< قائمة الدروس

درس الاصول الاستاذ حسن الجواهري

جلسه 15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط المتأخر

كان الكلام في الثمرة التي تستخرج من امكان الشرط المتأخر أو أمتناعه. ثمرتان لامكان الشرط المتأخر أو أمتناعه

الاولى: ان قلنا باستحالة الشرط المتأخر (كما ذهب الى ذلك صاحب الكفاية والميرزا النائيني) فيلزم استحالة الواجب المعلق.

الثانية: وان قلنا بأمكان الشرط المتأخر (كما ذهب الى ذالك السيد الخوئي) فيمكن الواجب المعلق.

فنحن ربطنا بين استحالة الشرط المتأخر واستحالة الواجب المعلق، وربطنا بين امكان الشرط المتأخر وبين أمكان الواجب المعلق

اشكال

قد يعترض علينا، ويقال: ان نظرية الواجب المعلق التي قالها صاحب الفصول تختلف عن كون الوقت شرطاً للوجوب على نحو الشرط المتأخر، فهناك مسألتان: مسألة الواجب المعلق الذي قاله صاحب الفصول وهو تقدم الوجوب وتأخر الواجب (فالواجب معلق على الوقت)، ومسأله الشرط المتأخر وهو غسل المرأة بعد الصوم (الصوم ينتهي ثم تغتسل) فالغسل دخيل في صحة الصوم وهذا الشرط متأخر، فالفعل وهو الغسل في وقت متأخر عن الصوم دخيل في صحة الصوم (هذا هو السشرط المتاخر)، أما مسألة الواجب المعلق فالوجوب متقدم والواجب معلق على الوقت، فهناك مسألتان ولذلك تبحث هاتان المسألتان كل واحدة منهما مستقلة فمشكلة المقدمات المفوتة تبحث وتحل بناءً على ما قاله صاحب الفصول، ومشكلتها هي تقدم الوجوب واذا تقدم الوجوب فتجب مقدمات ذالك الواجب، والمشكلة في المقدمات المفوتة هي كيفيّة وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها، فجاء صاحب الفصول وقال الوجوب متقدم والواجب متاخر فاذا تقدم الوجوب فتجب مقدمات الواجب لأن الوجوب موجود هذا بحث وبحث في الشرط المتأخر،انه كيف يجب على المرأة صوم يوم السبت ولكن صحته تكون بعد سقوط أمره والغسل ليلة الأحد، فلماذا ربطنا بين المسألتين في هذه الثمرة وقلنا اذا استحال الشرط المتأخر استحال الواجب المعلق، واذا امكن الشرط المتأخر أمكن الواجب المعلق، فنحن ربطنا بينهما بينما هما مسألتان تبحثان كل واحدة على حده ومختلفتان.

الجواب

اذا اعترض علينا، فنقول في الجواب: صحيح هذه النظرية (نظرية الواجب المعلق) قال بها صاحب الفصول في الواجب المعلق لأجل حل مشكلة المقدمات المفوتة، والشرط المتأخر بحث آخر لحل مشكلة ثانية وهي أن الواجب يحصل ويسقط، ثم صحته متوقفة على شيئ متأخر، لكن كلا النظريتين منشأهما واحد فبينهما تلازم (نظرية الواجب المشروط والواجب المعلق) فأن تقدم الوجوب في مسألة الواجب المطلق مع كون الواجب معلّق على الوقت يحمل نفس نكتة ان الوقت شرط للوجوب على نحو الشرط المتأخر او فعل المرأة الغسل بعد الصوم في الليل، ففعل المرأة شرط متأخر لصحة الصوم، والنكتة واحدة وهي انفكاك زمن الوجوب لذي المقدمة عن زمان الواجب أي ان الوجوب لصوم شهر رمضان حصل في الليل ولكن الواجب تحقق عند الفجر، فأنفك الوجوب عن الواجب، فالوجوب تقدم والواجب تأخر، ففي مسألة المقدمات المفوته قلنا الوجوب يتقدم والواجب يتأخر فالوجوب لما تقدم وجبت مقدمات صحة الصوم والتي هي الغسل لكن الواجب تأخر، فوجب الغسل من الجنابة بالوجوب المتقدم، الذي هو مأمور به بأمر غيري لأجل الصوم فتقدم الوجوب وتأخر الواجب، لكن هذا الوجوب المتقدم وجب به الغسل من الجنابة وهو غيري والواجب متأخر، ففي الشرط المتأخر نفس النكتة موجودة فقد انفك زمان الوجوب عن زمان الواجب، اي المرأة يجب عليها الصوم وينتهي ولكن الواجب الذي يصح به الصوم وهو غيري وهو الغسل الليلي فهو واجب ولكنه غيري لانه شرط في صحة الصوم فالنكتة وآحدة وهي اختلاف زمن الوجوب عن الواجب فالعلماء يقولون بوجود تلازم بين المسألتين، وفي مسألة المقدمات المفوتة يتقدم وجوب الصوم من الليل فيجب الغسل لأنه غيري، وفي مسألة الشرط المتأخر وجب الصوم يوم السبت على المرأة ولكن صحته مشروطة بأمر متأخر وهو الغسل الليلي الغيري، فالنكته واحدة وهي انفصال زمان الوجوب عن الواجب لكن في الواجب المعلق الوجوب تقدم فوجب الغسل الذي هو غيري والواجب هو الصوم، وفي مسألة الشرط المتأخر وجب الصوم يوم السبت لكنه معلق على وجوب شيئ آخر وهو الغسل الليلي الغيري، فأنفصل الوجوب عن الواجب، وهذا الانفكاك موجود في الشرط المتأخر وموجود في الواجب المعلّق.

اذاً تلازم بينهما فاذا أمكن الشرط المتأخر أمكن الواجب المعلق، واذا استحال الشرط المتأخر استحال الواجب المعلق، وهذا استدراكٌ لما تقدم فهذا الاشكال وجوابه لم نذكره في الدرس السابق.

ثمرات البحث

ونقول الآن: فاذا قلنا بامكان الشرط المتأخر فيمكن الواجب المعلق اي اذا ربحت او اهدي اليّ شيئ فهنا حصل الوجوب(وجوب الحج مثلاً)، الاّ انه معلق على مجئ الوقت، أو فقل يجب الحج مشروطاً ببقائي حيّاً الى وقت الأعمال، أما من يقول بالأستحالة يقول لا وجوب هنا، فيجوز التصرف بهذا المال في امور اخرى لأن الواجب المعلّق مستحيل فالشرط المتأخر أيضاً مستحيل، فمن يفتي في هذه المسألة بالوجوب، يقول: اذا حصلت على مال في أي وقت من أيام السنة (في أشهر الحج و غيرها) وجب عليك الحج بشرط متأخر وهو بقائك حياً الى حين المناسك، ومن يقول بالأستحالة فيقول بعدم الوجوب، لأن الشرط المتأخر مستحيل فالواجب المعلق مستحيل، فلا وجوب، ومعه فتتمكن من صرف المال في أيّ شيئ أردت، هذه الثمرة الاولى.

الثمرة الثانية: اذا دلّ الدليل على اعتبار الرضا من المالك في عقد الفضولي أو عقد المكره فلابد من الرضا المتأخر، ولا نعلم هل ان هذا الرضا المتأخر هل هو شرط مقارن، فاذا كان شرط مقارن فان البيع حصل يوم السبت ( النقل والانتقال) وقد حصل الرضا يوم الخميس، فيعني ان النقل والانتقال حصل يوم الخميس، واذا كان هذا الشرط متأخر فأن النقل والانتقال حصل يوم السبت، فوقع ايجاب وقبول من المكره يوم السبت ورضي يوم الخميس، أو فضولاً حصل الايجاب والقبول من قبل البائع او المشتري وتردد ان هذا الرضا شرط مقارن أو متأخر، فالمقارن يعني ان النقل والانتقال حصل يوم الخميس،أو شرط متأخر يعني ان النقل والأنتقال حصل يوم السبت، فما هو الموقف؟.

فاذا قلنا باستحالة الشرط المتأخر فلابد أن نقول ان الاجازة يوم الخميس مقارنة للملكية، كما ذهب اليه المحقق الاردبيلي وفخر المحققين، فالملكية حصلت حين الاجازة لأن الشرط المتأخر مستحيل ، اما اذا قلنا ان الشرط المتأخر ممكن فهنا نقول لابد أن نتبع الدليل لأنه يمكن ان تكون الملكية يوم السبت ويمكن أن تكون يوم الخميس، لأن الشرط المتأخر ممكن والشرط المقارن أيضاً ممكن فاذا أمكن الشرط المتأخر والايجاب والقبول يوم السبت والرضا يوم الخميس فلابد ان نتبع الدليل فقد يدل الدليل على النقل وقد يدل على الكشف.

اذاً لو قلنا بأستحالة الشرط المتأخر فلابد أن نقول بالنقل وأما الاجازة فمقارنة للملكية، واما اذا قلنا بالشرط المتأخر فلايجب أن نقول بالنقل وانما نتبع الدليل فقد يقول الدليل رتب آثار الكشف وقد يقول رتب آثار النقل، هذه الثمرتان التي يمكن ان تذكر لمسألة الشرط المتأخر.

نحن تأملنا سابقاً في صحة هذا المثال في كونه من الشرط المتأخر وهو الاجازة المتأخرة لعقد الفضولي، لأننا ادعينا ان العقد ليس هو الايجاب والقبول من أي شخص بل هو الايجاب والقبول مع رضا المالك أو رضا القابل، فاذا حصل الرضا تم العقد ولذا قال الفقهاء ان العقد يكون موقوفاً على الرضا من المالك أو من القابل، والمراد من موقوف يعني انه غير كامل وغير تام، فأذا حصل الرضا تم العقد وبعد تحقق الرضا تأتي (اوفوا بالعقود) والاّ أي بدون رضا فلا تأتي (اوفوا بالعقود) لأنه لا يوجد عقد أصلا فمع مجيئ الرضا يجيئ (اوفوا بالعقود) فلا أمر بالوفاء قبل الرضا لأنه ليس بعقد (فالايجاب والقبول بدون الرضا ليس بعقد)، اذاً لماذا تدخلون هذا بالشرط المتأخر، فأن الرضا جزء العقد وبدون رضا لايأتي (اوفوا بالعقود) ومع الرضا يكمل العقد ويأتي (اوفوا بالعقود).

ثم كلام الفقهاء في كونه كاشفاً أو ناقلاً لاربط له بالشرط المتأخر، فقد قلنا لابد نتبع الدليل بالكاشفية والناقلية، وبما ان الرضا لابد أن يتعلق بشيئ مرضي به، والشيئ المرضي به هو الملكية السابقة فيعني أن الرضا يوجب ترتب الأثر من حين الايجاب والقبول، فيتعين أن يكون الرضا بالعقد حين وجود العقد، فيكون كشفاً حقيقياً أو كشفاً حكمياً على الأقل.

اذاً هذا المثال الذي يذكره العلماء كثمرة للشرط المتأخر لاربط له بالشرط المتاخر، الاّ اذا قلنا ان ملاك المنع من الشرط المتأخر موجود هنا بأعتبار أن الرضا الذي هو جزء العقد وجزء العلّة للنقل والأنتقال قد حصل متأخراً فكيف يكون ترتيب أثره من الأول، فالمثال الذي يُضرب للشرط المتأخر ليس مثالاً للشرط المتأخر الاّ ان ملاك الشرط المتأخر موجود فيه وهو تاثير المتأخر في المتقدم فادرج في الشرط المتأخر لوجود الملاك فيه .

اذاً ثمرتان لأمكان الشرط المتأخر:

الاولى: اذا صح الشرط المتأخر صح الواجب المعلق، واذا استحال الشرط المتأخر استحال الواجب المعلق.

والثانية: في مسألة بيع الفضولي وبيع المكره، فأن قلنا باستحالة الشرط المتأخر فالنقل والانتقال يوم الخميس اي حين الرضا، واذا قلنا بأمكان الشرط المتأخر فلايتعين النقل بل يجوز النقل ويجوز الكشف حسب الدليل الأثباتي.

تطبيقات للشرط المتأخر

الأول: بعض يقول المرأة المستحاضه يصح صومها اذا اغتسلت قبل الصوم لغسل الليل واغتسلت بعد الصوم في الليل، فصومها متوقف على غسلين، وبعض يقول صومها يوم السبت متوقف على غسلها ليلة الأحد، هذا تطبيق للشرط المتأخر وهو دليل اثباتي من قبل الشارع والفتوى عليه، يقول السيد الحكيم(قده): (وهل يتوقف صحة الصوم مع ذلك (أي مع الأغسال النهارية للمرأة المستحاضة بالكبيرة) على أغسال الليلة الآحقة كما هو ظاهر من أطلق القول بتوقفه على الأغسال، أو على اغسال الليلة الماضية مطلقاً، أو بشرط عدم تقدم غسل الفجر قبل الغد، أو غسل الليلتين معاً، وجوه). اذاً هناك دليل على أن صوم المرأة المستحاضة متوقف صحته على غسلها الليلي وهو شرط متأخر.

الثاني: في مسألة البيع الفضولي، يقول السيد الخوئي(قده): (لو لم يكن العاقد قادراً على التصرف لم يصح البيع بل توقفت صحته على اجازة القادر على ذلك التصرف مالكاً كان أو وكيلاً أو ماذوناً أو ولى فأن أجاز صح وان رد بطل وهذا هو المسمى بعقد الفضولى)، فالصحة في هذا المثال معلّقة على الرضا المتأخر، وهذا المثال انما يكون تطبيق (كما قلنا) من باب أن الادلة دلت على ان الملكية تتحقق من حين العقد وان كان الرضا متأخر ففيه مناط الشرط المتأخر، وان لم يكن هو من الشرط المتاخر مائه بالمائه.

الثالث: تصح الوصية التمليكية (فتوى منهاج الصاحين) بناء على امكان الشرط المتأخر اذ قالوا ان الوصية على قسمين (تمليكية: بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء مثلاً بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص) الى ان يقول (والمشهور احتياج الوصية التمليكية الى القبول من الموصى له، لكن الاظهر عدمه) وعلى هذا فيكون الموصي قد ملّك من تركته لزيد معلقاً على موته وهو شرط متأخر فالتمليك متوقف على شرط متأخر وهو موته.

الرابع:

الاهداء للانسان في غير أشهر الحج ووجوب المحافظة على المال وعدم صرفه في غيره فالوجوب حصل الآن لكن الواجب متوقف على الوقت.

الخامس:

ارث الحمل، يرث الحمل مشروطاً بسقوطه حيّاً، فسقوطه حياً شرط للارث من حين الموت، يعني اذا مات الأب والحمل في بطن امه وعمره شهران، فاذا جاء بعد سبعة أشهر حياً يرث من ابيه فالملكية معلقة على شرط متأخر ولذا تكون النماأت المتخللة للحمل.

السادس: وقال الفقهاء في ارث المسلمين من الورثة من مال مورثهم كما لو كان اثنان من اولاده مسلمين واثنان كفار فالكافر لايرث من المسلم فالتركة تكون للمسلمين بشرط عدم اسلام الكافرينقبل القسمة فان لم يسلما قبل القسمة فالارث للمسلمين والاّ فلو أسلما قبل القسمة فاما يختص الارث بهم اذا اسلموا او يشاركونهم فان كانوا اخوه فيشاركونهم وان كان عنده أولاد وأحفاد فالارث يكون للأولاد لا للأحفاد.

السابع:

قال السيد الخوئي - ولنا في كلامه تأمل- فقال ولابد من ان يكون من قبيل الشرط المتاخر الامر بالتدريجيات اي مثل الصلاة المامور بها بامر تدريجي او مثل الصوم فالامساك يكون في الساعة الاولى والثانية وهكذا ، فيقول (قده) بأن أمر التدريجيات لا بد ان يكون من الشرط المتأخر فان وجوب التكبير في الصلاة مشروط ببقاء قدرة المصلي الى السلام، فالقدرة على السلام شرط متأخر لوجوب التكبير لفرض ارتباطية الاجزاء وكون وجوبها ضمنياً لا أستقلالياً،

فهل هذا من أمثلة الشرط المتأخر او أن الشرط المتأخر في واجبين أحدهما استقلالى والآخر تبعي؟، فنقول ان هذا الواجب الأستقلالي وهو صوم المستحاضة يوم السبت متوقف على غسلها الذي هو واجب تبعي لأن الغسل لأجل الصوم، هذا يفترضه من أمثلة وتطبيقات الشرط المتأخر ، على كل حال هذا ليس من الشرط المتأخر.

يأتي الكلام على قاعدة جديدة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo