< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ ما هو الانفال؟ / الانفال / كتاب الانفال

الانفال

ما تقدّم هو الخمس. اما الانفال فتمامها للإمام عليه السلام وهناك ادلّة من القرآن الكريم على ذلك قال تعالى: (يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله) [1] .

وقال تعالى: (ما افاء الله على رسوله منهم، فما اوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير)[2] .

وهو ما رده الله على رسوله من اموال بني النضير أي فأنتم لم تشرعوا في طلبه مما تركبونه ولا اصابتكم فيه مشقة ولكن الله يسلّط رسله على من يشاء وقد سلط رسوله على بني النضير ففتح بلادهم بغير قتال.

وقال تعالى: (ما افاء الله على رسوله مَن اهل القرى فلله والرسول وذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم)[3] . اي من غير قتال.

قد ذكرت آية (8) وآية (9) ان هذا الفيء قسم منه للمهاجرين وقسم منه للأنصار قال تعالى (للفقراء والمهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً.... والذين تبؤوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أُوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون) [4] وهولاء هم الانصار وهم اهل المدينة الذين يحبون من هاجر اليهم من مؤمني مكّة، فمن هذه الآيات نفهم ان الانفال غير الخمس الذي يؤخذ من الغنيمة وتكون الاربعة اخماس للمقاتلين، امّا الانفال وهو الذي يؤخذ من الكفار بغير قتال فهو لله وللرسول، وقد ذكرت الآية السابقة من سورة الحشر ان هذا يكون لله والرسول ولذي القربى وهو الامام عليه السلام واليتامى والمساكين وابن السبيل ولكن لا الى خصوص بني هاشم لأن الآيتين بعد الآية السابقة ذكرت ان قسماً منه يعطى الى المهاجرين كما ان قسماً منه يعطى للأنصار، اذن الانفال يختلف عن الخمس الحاصل من الغنيمة، فلاحظ.

نعم هناك روايات قالت: ان الانفال يقسم الى قسمين: نصف يقسم بين الناس ونصف لرسول الله، وما كان لرسول الله فهو للإمام عليه السلام [5] .

ولكن هذه الروايات معرض عنها فهي مطروحة وليست حجة، بالإضافة الى مخالفتها تصريح القرآن الكريم الذي يقول ان الانفال لله والرسول، ويكون بعد ذلك للإمام عليه السلام ولذي القربى [6] وهو الامام ويعطي منه لكل

مستحقّ من المهاجرين والانصار.

نعم هناك في جملة من الكلمات من علماء الاسلام كالفيض في تفسيره[7] والمقداد في كنزه[8] ونقل ايضاً عن

الكشاف[9] ان الآية السابقة من سورة الحشر هي بيان للآية السادسة التي صرّحت بالمصرف فشرحت الآية السادسة الساكتة عن المصرف، ولذلك لم تعطف عليها.

ولكن هناك اشكال على هذا الفهم وهو: ان المسلّم هو ان المأخوذ بلا خيل ولا ركاب فهو من الانفال وهو لله وللرسول ومن بعده للإمام عليه السلام، بينما الآية السابقة تقول ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فيه الخمس يعطى للرسول ومصرفه هو مصرف الخمس.

وقد اجاب السيد الخوئي قدس سره عن هذا الاشكال فقال: ان الموضوع في الآية السادسة: هو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهو راجع الى النبي (صلى الله عليه وآله) واما الآية السابعة فموضوعها: ما افاء الله على رسوله من اهل القرى والمراد به: ما يؤخذ منهم بالقتال والغلبة عليهم بدخول قراهم.

وقال: وهذا يتضّح من المقابلة مع الآية الاولى، ولكن الآية السابعة لم تذكر ما يرجع الى النبي (صلى الله عليه وآله) مما غنمه المسلمون ايّ مقدار هو، ولكن كشفت عنه آية الغنيمة (واعلموا انما غنمتم من شيء فانّ لله خمسه وللرسول وذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله)[10] .

ثمّ ذكر دليلاً على هذا التوجيه فقال: ويدلّ على هذا صحيحة محمد بن مسلم عن الامام الباقرعليه السلام قال: الفيء والانفال: ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة دم، وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم وما كان من ارض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفيء، فهذا لله ولرسوله، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء وهو للإمام بعد الرسول. واما قوله: (وما افاء الله على رسوله منهم فما اوجفتم عليه من خيل ولار كاب) قال: آلا ترى هو هذا، وما قوله (وما افاء الله على رسوله من اهل القرى) فهذا بمنزلة المغنم كان ابي يقول ذلك وليس له فيه غير سهمين، سهم الرسول وسهم القربى ثم نحن شركاء الناس فيما بقي[11] . انتهى كلام السيد الخوئي قدس سره[12] .

اقول: ويرد على السيد الخوئي قدس سره:

1ـ ان الآية السادسة والسابعة من سورة الحشر هي صريحة في الفيء، وهو ما أخذ من اهل القرى من غير حرب ولا قتال، فكيف نحمل الآية السابعة على المغنم المأخوذ بالحرب والقتال فان هذا خلاف صريح منطوق الآية حيث عبّرت بالفيء (ما افاء الله) للدلالة على انه لم يؤخذ بعمل المجاهدين حتى يكون لهم فيه الحقّ. فانّ الافاءة وان كان معناها الرجوع، فكانه كان للرسول بالابتداء، والآن ارجعه الله اليه من الكافرين، الاّ ان قوله (افاء الله) فيه دلالة على انه لم يرجع بفعل المجاهدين، بل بفعل الله الذي جعلهم يُسلّمون ويدفعون اموالهم الى الرسول بلا قتال، بل بالصلح وبأيديهم.2ـ ان ذكر الفيء في الآية السابعة من سورة الحشر وتقسيمه على الموارد الستة وارادة الخمس منه غير عرفي، لأنه قد لحظ في هذا الخمس ولم يلحظ الاربعة اخماس التي هي اكبر من الخمس.3ـ ان التعليل الوارد في ذيل الآية السابعة (كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم) يناسب عدم رجوع الفيء الى جماعة خاصة كالمقاتلين.ثم اذا أُريد من الآية السابعة الغنيمة فهي مختصّة بالمنقول ولا حرج في توزيع اربعة اخماس على المقاتلين وتكون في غنَى عن التعليل.4ـ ان الآيات الثامنة والتاسعة من سورة الحشر ذكرتا ان للمهاجرين حصّة من هذا الفيء وللأنصار حصّة ايضاً وهما ليسا مشاركين في الحرب اكلهم – وقد لا يكونان من بني هاشم.5ـ ان صحيحة محمد بن مسلم ذكر في دليلها ان الفيء بمنزلة المغنم ولم تقل انه مغنم، والتنزيل علامة انّ الفيء ليس مغنماً وليس غنيمة، ثم جاء في ذيلها (ليس لنا فيه غير سهمين) فهو ينافي ارادة الخمس الذي يعلم ان لهم ثلاثة اسهم من ستة.والظاهر ان الذي دعا السيد الخوئي قدس سره للقول هذا هو تصوّره ان الآية ذكرت السهام الستة ولكن آية الخمس قد ذكرت ان الخمس يقسم على ستة موارد أو تكون الموارد الستة هي مصرف للخمس، اما آية الانفال فقد قالت كل الانفال هو لهذه الموارد الستة ولمن قد حصل بقتال كما ان الآية الثامنة والتاسعة من سورة الحشر قد ذكرت ان قسماً من هذا الفيء للمهاجرين وقسما منه للأنصار فهو يختلف عن آية الغنيمة بالتباين.هذا كله على مبنى القوم القائل بان الخمس يقسم الى نصفين: نصف للإمام عليه السلام ونصف للفقراء من بني هاشم. واما على الرأي المنصور القائل بان الخمس كله للإمام يصرفه حسب ما يراه.فحينئذٍ يكون ذكر هذه السهام الستة وكونها مصروفاً للإنفال، يؤيد ما تقدّم منّا من ان الخمس هو ايضاً للإمام يصرفه كيف يشاء، ويكون فقراء بني هاشم وغيرهم من الفقراء على حدّ سواء كما تقدّم ذلك.

والنتيجة: هي ان الخمس من الغنيمة المنقولة يكون كله للإمام عليه السلام يفعل به ما يشاء وما ذكر من الايتام والمساكين وابناء السبيل فهو مصرف له بما انه رئيس المسلمين.

 


[7] الصافي، للفيض الكشاني ج5، ص155، اذ قال: (بيان للأوّل ولذلك لم يعطف عليه فلله وللرسول...) طبع مؤسسة الاعلمي بيروت.
[8] كنز العرفان، للمقداد: 377 طبع المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب.
[9] الكشاف، للزمخشري، ج4، ص49، طبع دار الكتب العلمية اذ قال: (لم يدخل العاطف على هذه الجملة لأنها بيان للأُولى فهي منها غير اجنبية عنها).
[12]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo