< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/03/30

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقتضاء النهي عن العبادة اوالمعاملة للفساد. انتهينا الى ثبوت ادلة كافية على ان الهي التحريمي النفسي على العبادة يدل على فسادها بتقريبات متعددة

 منها ماذكره الشهيد الصدر من ان العبادة لابد ان تكون بداعي الهي محض بمعنى ان يكون هناك فعل قابل للتقرب به وان يتقرب الانسان بعبادة الله سبحانه وبما انه يوجد نهي عن العبادة فهنا داعي شيطاني واقترن مع الداعي الالهي ولاتصح العبادة بداعي الهي غير محض اي مقترن مع الداعي الشيطاني

 وبعبارة ثانية ان العبادة تصح اذ يكون الفعل قابلا للتقرب به والفعل القابل للتقرب به هو المامور، فاذا كان هناك نهي فهو يكشف عن ان الفعل لايمكن ان يتقرب به فلا تصح القربة من الملتفت الى ان هذا الفعل لايتقرب به، وقد تقدم هذا

 وتكلمنا عن النهي التحريمي المتعلق بالعبادة وقلنا ان النهي التحريمي الغيري المتعلق بالعبادة نفسها كالنهي عن الصلاة التي يتوقف على تركها ازالة النجاسة عن المسجد بناء على اقتضاء الامر النهي عن ضده

 وانتهينا الى ان هذا لايدل على فساد العبادة والان نريد ان نتراجع عن هذا الرأي، هنا السيد الخوئي والسيد الامام والمحقق النائيني ذهبوا الى انه لايدل على الفساد وقد وافقناهم خلافا للسيد البروجردي

 ولكن الان نتراجع عن هذا الراي، فنقول:

 ان دليل المحقق النائيني هو ان متعلق النهي وهي الصلاة ليس فيها مفسدة وليست مبغوضة، ويضيف السيد الخوئي وليست محرمة، فاذا لم يكن فيها مفسدة فهي صحيحة فان النهي عن العبادة الغيري كما في الصلاة اذا قلنا ان الامر بالازالة يقتضي النهي عن الضد فهذا النهي لايقتضي الفساد

 ولكننا نقول للتامل في هذا الاستدلال مجال، وذلك افترض ان الصلاة ليس فيها مفسدة ذاتية لان النهي عنها لاجل ازالت النجاسة لكنه لايمكن ان نقول هي ليست مبغوضة، ولو تنزلنا وقلنا انها ليست مبغوضه لكنه ليس مامورا بها، فالنهي وان لم يكن فيه مبغوضية لكنه يمنعنا من قصد القربة كما يقول السيد الشهيد: ان يكون في الفعل داعي الهي ولايكون داعي شيطاني

 فالسيد البروجري يقول ان النهي يدل على الفساد ودليله هو ان هذا الفعل مبعد عن ساحة المولى لانه منهي عنه، اما كلام الاعلام الثلاثة من ان الفعل المتعلق به النهي ليس مبغوضا وليس محرما فلو تنزلنا وقلنا كله صحيح لكنه ليس مامورا به فلايمكن ان نتقرب به

 فالصحيح ان هذا النهي الغيري دل على الفساد وقد تقدم في مسالة الضد اذ قلنا ان الامر بالشيئ يقتضي النهي عن ضده فالعبادة باطلة بلا كلام اما لو قلنا ان الامر بالشيئ لايقتضي النهي عن ضده فالصلاة لانهي فيها ولاامر فيها فنحتاج الى الامر الترتبي حتى نصحح العبادة

 فنتراجع عن القول بان النهي الغيري لايقتضي الفساد في العبادة بل هو يقتضي الفساد، واما النهي التنزيهي عن العبادة فقد تكلمنا عنه وقلنا انه لايقتضي الفساد لان النهي التنزيهي ليس مبغوضا بل فيه قلّت الثواب والامر موجود

 ثم ان النهي اذا كان عن جزء العبادة وجئنا بالجزء المنهي عنه فهو باطل لوجود النهي عنه فاذا بطل الجزء ولم نتداركه فتكون الصلاة باطلة اما اذا نهانا عن جزء العبادة وجئنا به ثم تداركنا ولم يوجد هناك مانع اخر من صحة العبادة فتكون العبادة صحيحة

والامثلة

الاول: قرائة العزائم بعد الفاتحة باطلة للنهي فاذا اكتفينا بالقرائة وركعنا فتكون الصلاة ناقصة لان الجزء المنهي عنه غير مقبول فهي ناقصة وباطلة، اما اذا تداركنا ذلك وقرائنا سورة الاخلاص بعد العزائم فهنا تصح الصلاة لانها احتوت على الجزء المنهي عنه فهو حرام لكننا جئنا بالجزء الذي يريده وهو سورة الاخلاص كما في الصلاة والنظر للاجنبية فالصلاة صحيحة والنظر محرم.

الثاني: اذا قرأ شخص آية السجدة وانا في الصلاة على ابواب السجود فالحكم هو وجوب الايماء الى السجود ولكننني سجدت ثم قرأت آية السجدة مرة ثانية فبدلا من الايماء لو سجدت ثم اردت ان اسجد سجدتين للركة التي انا فيها فهنا تداركت ما كان باطلا فهنا اصبحت ركعتان زائدتان فتكون الصلاة باطلة، هنا قد يقال ان السجود في هذا المثال يختلف عن سورة العزائم لانني هناك قراتها بعنوان جزء الصلاة لكنه منهي عنه اما في السجود فالاتيان به لابعنوان انه جزء الصلاة بل لسماع اية السجدة فلم اقصد الجزئية ومعه فلاتكون زيادة، والجواب في خصوص السجود وردت رواية صحيحة اثبتت كون السجود زيادة وان لم يقصدبها الجزئة، والحق بالسجود الركوع لعموم التعليل الوارد في الرواية، فهذا المثال صحيح.

الثالث: اذا تعلق النهي بالرياء في قرائة سورة طويلة بعد الحمد، فالرياء ابطل الجزء فتكون الصلاة ناقصة فتبطل الصلاة ولكن لو تداركت الرياء بقرائة سورة اخرى بدون الرياء فالصلاة صحيحة رغم احتوائها على الجزء الريائي، اما اذا حصل الرياء في الركوع بعد ذلك اردت تدارك الركوع فالصلاة تصبح ذات ركوعان فتكون الزيادة موجبة لبطلان الصلاة، وهذا الكلام صحيح لوقلنا ان الرياء في جزء العبادة غير مبطل لها ويبطل الجزء، فقد قال السيد الخوئي في بعض تقريراته ان الرياء في جزء العمل مبطل للعمل باكمله واستدل بالجملة التي استخرجها من الروايات وهي (اذا دخل الرياء عملا افسده) ولكن هذه تعني ان العمل كله رياء لكننا نقول ان الرياء دخل جزء العمل، فالنهي اذا تعلق بجزء العبادة فيبطل الجزء فلو تداركناه فيصح العمل مالم يكن هناك مبطل اخر كالزيادة الركنية

 لكن الميرزا النائيني قال ان الجزء اذا كان محرما فيتقيد الواحب بغير الصلاة التي فيها جزء محرم، وهذا يعني ان يكون مانعا عن صحة العمل، وقد تعجب منه الشهيد الصدر بعد ان أقرّ ان تحريم الجزء يوجب تقييد الواجب بغيره الا انه قال لايعني هذا ان الجزء يكون مانعا من صحة الواجب، فما ذهب اليه الميرزا النائيني من ان الجزء المنهي عنه يكون مانعا من صحة الصلاة ليس بصحيح بل تبقى هذه القاعدة وهي ان الجزء المنهي عنه في الصلاة يقتضي فساد الجزء لوجئنا بالمنهي عنه من دون تدارك، فالصلاة تكون ناقصة والناقصة باطلة اما لو تداركنا الجزء المنهي عنه فالتدارك تارة يصحح العمل ان لم يكن هناك محذور اخر وتارة يبطل العمل ان لم يكن هناك محذور اخر

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo