< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:

قاعدة: كفاية العلم الإجمالي في الامتثال

 ذكر المشهور امتناع أجزاء الامتثال الإجمالي في التعبدي مع إمكان الامتثال التفصيلي وذكرت وجوه ثلاثة تقدم اثنين منها.

الثالث: أن يقال ان العقل يحكم بقبح الامتثال الإجمالي مع إمكان التفصيلي، لأن الامتثال الإجمالي يحتوي على تكرار العمل مع إمكان الامتثال التفصيلي، وتكرار العمل هنا يكون لعباً بأمر المولى[1] وهو قبيح وحرام شرعاً وهذا ينافي التقرب لله تعالى.

ويرد عليه:

 1ـ ان هذا الوجه يختص بالامتثال الإجمالي الذي فيه تكرار للعمل ولا يشمل الامتثال الإجمالي الذي ليس فيه تكرار للعمل.

 2ـ النقض بالواجبات التوصلية، فان الامتثال الإجمالي إذا كان لعباً بأمر المولى ومحرماً فسوف لا يقع مصداقاً للواجب ولا يكون مجزياً عن الأمر ولو كان توصليا، لان الواجب يتقيّد بغير الحرام قطعاً، وأجزاء غير المأمور به عن المأمور به يحتاج إلى دليل خاص. ولكن هذا لا يلتزم به أحد مما يكشف عن بطلان هذا الوجه.

 3ـ ذكر صاحب الكفاية: أن التكرار قد يكون لداعٍ عقلائي كما إذا كان تحصيل العلم التفصيلي أصعب وأشق من العمل الإجمالي، وحينئذٍ فلا يكون العمل الإجمالي لعباً ولغواً.

 4ـ لم يوجد في الامتثال الإجمالي لعب بأمر المولى، بل هو لعب لتحصيل اليقين فلا قبح فيه عقلاً ولا شرعاً فلا يكون مانعاً عن صحة العبادة.

 5ـ إن المتشرّعة إنّما يجتنبون تكرار العمل فيما مثّل له الشيخ الأنصاري بأن يصلّي مائة مرة لصعوبة العمل لا من ناحية ارتكاز عدم مشروعية العمل عندهم، ولذا نراهم يقدمون على التكرار مع صعوبة الفحص (كما في بعض الشبهات الموضوعية مثل علمه بأن أحد هذه الثياب الأربعة مغصوب والشبهات الحكمية حيث إنّ الفحص فيها با يوجب اليقين بالواقع غالباً، نعم يمكن معرفة مؤدّى الحجّة.

التطبيقات:

 وهذه التطبيقات تشمل الامتثال الاجمالي مع امكان الامتثال التفصيلي، وتشمل الاحتياط مع احتمال التكليف مع التمكن من الفحص أي اتيان المحتمل مع امكان معرفة الحكم واستكشاف الحال كمن يأتي بصلاة العيد لاحتمال وجوبها مع امكان مراجعة الادلة لمعرفة الحكم الشرعي يقيناً، لأنّ البحث يجري في الأمرين معاً فلاحظ.

 1ـ قال العلامة الحلي : «لو كان معه ثوب متيقن الطهارة تعيّن للصلاة، ولم يجزله أن يصلي في الثوبين (المشتبهين بالنجاسة في أحدهما) لا متعددة ولا منفردة»([2] ).

 وقال صاحب المدارك : «وهو حسن إلا أن وجهه لا يبلغ حدّ الوجوب»([3] ).

 وقال المحقق السيد الخوئي: «تبتني هذه المسألة على القول بعدم جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال التفصيلي عند استلزامه التكرار» ([4] ).

 2ـ ما ذكر في الوضوء بعد الغسل: (في غير غسل الجنابة): لو شككنا في أنه هل تعلّق به أمر أم لا؟ يجوز إتيان الوضوء بعد الغسل فقد ذهب المحقق السيد الخوئي إلى ذلك ([5] ).

 3ـ وقال السيد الخوئي: «الأقوى جواز الاحتياط ولو كان مستلزماً للتكرار وأمكن الاجتهاد والتقليد»([6] ).

 4ـ وقال: «يجوز الاحتياط إذا تردد الواجب بين القصر والتمام مع التمكن من الامتثال التفصيلي»([7] ).

 5ـ قال السيد صاحب العروة الوثقى (قدس سره) «إذا حصر القبلة بين جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن إحداهما وجب عليه تكرار العمل»([8] ).

 6ـ وقال السيد الخوئي (قدس سره): «يجوز الاحتياط فيما إذا اشتبهت القبلة إلى أربع جهات والمكلف يتمكن من تحصيل العلم بالقبلة من غير صعوبة، وفيما لو تردد ثوبهُ الطاهر بين ثوبين أو تردد المسجد بين شيئين لا يصح السجود على أحدهما»([9] ).

 7ـ وقال السيد الخوئي (قدس سره):« ان احتمل العامي الوجوب وشيئاً من الأحكام غير الإلزامية كما إذا احتمل استحبابه أو كراهته مع القطع بعدم حرمته، فلا حاجة فيه إلى التقليد لتمكنه حينئذ من الاحتياط، فله أن يأتي بالعمل برجاء الوجوب... لجواز الامتثال الإجمالي ولو مع التمكن من الامتثال التفصيلي.

وكذلك فيما لو احتمل الحرمة وشيئاً من الأحكام الثلاثة مع القطع بعدم الوجوب.

نعم إذا احتمل وجوب شيء وحرمته وإباحته أو هما و كراهته أو استحبابه تعيّن التقليد في حقه. لعدم قابلية المورد للاحتياط. ومما سردناه ظهر أن الأدعية والأوراد المنقولة في كتب الأدعية المتداولة بين الناس لا يسوغ أن يؤتى بها بإسناد محبوبيتها إلى الله سبحانه، أي بعنوان أنها مستحبة إلا مع القطع باستحبابها أو التقليد فيها ممن يفتي بذلك، وإلا كان الإتيان بها كذلك من التشريع المحرّم. نعم، لا بأس بالإتيان بها رجاءً فانه لا يحتاج معه إلى التقليد» ([10] ).

 8 لو شك في وجوب الجهر والاخفات في ظهر يوم الجمعة فهنا يمكنه ان ياتي بقراءة جهرية وأخرى إخفاتية ويقصد بالواجب الواقعي الجزئية وبغيره القرآنية، فمع تمكنه من العلم التفصيلي بالواجب هل له الامتثال الإجمالي أم لا؟

 قال الميرزا النائيني ـ الذي لا يوافق على صحة الامتثال الاجمالي مع التمكن من الامتثال التفصيلي ـ هنا بالجواز مفرّقاً بين هذا المثال وبين ما تقدم من الأمثلة بقوله: «إن الأمر هنا بالصلاة قطعي بخلاف غير هذا المثال إذ يكون الأمر بالامتثال الاجمالي غير قطعيّ»[11] .

[1] اللعب يكون بأمر المولى في هذا المثال الذي ضربه الشيخ الأنصاري فقال: (من أتى بصلوات غير محصورة لاحراز شروط صلاة واحدة بأن صلّى في موضع تردد فيه القبلة بين أربعة جهات في خمسة أثواب أحدها طاهر ساجداً على خمسة أشياء أحدها يصح السجود عليه مائة صلاة مع التمكن من صلاة واحدة يعلم فيها تفصيلاً اجتماع الشروط الثلاثة، يعدّ في العرف والشرع لاعباً بأمر المولى والمتشرعة يجتنبون هذا التكرار وما هو إلّا لارتكاز عدم المشروعية والفرق بين الصلوات الكثيرة وصلاتين لا ترجع إلى محصّل).

[2] () المنتهى: 3 : 301.

[3] () المدارك: 2 : 358.

[4] () التنقيح في شرج العروة الوثقى 3 : 371.

[5] () التنقيح في شرح العروة الوثقى 1 : 69.

[6] () العروة الوثقى بحث الاجتهاد والتقليد، مسألة 4: 73.

[7] () التنقيح في شرح العروة الوثقى، مباحث الاجتهاد والتقليد73.

[8] () العروة الوثقى: 2 : 303 كتاب الصلاة، فصل في القبلة، مسألة 6.

[9] () التنقيح ، مبحث الاجتهاد والتقليد74-75.

[10] () التنقيح، مبحث الاجتهاد والتقليد 304.

[11] فوائد الأصول 3: 74.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo