< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة: حجيّة الخبر الواحد
 تقدم الكلام عن الطائفة الأولى ونقول: «فبالإضافة إلى أنّها ليست متواترة بل الموجود فيها روايتان فقط فالأولى هي المثبتة هنا وهي عن الإمام الحسن العسكري والرواي عنه محمد بن عيسى، والثانية عن أبي الحسن الثالث «الإمام الرضا (ع)والراوي هو داوود بن فرقد الفارسي فقد قرأ الكتاب الذي كتبه إلى الإمام إلى محمد بن عيسى [1] فاختلاف الإمام والراوي عنه يجعل بين أيدينا روايتين وليست رواية واحدة فلاحظ»: فلا يعقل جعل الحجيّة لها ليستدلّ بها على عدم الحجيّة لأنها خبر واحد لا ميزة له عن بقيّة الاخبار فيلزم من حجيته عدم حجيته [2] . على أنها روايات ضعيفة السند [3]
  [5] ومعارَضة بما دلّ على حجيّة خبر الثقة القطعي كما سيأتي، وقد تقدّم ما دلّ على الحجيّة على ما دلّ على عدم الحجيّة، وذلك لأنّ هذا الخبر دلّ على عدم حجية مطلق الخبر غير المفيد للعلم وما دلّ على الحجية دلّ على حجية خبر الثقة فهو أخص.
 أما الطائفة الثانية أقول: فهي مستنبطنة لحجية الروايات الموثقة ولذا عند تعارضها جعل لنا حلّا ً للخلاص من التعارض وهو العرض على الكتاب والأخذ بما يوافقه أو عليه شاهد أو شاهدان منه.
 ولو سلمنا أنها لا تستبطن حجيّة الروايات الموثقة فيعارضها الروايات المتواترة أيضاً الدالة على لزوم العمل بخبر الواحد الثقة مثل قوله عند السؤال عن يونس بن عبد الرحمن وأنه ثقة تؤخذ عنه معالم الدين: «نعم»، ومثل قوله: «لا عذر لأحد في ترك العمل بما يرويه عنّا ثقاتنا»، ومثل قوله: «فلان مأمون على الدين والدنيا» وغيرها( [6] ).اذن لابدّ من الجمع بين الاخبار الآمرة والناهية بأن نقول مثلاً: بحمل الاخبار الناهية على النهي عن الاخبار المخالفة للكتاب بنحو المباينة والآمرة على غيرها، أو بحمل الاخبار المانعة على الاخبار الواردة في أُصول العقائد، أو حمل الاخبار المانعة عن العمل بما لا يوافق الكتاب على صورة تعارض الخبرين كما هو مفروض في الاخبار العلاجية بعد الترجيح بالشهرة والعدالة، أو حمل الاخبار المانعة على كل خبر ويكون ما دلّ على حجية خبر الثقة أخص منها فيكون مخصِصاً لعمومها وحينئذ سيكون معناها: إن ما لم يوافق الكتاب لم نقله أو زخرف أو باطل الا أن يكون خبر واحد ثقة فيقبل( [7] ).
 3 ـ وأما الإجماع: فقد نقل السيد المرتضى إجماع الطائفة على عدم العمل بأخبار الآحاد بل عدّه من ضروريات المذهب كحرمة العمل بالقياس عندهم.
 ويردّه:
  1ـ أننا نعلم بعدم مطابقة هذا الكلام المنقول للواقع، لوجود سيرة المتشرعة المستقرة على التعبد باخبار الثقات.
 2 ـ أنه خبر واحد لا يعقل جعل الحجة له.
 3 ـ أنه معارض بما ينقله الشيخ الطوسي في العدة( [8] ). من الإجماع على الحجية المعاصر للسيد المرتضى بل ومعارَض بكل ما سيأتي من الأدلة على حجيّة خبر الثقة.
 ثم إن الشهيد الصدر إدّعى أن السيد المرتضى أدعى هذا الإجماع في كتابه الموسوم بأجوبة المسائل الموصلية الناظر إلى ردّ أهل السنة، فقد يكون المقصود هو إجماع الطائفة على عدم حجية أخبارهم التي لا يُحرز فيها وثاقة الرواة ولكن لم يصرح بهذا التصريح تحاشياً عن جرح مشاعرهم في جرح رواتهم، وهذا هو الذي نقله الشيخ الطوسي في العدة( [9] ). فقال: إن المسموع من أشياخ الطائفة أن الطائفة لا تعمل باخبار الآحاد، ثم فسّره وبيّن أن المراد منه الاخبار التي لا يحرز فيها وثاقة الرواة عندنا.


[1] مستدرك الوسائل باب 9 من صفات القاضي ح10، نقلا عن بصائر الدرجات وكذلك البحار 2: باب29 من كتاب العلم ح33 نقلاً عن بصائر الدرجات.
[2] إذ لا نحتمل اختصاص الحجية بهذا الخبر دون سائر الأخبار الصادرة من الثقات، فلو كانت الأخبار الصادرة من الثقاة عن الأئمّة غير حجة فهذا الخبر أيضاً غير حجة.
[3] أمّا الحديث الأوّل فقد نقله ابن إدريس في السرائر عن كتاب مسائل الرجال عن ثلاثة وسائط بعد كتاب مسائل الرجال، وهذه الوسائط غير معلومة، مع أنّ صاحب كتاب مسائل الرجال غير معلوم لنا، وما بعد كتاب مسائل الرجال غير موثّقين إلّا محمد بن علي بن عيسى فقد ورد بشأنه قول النجاشي: «كان وجيهاً بقم وأميراً عليها من قبل السلطان»، وهذا ليس بتوثيق أيضاً.
[4] أمّا الحديث الثاني الموجود في بصائر الدرجات الموجودة في زماننا أو زمان المحدّث النوري الذي نقل الحديث عنها فإنّه لم يثبت بسند معتبر كون هذه النسخة هذه النسخة هي النسخة الأصلية، فإنّ النجّاشي الذي يروي كتاب بصائر الدرجات يرويه بسند ضعيف فيه أبو عبد الله بن شاذان، وأحمد بن محمّد بن يحيى.
[5] وأمّا الشيخ الذي يروي كتاب الصفّار بأسناد مختلفة بعضها جيدة فقد استثنى كتاب بصائر الدرجات عن روايته، وبعضها روى كتاب بصائر الدرجات إلّا أنّه ضعيف بالحسين بن عبيد الله وأحمد بن محمد بن يحيى.
[6] ـ الوسائل 18 باب 11 من صفات القاضي ح40 وح27.
[7] ـ راجع غاية المأمول في علم الأُصول 2: 140 ـ 141.
[8] ـ ص 100 و 126.
[9] ـ بحوث في علم الأُصول 4: 344.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo