< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقتضاء النهي عن العبادة اوالمعاملة للفساد.

 قلنا ان قاعدة اقتضاء النهي عن العبادة او المعاملة الفساد تختلف عن قاعدة اجتماع الامر والنهي فان قاعدة اجتماع الامر والنهي يبحث فيها عن جواز الاجتماع وعدمه من الناحية التكليفية اما هذه القاعدة فتبحث على ان النهي في هذه العبادة هل يقتضي فسادها وعدم الاجزاء من الناحية الوضعية، بالاضافة الى ان هذه القاعدة ان قلنا بالامتناع وقدمنا جانب النهي فسوف تكون قاعدة اجتماع الامر والنهي صغرى لكبرى هذه المسألة، وهذه قاعد عقلية اذ لاتوجد رواية تقول بالنهي عن الصلاة في المغصوب.

 فمن موارد قاعدة اقتضاء النهي للفساد النهي اللفظي الوارد في الشرعي، ومن مواردها ما اذا قلنا بالامتناع وقدمنا جانب النهي فسوف يكون النهي عن العبادة في المجمع لكن هذا لم يرد من الشارع بل هو حكم العقل

 فالقاعدة يبحث عنها في موردين، وهما:

  النهي المتعلق بالعبادة.

 النهي المتعلق بالمعاملة.

اما النهي المتعلق بالعبادة:

 فقد ذكر المشهور الفساد، بان النهي المتعلق بالعبادة يدل على الفساد بالنهي التحريمي النفسي، فالبراهين التي اقاموها على ذلك بعضها مقبول وبعضها غير مقبول.

البرهان الاول: وقدتقدم وقلنا انه غير مقبول وهو ان النهي اذا تعلق بالعبادة فهو يكشف إنّا عن ثبوت المفسدة اي ان هذا النهي معلول عن وجود مفسدة في العبادة فلامصلحة في العبادة فالنهي عن العبادة مفسد لها، وقلنا ان هذا البرهان يثبت بطلان العبادة باعتبار ان العبادة قاصرة ذاتا حتى اذا تمكن المكلف ان ياتي بالعبادة بقصد القربة فهذا البرهان يثبت قصور العبادة الذاتي لكونها ذا ملاك، وقلنا ان الدليل يشمل غير العبادات من الواجبات كالانفاق عن الزوجة اذا نهينا عن اعطائها من مال الغير ومع ذلك اعطيناها من مال الغير فلايسقط الامر بالانفاق عليها، وهو غير صحيح في موردنا لانه انما يكون صحيحا اذا كان نفس العبادة فيه مفسدة ولا يعقل ان تكون العبادة فيها مفسدة وانما تترتب المفسدة عليها.

البرهان الثاني: النهي عن العبادة كاشف عن مبغوضية العمل ومع كون العمل مبغوضا فلايمكن التقرب به الى الله تعالى فتكون العبادة باطلة وفاسدة، ولو تم فهو يثبت القصور في القدرة بالنسبة للمكلف لاالقصور الذاتي للعبادة، فلو تمكن المكلف من قصد القربة فتصح العبادة.

 وقد ناقش المحقق العراقي هذا البرهان والبرهان الذي قبله والذي قد اسقطناه سابقا، فقال: ان النهي المولوي التحريمي المتعلق بالعبادة لا يقتضي فسادها فناقش هاذان البرهانان باعتبار ان الفساد في العبادة يتصور على نحوين لاثالث لها

 الاول: من جهة انتفاء الملاك والمصلحة بعد ان يتوجه النهي اليها

 الثاني: من جهة الخلل في القربة لانها مبغوضة فلايتمكن من قصد القربة

 اما النحو الاول: فقال ان انتفاء الملاك والمصلحة في العبادة لايترتب على النهي وغاية مايفيده النهي هو المفسدة وهذا لايدل على عدم الملاك والمصلحة من جهة اخرى بل يمكن المصلحة والمفسدة من جهتين كالصلاة في البيع والكنائس فمن جهة الصلاة فيه مصلحة ومن جهة الكنائس فيه مفسدة، فاجتمعت المصلحة والمفسدة في شيئ واحد فمع المفسدة قد تكون مصلحة، وهذا هو النحو الاولى وقد بطل

 واما النحو الثاني: وهو الخلل في قصد القربة فهو صحيح للنهي عن العبادة الا انه مترتب على العلم بالنهي واقعا ولو لم يعلم به المكلف فمع عدم علمه بالنهي يتمكن من قصد القربة فتكون الصلاة صحيحة، فالبرهان الاول والثاني لايقبلها المحقق العراقي بهذه المناقشة، فالبرهان الثاني قاصر عن المدعى

البرهان الثالث: وهو مختارنا في اجتماع الامر والنهي على عنوانين مطبقها واحد، فنقول ان النهي عن العبادة كما اذا نهينا عن السجود في الارض المغصوبة وهذا النهي جاء من اجتماع الغصب مع الصلاة وقلنا بالامتناع عقلا وقدمنا جانب النهي فاذا نهينا عن السجود فهذا النهي يكشف عن عدم تعلق الامر بالسجود لعدم امكان الامر والنهي في شيئ واحد بناء على الامتناع ،فاذا سقط الامر فلايمكن كشف الملاك والمصلحة في هذه العبادة لاستحالة اجتماع الامر والنهي في هذا المورد الاتحادي، ومع كونها لاامر فيها فكيف تكون فيها مصلحة فلاملاك ولامصلحة، والصلاة المنهي عنها لاتكون مبرئة للذمة، وهذا البرهان يثبت بطلان العبادة لقصورها ذاتا لعدم المصلحة والملاك فيها

 اما اذا لم يكن لدليل وجوب الصلاة اطلاق كما اذا افترض ان الوجوب قد ثبت بدليل لبّي كالاجماع فالقدر المتيقن للوجوب هو ثبوت الوجوب لو لم ياتي بهذا الفرد المنهي عنه اما اذا جاء بالفرد المنهي عنه وهو الصلاة في المجمع فلايكون الشك في تفريغ الذمة لان الدليل لبي لااطلاق فيه فتجري البرائة

 فالبرهان الثالث صحيح فيما اذا كان لدليل الوجوب اطلاق والدليل الذي فيه اطلاق يقول بوجوب الصلاة الثانية غير الصلاة المنهي عنها اما اذا كان الدليل لبيا فغاية مايقتضي هذا الدليل هو ثبوت الوجوب على المكلف لو لم ياتي بالفرد المنهي عنه، فهذا البرهان ليس تاما من جميع الجهات

البرهان الرابع: وقد ذهب اليه الشهيد الصدر (رضوان الله عليه) يقول: ان العبادة اذا نهينا عنها فلايمكن ان ناتي بها بداعي الهي محض، بل نأت بها بداعي الهي لانها عبادة وبداعي شيطاني لانها منهي عنها

 ويقول يمكن ان يقال فقهيا لايكفي في العبادة ان تكون بداعي الهي بل لابد ان تكون بداعي الهي وان لاتكون بداعي شيطاني وعصياني بناء على اجتماع الامر والنهي، ومعنى ذلك اذا وصل نهي عن العبادة فهي تقع باطلة لاننا نريد العبادة ان تكون بداعي الهي محض ولا يشترك معها الداعي الشيطاني

 وهذا البرهان يختص بصورة وصول النهي اذ مع عدم وصوله لايوجد داعي شيطاني، وهذا البرهان راجع الى قصور قدرة المكلف فمع النهي لاقدرة على قصد القربة

 ويقول السيد الشهيد لايبعد فقهيا ان عبادية العبادة متقومة بامرين: وهما ثبوت الداعي الرحماني وعدم ثبوت الداعي الشيطاني، لان العبادة ليست ثابتة بدليل لفظي بل هي ثابتة بالارتكاز ولايبعد ان الارتكاز قائم على ان الله لايطاع من حيث يعصى وهذه قاعدة لها ادلتها الخاصة

 وهذا برهان تام فاذا وصل النهي الينا فيكون هناك داعي شيطاني واذا لم يصل الينا فلايكون داعي شيطاني بل يكون داعي رحماني محض، واذا قبلنا هذا البرهان ولو في صورة وصول النهي فسوف نفتي ببطلان العبادة اذا توجه النهي اليها حتى اذا قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي لان جواز اجتماع الامر والنهي من الناحية التكليفية وهنا من الناحية الوضعية ثبت ان النهي عن العبادة مفسد لها فلاتصح العبادة

 فمن قال بجواز اجتماع الامر والنهي لابد ان يقول بصحة الصلاة في الارض المغصوبة مع انهم لايقولون بصحة الصلاة في الارض المغصوبة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo