليه السلام في ذلك الظرف.ولكن هذا التحليل مختصّ بتلك المرحلة. اما في زماننا هذا الذي يمكن فيه ايصال الحقّ الى اهله فحينئذٍ يجب ايصال الخمس الى اصحابه الذي هو موجود عند الغير مخالفاً كان ام كافراً ام شيعياً عاصياً. ان انتقل الينا الى فهذا القول موسّع من جهة لكل حقّ عند الشيعي سواء كان من ارباحه أو من أرباح الاخرين التي انتقلت اليه، ولكنه مضيّق من ناحية انه لا يشمل ما انتقل الينا من اموال المخالفين والكافرين والشيعة العصاة اذا كان فيها الخمس، بل لابد من إيصاله الى المستحق في هذا الزمان.

 


[4] الروضة البهية، للشهيد الاول، ج7، ص135.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo