< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: حجية القياس:
 واما الدليل العقلي: وهو أوهن الأدلة على حجيّة القياس، وهو كما يصوره الشيخ المظفر: أن بعضهم قال: أنّا نعلم انه لم يرد النصّ في جميع الحوادث، لتناهي النصوص.
 ويستحيل أن يستوعب المتناهي مالا يتناهي
 اذن يعلم أنه لابدّ من مرجع لاستنباط الاحكام لتلافي النواقص من النصوص على الحوادث وليس هو الا القياس.
 ويرد عليه: اننا نسلّم ان الحوادث الجزئية غير متناهية.
 ولكن لا يجب في كل حادثة جزئية ان يرد نصّ من الشارع بخصوصها، بل يكفي أن تدخل في احد العمومات، والأمور العامة محدودة تستوعبها النصوص، وهي تستوعب الحوادث الجزئية التي لا نص في خصوصها.
 وعلى فرض أن النصوص الشرعية على الحوادث ناقصة، إلّا أنّه ليس من اللازم أن يكون الحلّ هو القياس، إذ يمكن كون الحلّ هو الأصل العملي من البراءة أو الاحتياط أو الاستصحاب أو التخيير، وبهذا لا يثبت حجيّة القياس الظنّي.
 أدلة بطلان القياس الظنّي:
 1ـ بعد أن ردّت الأدلة على حجيّة الظن القياسي، فيكون الظنّ القياسي داخلا تحت الردع عن العمل بمطلق الظنّ كقوله تعالى: إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا( [1] )، وقوله تعالى: آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ( [2] )، إذ دلّتا على أن إسناد الحكم إلى الشارع من دون اذن من الله هو افتراء وخلاف للحق.
 ولكن: ذكر الدكتور وهبه الزحيلي في كتابه أصول الفقه الإسلامي: فقال: «أما الاحكام الشرعيّة العملية، فالظنّ فيها كاف بالاتفاق بين العلماء والدليل على ذلك أننا مكلفون بالعمل بأخبار الآحاد وظاهر الكتاب والسنّة وبقبول شهادة الرجلين والرجل والمرأتين ونحوها مما لا يفيد الا الظن».
 ويرد عليه: ان خبر الواحد وظاهر الكتاب والسنة وقبول شهادة الرجلين ونحوها مما قام الدليل المعتبر على حجيتها، اما الظنّ القياسي فهو ظنّ لم يقم على حجيته دليل معتبر بل ورد النهي عن العمل بهذا الظن ففرق واسع بين خبر الواحد ونحوه وبين الظن الناشيء من القياس بالحكم الشرعي فلاحظ.
 2 ـ وردت النصوص الكثيرة الدالة على الردع عن القياس الظنيّ من السنّة الشريفة كما ورد وشاع من أهل البيت () «ان دين الله لا يصاب بالعقول» وذكر السيد الخوئي في مصباح الأصول( [3] ) فقال:
 ان الروايات المانعة عن العمل بالقياس بلغت خمسمائة رواية تقريبا. ومن أراد المراجعة فعليه بكتب الأحاديث( [4] ).
 أقول: إنّ هذه الروايات هي في الردع عن القياس الذي قال به أبو حنيفة وهو غير ما غير ما نريد أدلة على منعه من جرّ حكم الأصل إلى الفرع لمجرّد المشابهة بينهما فيظنّ بعلى الحكم الذي يقال إنّها موجودة في الفرع فهذا الرد غير صحيح فلاحظ.
 نعم هو داخل تحت الآيات القرانية الناهية عن العمل بمطلق الظنّ.
 3 ـ أن العقلاء يقبّحون من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى ولو كان عن جهل مع التقصير( [5] ).
 4 ـ على أن الشك في حجيّة الظن (أو حجيّة القياس بالخصوص) تساوق عدم الحجيّة والقطع بعدمها.
 والخلاصة: يمكن القول: بان القياس في نفسه لا يفيد العلم بالحكم لأنه لا يتكفل ثبوت الملازمة بين حكم المقيس عليه وحكم المقيس (الا في قياس منصوص العلة، بان عرفنا علة حكم الأصل، وهذه العلة بنفسها موجودة في الفرع).


[1] ـ سورة يونس 36.
[2] ـ سورة يونس 59.
[3] ـ 2 : 196.
[4] ـ باب 6 من صفات القاضي من وسائل الشيعة. أصول الفقه الإسلامي 1 : 614 ـ 615 عن ملحق ابطال القياس والرأي لابن حزم / ص 56 وما بعدها.
[5] ـ هذا الأمر يختلف عن الاحتياط الذي نأتي به لاحتمال كونه من الشارع المقدس أو رجاء أن يكون منه، فان هذا أمر حسن بشرط أن لا يعارضه احتياط آخر اوثبت من دليل آخر(كالاستصحاب) وجوب العمل على خلافه بخلاف التعبد والتدين بالظن ونسبته إلى الشارع من دون علم بذلك فانه قبيح عقلاً. راجع فرائد الأصول 1: 126.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo