< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/05/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية العام المخصص في الباقي

 3ـ إذا كان المخصِص مجملاً من ناحية المفهوم وكان منفصلاً دائراً أمره بين المتباينين كما إذا قال: أكرم كل فقير وورد في دليل منفصل (لا تكرم زيداً الفقير) وتردد زيد مفهوماً بين زيد بن بكر وزيد بن سعد، فهنا قد انعقد للعام ظهور إلا انه يسقط عن الحجية بالنسبة إلى المحتملين «زيد بن بكر وزيد بن سعد»، فإنه لا يمكن التمسك بأصالة العموم بالنسبة إلى الفردين المشكوكين للمخصص وذلك لوجود العلم الإجمالي بخروج أحدهما عن العام أي أنّه يوجد علم إجمالي بعدم تحقق الإرادة الجدية بالنسبة أحد الزيدين فهي مزاحمة بشيء يكون أقوى منها وهو المخصص، فلا مجال للتمسك بأصالة العموم مع العلم بالتخصيص، فالنتيجة: إن العام يكون في حكم المجمل بالنسبة الى خصوص المحتملين «الزيدين» وان لم يكن مجملاً حقيقة في باقي العموم.

 وبعبارة أخرى هنا: ان المخصِص المنفصل وان لم يهدم أصل ظهور العام إلا أن حجية أحد الظهورين في شمول العام له ساقطة وهذا هو معنى الكلمة المشهورة القائلة: بأن المخصِص المنفصل يرفع حجية العام ـ لا نفس العام ـ أما بملاك الأظهرية والاقوائية كما قال صاحب الكفاية أو بملاك القرينية كما قال الميرزا النائيني وحينئذٍ لا يمكن التمسك بالعام في كلا الزيدين معاً لأنه يعني التمسك بالعام فيما يقطع بعدم حجية العام فيه وهو غير معقول.

 ولو أريد التمسك بالعام في أحد الزيدين بالخصوص بدلاً عن الآخر، فهو وان كان العام ظاهراً في كل منهما فعلياً فالمقتضى تام، ولا مانع عن التمسك بالعام في أحدهما لأنه لا يعلم بتخصيصه بالخصوص, بل العلم بتخصيص أحد الزيدين, إلا أنه يعلم بتخصيص أحدهما، فيقع التعارض بين الزيدين في الحجية بالعرض وحينئذٍ يكون شمول دليل الحجية لأحدهما دون الأخر ترجيحا بلا مرجح, فلماذا نتمسك بالعام بالنسبة إلى زيد بن بكر دون زيد بن سعد؟ ([1] ).

 نعم هنا يجوز التمسك بالعام لنفي خصوص الزائد المحتمل في الفرد الآخر غير الخارج بالتخصيص على نحو الإجمال إذا ترتب على ذلك أثر شرعي. أي يكون العام حجة في أحد الزيدين الغير المعين لدينا، وأثره إعمال العلم الإجمالي المنجز، فيكون من موارد العلم الإجمالي بالحجية الذي هو كالعلم الإجمالي بالواقع في التنجيز. كما إذا قال إنّي أكرم أهل هذا البيت إذا كان يجب إكرام كل الفقراء إلا واحداً فهنا يجب عليه الإكرام لأنّه ثبت وجوب إكرام كل الفقراء إلّا واحد غايته هذا الواحد غير معيّن وهذا لا يضر في ثبوت الحكم, وبعبارة أخرى: إنّ المقتضي موجود والمانع مفقود، لأن أصل الظهور موجود في زيد غير المخصص الذي لا نعرفه والمانع مفقود حيث لم يثبت إلا مخصص لفرد واحد وهو زيد الذي لا نعرفه.

 4ـ إذا كان المخصَص مجملاً مفهوماً وكان منفصلاً دائراً أمره بين الأقل والأكثر كما إذا قال أكرم كل فقير وورد في دليل منفصل (لا يجب إكرام فساق الفقراء) مع تردد مفهوم الفاسق بين مطلق مرتكب الذنب وبين خصوص مرتكب الكبيرة. فهنا يصح التمسك بالعام في مورد إجمال المخصِص الدائر بين القليل والكثير وعدم سريان الإجمال في المخصص إلى العام.

 وذلك لكون مقتضي حجية العام (وهو ظهور العام في العموم بالنسبة لمورد الإجمال) موجود في جميع الأفراد حتّى مورد الإجمال, والمانع مفقود.

 أما وجود المقتضي: فلأن المخصِص المنفصل لا يهدم الظهور وإنّما يتقدم عليه في الحجية بملاك الأظهرية «كما قال صاحب الكفاية» أو القرينية (كما قال الميرزا النائيني». وأما عدم المانع: فان الثابت من المانع عن حجية العموم إنّما هو بمقدار فاعل الكبيرة من الذنب وهو القدر المتيقن، أما فاعل الصغيرة فلم يثبت خروجه بالتخصيص فيبقى العام على حجيته في نفي التخصيص المحتمل, فإنّه غير معلوم الخروج.

 وبعبارة أخرى: ان الخاص في الشبهة المفهومية حجة في الأقل، وإما في الأكثر فيشك في كون الخاص حجة فيه، ومشكوك الحجية يساوق عدمها لانَّ قوام الحجية بالعلم وبهذا ثبت أن الخاص ليس حجة في الأكثر. ثم العام هو حجة في غير ما كان الخاص حجة فيه فيشمل الفرد المشكوك دخوله في الخاص.

 5ــ وهذا في الواقع راجع الى الصورة الثالثة أي وجود الخاص المجمل المنفصل الدائر بين المتباينين فإن قال أكرم كل عالم ثم قال لا تكرم زيداً وتردد زيد بين زيد العالم وزيد البقال فالعموم أكرم كل العلماء والخاص هو لا تكرم زيداً المردد فهنا لا يقال: إنّه لا يجوز التمسك بالعام في أحد الفردين بالخصوص. بل يجوز التمسك بالعام فيجب إكرام زيد العالم لشمول العموم له ولم نعلم بخروج هذا بالخصوص فالإرادة الجدية لإكرام كل العلماء ومنهم زيد موجودة أمّا العلم الجمالي بخروج زيد انحل بأصالة العموم فحينئذ يحرم إكرام زيد البقال, فكما أن أصالة العموم حجة كذلك لوازمها تكون حجة, ولازم أصالة العموم هنا هو حمل النهي في المخصص المنفصل على زيد البقال, وهذا بخلاف ما لو لم ينحل العلم الإجمالي كما في مثال الصورة الثالثة فإنّه لا يمكن التمسك بالعام فيه كما تقدم.

[1] () راجع الكفاية 220- 221 , وفوائد الأصول 1-2، 523. المحاضرات 5: 182 بحوث في علم الأصول 3: 302.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo