< قائمة الدروس

الأستاذ السيد منير الخباز

بحث الفقه

37/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الخلل الواقع في الصلاة

وصل الكلام إلى تنقيح جواز الصلاة في جلد السنجاب، حيث اختلف الاعلام في ذلك واختلافهم نتيجة اختلاف الروايات في حکم الصلاة في جلد السنجاب. لذلك تعرض المحقق النائيني «قده» في رسالته في اللباس المشكوك إلى الروايات الدالة على حكم الصلاة السنجاب، وتبعه سيدنا «قده» فأفاد في «ج12، الموسوعة، ص192» ان الروايات الدالة على جواز الصلاة في جلد السنجاب على طائفتين:
احدهما غير نقية السند فلأجل ضعفها لا يلتفت اليه مع ان بعضها غير قابل للتصديق في نفسه:
رواية علي ابن ابي حمزة قال: «لا بأس بالسنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم وليس هو مما نهى عنه رسول الله اذا نهى عن كل ذي ناب ومخلب». حيث دلّت على اختصاص المنع بما له ناب ومخلب، «أي السباع» مع وضوح عدم الاختصاص بلا إشكال.
ضرورة ان الاعتبار «في عدم صحة الصلاة» بما لا يؤكل لحمه سواء كان من السباع أم لا. فلو صح السند لزم الحمل على التقية.
فهو افترض ان قوله بأن موضوع المانعية ما لا يؤكل لحمه اصلا مسلمة لذلك اعتبر مفاد الرواية غير قابل للتصديق في نفسه مع ان هناك قولا مشهورا وهو اختصاص المانعية في السباع وحمل الرواية على التقية، مع ان جمهور العامة لا يفصل بين السباع وغيرها وانما مذهب الجمهور منهم جواز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه ما سوى نجس العين اذا ذكي بلا تفصيل بين السباع وغيرها، فدلالة الرواية على عدم صحة الصلاة في السباع «مما يأكل اللحم» مخالفة لجمهور العامة لا انها موافقة لهم كي تحمل على التقية.
الطائفة الثانية: وهي نصوص معتبرة.
الرواية الأولى: من هذه النصوص المعتبرة: صحيحة أبي علي ابن راشد: نقل في «المنتقى» عن «المنتهى والذكرى والروض» عن علي ابن راشد؛ بينما في نسخ «الكافي والتهذيب» كما نقل ايضا صاحب «الوسائل» عن أبي علي ابن راشد؛ فبناءً على أنه علي ابن راشد فهو مجهول، اذ لا دليل على وثاقته بخلاف ما إذا كان الراوي هو أبو علي ابن راشد «يعني الحسن» فإنه ثقة معروف. ولأجل أن نسخة الكافي والتهذيب كما ايضا هو في نسخة صاحب الوسائل هو أبو راشد، لذلك بنى سيدنا «قده» على التعبير بالصحيحة. صحيحة ابي علي ابن راشد، قلت لأبي جعفر «ابي جعفر الجواد باعتبار انه في طبقة اصحاب الإمام الجواد»: «ما تقول في الفراء أي شيء يصلى فيه؟ قال أي الفراء، ”_الفراء له معنيان: الفراء بمعنى الفرو التي تنسج، والفراء: حمار الوحش، في بعض الروايات يتكلم عن الفراء كحيوان وفي بعض الروايات يتكلم عن الفراء كثوب مصوغ، فهنا يتكلم عن الفراء الثوب المصوغ“ _ قلت: الفنك والسنجاب والسمور، قال : فصلي في الفنك والسنجاب واما السمور فلا تصلي فيه». فظاهره جواز الصلاة في السنجاب.
الرواية الثانية: صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله : «إنه سأله عن اشياء منها الفراء والسنجاب ”_الفراء هنا المراد به حمار الوحش_“ فقال: لا بأس بالصلاة فيه». وصحيحته الاخرى: «قال سألته عن الفراء والسّمور والسنجاب والثعالب واشباهه، فقال: لا بأس بالصلاة فيه». وقد أفاد سيدنا «قده» بأن الاولى متحدة مع الثانية لأن الطريق واحد والمضمون واحد سوى أن الثانية زادت في السؤال «والثعالب واشباهه» والاولى ليس بالسؤال بهذه الزيادة «قال ولا بأس بالصلاة فيه».
الرواية الثالثة: صحيحة علي ابن يقطين: «سألت ابا الحسن عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود، قال لا باس بذلك».
الرواية الرابعة: صحيحة الريان ابن الصلت: «سألت ابا الحسن الرضا عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما اشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقز والخفاف من اصناف الجلود، فقال: لا باس بهذا كله إلا بالثعالب».
سيدنا «قده» في صحيحة علي ابن يقطين وصحيحة الريان ابن الصلت. قال هاتان ورادتان في اللبس وليس في الصلاة. فلاحظوا: صحيحة علي ابن يقطين: «سألت ابا الحسن عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود، قال لا باس بذلك». صحيحة الريان ابن الصلت: «سألت ابا الحسن الرضا عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما اشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقز والخفاف من اصناف الجلود، فقال: لا باس بهذا كله إلا بالثعالب». هل يحتمل انه يسأل عن اللبس نفسه؟ أو ان مورد السؤال عن صحة الصلاة وعدم الصحة؟. ولا يبعد ان المنظور فيهما فرض الصلاة، حيث لا يحتمل عرفا لبس ما لا يؤكل لحمه تكليفاً.
ومن النصوص المعتبرة: الرواية الخامسة: رواية علي بن جعفر، قال السيد الخوئي في «ص176 من الموسوعة» قال وتؤيده رواية علي ابن جعفر عن أخيه موسى، قال سالته عن لبس السمور والسنجاب والفنك؟ قال: لا يلبس ولا يصلى فيه الا ان يكون ذكيّاً». مقتضى ذلك: إذا ذكي صحت الصلاة فيه. حيث دلت على جواز الصلاة مع التذكية وإن كانت ضعيفة السند لوجه اشتماله على عبد الله ابن الحسن. هذه الرواية نقلها في الوسائل «الحديث6، الباب4، من أبواب لباس المصلي» قال عبد الله ابن جعفر في قرب الاسناد، عن عبد الله ابن الحسن عن جده علي ابن جعفر عنه اخيه موسى ابن جعفر سألته..». هذه الرواية باعتبار ان في طريقها عبد الله ابن الحسن وهو مجهول لا توثيق له لذلك بنى السيد الخوئي على الضعف، الا ان السيد الخوئي يرى تمامية ما ينقله صاحب الوسائل عن كتاب «المسائل» لعلي ابن جعفر، وقد وردت هذه الرواية عن «كتاب المسائل» لعلي ابن جعفر، _يعني من غير طريق قرب الاسناد عن عبد الله ابن الحسن_، حيث ذكر سيدنا «قده» عند حديث عن كتاب المسائل عن علي ابن جعفر في مجمعه قال: صاحب الوسائل كصاحب البحار له طريق صحيح لكتاب المسائل لعلي ابن جعفر، وقد نقل عنه في الوسائل قال: عن علي ابن جعفر أو ما نقلته عن كتاب عل ابن جعفر كذا. ومقتضى امرين: أن تكون النسخة التي نقل عنها صاحب الوسائل هي نسخة ثابتة لكتاب علي ابن جعفر: الامر الاول: اصالة الحس، مقتضى اصالة الحس ان ما ينقل عنه صاحب الوسائل هو الكتاب المنسوب لعلي ابن جعفر لا ان الكتاب الذي يحدس صاحب الوسائل بأنه كتاب علي ابن جعفر. _يعني احتمال ان صاحب الوسائل ينقل عن نسخة يراها بقرائن حدسية انها في كتاب علي ابن جعفر هذا الاحتمال منفي بأصالة الحس_.
الامر الثاني: ما الذي يدرينا ان هذا الكتاب المنتسب لعلي ابن جعفر هو الذي له طريق صحيح اليه؟.
قال: هذا الظاهر عرفا، فإن الظاهر عرفا ان المحدث والمؤلف اذا نقل عن كتاب فإنه ينقل عن الكتاب الذي له طريق صحيح اليه لا ينقل عن كتاب اخر عن ابن جعفر ليس له طريق صحيح اليه. فإذا ضممنا هذا إلى هذا، من جهة صاحب الوسائل له طريق صحيح إلى كتاب «المسائل» لعلي ابن جعفر. ومن جهة اخرى قال: من كتاب علي ابن جعفر كذا وكذا. مقتضى ضم ان الظاهر من اي مؤلف إذا نقل عن كتاب انه ينقل عما له طريق صحيح اليه. واصالة الحسّ ان النسخة التي نقل عنها انها نسخة ثابتة عن علي ابن جعفر حسّاً.
ويلاحظ على ما افيد:
أولاً: مضافاً للطعن في أصالة الحسّ حيث لا نحرز بناء العقلاء على اجراء اصالة الحس مع الفاصل الزمني الكبير، مع عدم اشتهار الكتاب شهرة تغني عن البحث عن طرقه ك «الكافي والتهذيبين والفقيه» فهذه كتب مشهورة لدى الامامية شهرة تغني عن البحث عن طريق الانتساب عن مؤلفيها. اجراء اصالة الحس مع عدم اشتهار الكتاب شهرة تغني عن البحث عن طرق انتسابه لمؤلفه لا نحرز بناء العقلاء على اجراء اصالة الحس مع هذا الفاصل الزمني.
ثانياً: تارة يكون كتاب علي ابن جعفر وصل إلى صاحب الوسائل قراءة، سماعا، مناولة، بمعنى انه عند شيخه وشيخه عند شيخه، كان عن طريق القراء والسماع، بأن يقول: اخبرني فلان عن فلان عنه قراءة سماعا مناولة، هنا يقال: ان الظاهر ان النسخة التي ينقل عنها صاحب الوسائل هي النسخة التي ينقل عنها مناولة قراءة سماعاً. أما اذا افترضنا ان الطريق اجازة، طريق صاحب الوسائل إلى كتاب مسائل علي ابن جعفر اجازة، اجازه مشايخه ان يروي عن عدة كتب منها «كتاب المسائل لعلي ابن جعفر» ولم يصرح انه بالمناولة أو بالقراءة أو بالسماع. فمع كون الطريق من باب الاجازة يبقى هذ الظاهر انه انما ينقل عن النسخة التي لها طرق صحيح اليها. خصوصا بناء على ما ذكره السيد الاستاذ «دام ظله» انه اطلع على النسخة التي نقل عنها صاحب الوسائل «قده» وهي موجودة في مكتبة السيد الحكيم في النجف، فرأى ان صاحب الوسائل بخطه علّق على النسخة وافاد بأنه: «بمجموع القرائن ثبت لي أن هذا من كتاب المسائل لعلي ابن جعفر».
«مداخلة: ”يبحثون حجية اهل الخبرة في الامور الحدسية وليست في الأمور الحسيّة. وكما ذكر في اصول المظفر: مضافا إلى انهم يقولون: ما ينقله اللغوي وهو حجة فيه تتبع موارد الاستعمال. «يعني أمر حسي وليس امراً حدسياً»“.
فتحصل من ذلك: أن البناء على هذه الرواية المنقولة عن كتاب «المسائل» لعلي ابن جعفر، محل تأمل.
بعد عرض هذه الروايات الشريفة التي استدل بها على جواز الصلاة في جلد السنجاب: ذكر سيدنا الخوئي «قده» قال نوقش فيها «في الاستدلال فيها» بوجهين:
الوجه الاول: _وقد ذكر هذا الوجه المحقق النائيني في رسالته «اللباس المشكوك»: أن السنجاب قد قورن في النصوص بأمور لا تجوز الصلاة فيها قطعا مثل الفنك والسمور والثعالب، فإذا كانت قد قرنت بأمور لا تصح الصلاة فيها قطعا. هل يمكن التبعيض في الحجية أم لا؟.
السيد الخوئي يقول يمكن التبعيض في الحجية. «سالته عن الفراء والفنك والسنجاب والسمور قال: لا باس به». وفي رواية اخرى: «والثعالب وأشباهه، قال: لا باس بذلك». فنقول: «لا بأس بذلك» حجة في السنجاب وليس بحجة في الثعالب؟.
هل هذا التكفيك في الحجية عرفي أم لا. النائيني في «اللباس المشكوك» قال: غير عرفي. السيد الخوئي في «موسوعته» قال: عرفي.
فالحق مع من؟ الجواب غداً إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo