< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/03/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة: حجيّة الظواهر
 تحديد موضوع أصالة الظهور (حجية الظهور)
 إن قاعدة حجيّة الظهور المعبّر عنها بأصالة الظهور إنّما تجري إذا كان للكلام ظهور تصديقي مع العلم بعدم القرينة على إرادة خلافه متصلة كانت القرينة أو منفصلة، أو العلم بعدم القرينة المتصلة خاصة مع الشك في المنفصلة.
 والشك في القرينة المنفصلة يحصل عادة من علمنا من سيرة المعصومين عليهم السلام بأنّهم يذكرون اللفظ ويذكرون القرينة الصارفة له عن ظهوره بعد مدة.
 أقول: إنّ هذا الكلام يوجب الشك في وجود قرينة منفصلة صارفة للفظ عن ظهوره، إلّا إنّه يجب في هذه الحالة الفحص عن القرينة بقدر الإمكان، فما لم يعثر على القرينة المحتملة بعد الفحص يتمسك بظهور الكلام، فهذا الاحتمال يوجب الفحص ولا يزيل ظهور الكلام، فلاحظ.
 وإن شكّ في القرينة المتصلة فهناك ثلاث صور:
 الأولى: أن يكون الشك ناشئاً من احتمال غفلة السامع عن بعض كلمات المتكلم ممّا كان له دخل في افهام مراده، ففي هذه الحالة تجري أصالة عدم الغفلة وتسمى أصالة عدم القرينة، وبذلك يحرز موضوع أصالة الظهور( [1] ).
 الثانية: أن يكون الشك ناشئاً من احتمال إسقاط الناقل لها، فالمشهور فيه أيضاً عدم الاعتناء بالاحتمال، وذلك لشهادة الراوي المفهومة من كلامه ولو ضمنا بأنه استوعب في نقله تمام ماله دخل في إفادة المرام( [2] ).
 الثالثة: أن يكون الشك في القرينة المتصلة غير ناشئ من احتمال الغفلة ولا من إسقاط الناقل، بل كان شكّنا ثد نشأ من أنّ المتكلّم هل أراد ما هو ظاهر كلامه أم لا لاحتمال وجود قرينة حالية متصلة بالكلام قد خفيت علينا( [3] ). فلا يمكن الرجوع إلى أصالة الظهور ابتداء للشك في موضوعها وهو الظهور التصديقي، ولا يمكن تنقيح موضوعها بإجراء أصالة عدم القرينة، لأنه لا توجد حينئذ حيثية كاشفة عقلائية عن عدم القرينة المحتملة لكي يعتبرها العقلاء ويبنون على أصالة عدم القرينة. فاحتمال القرينة المتصلة في هذه الصورة يوجب الاجمال( [4] ).
 أصالة الظهور وسائر الأُصول اللفظية
 أي ما هي نسبة أصالة الظهور إلى سائر الأصول اللفظية الأخرى؟
 نقول: إن أصالة الحقيقة تعني أصالة الظهور التصديقي الأول، أي إنّ الأصل أنّ المتكلم يقصد افهام المعنى الحقيقي التصوري (لا المجازي).
 وأصالة العموم: في مقابل تخصيص لا يلزم منه تجوّز، وهي تعني أصالة الظهور التصديقي الثاني الكاشف عن المراد الجدّي.
 وأصالة الإطلاق: في مقابل تقييد لا يلزم منه تجوّز، وهي تعني أصالة الظهور التصديقي الثاني الكاشف عن المراد الجدّي. بمعنى أن الأصل أن المتكلم يريد معنى كلامه ومراده الجدّي، فما يقصده في كلامه يريده واقعاً.
 وهذه الأُصول حصص من أصالة الظهور بلحاظ الظهور التصديقي الأول أو الثاني.


[1] ـ دروس في علم الأُصول/الحلقة الثالثة/القسم الأول186.
[2] ـ وعلى هذا، فالتقطيع في الاخبار لا يوجب خللاً في الظهور، إذ أن المحدّثين المقطّعين للاخبار كالشيخ الكليني والشيخ ابن بابويه وأمثالهم الذين هم من أقطاب الدين وكانوا عارفين بأسلوب الكلام، وكانوا في أعلى مراتب الورع والتقى. فعدالتهم ووثاقتهم مانعة عن إخفاء القرينة عمداً، ومعرفتهم بأسلوب الكلام والمحاورات العرفية مانعة عن اخفائها جهلاً، فإذا نقلوا الاخبار بلا قرينة يؤخذ بظواهرها لاحراز موضوع أصالة الظهور. نعم لو كان المقطّع للأخبار ممن لا يعتدّ بهم ولا يعتمد عليهم أمكن القول بعدم جواز التمسّك بالظهورات حينئذٍ. يراجع مصباح الأُصول2 : 129, وغاية المأمول من علم الأصول2: 116.
[3] ـ كما إذا كان في الكلام ما يصلح للقرينة كالأمر الواقع في مقام توهم الحظر. والضمير الراجع إلى بعض أفراد العام أو القرائن اللبيّة المرتكزة في الأذهان. يراجع مصباح الأُصول2 : 128.
[4] ـ دروس في علم الأُصول/الحلقة الثالثة/القسم الأول187.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo