< قائمة الدروس

الأستاذ السيد منير الخباز

بحث الفقه

37/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الخلل الواقع في الصلاة

ذكرنا فيما سبق: أن الصدوق «ره» نقل حديث «لا تعاد» تارة مع الذيل وهو قوله : «القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة» ونقله في مكان آخر بدونه، وقلنا بأن بعضهم عالج المسألة بتطبيق الاصل المعروف وهو تقديم أصالة عدم الغفلة من ناحية الزيادة على اصالة عدم الغفلة من ناحية النقيصة، فانه اذا دار الامر في حديث لا تعاد بين ان يكون مشتملا على الزيادة لكن الصدوق غفل فترك نقلها او أن الحديث غير مشتمل على الزيادة لكن الصدوق غفل فذكر الزيادة، فان الاصل العقلائي هو تقديم اصالة عدم الغفلة من ناحية الزيادة. وبناء على هذا الاصل تثبت الزيادة. وقلنا بان هذا الاصل انما يطبق في المورد الجامع لشرطين:
الشرط الاول: ان يكون المنشأ دائرا بين غفلتين، اي انه اما غفل فانقص او غفل فزاد، فاذا دار الامر بين غفلتين غفلة في الزيادة وغفلة في النقيصة كان الاصل العقلائي انه غفل فانقص لا انه غفل فزاد، باعتبار ان الزيادة تحتاج الى مؤونة ولا تظهر من الغافل بمقتضى طبعه بخلاف النقيصة.
وفي محل الكلام وهو حديث لا تعاد لا ينحصر احتمال الزيادة والنقيصة في احتمال الغفلة بل يحتمل مناشئ اخرى اي نحتمل ان الحديث مشتمل على الزيادة ولكن الصدوق «ره» نقله في موضع بدون الزيادة لامن باب الغفلة بل من باب الاختصار، او ان الصدوق بوّب الفقه على ابواب ففي كل باب يأخذ الفقرة المفيدة في ذلك الباب من الحديث فهو في الباب الذي يتعلق ببطلان الصلاة في غير الخمسة او ببطلان الصلاة في احد الخمسة اقتصر على صدر الحديث لانه واف بهذا الغرض ولم ينقل ذيله. ومن المحتمل ان الحديث ليس فيه زيادة ولكن الصدوق زاد هذه الفقرة، لا من باب الغفلة بل من باب انتزاعه من مجموعة احاديث، حيث ذكرنا ان الاحاديث الاخرى قد اشتملت على تقسيم اجزاء الصلاة الى فرض وسنة، كما اشتملت في بعض الاحاديث ومنها ما ورد في باب الوضوء، «التهذيب ج1 ص346»: «يا زرارة كل هذا سنة والوضوء فريضة وليس شيئ من السنة ينقض الفريضة». فاذا كان ورد في بعض الروايات تقسيم اجزاء الصلاة الى سنة وفرض، وورد في بعض الروايات نفس الكبرى: «وليس شيئا من السنة ينقض الفريضة» فمن المحتمل ان الصدوق اضاف هذه الزيادة على حديث لا تعاد لوجودها في احاديث اخرى، إذن ما دام النقص والزيادة لا ينحصر باحتمال الغفلة فلا يكون المورد مجرى لتقديم اصالة عدم الغفلة من ناحية الزيادة على اصالة عدم الغفلة من ناحية النقيصة، لان مورد هذا الاصل ما اذا انحصر مورد الخلل في الغفلة، فهو إما غافل فنقص وأما غافل فزاد وفي المقام لا ينحصر في ذلك.
الشرط الثاني: ان تكون الجملة الدائرة بين الزيادة والنقيصة جزءا من الكلام لا جملة اخرى مستقلة او تعليلاً، والسر في ذلك: اذا كانت الجملة جزءا من الكلام بحيث يكون زوالها مغيرا للمعنى، نظير ما اختلف فيه من ان الوارد عنه : هل هو: «ليس لأحد أن يتصرف في مال غيره الا بإذنه» او ان الوارد «لا يحل لأحد مال غيره الا بإذنه». فهل ان الوارد مشتمل على كلمة التصرف او لا؟ لانه اذا كان الوارد مشتملا على مطلق التصرف ستنحصر الحرمة فيما يعد تصرفا، ولا تشمل الحرمة مطلق الملابسة مع مال الغير بل تنحصر بالتصرف. فهنا عندما تكون الفقرة الدائرة بين الزيادة والنقصان على فرض وجودها مغيرة للمعنى، فيقال هنا: يقع تعارض، بين نقل الرواية مع الزيادة وهي «لا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره الا باذنه»، والفقرة الخالية منها «لا يحل لأحد مال غيره الا بإذنه» يحصل تعارض بينهما لان كل منهما ينقل مفادا يختلف عن المفاد الذي ينقله الاخر، فبما انه يحصل تعارض فنقول: اذا دار الامر بين ان يكون المنقول مع الزيادة او مع عدمها قدمت اصالة عدم الغفلة من ناحية الزيادة على اصالة عدم الغفلة من ناحية النقيصة. وكذلك وقع الخلاف في كلمة «على مؤمن» حيث إن ابن مسكان روى الرواية: «لا ضرر ولا ضرار على مؤمن» بينما ابن بكير رواها خالية منها، وافترضنا انه مع وجود «على مؤمن» يوجب انصراف الفقرتين او احداهما على الحكم التكليفي، اذن بالنتيجة: بما ان الفقرة الدائرة بين الزيادة والنقص على فرض زوالها مغير للمعنى يقع التعارض بين النقلين، ومقتضى هذا التعارض ترجيح احدهما على الاخر ومقتضى ذلك ان نقدم اصالة عدم الغفلة في جانب الزيادة على اصالة عدم الغفلة في جانب النقيصة. اما لو كانت الفقرة المختلف فيها جملة مستقلة، ان وجدت صار المعنى عاماً، ان فقدت المعنى لا يتغير، وجودها لا يغير المعنى وزوالها لا يغير المعنى، وان احدث وجودها عموما للمعنى مثلا، فحينئذٍ ليس المقام من باب التعارض اصلا، نظير ان الكليني «ره» والصدوق ايضا في نقلهما عن زرارة، عن النبي في قصة سمرة بن جندب، أنه قال: «اذهب فاقلعها وارمِ بها في وجهه فإنه لا ضرر ولا ضرار». فبحسب نقل الكليني والصدوق عن زرارة اشتمال هذه الرواية على هذه الفقرة «لا ضرر ولا ضرار». وبحسب نقل الصدوق عن الصيقل عن ابي عبيده الحذاء عدم وجود هذه الفقرة في الرواية، فالفقرة هنا الدائرة بين الزيادة والنقصان جملة اخرى، إن لم توجد لم تغير المعنى، «اذهب فاقلعها وارمِ بها في وجهه» ان وجدت لم تغير المعنى غاية ما في الباب عممت مدلول الرواية لكل موارد لا ضرر ولا ضرار. فبما ان المنقول ليس موجبا لتعارض النقلين غاية ما في اباب احدهما نقل الزيادة والآخر لم ينقلها، والذي لم ينقلها لم تنعقد لها شهادة سلبية، بمعنى ان سكوته عن نقلها ظاهر في عدمها، نعم، لو قلنا بان نقل الكليني لها مع الزيادة، والصدوق نقلها بدون الزيادة، وكان سكوت الصدوق عن نقل الزيادة شهادة بعدمها، فسوف يقع التعارض بين النقلين ولابد ان نعالجه. اما اذا كان سكوت الصدوق ليس شهادة بعدمها، مجرد انه لم ينقلها، ولعله للاختصار، ولعله لا غرض له في هذه الزيادة ولعله اتكأ على نقل آخر... الخ. اذن مجرد سكوت الصدوق عن نقل الزيادة ليس ظاهرا في عدمها، وبما انه ليس ظاهرا في عدمها لم يقع التعارض بين النقلين فمن نقل حجة على من لم ينقل، اي من نقل يعد نقله اخبارا جديدا وهذا الاخبار موضوع للحجية بمقتضى وثاقة المخبر وضبطه. ومحل الكلام من هذا القبيل، حيث إننا اذا لاحظنا الحديث الشريف: عن زرارة عن ابي جعفر: «لا تعاد الصلاة الا من خمسة». _بدون الذيل_ ومع الذيل: «والقراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة» فمن الواضح ان زوال الذيل لا يغير معنى صدر الرواية وهو عدم بطلان الصلاة بالإخلال بغير الخمسة، وبطلانها بالاخلال باحد الخمسة، لا يتغير المعنى، غاية ما في الباب اذا ضممنا الذيل اليها توسع المدلول لغير باب الصلاة مثلا، فبما ان الجملة المختلفة في زيادتها او نقصها ليست موردا لتعارض النقلين فمن نقل حجة على من لم ينقل. وبالتالي فهذه الزيادة ثابتة بمقتضى انها اخبار موضوع للحجية بلا حاجة الى ان نُدخل مسالة اصالة عدم الغفلة في جانب الزيادة مقدمة على اصالة عدم الغفلة في جانب النقيصة، بل ليس المورد موردا لها.
واما ما ذكره السيد الاستاذ «دام ظله» في تقرير بحثه في قاعدة «لا ضرر»: أنه حتى هذا الاصل وهو تقديم اصالة عدم الغفلة في جانب الزيادة على اصالة عدم الغفلة في جانب النقيصة، ليس اصلاً عقلائيا، والوجه في ذلك: بان هذا غايته يوجب رجحان الزيادة على النقيصة، بمعنى اننا اذا لم ندرِ هل ان ابن مسكان غفل فزاد كلمة «على مؤمن» او ابن بكير غفل فانقص كلمة «على مؤمن» فنقول: مقتضى الطبع البشري ان الغفلة تقود الى الترك لا الى الى الفعل والزيادة، إذن سيكون احتمال الزيادة اقوى من احتمال النقيصة لا انه يحصل لنا الوثوق بالزيادة. فان هذا التحليل غاية ما يقتضي ارجحية احد الاحتمالين على الاخر، والظن لا يغني من الحق شيئا، فان مجرد رجحان احتمال الزيادة على احتمال النقيصة لا يعني ثبوت الزيادة، فهذا الاصل ليس اصلا وإن شاع في كلمات الاعلام. ولكن المدّعى في مقابل ما افاده دام ظله: ان هناك اصلا عقلائيا محاوريا كسائل الاصول المحاورية، اي كما ورد لدينا خبر عن زرارة عن الصادق عن النبي : انه قال: «على اليد ما اخذت حتى تؤدي» نقول: هذا الخبر يحتمل الكذب وننفي هذا الاحتمال بوثاقة زرارة، ويحتمل الخطأ فننفي هذا الاحتمال بأصالة عدم الخطأ، فهذا الخبر يحتمل الغفلة فننفيه بأصالة عدم الغفلة، فهل ان اصالة عدم الغفلة واصالة عدم الخطا توجب الوثوق؟ لا توجب الوثوق. غاية ما في الامر انها اصول عقلائية والاصول العقلائية من سنخ الظهورات، بمعنى انهم يقولون ظاهر حال المتكلم بكلام انه مدرك ملتفت، فاحتمال غفلته منفي بهذا الظهور واحتمال خطئه منفي بهذا الظهور، فاصالة عدم الغفلة واصالة عدم الخطأ نوعان من الظهور الحالي والسياقي لكل كلام صادر من متكلم عاقل، ومن هذه الاصول: اصالة عدم الغفلة، فاذا تعارض خبران من حيث الزيادة والنقيصة، فاورد ابن مسكان الزيادة: «لا ضرر ولا ضرار على مؤمن»، وأورد ابن بكير بدون الزيادة ودار الامر بين ان يكون غفل الثاني فزاد او غفل الثاني فانقص، فنفس اصالة عدم الغفلة التي هي من الظهورات الكلامية يكون هذا المورد من صغرياتها وتطبيقاتها لا انه اصل جديد، فهو نفس ذلك الاصل الذي نسميه باصالة عدم الغفلة في كل خبر حسي صادر عن ثقة من موارد تطبيقاته وصغرياته هذا المورد. فنقول من تطبيقاته: جريان اصالة عدم الغفلة في خبر ابن مسكان، ومقتضى جريان اصالة عدم الغفلة في خبر ابن مسكان ثبوت الزيادة. نحن نثبت الزيادة لا من باب ترجيح احد الاحتمالين على الاخر حتى يقال بان الظن لا يغني عن الحق شيئا، وانما نثبت الزيادة اعتمادا على ظهور سياقي حالي للخبر الحسي الصادر عن ثقة عاقل، وهذا من موارد تطبيقات ذلك الاصل وذلك الظهور لا ان في المقام اصلا جديداً ناشئا عن المقايسة بين الاحتمالين وترجيح احد الاحتمالين على الاخر، وان كانت هذه نكتة عقلائية في البناء على ذلك الظهور، يعني انما بنى العقلاء على هذا الظهور بهذه النكتة: ان الانسان يغفل فينقص لا انه يغفل فيزيد، فهذه نكتة لذلك الظهور السياقي الحالي لا ان هذه النكتة منشأ لترجيح احتمال الزيادة على احتمال النقيصة كي يقال بان هذا غاية ما يفيده الظن والظن لا يغني من الحق شيئاً.
هذا بالنسبة الى المنبه الاول الذي ذكره المشكل، حيث ذكر ان في ثبوت هذا الذيل غمزا وهذا الغمز له مناشئ، منها اختلاف المتن ومنها اختلاف المروي عنه، حيث ان الصدوق في «الخصال» روى هذه الزيادة عن الصادق بينما الصدوق نفسه في «الفقيه» رواها عن ابي جعفر الباقر . فاختلاف المروي عنه موجب للشك في ثبوت هذا الذيل.
ويلاحظ على هذا المنبه الثاني:
أولاً: الصحيح ان الرواية عن ابي جعفر كما يشهد به «الفقيه» و«التهذيب، ج2، ص152»، «والهداية» للصدوق، وكذا نقلها في البحار «ج77، ص237» والوافي «ج7، ص441» مضافا الى نقل صاحب الوسائل، فمع اتفاق هذه المصادر كلها على الرواية عن الباقر وتفرد نسخة من نسخ الخصال في نقل الرواية عن الصادق فانه يوجب الوثوق في ان المروي عنه هو ابو جعفر الباقر .
وثانيا: لنفترض انها رويت تارة عن الباقر وتارة عن الصادق، فمن المحتمل من زرارة ان يسمع الرواية مرتين من كلا الامامين، وعلى فرض انه لم يسمعه الا من احدهما، فغايته ان لدينا علما اجماليا بأن هذه الرواية اما للباقر او للصادق وهذا العلم الاجمالي لا اثر له، لانها بالنتيجة مروية عن امام معصوم.
المنبه الثالث: وهو اشتمال الذيل في بعض الروايات على فقرة «والتكبير سنة» بينما خلت بقية النقول عنه. فقد اجبنا عنه عند البحث عن الزيادة والنقيصة.
فتخلص بذلك: ان الصحيح ثبوت هذا الذيل في الرواية عن الباقر وهو قوله: «والقراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة» ومقتضى هذا الذيل هو الارشاد الى حكم وضعي وهو عدم ضائرية الاخلال بالسنن في صحة الصلاة وضائرية الاخلال باحدى الفرائض بصحة الصلاة. وتبين بذلك: أن حديث لا تعاد يشمل فرض الجهل كما يشمل فرض النسيان بمقتضى اطلاق الصدر والذيل.
هذا هو المطلب الاول الذي تعرض له السيد الخوئي عند تعرضه لكلام شيخه النائيني وهو ان الجواز في مسألة هل يجوز الصلاة في الثوب المشكوك جواز واقعي او جواز ظاهري؟ حيث ذهب النائيني الى انه جواز ظاهري، وسيدنا «قده» ذهب الى انه جواز ظاهري يوجب جوازا واقعياً، وهو في صدد اثبات مطلبه وتعرض لحديث لا تعاد في طريق اثبات مطلبه.
المطلب الثاني: قال: هل تشمل لا تعاد الجاهل المتردد كما اذا تسائل هل ان البسملة واجبة او لا فتركها واتى بالسورة من دون البسملة وصلى، فهل يشمله حديث لا تعاد باعتبار انه اخل بسنة من السنن والاخلال والاخلال بالسنة ليس موجبا للبطلان ام لا يشمله؟
وكذلك: هل يشمل حديث لا تعاد المتعمد؟. فربما يكون عالما متعمدا ومع ذلك يرى ان الله لا يحاسبه على هذا المقدار من الترك فيترك. فهل يشمله حديث لا تعاد من باب انه اخل بالسنة فلا يوجب نقض الصلاة او عدمها؟
وهنا قد يقال بعدم شمول حديث لا تعاد للجاهل المتردد وللعالم العامد، والوجه في ذلك:
ان هناك تعارضا بين حديث لا تعاد وبين النصوص التي عبرت ب «اعاد» عند الاخلال ببعض السنن. فمثلاً ورد في بعض النصوص «من رأى بثوبه دماً فصلى فيه فعليه الاعادة» وهذه مطلقة للعالم العامد والجاهل المتردد والجاهل القاصر. وفي مقابلها: «لا تعاد الصلاة الا من خمسة»، تلك تقول اعاد، هذه تقول لا تعاد. وايضا ما ورد في موثق ابن بكير «إن الصلاة في وبر كل شيء حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وروثه والبانه وكل شيء منه فاسد». ويقابلها: «اذا صلى فيما لا يؤكل لحمه، لا يعيد لان الصلاة فيما لا يؤكل لحمه اخلال بالسنة» فيقع التعارض بين الطائفتين، واذا تعارضا وتساقطا كان المرجع في حق هذا المكلف الاوامر الواردة بالاجزاء والشرائط، ومقتضى الاوامر الواردة في الاجزاء والشرائط فساد صلاته.
واجيب عنه في كلمات سيدنا «قده»: بان حديث لا تعاد منصرف عن الجاهل المتردد والعالم العامد، ووجه الانصراف: ان التعبير بلا تعاد ظاهر في الشخص الذي اخل لكن لم يكن ملتفتا للخلل الا بعد وقوعه، فالذي اخل بالجزء ولم يلتفت الا بعد وقوعه، يأتي فيه خطاب «اعد»، فينفيه حديث لا تعاد، أما الذي اخل وهو ملتفت الى انه يخل او انه يعمل عملا يحتمل انه مخل، فليس مخاطبا ب «اعد» كي ينفى بحديث لا تعاد، بل هو مخاطب بالامر نفسه، فان الشارع يقول له امتثل الامر فهو خارج موضوعا عن اعد ولا تعد، إذن بالنتيجة حديث لا تعاد منصرف عن الجاهل المتردد والعالم العامد.
وان لم نقبل بهذا الانصراف كما ناقشنا فيما سبق وقلنا ان تعبير لا تعاد مجرد ارشاد وكناية عن الصحة وبالتالي اللسان الكنائي لا تلاحظ خصوصياته حتى تستفاد من خصوصياته انصرافه عن العالم العامد او الجاهل المتردد خصوصاً اذا اعتمدنا على الذيل وهو قوله «لا تنقص السنة الفريضة»، فانه عام حتى للعالم العامد وحتى للجاهل المتردد.
فيقال: الوجه في الانصراف ان هذا الحديث وارد في مقام الامتنان على المكلف وليس من موارد الامتنان تصحيح صلاته حتى مع كونه عالما عامداً. او يقال بان هذا الحديث وارد على نسق البناء العقلائي في مقام المعذرية، وبما ان سياق الحديث سياق المعذرية فهو منصرف عمن هو عالم عامد. او يقال: بان الحديث محفوف بالارتكاز المتشرعي القائم على عدم معذورية العالم العامد والجاهل المتردد، بمقتضى قوله: «ما عملت، فيقول: ما علمت؟ فيقال: هلا تعلمت حتى تعمل؟!». فالنتيجة بأي وجه من الوجوه، فالحديث منصرف عن الجاهل المتردد والعامل العامد.
فاذا كان منصرفا فإما أن يكون اخص من الادلة الاولية أو حاكم عليها فيقدم بالتخصيص والحكومة، وهذا ما يأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo