< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/11/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:

قاعدة: كفاية العلم الإجمالي في الامتثال

 تقدم أنّه ذُكر عن السيد الخوئي (قده) في تقريرات بعض تلامذته إقامة البرهان على دعوى الميرزا حيث قال: «إنّ الميرزا النائيني ذهب إلى عدم الاحتياط في المقام مع التمكن من المعرفة تفصيلاً لأنّه زعم أنّ التحرك عن إرادة المولى مقدّم في مقام الامتثال على التحرك عن احتمال الإرادة، وزعم أنّ العقل قاض بذلك مع أنّ وجوب الإطاعة للواجبات عقلّي لا شرعي، وحينئذٍ فإذا شُكّ في كيفية الإطاعة عقلا ينبغي أن يؤتى بكلّ ما يمكن اعتباره في الإطاعة التي هي حكم عقلي يستقل بها العقل، وحينئذٍ ففي المقام يحتمل دخل معرفة الواجب تفصيلاً في الامتثال والإطاعة عقلاً، فلا بدّ من الإتيان به تفصيلا ولا يكفي الإتيان به رجاء أصلاً».

ثمّ ناقش هذا الدليل فقال بـ: «منع كون التحرّك عن الإرادة مقدّم على التحرّك عن احتمالها، بل هما سواء وذلك من جهة أنّ الإطاعة وإن كانت بحكم العقل إلّا أنّ معنى كونها بحكم العقل إدراكها حسن الإتيان بالمأمور به وأمّا أنّه هل اعتبر في المأمور به أن يكون معلوماً تفصيلاً أم لم يعتبر؟ فهو من كيفيات الإطاعة شرعاً، فالعقل لا مدخل له إلّا في إدراك حسن الإطاعة التي هي إتيان المأمور به سواء في التوصليات او التعبديات، وأمّا كيقيّة الإتيان فأمر شرعي، وحيث لم يعتبر الشارع المقدّس في إتيان المأمور به العبادي إلّا أن يكون متقرّباً به إلى المولى ومسندا إليه كما دلّت عليه رواية الوضوء من اعتبار كونه بنية صالحة كما مرّ، فاعتبار غير التقرّب (كالتمييز والوجه) أن لم يكن منفيّاً قطعاً، فلا أقل من كونه مشكوكا فيه فيجري فيه البراءة الشرعية لإمكان اعتباره شرعاً بالأمر الثاني المتمّم للجعل على رأيه (قده) وحينئذٍ فيجوز الاحتياط قطعاً وإن أمكن العلم التفصيلي فافهم»[1]

[2] .

أقول: إنّ التحرّك لا يكون عن إرادة المولى ولا عن شخص أمر المولى كما ورد في التقريرات، بل يكون الانبعاث عن احتمال ارادة المولى أو قل احتمال أمر المولى، أو القطع بإرادة المولى أو قل: القطع بأمر المولى، وذلك لأنّ الإرادة أو الأمر بوجوده الواقعي لا يكون محرّكاً، بل الذي يحرّك هو الإرادة أو الأمر الواصل، والانبعاث في هذه المرحلة يكون في مرتبة واحدة.

الثاني: أن يقال ان الواجبات العبادية مقيّدة بشرط التمييز. وهذا الشرط متوقف على إتيان العبادة بعنوان تفصيلي مع التمكن منه. وهذا هو بحث فقهي يؤول إلى وجود شرط شرعي في العبادات يقول بان الاحتياط لا يمكنه إتيان العبادة بقصد الوجه متميزاً عن غيرها، وان أياً منهما واجب وأيهما غير واجب.

ويرد عليه: أنه لا دليل على هذا الشرط الشرعي إلا الإجماع المدّعي، والإجماع كما ترى في هذا الشرط غير المعنون إلا في كلمات المتأخرين، والمعتبر في العبادة أن يكون الداعي إليها العلم بإرادة الآمر لا غير وأما معرفة كون البعث إلزامياً أو غير إلزامي فلا دخل لها في العبادة عند العقل والعقلاء والشرع.

 قال المحقق الحلي في محكي المدارك عن بعض تحقيقاته: (والذي يظهر لي أن نيّة الوجوب والندب ليست شرطاً في صحة الطهارة، وإنّما يفتقر الوجوب إلى نيّة القربة، وهو اختيار الشيخ أبي جعفر الطوسي في النهاية، وان الإخلال بنيّة الوجوب ليس مؤثراً في بطلانه، ولا إضافتها مضرة ولو كانت غير مطابقة لحال الوضوء في وجوبه أو ندبه) وقد استجوده في المدارك ([3] ).

 وان قيل ان نفس احتمال اعتبار هذا الشرط كافٍ في إتيان العبادة بالعنوان التفصيلي مع التمكن، فيرد عليه ان هذا الاحتمال للشرط يكون مجرى لأصالة البراءة الشرعية، ولو كان شرطاً عقلياً محتملاً (كما قيل) فيكفي أن يكون مجرى للبراءة العقلية (قبح العقاب بلا بيان).

[1] غاية المأمول من علم الأصول 2: 80 _ 81.

[2] أقول: قال في أجود التقريرات: ان الامتثال الإجمالي انبعاث عن احتمال الأمر وهو متأخّر عن الامتثال التفصيلي الذي هو انبعاث عن شخص الأمر فلاحظ.

[3] () بحر الفرائد للإشتياني حاشية رسائل الشيخ الأنصاري.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo